شرح سنن أبي داود [267]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: ( كان رسول الله يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره .... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا أغمي الشهر.

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي حدثني معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب إذا أغمي الشهر، أي: إذا كان هناك غيم أو قتر يحول دون رؤيته، فالذي ثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إن لم يرُ هلال رمضان فتكمل عدة شعبان ثلاثين، وإن كانت العدة لرمضان فيكمل رمضان ثلاثين، وإن رئي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أصبح الناس صائمين، ويكون ذلك أول يوم من رمضان، وإذا رئي هلال شوال ليلة الثلاثين من رمضان أصبح الناس مفطرين، وهذا هو الحكم الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره) يعني: أنه كان يجتهد ويعتني بمعرفة دخوله ما لا يعتني بغيره من الشهور الأخرى التي ليست كرمضان أو ذي الحجة؛ لأن ذا الحجة يعتنى بمعرفته من أجل الحج، ورمضان يعتنى بمعرفته من أجل الصيام، ولكن شهر شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني فيه بمعرفة دخوله؛ من أجل أن يحسب الحساب حتى يعرف يوم الثلاثين، فإذا ثبت دخول شعبان في ليلة معينة فإنه سيبحث عن هلال رمضان في ليلة الثلاثين. فقوله: (يتحفظ) أي: أنه يعتني ويحرص ويجتهد لمعرفة وثبوت دخوله من أجل العدة والحساب؛ لأنه إذا لم يعرف دخول الشهر فلن يعرف الحساب، ولن يعرف الثلاثين، ولكن إذا عُرف أنه دخل في الليلة الفلانية فإن الناس يعدون إلى التسعة والعشرين، وإذا جاءت ليلة الثلاثين بحثوا عن الهلال فيها، فإن رأوه أصبحوا صائمين وإلا أكملوا العدة.

وقوله: (ثم يصوم لرؤية رمضان) يعني: إذا رؤي ليلة الثلاثين من شعبان وثبت دخول الشهر صارت من رمضان وليست من شعبان، ويصير شعبان تسعة وعشرين.

وقوله: (فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام) يعني: إن غم هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان وكان الهلال لا يرى من الغيم والقتر فتكمل العدة ثلاثين، ثم بعد ذلك يصبح الإنسان صائماً بعد الثلاثين؛ لأنه لم يثبت هلال شعبان، فإذا جاءت ليلة الثلاثين من شعبان يبحث عن الهلال إن كان الجو صحواً فإن رؤي وإلا أكملوا العدة، وإن كان غيماً ولا مجال للبحث عن الهلال فإنهم يكملون العدة كما لو كان صحواً ولم يروه، وعلى هذا فالاجتهاد والعناية تكون بدخول شعبان؛ من أجل الحساب لرمضان حتى تعرف ليلة الثلاثين، فإذا دخل -مثلاً- في يوم الجمعة فتصير الجمعة تسعة وعشرين؛ لأن الشهر إذا دخل في يوم ينخصم به إذا كان ناقصاً غير كامل فاليوم الذي يدخل فيه الشهر يوافق ثمانية من الشهر، ويوافق خمسة عشر من الشهر، ويوافق اثنين وعشرين من الشهر، ويوافق تسعة وعشرين من الشهر، فإذا دخل الشهر في يوم الجمعة يبحث عن الهلال ليلة السبت، ولا يبحث عنه ليلة الجمعة؛ لأن الجمعة تعتبر تسعة وعشرين، ولكن ليلة السبت هي ليلة الثلاثين، فيبحث عن الهلال إن كان صحواً، وإذا لم يوجد أصبح الناس مفطرين؛ لأنه لم يرُ الهلال، وإن كان غيم فإنهم يكملون العدة.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ... )

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي ].

عبد الرحمن بن مهدي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني معاوية بن صالح ].

هو معاوية بن صالح بن حدير صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد الله بن أبي قيس ].

عبد الله بن أبي قيس ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.

[ قال: سمعت عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: ( لا تقدَّموا الشهر حتى تروا الهلال ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) ].

أورد أبو داود حديث حذيفة رضي الله عنه: (لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة).

وقوله: (حتى تروا الهلال) يعني: لا تتقدموه بصيام حتى تكملوا عدة شعبان ثلاثين ليلة، وبعد ذلك يجب أن تصبحوا صائمين بعد إكمال الثلاثين؛ لأنه إذا ثبت دخول شعبان في ليلة وكملت الثلاثين فبعدها يكون الصيام؛ لأن الشهر لا يزيد عن ثلاثين ولا ينقص عن تسعة وعشرين.

قوله: (أو تروا الهلال) يعني: قبل إكمال العدة ثلاثين، فإذا مضت تسعة وعشرون ورأيتم الهلال في ليلة تسعة وعشرين فصوموا، ويصير شهر شعبان ناقصاً وليس بكامل، وإن لم تروا الهلال فتكملون العدة ولا تسبقون شهر رمضان بصيام من أجل الاحتياط لرمضان، فليس لكم ذلك، بل تكملون العدة أو ترون الهلال ليلة الثلاثين.

وقوله: (ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) يعني: إذا كملت عدة شعبان ثلاثين صمتم اليوم الذي بعد الثلاثين، أو رؤي الهلال ليلة ثلاثين صمتم ذلك اليوم وصار شعبان تسعة وعشرين، ثم بعد ذلك تحسبون من هذا اليوم الذي دخل فيه رمضان، فلا تفطروا حتى تكملوا العدة أو تروا الهلال؛ فإن كملت العدة لأنكم لم تروا الهلال فأفطروا بعد يوم ثلاثين، وإن رؤي الهلال ليلة الثلاثين فمعنى ذلك أن شهر رمضان صار تسعة وعشرين فتصبحون مفطرين.

فالكلام الذي يقال في نهاية شهر رمضان كالكلام الذي يقال في نهاية شهر شعبان، إلا أن شهر شعبان نهي عن تقدم الصيام فيه من أجل رمضان، فالصيام يكون للرؤية أو لإكمال العدة، والإفطار يكون لإكمال العدة أو للرؤية.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال ... )

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي ].

جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور بن المعتمر ].

هو منصور بن المعتمر الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ربعي بن حراش ].

ربعي بن حراش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حذيفة ].

حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، هو صحابي بن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث: ( لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال ... )

[ قال أبو داود : ورواه سفيان وغيره عن منصور عن ربعي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسم حذيفة ].

ذكر أبو داود للحديث إسناداً آخر معلقاً، وقال: إن ربعي قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يسم حذيفة ، يعني: كالإسناد الأول، ولكنه لم يسم حذيفة ، وعدم تسميته له لا يؤثر؛ لأنه ما دام قيل: إنه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسواءً عرف أو لم يعرف فلا يضر، وقد يكون حذيفة ؛ لأنه هو الذي جاء في الإسناد، فيكون أبهمه في موضع وسماه في موضع، ولا يعتبر هذا من قبيل المرسل، وإنما هو من قبيل المتصل، ولكنه في الإسناد الأول ذكر الصحابي باسمه وفي الإسناد الثاني لم يذكره، ولكنه ذكر أنه من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والجهالة في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لا تؤثر، فإن كان المقصود به حذيفة فالإسنادان صحابيهما واحد، وإن كان صحابياً آخر فيكون حديثاً آخر.

وقوله: [ قال أبو داود : ورواه سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

منصور قد مر ذكره.

[ عن ربعي ].

ربعي قد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا أغمي الشهر.

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي حدثني معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب إذا أغمي الشهر، أي: إذا كان هناك غيم أو قتر يحول دون رؤيته، فالذي ثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إن لم يرُ هلال رمضان فتكمل عدة شعبان ثلاثين، وإن كانت العدة لرمضان فيكمل رمضان ثلاثين، وإن رئي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أصبح الناس صائمين، ويكون ذلك أول يوم من رمضان، وإذا رئي هلال شوال ليلة الثلاثين من رمضان أصبح الناس مفطرين، وهذا هو الحكم الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره) يعني: أنه كان يجتهد ويعتني بمعرفة دخوله ما لا يعتني بغيره من الشهور الأخرى التي ليست كرمضان أو ذي الحجة؛ لأن ذا الحجة يعتنى بمعرفته من أجل الحج، ورمضان يعتنى بمعرفته من أجل الصيام، ولكن شهر شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني فيه بمعرفة دخوله؛ من أجل أن يحسب الحساب حتى يعرف يوم الثلاثين، فإذا ثبت دخول شعبان في ليلة معينة فإنه سيبحث عن هلال رمضان في ليلة الثلاثين. فقوله: (يتحفظ) أي: أنه يعتني ويحرص ويجتهد لمعرفة وثبوت دخوله من أجل العدة والحساب؛ لأنه إذا لم يعرف دخول الشهر فلن يعرف الحساب، ولن يعرف الثلاثين، ولكن إذا عُرف أنه دخل في الليلة الفلانية فإن الناس يعدون إلى التسعة والعشرين، وإذا جاءت ليلة الثلاثين بحثوا عن الهلال فيها، فإن رأوه أصبحوا صائمين وإلا أكملوا العدة.

وقوله: (ثم يصوم لرؤية رمضان) يعني: إذا رؤي ليلة الثلاثين من شعبان وثبت دخول الشهر صارت من رمضان وليست من شعبان، ويصير شعبان تسعة وعشرين.

وقوله: (فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام) يعني: إن غم هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان وكان الهلال لا يرى من الغيم والقتر فتكمل العدة ثلاثين، ثم بعد ذلك يصبح الإنسان صائماً بعد الثلاثين؛ لأنه لم يثبت هلال شعبان، فإذا جاءت ليلة الثلاثين من شعبان يبحث عن الهلال إن كان الجو صحواً فإن رؤي وإلا أكملوا العدة، وإن كان غيماً ولا مجال للبحث عن الهلال فإنهم يكملون العدة كما لو كان صحواً ولم يروه، وعلى هذا فالاجتهاد والعناية تكون بدخول شعبان؛ من أجل الحساب لرمضان حتى تعرف ليلة الثلاثين، فإذا دخل -مثلاً- في يوم الجمعة فتصير الجمعة تسعة وعشرين؛ لأن الشهر إذا دخل في يوم ينخصم به إذا كان ناقصاً غير كامل فاليوم الذي يدخل فيه الشهر يوافق ثمانية من الشهر، ويوافق خمسة عشر من الشهر، ويوافق اثنين وعشرين من الشهر، ويوافق تسعة وعشرين من الشهر، فإذا دخل الشهر في يوم الجمعة يبحث عن الهلال ليلة السبت، ولا يبحث عنه ليلة الجمعة؛ لأن الجمعة تعتبر تسعة وعشرين، ولكن ليلة السبت هي ليلة الثلاثين، فيبحث عن الهلال إن كان صحواً، وإذا لم يوجد أصبح الناس مفطرين؛ لأنه لم يرُ الهلال، وإن كان غيم فإنهم يكملون العدة.

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي ].

عبد الرحمن بن مهدي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني معاوية بن صالح ].

هو معاوية بن صالح بن حدير صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد الله بن أبي قيس ].

عبد الله بن أبي قيس ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.

[ قال: سمعت عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.