شرح سنن أبي داود [124]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ابن عمر في الإشارة في التشهد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإشارة في التشهد:

حدثنا القعنبي عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال: رآني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأنا أعبث بالحصى في الصلاة، فلما انصرف نهاني وقال: (اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى) ].

المقصود من الترجمة: أن يشير الإنسان بإصبعه السبابة في تشهده عند شهادة أن لا إله إلا الله، وكذلك عند الدعاء يحركها يدعو بها، وهذا في التشهد كله سواء كان أولاً أو أخيراً، وليس ذلك مقصوراً على الإتيان بالشهادة، بل يشمل مدة جلوسه في التشهد حتى عندما يأتي بالأدعية الأخرى التي بعد ذلك.

وقد سبق أن أبو داود ترجمة للإشارة في الصلاة عند الحاجة، كأن يرد السلام كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وكما أشار لـأبي بكر بأن يستمر في الإمامة لأنه قد دخل في الصلاة، فتلك إشارة غير هذه الإشارة، فهذه في الجلوس للتشهد، وسواء كان ذلك عند شهادة أن لا إله إلا الله أو عند غير ذلك من الأدعية التي يؤتى بها.

أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أن علي بن عبد الرحمن المعاوي صلى إلى جنبه، وكان يعبث بالحصى في صلاته في حال الجلوس، فلما انصرف نهاه عن هذا العمل، وقال له: [ (اصنع كما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يصنع، قال: وماذا كان يصنع؟ فقال: إنه يضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى مقبوضة الأصابع، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام) ]، وهذا فيه ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الدلالة على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهم إذا وجدوا أحداً يحصل منه مخالفة للسنة ينبهونه على خطئه وينهونه عنه، ويرشدونه إلى اتباع السنة.

فـعبد الله بن عمر بين لـعلي بن عبد الرحمن المعاوي الصواب، وأرشده إلى الحق والهدى الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفيه النهي عن شيء غير سائغ والدلالة على شيء سائغ ومشروع، فقد نهاه وأتى بالعوض عن الشيء الذي نهاه عنه، وهو أنه كان يلمس الحصى ويعبث بها بيده، ولا يجعل يديه على فخذيه، فأرشده إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا.

وفيه أيضاً دلالة على الإشارة بالسبابة في التشهد وعند الدعاء، وأن بقية الأصابع تقبض، وهي الخنصر والبنصر والوسطى، وذلك عند وضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى، وأما السبابة فيشير بها، وهذه هيئة من الهيئات الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والهيئة الثانية هي التحليق، وذلك بأن يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى، وإذا فعل هذا أو فعل هذا فكله حق، وكلا الأمرين ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما اليد اليسرى فإنها توضع على الفخذ اليسرى، وتكون مبسوطة لا يقبض منها شيئاً وليس فيها إشارة، وإنما الإشارة بالسبابة من اليمين، هذه هي الهيئة التي يكون عليها المصلي في صلاته في التشهد.

والإنسان لا يضع يديه في مكان آخر، فلا يضعهما على الأرض، ولا يلمس بهما الحصى، وإنما يجعلهما في هذا الموضع المذكور.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الإشارة في التشهد

قوله: [ حدثنا القعنبي ].

هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، يذكر بنسبته كثيراً، ويذكر باسمه واسم أبيه عبد الله بن مسلمة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتاب الستة إلا ابن ماجة .

[ عن مالك ].

هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسلم بن أبي مريم ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن علي بن عبد الرحمن المعاوي ].

وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي ابن الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

هؤلاء هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد زادت أحاديثهم في الكتب الستة عن ألف حديث، وفيهم من تجاوز الألفين وفيهم من تجاوز الخمسة آلاف وهو أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، ولهذا يقول السيوطي في الألفية:

والمكثرون في رواية الأثر

أبو هريرة يليه ابن عمر

وأنس والبحر كالخدري

وجابر وزوجة النبي

البحر هو ابن عباس ، وزوجة النبي هي عائشة رضي الله تعالى عنها وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق عبد الواحد بن زياد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى وساقه، وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه) وأرانا عبد الواحد وأشار بالسبابة ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل ما تقدم في حديث عبد الله بن عمر في بيان هيئة وضع اليد اليسرى واليد اليمنى في حال التشهد، وأنه يشير بإصبعه السبابة، وفيه أيضاً ذكر الافتراش الجلوس في التشهد، وأنه يخرج رجله اليمنى من تحت ساقه وفخذه بحيث يجعلها تخرج من جهة اليمين؛ لأنه يتورك.

وذكر أنه يفرش رجله اليمنى، وهذا جاء في بعض الأحاديث، ولكن أكثر الروايات على أنه ينصبها ولا يفرشها، اللهم إلا إذا كان المقصود أنه يفرش أصابعها؛ لأن أصابعها تكون مفروشة على الأرض متجهة إلى القبلة.

ويحتمل أن يكون المقصود به أنه يضجعها كما يفرش الرجل اليسرى؛ لكنه لا يجلس عليها، ويحتمل أن يكون المقصود به فرش الأصابع، كما جاء في بعض الروايات أنه يجعل أصابعها إلى القبلة، وعلى هذا تكون أصابعها مفروشة، وهذا حيث أمكن ثنيها وليها، وأما إذا كان لا يستطيع ذلك فإن الله تعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

إذاً : حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وأرضاه فيه ذكر الإشارة بالسبابة في التشهد.

تراجم رجال إسناد حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق عبد الواحد بن زياد

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز ].

محمد بن عبد الرحيم البزاز ، ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا عفان ].

هو عفان بن مسلم الصفار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الواحد بن زياد ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عثمان بن حكيم ].

وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الذين هم: عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد مر في الحديث السابق ذكر عبد الله بن عمر ، وهو أحد الأربعة العبادلة من صغار الصحابة.

و عبد الله بن الزبير هذا ولد في قباء بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قبل أن يصل إلى مكانه الذي استقر فيه.

وحديث عبد الله بن الزبير أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق ابن عجلان

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي حدثنا حجاج عن ابن جريج عن زياد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه ذكر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها) ].

أورد حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وفيه: [ (أنه كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها).

وهذا مطابق للروايات المتقدمة، وأما قوله: (ولا يحركها) فهذه مخالفة لما جاء في عدد من الروايات أنه كان يحركها، وليس المقصود بالإشارة أنها ثابتة لا تتحرك، بل يحركها في التشهد ويحركها عند الدعاء، فهذه الرواية مخالفة للروايات الأخرى الدالة على أنه كان يشير بإصبعه ويحركها صلى الله عليه وسلم.

فيكون حكم: [ (ولا يحركها) ] شاذة، والشيخ الألباني حكم بشذوذها، وقال: إنها شاذة مخالفة للروايات الأخرى.

تراجم رجال إسناد حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق ابن عجلان

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي ].

إبراهيم بن الحسن المصيصي ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا حجاج ].

هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زياد ].

هو زياد بن سعد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن عجلان ].

هو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[ عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير ].

وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق عمرو بن دينار

قال المصنف رحمه الله: [ قال ابن جريج : وزاد عمرو بن دينار قال: أخبرني عامر عن أبيه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك، ويتحامل النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على فخذه اليسرى) ].

أورد هذه الطريق عن عمرو بن دينار .

وقوله: [ (إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك) ] يعني: بإصبعه.

قوله: [ (ويتحامل بيده اليسرى على فخذه اليسرى) ] معناه: أنه يعتمد عليها أو يميل إليها، وليس معنى ذلك أنه وضع ذراعه على فخذه، بل يرفع ذراعه عن فخذه ولم يكن ذراعه مبسوطاً على فخذه، وإنما كان اعتماد اليد على الفخذ.

تراجم رجال إسناد حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق عمرو بن دينار

قوله: [ قال ابن جريج : وزاد عمرو بن دينار ].

هو عمرو بن دينار المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عامر عن أبيه ].

وقد مر ذكرهما.

[ قال ابن جريج ].

هذا متصل بالإسناد الذي قبله.

شرح حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق القطان

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا ابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه رضي الله عنه بهذا الحديث قال: (لا يجاوز بصره إشارته) وحديث حجاج أتم ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه الإحالة على الحديث المتقدم، وذكر فيه زيادة وهي أنه [ (لا يجاوز بصره إشارته) ] أي: أن بصره يكون متجهاً إلى يده اليمنى التي يشير بإصبعها السبابة التي يحركها يدعو بها.

قوله: [ وحديث حجاج أتم ] معناه: أنه لما أحاله على حديث الحجاج قال: إنه أتم، أي: وليس هذا مثله تماماً بل ذاك أتم، لكن فيه هذه الزيادة التي ذكرت موضع النظر.

تراجم رجال إسناد حديث ابن الزبير في الإشارة بالسبابة من طريق القطان

قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].

محمد بن بشار هو البصري الملقب بـبندار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري ، وكانت وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، وأما محمد بن بشار فقد توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

ومن صغار شيوخ البخاري أيضاً، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، ومات في السنة التي مات فيها غير محمد بن بشار : يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن المثنى العنزي ، فهؤلاء ثلاثة يعتبرون من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهم من صغار شيوخ البخاري ، وقد ماتوا جميعاً في سنة واحدة قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.

[ حدثنا يحيى ].

هو ابن سعيد القطان البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ].

وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث نمير الخزاعي في الإشارة بالسبابة

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عثمان -يعني ابن عبد الرحمن - حدثنا عصام بن قدامة من بني بجيلة، عن مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعاً إصبعه السبابة، قد حناها شيئاً) ].

أورد أبو داود حديث نمير الخزاعي رضي الله عنه في الإشارة في التشهد.

وهذا الحديث فيه أولاً: وضع الذراع على الفخذ، وهذا مخالف للروايات الأخرى التي فيها أنه كان يرفع الذراع عن أن يكون موضوعاً على الفخذ، وأيضاً مخالف لما تقدم أنه يتحامل وهو لا يكون مع وضع الذراع على الفخذ؛ لأن التحامل على اليد إنما يكون إذا رفع ذراعه عن فخذه.

وكذلك فيه هذا الوصف للسبابة وأنه يشير بها قد حناها، وإنما تكون الإشارة بها بدون حني.

تراجم رجال إسناد حديث نمير الخزاعي في الإشارة بالسبابة

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.

[ حدثنا عثمان يعني ابن عبد الرحمن ].

هو صدوق أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف بسبب ذلك، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا عصام بن قدامة ].

وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.

[ عن مالك بن نمير ].

وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة، يعني الثلاثة متوالون كلهم أخرج لهم أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن نمير الخزاعي ].

صحابي له حديث واحد أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

والحديث ضعيف بسبب عثمان بن عبد الرحمن الذي كان صدوقاً كثير الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف بسبب ذلك.

وأيضاً مالك بن نمير مقبول.

ثم أيضاً هو مخالف للروايات الأخرى التي فيها ذكر وضع اليد على الركبة بدون فرش الذراع على الفخذ، وكذلك بدون ذكر الحني في الأصبع.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإشارة في التشهد:

حدثنا القعنبي عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال: رآني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأنا أعبث بالحصى في الصلاة، فلما انصرف نهاني وقال: (اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى) ].

المقصود من الترجمة: أن يشير الإنسان بإصبعه السبابة في تشهده عند شهادة أن لا إله إلا الله، وكذلك عند الدعاء يحركها يدعو بها، وهذا في التشهد كله سواء كان أولاً أو أخيراً، وليس ذلك مقصوراً على الإتيان بالشهادة، بل يشمل مدة جلوسه في التشهد حتى عندما يأتي بالأدعية الأخرى التي بعد ذلك.

وقد سبق أن أبو داود ترجمة للإشارة في الصلاة عند الحاجة، كأن يرد السلام كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وكما أشار لـأبي بكر بأن يستمر في الإمامة لأنه قد دخل في الصلاة، فتلك إشارة غير هذه الإشارة، فهذه في الجلوس للتشهد، وسواء كان ذلك عند شهادة أن لا إله إلا الله أو عند غير ذلك من الأدعية التي يؤتى بها.

أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أن علي بن عبد الرحمن المعاوي صلى إلى جنبه، وكان يعبث بالحصى في صلاته في حال الجلوس، فلما انصرف نهاه عن هذا العمل، وقال له: [ (اصنع كما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يصنع، قال: وماذا كان يصنع؟ فقال: إنه يضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى مقبوضة الأصابع، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام) ]، وهذا فيه ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الدلالة على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهم إذا وجدوا أحداً يحصل منه مخالفة للسنة ينبهونه على خطئه وينهونه عنه، ويرشدونه إلى اتباع السنة.

فـعبد الله بن عمر بين لـعلي بن عبد الرحمن المعاوي الصواب، وأرشده إلى الحق والهدى الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفيه النهي عن شيء غير سائغ والدلالة على شيء سائغ ومشروع، فقد نهاه وأتى بالعوض عن الشيء الذي نهاه عنه، وهو أنه كان يلمس الحصى ويعبث بها بيده، ولا يجعل يديه على فخذيه، فأرشده إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا.

وفيه أيضاً دلالة على الإشارة بالسبابة في التشهد وعند الدعاء، وأن بقية الأصابع تقبض، وهي الخنصر والبنصر والوسطى، وذلك عند وضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى، وأما السبابة فيشير بها، وهذه هيئة من الهيئات الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والهيئة الثانية هي التحليق، وذلك بأن يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى، وإذا فعل هذا أو فعل هذا فكله حق، وكلا الأمرين ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما اليد اليسرى فإنها توضع على الفخذ اليسرى، وتكون مبسوطة لا يقبض منها شيئاً وليس فيها إشارة، وإنما الإشارة بالسبابة من اليمين، هذه هي الهيئة التي يكون عليها المصلي في صلاته في التشهد.

والإنسان لا يضع يديه في مكان آخر، فلا يضعهما على الأرض، ولا يلمس بهما الحصى، وإنما يجعلهما في هذا الموضع المذكور.