خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [072]
الحلقة مفرغة
شرح حديث: (المؤذن يغفر له مدى صوته...)
حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما) ].
أورد الإمام أبو داود رحمه الله: [ باب رفع الصوت بالأذان ] رفع الصوت بالأذان مطلوب، وذلك لأن الغرض منه هو إبلاغ الناس، ورفع الصوت يكون به الإبلاغ على وجه التمام، وعلى وجه يصل النداء إلى الناس، بحيث إذا لم يحصل رفع الصوت بالأذان لم يصل إليهم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته) يعني أن المؤذن يحصل له مغفرة ذنوبه على التمام والكمال بحصول نهاية صوته.
وقيل: إن في ذلك تشبيهاً، وإنه لو كانت الذنوب كثيرة وتصل إلى مكان الصوت لكثرتها فإنه يغفر له بسبب ذلك.
وعلى كل فإن رفع الصوت يحصل به إبلاغ الناس، وكل من بلغه صوت ذلك المؤذن واستفاد بسبب هذا الصوت وبهذا النداء فإن المؤذن يؤجر ويثاب ويغفر له بسبب ذلك.
قوله: [ (ويشهد له كل رطب ويابس) ] يعني: يشهد للمؤذن يوم القيامة كل رطب ويابس بلغه صوته.
قوله: [ (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) ] يعني أن الذي يشهد الصلاة ويستجيب لهذا النداء يحصل أجراً عظيماً، وهو أن له بتلك الصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويغفر له ما بين الصلاتين.
ومن المعلوم أن المؤذن هو شاهد للصلاة وحاضر في المسجد ومحصل أجر صلاة الجماعة، وكذلك أيضاً يكفر له ما بين الصلاتين، فالذي يحصل للذين استجابوا لندائه هو حاصل له، ومع ذلك يثاب بكونه المتسبب في دعوتهم وفي وصولهم إلى المسجد، فكل هذه الأمور التي جاءت في الحديث حاصلة له من جهة أنه يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وهو شاهد الصلاة فيحصل بالصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويكفر له ما بين الصلاتين، وأيضاً الذين استجابوا لندائه يثاب على كونه دعاهم، وكونه كان سبباً في وصولهم إلى المسجد.
تراجم رجال إسناد حديث: (المؤذن يغفر له مدى صوته...)
حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن أبي عثمان ].
موسى بن أبي عثمان مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن أبي يحيى ].
هو أبو يحيى المكي، وهو مقبول، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، والحديث ثابت وله شواهد.
شرح حديث: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين...)
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين) ] وذلك لأن النداء بالأذان فيه دعوة الناس إلى الخير وإقبالهم على الله، واتجاههم إلى المساجد لعبادة الله، والشيطان مهمته أن يصرف الناس عن عبادة الله، ومهمته أن يَكْثُرَ الغاوون والهالكون الذين يكونون معه في النار، فهو إذا سمع هذا النداء العالي الذي فيه دعوة الناس إلى الخير فإنه يدبر مسرعاً وله ضراط؛ لأنه يشق عليه أن يسمع هذا النداء الذي فيه دعوة الناس إلى الخير، وقيل: إن هذا الذي يحصل منه من الضراط بسبب أنه يحصل له تأثر عظيم فيحصل منه ذلك. وقيل: إنه يحصل منه ذلك حتى يشتغل بسماعه عن سماع الأذان. وقيل غير ذلك.
وفيه أن الشيطان يفر من ذكر الله عز وجل، لاسيما الذكر الذي منفعته عظيمة وفائدته كبيرة، مثل النداء بأصوات مرتفعة بأن يتجه الناس إلى الصلاة، وأن يأتوا إلى المساجد لعبادة الله عز وجل.
قوله: [ (فإذا قضي النداء أقبل) ] وذلك لأن فراره من جهة الصوت الذي سمعه يريد أن لا يسمعه.
قوله: [ (فإذا ثوب بالصلاة أدبر) ] يعني: إذا أقيمت الصلاة وحصل النداء مرة ثانية، والتثويب: هو الرجوع؛ لأنه حصل نداء فشرد وهرب، ثم أقبل لما فرغ من النداء، حتى إذا رجع إلى النداء مرة أخرى من أجل إقامة الصلاة فر -أيضاً- حتى لا يسمع.
فإذاً: قوله: [ (ثوب) ] يعني: أقيمت الصلاة ورُجِع إلى الذكر وإلى الأذان؛ لأن الإقامة أذان، إلا أن الأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بالقيام إلى الصلاة، ولهذا كان بين الأذان والإقامة فرق من جهة أن الأذان تكون ألفاظه كثيرة؛ لأن المقصود من ذلك هو أن تتردد الكلمات حتى يسمعها من يسمعها من الناس، ولو فات بعضها بعض الناس فإنه يتمكن من سماع باقيها، وأيضاً يرفع الصوت بالأذان أكثر من الإقامة؛ لأن الأذان إعلام للناس في بيوتهم حتى يحضروا، والإقامة فيها الإسراع والحدر بأن يؤتى بها متتابعة، بخلاف الأذان فإنه يؤتى به بالترسل والتمهل، فكل من الأذان والإقامة أذان وذكر لله عز وجل، والشيطان يفر منهما.
أما الإقامة فهي دعوة الحاضرين وإخبار الحاضرين بأن الصلاة قد قامت، فيهبون ويقومون من مجالسهم ومن أماكنهم لكي يصفوا ويسووا صفوفهم ثم يدخلون في الصلاة.
قوله: [ (حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا) ].
يعني: إذا فُرِغ من الإقامة رجع حتى يخطر بين الإنسان وبين نفسه أو قلبه، فيذكره أشياء ما كان يذكرها ويتابعها بفكره وبذهنه حتى ينشغل عن صلاته، وحتى ينسى الركعات وأعداد الركعات.
قوله: [ (حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى) ] يعني: حتى ينسى أعداد صلاته فلا يدري هل صلى ثلاثاً أو أربعاً أو اثنتين.
والحاصل أن الشيطان عدو للإنسان، وهو يسعى في غوايته وإضلاله، والصلاة التي هي عمود الإسلام والتي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين إذا دخل المصلي فيها جاء الشيطان ليحول بينه وبينها، وليشغله عنها بتذكيره بأمور يريد منه أن تكون شغله الشاغل، وأن ينصرف عن صلاته حتى يئول أمره إلى أنه لا يدري كم صلى من الركعات.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين...)
القعنبي مر ذكره، واسمه عبد الله بن مسلمة ، ويأتي ذكره أحياناً باسمه واسم أبيه، ويأتي أحياناً بنسبته، فيقال: عبد الله بن مسلمة أو القعنبي فقط.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزناد ].
هو عبد الله بن ذكوان المدني أبو عبد الرحمن، ولقبه أبو الزناد وهو لقب على صيغة الكنية وليس بكنية، بل الكنية أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب له، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعرج ].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
قد مر ذكره.
قوله: [ (حتى يضل) ].
إذا كانت بالضاد فهي بمعنى (ينسى)؛ لأن كلمة (يضل) تأتي بمعنى النسيان، وذلك كقوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة:282]، وأيضاً تأتي بمعنى الخطأ والضلال عن الشيء والتيه عنه، يعني أنه يعمى عن صلاته أو يخطئ في مقدار صلاته.
أما بالظاء: (حتى يظل) فالمعنى: يصير.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب رفع الصوت بالأذان.
حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما) ].
أورد الإمام أبو داود رحمه الله: [ باب رفع الصوت بالأذان ] رفع الصوت بالأذان مطلوب، وذلك لأن الغرض منه هو إبلاغ الناس، ورفع الصوت يكون به الإبلاغ على وجه التمام، وعلى وجه يصل النداء إلى الناس، بحيث إذا لم يحصل رفع الصوت بالأذان لم يصل إليهم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته) يعني أن المؤذن يحصل له مغفرة ذنوبه على التمام والكمال بحصول نهاية صوته.
وقيل: إن في ذلك تشبيهاً، وإنه لو كانت الذنوب كثيرة وتصل إلى مكان الصوت لكثرتها فإنه يغفر له بسبب ذلك.
وعلى كل فإن رفع الصوت يحصل به إبلاغ الناس، وكل من بلغه صوت ذلك المؤذن واستفاد بسبب هذا الصوت وبهذا النداء فإن المؤذن يؤجر ويثاب ويغفر له بسبب ذلك.
قوله: [ (ويشهد له كل رطب ويابس) ] يعني: يشهد للمؤذن يوم القيامة كل رطب ويابس بلغه صوته.
قوله: [ (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) ] يعني أن الذي يشهد الصلاة ويستجيب لهذا النداء يحصل أجراً عظيماً، وهو أن له بتلك الصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويغفر له ما بين الصلاتين.
ومن المعلوم أن المؤذن هو شاهد للصلاة وحاضر في المسجد ومحصل أجر صلاة الجماعة، وكذلك أيضاً يكفر له ما بين الصلاتين، فالذي يحصل للذين استجابوا لندائه هو حاصل له، ومع ذلك يثاب بكونه المتسبب في دعوتهم وفي وصولهم إلى المسجد، فكل هذه الأمور التي جاءت في الحديث حاصلة له من جهة أنه يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وهو شاهد الصلاة فيحصل بالصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويكفر له ما بين الصلاتين، وأيضاً الذين استجابوا لندائه يثاب على كونه دعاهم، وكونه كان سبباً في وصولهم إلى المسجد.
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ].
حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن أبي عثمان ].
موسى بن أبي عثمان مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن أبي يحيى ].
هو أبو يحيى المكي، وهو مقبول، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، والحديث ثابت وله شواهد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين) ] وذلك لأن النداء بالأذان فيه دعوة الناس إلى الخير وإقبالهم على الله، واتجاههم إلى المساجد لعبادة الله، والشيطان مهمته أن يصرف الناس عن عبادة الله، ومهمته أن يَكْثُرَ الغاوون والهالكون الذين يكونون معه في النار، فهو إذا سمع هذا النداء العالي الذي فيه دعوة الناس إلى الخير فإنه يدبر مسرعاً وله ضراط؛ لأنه يشق عليه أن يسمع هذا النداء الذي فيه دعوة الناس إلى الخير، وقيل: إن هذا الذي يحصل منه من الضراط بسبب أنه يحصل له تأثر عظيم فيحصل منه ذلك. وقيل: إنه يحصل منه ذلك حتى يشتغل بسماعه عن سماع الأذان. وقيل غير ذلك.
وفيه أن الشيطان يفر من ذكر الله عز وجل، لاسيما الذكر الذي منفعته عظيمة وفائدته كبيرة، مثل النداء بأصوات مرتفعة بأن يتجه الناس إلى الصلاة، وأن يأتوا إلى المساجد لعبادة الله عز وجل.
قوله: [ (فإذا قضي النداء أقبل) ] وذلك لأن فراره من جهة الصوت الذي سمعه يريد أن لا يسمعه.
قوله: [ (فإذا ثوب بالصلاة أدبر) ] يعني: إذا أقيمت الصلاة وحصل النداء مرة ثانية، والتثويب: هو الرجوع؛ لأنه حصل نداء فشرد وهرب، ثم أقبل لما فرغ من النداء، حتى إذا رجع إلى النداء مرة أخرى من أجل إقامة الصلاة فر -أيضاً- حتى لا يسمع.
فإذاً: قوله: [ (ثوب) ] يعني: أقيمت الصلاة ورُجِع إلى الذكر وإلى الأذان؛ لأن الإقامة أذان، إلا أن الأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بالقيام إلى الصلاة، ولهذا كان بين الأذان والإقامة فرق من جهة أن الأذان تكون ألفاظه كثيرة؛ لأن المقصود من ذلك هو أن تتردد الكلمات حتى يسمعها من يسمعها من الناس، ولو فات بعضها بعض الناس فإنه يتمكن من سماع باقيها، وأيضاً يرفع الصوت بالأذان أكثر من الإقامة؛ لأن الأذان إعلام للناس في بيوتهم حتى يحضروا، والإقامة فيها الإسراع والحدر بأن يؤتى بها متتابعة، بخلاف الأذان فإنه يؤتى به بالترسل والتمهل، فكل من الأذان والإقامة أذان وذكر لله عز وجل، والشيطان يفر منهما.
أما الإقامة فهي دعوة الحاضرين وإخبار الحاضرين بأن الصلاة قد قامت، فيهبون ويقومون من مجالسهم ومن أماكنهم لكي يصفوا ويسووا صفوفهم ثم يدخلون في الصلاة.
قوله: [ (حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا) ].
يعني: إذا فُرِغ من الإقامة رجع حتى يخطر بين الإنسان وبين نفسه أو قلبه، فيذكره أشياء ما كان يذكرها ويتابعها بفكره وبذهنه حتى ينشغل عن صلاته، وحتى ينسى الركعات وأعداد الركعات.
قوله: [ (حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى) ] يعني: حتى ينسى أعداد صلاته فلا يدري هل صلى ثلاثاً أو أربعاً أو اثنتين.
والحاصل أن الشيطان عدو للإنسان، وهو يسعى في غوايته وإضلاله، والصلاة التي هي عمود الإسلام والتي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين إذا دخل المصلي فيها جاء الشيطان ليحول بينه وبينها، وليشغله عنها بتذكيره بأمور يريد منه أن تكون شغله الشاغل، وأن ينصرف عن صلاته حتى يئول أمره إلى أنه لا يدري كم صلى من الركعات.
قوله: [ حدثنا القعنبي ].
القعنبي مر ذكره، واسمه عبد الله بن مسلمة ، ويأتي ذكره أحياناً باسمه واسم أبيه، ويأتي أحياناً بنسبته، فيقال: عبد الله بن مسلمة أو القعنبي فقط.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزناد ].
هو عبد الله بن ذكوان المدني أبو عبد الرحمن، ولقبه أبو الزناد وهو لقب على صيغة الكنية وليس بكنية، بل الكنية أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب له، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعرج ].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
قد مر ذكره.
قوله: [ (حتى يضل) ].
إذا كانت بالضاد فهي بمعنى (ينسى)؛ لأن كلمة (يضل) تأتي بمعنى النسيان، وذلك كقوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة:282]، وأيضاً تأتي بمعنى الخطأ والضلال عن الشيء والتيه عنه، يعني أنه يعمى عن صلاته أو يخطئ في مقدار صلاته.
أما بالظاء: (حتى يظل) فالمعنى: يصير.
شرح حديث: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن...)
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين).
حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح أنه قال: ولا أراني إلا قد سمعته منه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت ] يعني أن المؤذن مؤتمن على الوقت وهو الذي عليه أن يحافظ على الوقت؛ لأن الناس يعولون على أذانه، ويجب أن يكون أذانه في الوقت لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كثيراً؛ لأنه لو تقدم عليه أدى ذلك إلى أن الناس -لا سيما أصحاب البيوت والنساء- يصلون قبل الوقت، والصلاة قبل الوقت لا تجوز.
وإذا أخر الأذان عن الوقت وعن أوله قد يترتب على ذلك أن يأكل من يريد الصيام في نهار رمضان؛ لأن الإمساك يكون عند طلوع الفجر والأذان علامة عليه.
فإذاً: يجب على المؤذن أن يتعاهد الوقت، وأن يكون عارفاً به، وأن يكون أذانه عند دخول الوقت، لا يتقدم عليه فيترتب على ذلك صلاة الناس قبل الوقت، ولا يتأخر عنه فيترتب على ذلك أن يحصل منهم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر بالنسبة للصائمين.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (الإمام ضامن) ] يعني أنه راع ومحافظ على الصلاة بالإتيان بأفعالها والمأمومون تبع له، فهو ضامن.
قوله: [ (والمؤذن مؤتمن) ] يعني أنهم يعولون على أذانه في صيامهم وفي صلاتهم، وفي أعمالهم التي تبنى على الأذان وتترتب على الأذان، فهو مؤتمن.
قوله: [ (اللهم أرشد الأئمة) ] يعني: أن يدلهم على القيام بما هو واجب عليهم من هذه المسئولية وهذه التبعة، التي وصف الإمام بأنه ضامن فيها.
قوله: [ (واغفر للمؤذنين) ] يعني: ما يحصل منهم من خطأ فيما يتعلق بالوقت من تقدم أو تأخر، من غير قصد ومن غير تعمد ومن غير تفريط.
تراجم رجال إسناد حديث: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن..)
هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن فضيل ].
هو محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل ].
يعني: غير مسمى مبهم.
[ عن أبي صالح ].
هو ذكوان السمان ، واسمه ذكوان ولقبه السمان وكنيته أبو صالح ، ويأتي ذكره كثيراً بالكنية، يروي عن أبي هريرة ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
[ حدثنا الحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا ابن نمير ].
هو عبد الله بن نمير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح ].
و(نبئت) معناها: أخبرت، وعلى هذا فهو مثل الذي قبله، أي: بينه وبين أبي صالح واسطة؛ لأنه لم يسمع منه.
وعلى هذا فيكون هناك واسطة مبهمة، ولكن جاء الحديث من طريق أخرى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، وكذلك أيضاً جاء عن الأعمش أنه قال: ولا أراني إلا قد سمعته من أبي صالح . يعني أنه قد سمعه بدون واسطة.
وقد رجح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث في جامع الترمذي اتصاله، وأنه قد جاء عن الأعمش من غير شك ومن غير تردد، وقد جاء -أيضاً- من غير طريق الأعمش ، من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه أبي صالح السمان ، وهي شاهد لطريق الأعمش ، والحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |