شرح سنن أبي داود [125]


الحلقة مفرغة

شرح حديث تخفيف القعود

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تخفيف القعود:

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي عبيدة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف، قال: قلنا: حتى يقوم؟ قال: حتى يقوم) ].

أورد أبو داود [ باب تخفيف القعود ] أي: في قعود التشهد الأول، يعني أنه أخف من الثاني، فالتشهد الثاني يطال الجلوس فيه، ويؤتى فيه بالأدعية التي يتخيرها الإنسان، كما قال في الحديث: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه) وهو من المواطن التي يشرع الدعاء فيها؛ لأن الدعاء يشرع الإكثار منه في السجود وفي التشهد الأخير، أما الأول فإنه يخفف ولا يطال.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وقوله: [ (في الركعتين الأوليين) ]، أي: من الصلاة التي لها تشهدان.

وقوله: [ (كأنه على الرضف) ] هو الحجارة المحماة، ومعناه: أنه يستعجل ولا يطيل.

والحديث غير صحيح؛ لأن فيه انقطاعاً بين أبي عبيدة وأبيه؛ فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وعلى هذا فهو غير ثابت؛ ولكن كون التشهد الأول أخف من التشهد الثاني والجلوس قبل السلام فهذا أمر واضح، لأن التشهد الأخير أمر الإنسان فيه بأن يتخير من الدعاء أعجبه إليه، وأيضاً شرع الدعاء في أدبار الصلوات، ودبر الصلاة يطلق على آخرها وعلى ما يلي آخرها، وقد جاءت أحاديث تذكر دبر الصلاة مطلقاً، وبعضها يذكر أن دبر الصلاة هو ما بعد الصلاة، كالحديث الذي قال: (تسبحون وتحمدون دبر كل صلاة) أي: بعد السلام.

وعلى هذا فالتشهد الأخير يطال والتشهد الأول لا يطال، لكن الحديث الذي ورد بأنه يخفف على هذا الوصف وكأنه على حجارة محماة من أجل المبادرة أو السرعة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك للانقطاع الذي بين أبي عبيدة وأبيه؛ لأنه لم يسمع من أبيه.

تراجم رجال إسناد حديث تخفيف القعود

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]

حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ]

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعد بن إبراهيم ].

سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عبيدة ].

هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

فالرجال كلهم ثقات، ولكن الانقطاع الذي بين أبي عبيدة وبين أبيه عبد الله هو الذي يضعف به الحديث؛ لأن هناك واسطة بينهما، فهو لا يروي عن أبيه مباشرة، فروايته عنه مرسلة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تخفيف القعود:

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي عبيدة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف، قال: قلنا: حتى يقوم؟ قال: حتى يقوم) ].

أورد أبو داود [ باب تخفيف القعود ] أي: في قعود التشهد الأول، يعني أنه أخف من الثاني، فالتشهد الثاني يطال الجلوس فيه، ويؤتى فيه بالأدعية التي يتخيرها الإنسان، كما قال في الحديث: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه) وهو من المواطن التي يشرع الدعاء فيها؛ لأن الدعاء يشرع الإكثار منه في السجود وفي التشهد الأخير، أما الأول فإنه يخفف ولا يطال.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وقوله: [ (في الركعتين الأوليين) ]، أي: من الصلاة التي لها تشهدان.

وقوله: [ (كأنه على الرضف) ] هو الحجارة المحماة، ومعناه: أنه يستعجل ولا يطيل.

والحديث غير صحيح؛ لأن فيه انقطاعاً بين أبي عبيدة وأبيه؛ فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وعلى هذا فهو غير ثابت؛ ولكن كون التشهد الأول أخف من التشهد الثاني والجلوس قبل السلام فهذا أمر واضح، لأن التشهد الأخير أمر الإنسان فيه بأن يتخير من الدعاء أعجبه إليه، وأيضاً شرع الدعاء في أدبار الصلوات، ودبر الصلاة يطلق على آخرها وعلى ما يلي آخرها، وقد جاءت أحاديث تذكر دبر الصلاة مطلقاً، وبعضها يذكر أن دبر الصلاة هو ما بعد الصلاة، كالحديث الذي قال: (تسبحون وتحمدون دبر كل صلاة) أي: بعد السلام.

وعلى هذا فالتشهد الأخير يطال والتشهد الأول لا يطال، لكن الحديث الذي ورد بأنه يخفف على هذا الوصف وكأنه على حجارة محماة من أجل المبادرة أو السرعة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك للانقطاع الذي بين أبي عبيدة وأبيه؛ لأنه لم يسمع من أبيه.

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]

حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ]

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعد بن إبراهيم ].

سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عبيدة ].

هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

فالرجال كلهم ثقات، ولكن الانقطاع الذي بين أبي عبيدة وبين أبيه عبد الله هو الذي يضعف به الحديث؛ لأن هناك واسطة بينهما، فهو لا يروي عن أبيه مباشرة، فروايته عنه مرسلة.

شرح حديث ابن مسعود في صفة السلام من الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام:

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان ح وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص ح وحدثنا محمد بن عبيد المحاربي وزياد بن أيوب قالا: حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي . ح: وحدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق -يعني ابن يوسف - عن شريك ح وحدثنا أحمد بن منيع حدثنا حسين بن محمد حدثنا إسرائيل ؛ كلهم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه، وقال إسرائيل عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله).

قال أبو داود : وهذا لفظ حديث سفيان ، وحديث إسرائيل لم يفسره.

قال أبو داود : ورواه زهير عن أبي إسحاق ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، وعلقمة عن عبد الله .

قال أبو داود : شعبة كان ينكر هذا الحديث -حديث أبي إسحاق - أن يكون مرفوعاً ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب في السلام ] أي: السلام من الصلاة وهو ختامها ونهايتها، وهو تحليلها كما قال عليه الصلاة والسلام: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فبدايتها بالتكبير الذي يحصل به التحريم، ونهايتها بالتسليم الذي يكون به التحليل.

وسمي التكبير تحريماً لأن الإنسان يحرم عليه به ما كان حلالاً له قبل ذلك، كالأكل والشرب والالتفات والكلام والذهاب والإياب وغير ذلك، ويستمر كذلك إلى أن يسلم، فإذا سلم عاد ما كان حلالاً قبل التكبير إلى أن يكون حلالاً بعد التسليم، ولهذا قال: (تحليلها التسليم).

وفي قوله: (تحليلها التسليم) أي: أنه نهايتها، وأن الخروج منها يكون بالتسليم ولا يكون بغير ذلك، وهذا هو التسليم المقصود بالترجمة.

وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله) يعني: أنه يلتفت، وأن الذين عن يمينه يرون بياض خده، والذين عن يساره يرون بياض خده، ومعنى ذلك: أنه لا يسلم ووجهه للقبلة دون أن يراه من وراءه، بل الذين عن يمينه يرونه إذا التفت مسلِماً، والذين عن يساره يرون خده إذا التفت مسلماً.

فهذا فيه بيان كيفية التسليم، وأنه يكون تسليمتين، وأنه يسلم عن اليمين وعن الشمال، وأن المصلي يلتفت عند سلامه التسليمة الأولى إلى اليمين والتسليمة الثانية إلى اليسار، وأنه يحصل منه الالتفات بحيث يرى خده من جهة اليمين ومن جهة الشمال، وهذا هو الغالب المعروف من فعله صلى الله عليه وسلم.

وأما لفظ السلام فهو: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وقد جاء في بعض الروايات زيادة: (وبركاته) كما سيأتي، ولكن الغالب الذي جاء عن عدد من الصحابة، أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.

تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في صفة السلام من الصلاة

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]

هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ]

وهو الثوري ، وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا أحمد بن يونس ].

هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زائدة ].

هو زائدة بن قدامة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا مسدد ].

هو ابن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا أبي الأحوص ].

هو سلام بن سليم الحنفي ، إذا جاء في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود أبو الأحوص فالمراد به سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا محمد بن عبيد المحاربي ].

وهو صدوق أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ وزياد بن أيوب ].

وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ].

[ حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي ].

وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا تميم بن المنتصر ].

وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أخبرنا إسحاق -يعني: ابن يوسف- ].

إسحاق بن يوسف الأزرق ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شريك ].

هو ابن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، واختلط لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ ح وحدثنا أحمد بن منيع ].

وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حسين بن محمد ].

حسين بن محمد هو ابن بهرام ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسرائيل ].

إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي هو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ كلهم عن أبي إسحاق ].

يعني: هذه الطرق الست التي فيها أولاً: سفيان الثوري ، ثم في الطريق الثانية: زائدة بن قدامة ، والطريق الثالثة: أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، والرابعة: عمر بن عبيد الطنافسي ، والخامسة: شريك ، والسادسة: إسرائيل ، هؤلاء الستة الذين هم نهاية هذه الأسانيد التي جاء التمييز بينها بحاء التحويل كلهم يرون عن أبي إسحاق ، ومعناه أنه تفرع من أبي إسحاق ستة فروع.

وهذه الفروع الستة كان الأربعة الأولى منها بين أبي داود وأبي إسحاق اثنان، والطريقان الخامس والسادس بين أبي داود وأبي إسحاق فيها ثلاثة، فالطرق الأربع الأولى عالية، والطريقان الأخيرتان نازلتان؛ لأنه إذا قل الرجال يعتبر الطريق عالياً، وإذا زاد عدد الرجال عن الطرق السابقة فإنها طريق نازلة.

والعلو يكون نسبياً، فتكون طريق عالية بالنسبة إلى طريق أخرى، فطريق رباعية عالية بالنسبة لطريق خماسية، وطريق ثلاثية عالية بالنسبة لطريق رباعية، وخماسية عالية بالنسبة لطريق سداسية، وهكذا.

و أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ونسبة السبيعي إلى جزء من همدان، فهو ينسب نسبة عامة إلى همدان، ونسبة خاصة إلى سبيع، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي الأحوص ].

أبو الأحوص هذا هو عوف بن مالك الجشمي ، وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

فإذا جاء أبو الأحوص في طبقة التابعين الذين يروون عن الصحابة فالمراد به عوف بن مالك هذا إذا كان له رواية في مسلم ونحوه، أما إذا كان أبو الأحوص غير مسمى وموصوف بأنه شيخ من أهل المدينة أو مولى بني ليث أو مولى بني غفار فهو أبو الأحوص الذي لا يروي عنه إلا الزهري وهو مجهول، وحديثه لا يصح.

إذاً: عندنا في هذه الأسانيد أبو الأحوص اثنان: أحدهما الذي يروي عنه مسدد في الطريق الثانية وهو سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والثاني الذي يروي عن الصحابة وهو عوف بن مالك الجشمي ، وكل منهما ثقة، والمتأخر روى له أصحاب الكتب الستة، والمتقدم روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[ عن عبد الله ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.

[ وقال إسرائيل : عن أبي الأحوص والأسود ].

يعني في طريق إسرائيل -وهي السادسة- زاد شخصاً آخر في الإسناد بالإضافة إلى أبي الأحوص ، وهو الأسود .

فـأبو الأحوص مشترك بين الطرق الست، وإسرائيل زاد بالإضافة إلى أبي الأحوص الأسود ، وهو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : وهذا لفظ حديث سفيان ].

أي: أن هذا اللفظ الذي ساقه هو لفظ حديث سفيان ، وهذا فيه كما ذكرت أن أبا داود أحياناً يذكر من له اللفظ في الآخر بعد ذكر المتن، فيقول: وهذا لفظ فلان.

قوله: [ وحديث إسرائيل لم يفسره ].

يحتمل أن قوله: [ لم يفسره ] أنه لم يفسر السلام، وإنما قال: يسلم عن يمينه وعن شماله، والتفسير الذي جاء في الطرق الأخرى أو طريق سفيان أنه يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

[ قال أبو داود : ورواه زهير عن أبي إسحاق ].

وزهير هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبو إسحاق هو الذي اجتمعت عنده الطرق السابقة.

قوله: [ ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق ].

أي: ورواه يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق ، ويحيى بن آدم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، وقد مر ذكره، وأبو إسحاق مر ذكره.

[ عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ].

هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه الأسود هو الذي مر في طريق إسرائيل أنه جمع بين أبي الأحوص وبين الأسود .

قوله: [ وعلقمة عن عبد الله ].

أي: وأيضاً رواه علقمة مع الأسود عن عبد الله ؛ لأن الأسود وعلقمة يرويان عن عبد الله ، وعلقمة هو ابن قيس النخعي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : شعبة كان ينكر هذا الحديث -حديث أبي إسحاق - أن يكون مرفوعاً ].

كلمة: [ أن يكون مرفوعاً ]، أكثر النسخ خلت منها، وإنما فيها: [ ينكر هذا الحديث ]، وجاءت كلمة: [ أن يكون مرفوعاً ]، في بعض النسخ، ويقول صاحب عون المعبود: الأولى عدمها؛ لأن الحديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس من قول ابن مسعود، وقد جاءت الطرق الكثيرة في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يمكن أن يكون بدونها للاختلاف على أبي إسحاق فيه، وأن فيه اضطراباً، لكن كلامه في هذا الحديث لا يؤثر؛ لأن الحديث ثابت وقد جاء من طرق كثيرة، وقد جاء أيضاً من غير طريق أبي إسحاق ، فالحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يؤثر فيه ما قاله شعبة .

شرح حديث وائل بن حجر في صفة السلام من الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبدة بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ].

أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وفيه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في السلام عن يمينه: [ (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ]، يعني يزيد [ (وبركاته) ] في السلام، بخلاف الأول اللفظ: السلام عليكم ورحمة الله فقط.

فهذا يدلنا على أنه جاء في بعض الأحاديث زيادة: وبركاته، وأن ذلك صحيح وسائغ، ولكن أكثر الروايات إنما جاءت بـ: السلام عليكم ورحمة الله. وفي نسخة لـأبي داود لم تذكر [ وبركاته ] عن الشمال، وهذه النسخة هي التي ذكرها الألباني في كتاب الصلاة.

تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في صفة السلام من الصلاة

قوله: [ حدثنا عبدة بن عبد الله ].

عبدة بن عبد الله الصفار ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا يحيى بن آدم ].

عن يحيى بن آدم مر ذكره.

[ حدثنا موسى بن قيس الحضرمي ].

موسى بن قيس الحضرمي ، صدوق أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن سلمة بن كهيل ].

سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علقمة بن وائل ].

علقمة بن وائل صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو وائل بن حجر ، وهو صحابي أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

وقال في التقريب: إن علقمة لم يسمع من أبيه، والصحيح أنه سمع منه، وقد جاء في صحيح مسلم في بعض الأحاديث روايته عن أبيه، ومسلم يشترط الاتصال، وذكر أيضاً البخاري أنه سمع من أبيه، والذي لم يسمع من أبيه هو إنما عبد الجبار بن وائل ، وقد جاء في بعض الأحاديث أن عبد الجبار يروي عن أخيه علقمة عن وائل ، ومعنى هذا: أن أخاه سمع من أبيه، فقول الحافظ ابن حجر : لم يسمع من أبيه، يخالف ما جاء في صحيح مسلم من تخريجه بعض الأحاديث من روايته عن أبيه وهو يشترط الاتصال وعدم الانقطاع، وأيضاً صرح البخاري في التاريخ الكبير بأنه سمع من أبيه، وعلى هذا فهو متصل وليس فيه انقطاع.

شرح حديث النهي عن الإشارة باليد عند السلام من الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا ووكيع عن مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما أنه قال: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم أحدنا أشار بيده من عن يمينه ومن عن يساره، فلما صلى قال: ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيل شمس، إنما يكفي أحدكم، أو ألا يكفي أحدكم أن يقول هكذا، وأشار بإصبعه، يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله) ].

أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهما الذي فيه أنهم كانوا يشيرون بأيديهم إلى جهة اليمين والشمال عند السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيل شمس؟!) ] والمقصود الخيل التي فيها نفار، فإنك تجد ذيلها يضطرب مثل تحريك اليد عندما كانوا يسلمون.

قوله: [ (إنما يكفي أحدكم، أو ألا يكفي أحدكم أن يقول هكذا وأشار بإصبعه، يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله) ].

هذه إشارة إلى الهيئة التي تكون في التشهد، وأن الإنسان يضع يديه على فخذيه، وأنه يشير عند الدعاء ثم يسلم بدون إشارة، وذكر الإصبع هنا ليس المقصود أنه يشير بها؛ لأن الإشارة بالإصبع مثل الإشارة باليد، وإنما المقصود هنا الإشارة في التشهد.

ثم قال: يسلم عن يمينه وعن شماله، أي: بعدما ينتهي من الذكر والدعاء الذي يكون في التشهد يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله، وليس المقصود أنه يشير بإصبعه أو يسلم بإصبعه؛ لأن الإشارة بالإصبع مثل الإشارة باليد منهي عنها، وإنما تبقى اليد على ما هي عليه حال السلام، والرواية التالية توضح هذا، وأن المقصود أنه يضع يديه على فخذيه ولا يحركهما بالسلام.

قوله: [ (يسلم على أخيه) ].

معناه: أن الإنسان يسلم على من عن يمينه ومن عن شماله، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه وعن شماله فإنه يدعو لمن كان على يمنيه ومن كان على شماله.

وبالنسبة للنافلة قد لا يكون أحد عن يمينه وعن شماله، لكن ذكروا أن الملائكة تكون عن يمينه وشماله.

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن الإشارة باليد عند السلام من الصلاة

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يحيى بن زكريا ].

هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ووكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسعر ].

هو مسعر بن كدام ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله بن القبطية ].

عبيد الله بن القبطية ثقة، أخرج له البخاري في رفع اليدين ومسلم وأبو داود و

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام:

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان ح وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص ح وحدثنا محمد بن عبيد المحاربي وزياد بن أيوب قالا: حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي . ح: وحدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق -يعني ابن يوسف - عن شريك ح وحدثنا أحمد بن منيع حدثنا حسين بن محمد حدثنا إسرائيل ؛ كلهم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه، وقال إسرائيل عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله).

قال أبو داود : وهذا لفظ حديث سفيان ، وحديث إسرائيل لم يفسره.

قال أبو داود : ورواه زهير عن أبي إسحاق ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، وعلقمة عن عبد الله .

قال أبو داود : شعبة كان ينكر هذا الحديث -حديث أبي إسحاق - أن يكون مرفوعاً ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب في السلام ] أي: السلام من الصلاة وهو ختامها ونهايتها، وهو تحليلها كما قال عليه الصلاة والسلام: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فبدايتها بالتكبير الذي يحصل به التحريم، ونهايتها بالتسليم الذي يكون به التحليل.

وسمي التكبير تحريماً لأن الإنسان يحرم عليه به ما كان حلالاً له قبل ذلك، كالأكل والشرب والالتفات والكلام والذهاب والإياب وغير ذلك، ويستمر كذلك إلى أن يسلم، فإذا سلم عاد ما كان حلالاً قبل التكبير إلى أن يكون حلالاً بعد التسليم، ولهذا قال: (تحليلها التسليم).

وفي قوله: (تحليلها التسليم) أي: أنه نهايتها، وأن الخروج منها يكون بالتسليم ولا يكون بغير ذلك، وهذا هو التسليم المقصود بالترجمة.

وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله) يعني: أنه يلتفت، وأن الذين عن يمينه يرون بياض خده، والذين عن يساره يرون بياض خده، ومعنى ذلك: أنه لا يسلم ووجهه للقبلة دون أن يراه من وراءه، بل الذين عن يمينه يرونه إذا التفت مسلِماً، والذين عن يساره يرون خده إذا التفت مسلماً.

فهذا فيه بيان كيفية التسليم، وأنه يكون تسليمتين، وأنه يسلم عن اليمين وعن الشمال، وأن المصلي يلتفت عند سلامه التسليمة الأولى إلى اليمين والتسليمة الثانية إلى اليسار، وأنه يحصل منه الالتفات بحيث يرى خده من جهة اليمين ومن جهة الشمال، وهذا هو الغالب المعروف من فعله صلى الله عليه وسلم.

وأما لفظ السلام فهو: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وقد جاء في بعض الروايات زيادة: (وبركاته) كما سيأتي، ولكن الغالب الذي جاء عن عدد من الصحابة، أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع