شرح سنن أبي داود [008]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أتى رسول الله سباطة قوم فبال قائماً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب البول قائماً.

حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة وهذا لفظ حفص عن سليمان عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سُباطة قوم فبال قائماً، ثم دعا بماء فمسح على خفيه).

قال أبو داود : قال مسدد : قال: (فذهبت أتباعد، فدعاني حتى كنت عند عقبه) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: (باب: البول قائماً)، يعني: ما حكمه؟

والمعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يبول قاعداً، والبول قائماً جاء عنه نادراً وقليلاً، وهو يدل على أن ذلك جائز، ولكن ما داوم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والأكمل، وهو أن يكون الإنسان عن قعود لا عن قيام، ولكنه إذا فعل ذلك قائماً في بعض الأحيان فلا بأس بذلك إذا أمن ألا يقع عليه شيء من البول بسبب ذلك، ويكون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم له في بعض الأحيان أو نادراً فيه بيان الجواز عندما يحتاج الإنسان إلى ذلك.

وقد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك نادراً لضرورة دعته إلى ذلك، ولكن كونه صلى الله عليه وسلم حصل منه ذلك وهو قائم يدلنا على أن الإنسان يجوز له أن يبول قائماً إذا دعا الأمر إلى ذلك، لكن بشرط ألا يصل إليه شيء من رشاش البول بسبب كونه يبول عن قيام.

ذكر المصنف حديث حذيفة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء سباطة قوم، والسباطة هي: المكان الذي يلقى فيه الأتربة والقمائم وما إلى ذلك، فإنه إذا كنست البيوت وجُمع ما يحصل عن كنسها فإنه يلقى في أفنية البيوت، يعني: خارجها وقريباً منها.

وغالباً ما يكون ذلك المكان فيه أتربة وأشياء إذا وقع عليها البول فإن الأرض تشربه ولا يحصل من ذلك تطاير رشاش البول؛ لأن الأرض تكون سهلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء سباطة قوم فبال قائماً، وكان معه حذيفة فأراد أن يتباعد، فطلب منه أن يرجع إليه وأن يكون في مكان قريب منه حتى يستره.

وقد يكون هذا الذي جاء في الحديث فيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم اضطر إلى ذلك، وأنه احتاج إلى أن يفعله، وأنه ما استطاع أن يصبر إلى أن يصل إلى مكان آخر، ولهذا فعل ذلك وطلب من حذيفة أن يقرب منه حتى يستتر به.

والحديث يدل على أنه يجوز البول قائماً للحاجة، والأصل أن يبال في حال الجلوس.

قوله: [ (ثم دعا بماء فمسح على خفيه) ].

يعني: توضأ ومسح على خفيه، وهذا الحديث مختصر؛ لأن الحديث فيه: ( توضأ ومسح على خفيه ) يعني: أنه غسل أعضاء الوضوء، وأما الخفان فقد مسح عليهما؛ لأنه كان عليه خفان فمسح عليهما.

فالمقصود: أنه توضأ ومسح على الخفين، والحديث فيه اختصار ذكر آخره، والذي هو ذكر المسح دون أوله الذي فيه ذكر الوضوء.

تراجم رجال إسناد حديث: (أتى رسول الله سباطة قوم فبال قائماً ...)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ ومسلم بن إبراهيم ].

هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي الأزدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قالا: حدثنا شعبة ].

هو ابن حجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وُصف بأنه أمير للمؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ (ح) وحدثنا مسدد ].

هذه الحاء هي للتحويل، وهذا أول موضع في سنن أبي داود يأتي فيه ذكر التحويل بالحاء التي تكتب حاءً مفردة.

والمقصود منها: الدلالة على التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر الإسناد الأول ثم أراد أن يرجع ويذكر إسناداً آخر من شيخه إلى أن يلتقي مع الإسناد الأول عند شخص، ثم يستمران إلى الآخر. وهذا يسمى التحويل.

وحاء التحويل تكتب حاءً مفردة، وينطق بها فيقال: حاء؛ حتى يسمع السامع أن هناك تحولاً، وأنه رجع من جديد ليذكر إسناداً آخر ليبدأ فيه من شيخ بإسناد غير الإسناد الذي ذكر شيخه أو شيوخه من قبل، ولكن الإسنادين يلتقيان عند شخص ثم يستمران طريقاً واحداً إلى الآخر.

وحاء التحويل فيها التفريق أو الفصل بين أثناء الإسناد وأول الإسناد، ولهذا يأتي بعدها واو، فما يقول: ح حدثنا، وإنما يقول: ح وحدثنا؛ لأن هناك عطفاً على الإسناد الأول، ولكن الإسناد الثاني يمشي إلى أن يلتقي عند المكان الذي وقف عنده الإسناد الأول ثم يستمران بعد ذلك. ومسدد قد عرفناه.

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة وهو مشهور بكنية أبي عوانة .

[ وهذا لفظ حفص ].

قال أبو داود : وهذا لفظ حفص ، يعني: أن اللفظ الذي سيسوقه هو لفظ الشيخ الأول؛ لأن له ثلاثة: حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم ومسدد ، الشيخان الأولان في الإسناد الأول والشيخ الثاني في الإسناد الثاني، ولكن قد أشار أبو داود إلى أن هذا لفظ حفص ، يعني: أن الكلام الذي سيسوقه هو لفظ حفص ، والذي هو الشيخ الأول.

[ عن سليمان ].

يعني: أن الالتقاء كان عند سليمان ، فالإسناد الأول شيخ شيخ أبي داود هو شعبة ، وفي الإسناد الثاني شيخ شيخه أبو عوانة ، ويلتقي الإسنادان عند سليمان ثم يتحدان فوق ذلك، وسليمان هو سليمان بن مهران الأعمش ، وقد جاء هنا باسمه غير منسوب.

وقد سبق أن مر بنا مراراً أنه يذكر بلقبه الأعمش ، وهذا يظهر فيه فائدة معرفة الألقاب، وهي كما قال علماء المصطلح: ألا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن الذي لا يعرف أن سليمان هو الأعمش يظن أنه إذا جاء في إسناد: الأعمش ، وجاء في إسناد آخر: سليمان أن سليمان غير الأعمش ، وأن هذا شخص وذاك شخص آخر، لكن من يعرف الأسم والكنية لا يلتبس عليه الأمر.

[ عن أبي وائل ].

شقيق بن سلمة ، وقد مر ذكره قريباً.

[ عن حذيفة ].

هو ابن اليمان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، ووالده استشهد يوم أحد، وحذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : قال مسدد : قال: فذهبت أتباعد ].

يعني: أن الشيخين الأولين -وهما: حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم - قد انتهى الحديث عندهما إلى قوله: (فمسح على خفيه).

وأما مسدد الذي هو شيخه في الطريق الثاني فعنده زيادة ليست عند شيخيه الأولين.

قال حذيفة : (فذهبت أتباعد) يعني: أردت أن أبتعد عنه، [ (فدعاني حتى كنت عند عقبه) ].

والدعوة هنا يحتمل أن يكون قد ناداه وكلمه، وهذا يفيد أن الإنسان عندما يبول ويكون هناك حاجة للكلام وأمر يقتضي الكلام أنه يجوز له أن يفعل ذلك، ويمكن أن يكون بالإشارة، يعني: أشار إليه بأن يأتي حتى كان عند عقبه قريباً منه ليستره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب البول قائماً.

حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة وهذا لفظ حفص عن سليمان عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سُباطة قوم فبال قائماً، ثم دعا بماء فمسح على خفيه).

قال أبو داود : قال مسدد : قال: (فذهبت أتباعد، فدعاني حتى كنت عند عقبه) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: (باب: البول قائماً)، يعني: ما حكمه؟

والمعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يبول قاعداً، والبول قائماً جاء عنه نادراً وقليلاً، وهو يدل على أن ذلك جائز، ولكن ما داوم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والأكمل، وهو أن يكون الإنسان عن قعود لا عن قيام، ولكنه إذا فعل ذلك قائماً في بعض الأحيان فلا بأس بذلك إذا أمن ألا يقع عليه شيء من البول بسبب ذلك، ويكون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم له في بعض الأحيان أو نادراً فيه بيان الجواز عندما يحتاج الإنسان إلى ذلك.

وقد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك نادراً لضرورة دعته إلى ذلك، ولكن كونه صلى الله عليه وسلم حصل منه ذلك وهو قائم يدلنا على أن الإنسان يجوز له أن يبول قائماً إذا دعا الأمر إلى ذلك، لكن بشرط ألا يصل إليه شيء من رشاش البول بسبب كونه يبول عن قيام.

ذكر المصنف حديث حذيفة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء سباطة قوم، والسباطة هي: المكان الذي يلقى فيه الأتربة والقمائم وما إلى ذلك، فإنه إذا كنست البيوت وجُمع ما يحصل عن كنسها فإنه يلقى في أفنية البيوت، يعني: خارجها وقريباً منها.

وغالباً ما يكون ذلك المكان فيه أتربة وأشياء إذا وقع عليها البول فإن الأرض تشربه ولا يحصل من ذلك تطاير رشاش البول؛ لأن الأرض تكون سهلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء سباطة قوم فبال قائماً، وكان معه حذيفة فأراد أن يتباعد، فطلب منه أن يرجع إليه وأن يكون في مكان قريب منه حتى يستره.

وقد يكون هذا الذي جاء في الحديث فيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم اضطر إلى ذلك، وأنه احتاج إلى أن يفعله، وأنه ما استطاع أن يصبر إلى أن يصل إلى مكان آخر، ولهذا فعل ذلك وطلب من حذيفة أن يقرب منه حتى يستتر به.

والحديث يدل على أنه يجوز البول قائماً للحاجة، والأصل أن يبال في حال الجلوس.

قوله: [ (ثم دعا بماء فمسح على خفيه) ].

يعني: توضأ ومسح على خفيه، وهذا الحديث مختصر؛ لأن الحديث فيه: ( توضأ ومسح على خفيه ) يعني: أنه غسل أعضاء الوضوء، وأما الخفان فقد مسح عليهما؛ لأنه كان عليه خفان فمسح عليهما.

فالمقصود: أنه توضأ ومسح على الخفين، والحديث فيه اختصار ذكر آخره، والذي هو ذكر المسح دون أوله الذي فيه ذكر الوضوء.

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ ومسلم بن إبراهيم ].

هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي الأزدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قالا: حدثنا شعبة ].

هو ابن حجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وُصف بأنه أمير للمؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ (ح) وحدثنا مسدد ].

هذه الحاء هي للتحويل، وهذا أول موضع في سنن أبي داود يأتي فيه ذكر التحويل بالحاء التي تكتب حاءً مفردة.

والمقصود منها: الدلالة على التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر الإسناد الأول ثم أراد أن يرجع ويذكر إسناداً آخر من شيخه إلى أن يلتقي مع الإسناد الأول عند شخص، ثم يستمران إلى الآخر. وهذا يسمى التحويل.

وحاء التحويل تكتب حاءً مفردة، وينطق بها فيقال: حاء؛ حتى يسمع السامع أن هناك تحولاً، وأنه رجع من جديد ليذكر إسناداً آخر ليبدأ فيه من شيخ بإسناد غير الإسناد الذي ذكر شيخه أو شيوخه من قبل، ولكن الإسنادين يلتقيان عند شخص ثم يستمران طريقاً واحداً إلى الآخر.

وحاء التحويل فيها التفريق أو الفصل بين أثناء الإسناد وأول الإسناد، ولهذا يأتي بعدها واو، فما يقول: ح حدثنا، وإنما يقول: ح وحدثنا؛ لأن هناك عطفاً على الإسناد الأول، ولكن الإسناد الثاني يمشي إلى أن يلتقي عند المكان الذي وقف عنده الإسناد الأول ثم يستمران بعد ذلك. ومسدد قد عرفناه.

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة وهو مشهور بكنية أبي عوانة .

[ وهذا لفظ حفص ].

قال أبو داود : وهذا لفظ حفص ، يعني: أن اللفظ الذي سيسوقه هو لفظ الشيخ الأول؛ لأن له ثلاثة: حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم ومسدد ، الشيخان الأولان في الإسناد الأول والشيخ الثاني في الإسناد الثاني، ولكن قد أشار أبو داود إلى أن هذا لفظ حفص ، يعني: أن الكلام الذي سيسوقه هو لفظ حفص ، والذي هو الشيخ الأول.

[ عن سليمان ].

يعني: أن الالتقاء كان عند سليمان ، فالإسناد الأول شيخ شيخ أبي داود هو شعبة ، وفي الإسناد الثاني شيخ شيخه أبو عوانة ، ويلتقي الإسنادان عند سليمان ثم يتحدان فوق ذلك، وسليمان هو سليمان بن مهران الأعمش ، وقد جاء هنا باسمه غير منسوب.

وقد سبق أن مر بنا مراراً أنه يذكر بلقبه الأعمش ، وهذا يظهر فيه فائدة معرفة الألقاب، وهي كما قال علماء المصطلح: ألا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن الذي لا يعرف أن سليمان هو الأعمش يظن أنه إذا جاء في إسناد: الأعمش ، وجاء في إسناد آخر: سليمان أن سليمان غير الأعمش ، وأن هذا شخص وذاك شخص آخر، لكن من يعرف الأسم والكنية لا يلتبس عليه الأمر.

[ عن أبي وائل ].

شقيق بن سلمة ، وقد مر ذكره قريباً.

[ عن حذيفة ].

هو ابن اليمان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، ووالده استشهد يوم أحد، وحذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : قال مسدد : قال: فذهبت أتباعد ].

يعني: أن الشيخين الأولين -وهما: حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم - قد انتهى الحديث عندهما إلى قوله: (فمسح على خفيه).

وأما مسدد الذي هو شيخه في الطريق الثاني فعنده زيادة ليست عند شيخيه الأولين.

قال حذيفة : (فذهبت أتباعد) يعني: أردت أن أبتعد عنه، [ (فدعاني حتى كنت عند عقبه) ].

والدعوة هنا يحتمل أن يكون قد ناداه وكلمه، وهذا يفيد أن الإنسان عندما يبول ويكون هناك حاجة للكلام وأمر يقتضي الكلام أنه يجوز له أن يفعل ذلك، ويمكن أن يكون بالإشارة، يعني: أشار إليه بأن يأتي حتى كان عند عقبه قريباً منه ليستره.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع