شرح سنن أبي داود [062]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (... كان رسول الله يصليها لسقوط القمر لثالثه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت العشاء الآخرة.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة-، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: في وقت صلاة العشاء الآخرة ] وكلمة (الآخرة) المقصود بها تمييزها عن المغرب؛ لأن المغرب تكون في وقت العشي، والعشي يقال للوقت الذي بين العشاءين، فهي العشاء الآخرة بالنسبة للعشاء التي هي المغرب.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة- (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها عند سقوط القمر لثالثة) يعني: إذا غاب القمر في ليلة الثالث فقد دخل وقت العشاء، فهذا تحديد وتقدير بالقمر ومغيبه، وذلك في أول الشهر حين يكون ابن ثلاث ليال، فإذا غاب فإنه يدخل وقت صلاة العشاء.

وقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه إذا غاب الشفق الأحمر -وهو الحمرة التي تكون بعد مغيب الشمس عندما تذهب ويكون الظلام الدامس الشديد- عند ذلك يبدأ وقت صلاة العشاء.

وفي حديث النعمان بن بشير هذا بيان من وجه آخر لوقت العشاء، وأنه عند مغيب القمر ليلة الثالث من الشهر.

وهذا في أول الوقت، وإلا فإن آخر الوقت الاختياري هو نصف الليل، وآخر الوقت الاضطراري طلوع الفجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها).

ومن المعلوم أن تأخير الصلاة عن نصف الليل هو تفريط؛ لأنه لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل إلا في حال الاضطرار، فإنها في حال الاضطرار تقع مؤداة إلى طلوع الفجر.

تراجم رجال إسناد حديث: (... كان رسول الله يصليها لسقوط القمر لثالثة)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبي عوانة ].

هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته.

[ عن أبي بشر ].

أبو بشر هو جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بشير بن ثابت ].

بشير بن ثابت وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.

[ عن حبيب بن سالم ].

حبيب بن سالم لا بأس به، أي: صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.

[ عن النعمان بن بشير ].

النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وقد توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، فهو من صغار الصحابة، ولكنه تحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال صغره وأدى في حال كبره، وعند المحدثين إذا تحمل الصغير في حال الصغر وأدى في حال الكبر فهو معتبر.

وكذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، كما جاء في قصة أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم، فإنه حكى ما حصل له معه في حال كفره، وقد حكاه في حال إسلامه، وكذلك النعمان بن بشير تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، وقد جاء عنه بعض الأحاديث التي يصرح فيها بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الحديث المشهور الذي في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما يقول فيه النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين).

شرح حديث: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله لصلاة العشاء فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك، فقال حين خرج: أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقُل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة. ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: [ مكثنا ذات ليلة ] يعني: ليلة من الليالي، [ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك] يعني: هل شغل عليه الصلاة والسلام أو أنه أراد التأخير ولم يشغله شاغل. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم وقال: [ (أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) ] يعني: لولا أن يكون في ذلك مشقة عليهم بالتأخير لصلاها في وقت متأخر، في وقتها الاختياري؛ لأن الوقت إلى نصف الليل كله داخل في الوقت الاختياري الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على أن تأخير الصلاة إذا لم يكن فيه مشقة جائز، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من ذلك إلا حصول المشقة وخشية المشقة على أمته صلى الله عليه وسلم.

ومن المعلوم -كما مر معنا- أن النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعشاء كان إذا رآهم في العشاء كثروا عجل وإذا رآهم قلوا أخر، من أجل انتظارهم، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله لصلاة العشاء فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده ...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثم الرازي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

هو منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحكم ].

هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة

[ عن عبد الله بن عمر ]

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (اعتموا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا أبي حدثنا حريز عن راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السكوني أنه سمع معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: (أبقينا النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة، فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج، والقائل منا يقول: صلى. فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا، فقال لهم: اعتموا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فُضَّلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: [ (أبقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: انتظرناه لصلاة العشاء.

قوله: [ في صلاة العتمة ] وهي العشاء، وقد جاء ما يدل على أنه لا يقال للعشاء: العتمة. وإنما يقال لها: العشاء، كما جاء ذلك في القرآن وكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونهم يقولونه يدل على الجواز، لكن إطلاق العشاء هو الأولى.

[ فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج ].

يعني: حتى ظن الظان أنه ليس بخارج عليهم.

قوله: [ والقائل منا يقول: صلى ] يعني أنه مر وقت طويل، ولم يكن معهوداً عنه صلى الله عليه وسلم أن يؤخر هذا التأخير.

قوله: [ فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا ] أن واحداً قال كذا، وواحداً قال كذا.

قوله: [ (اعتموا بهذه الصلاة) ] يعني: أخروها في العتمة، والعتمة وهي الظلام، أي: مضي شيء من الليل.

قوله: [ (فإنكم قد فضلتم على سائر الأمم بهذه الصلاة، ولم تصلها أمة قبلكم) ].

يحتمل أن يكون المقصود أنهم فضلوا بصلاة العشاء، وأن تلك الأمم لم تفرض عليهم صلاة العشاء، ويحتمل أن يكون المقصود التأخير إلى هذا الوقت، وقد سبق أن مر في حديث جبريل لما ذكر له الأوقات أنه قال: (هذا وقت الأنبياء من قبلك) وهذا يدلنا على أن الصلوات الخمس فرضت على الأمم السابقة، ولكن كيفيتها الله تعالى أعلم بها.

فهذا الذي جاء في الحديث -وهو أن هذه الأمة فضلت بها- إذا فسر بأنها تعتم بها وتؤخرها فلا تنافي بينه وبين الحديث الذي سبق أن مر، ومعنى هذا أن هذه الصلاة كانت على الأمم السابقة، ولكن فضلت هذه الأمة بها بكونهم يؤخرونها، بخلاف الأمم السابقة، فإنها لم تكن تؤخرها مثل هذا التأخير.

تراجم رجال إسناد حديث: (اعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ...)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ].

هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه .

[ حدثنا أبي ]

هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه .

[ حدثنا حريز ].

هو حريز بن عثمان الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ عن راشد بن سعد ].

هو راشد بن سعد الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.

[ عن عاصم بن حميد السكوني ].

عاصم بن حميد السكوني صدوق مخضرم، أخرج حديثه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجه .

[ أنه سمع معاذ بن جبل ].

هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

وكان قد سكن الشام ومات بها سنة ثمان عشرة من الهجرة، ورجال الاسناد كلهم شاميون، والذين قبل معاذ كلهم حمصيون، ولا أدري هل معاذ سكن حمص فيكون رجال الاسناد كلهم حمصيين أم لا.

شرح حديث: (صلينا مع رسول الله صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عن قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال: خذوا مقاعدكم. فأخذنا مقاعدنا، فقال: إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل) .

يعني: قريب من نصف الليل في آخر وقتها الاختياري.

وقوله: [فقال: خذوا مقاعدكم، (فأخذنا مقاعدنا) ] يعني: استووا للصلاة.

قوله: [فقال: (إن الناس قد صلوا ) ] يعني: غيركم.

قوله: [ (وأخذوا مضاجعهم) ] يعني: ناموا.

قوله: [ (وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة) ].

يعني: هذه المدة التي تنتظرون فيها الصلاة أنتم بها في صلاة، والإنسان إذا دخل المسجد وجلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما انتظر الصلاة.

قوله: [ (ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل) ].

هذا مثل الذي تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن تثقل على أمتي لأخرتها إلى هذه الساعة).

تراجم رجال إسناد حديث: (صلينا مع رسول الله صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل ...)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل ].

بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا داود بن أبي هند ].

داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي نضرة ].

أبو نضرة هو المنذر بن مالك ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي سعيد الخدري ].

هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت العشاء الآخرة.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة-، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: في وقت صلاة العشاء الآخرة ] وكلمة (الآخرة) المقصود بها تمييزها عن المغرب؛ لأن المغرب تكون في وقت العشي، والعشي يقال للوقت الذي بين العشاءين، فهي العشاء الآخرة بالنسبة للعشاء التي هي المغرب.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة- (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها عند سقوط القمر لثالثة) يعني: إذا غاب القمر في ليلة الثالث فقد دخل وقت العشاء، فهذا تحديد وتقدير بالقمر ومغيبه، وذلك في أول الشهر حين يكون ابن ثلاث ليال، فإذا غاب فإنه يدخل وقت صلاة العشاء.

وقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه إذا غاب الشفق الأحمر -وهو الحمرة التي تكون بعد مغيب الشمس عندما تذهب ويكون الظلام الدامس الشديد- عند ذلك يبدأ وقت صلاة العشاء.

وفي حديث النعمان بن بشير هذا بيان من وجه آخر لوقت العشاء، وأنه عند مغيب القمر ليلة الثالث من الشهر.

وهذا في أول الوقت، وإلا فإن آخر الوقت الاختياري هو نصف الليل، وآخر الوقت الاضطراري طلوع الفجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها).

ومن المعلوم أن تأخير الصلاة عن نصف الليل هو تفريط؛ لأنه لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل إلا في حال الاضطرار، فإنها في حال الاضطرار تقع مؤداة إلى طلوع الفجر.

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبي عوانة ].

هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته.

[ عن أبي بشر ].

أبو بشر هو جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بشير بن ثابت ].

بشير بن ثابت وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.

[ عن حبيب بن سالم ].

حبيب بن سالم لا بأس به، أي: صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.

[ عن النعمان بن بشير ].

النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وقد توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، فهو من صغار الصحابة، ولكنه تحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال صغره وأدى في حال كبره، وعند المحدثين إذا تحمل الصغير في حال الصغر وأدى في حال الكبر فهو معتبر.

وكذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، كما جاء في قصة أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم، فإنه حكى ما حصل له معه في حال كفره، وقد حكاه في حال إسلامه، وكذلك النعمان بن بشير تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، وقد جاء عنه بعض الأحاديث التي يصرح فيها بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الحديث المشهور الذي في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما يقول فيه النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين).

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك، فقال حين خرج: أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقُل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة. ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: [ مكثنا ذات ليلة ] يعني: ليلة من الليالي، [ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك] يعني: هل شغل عليه الصلاة والسلام أو أنه أراد التأخير ولم يشغله شاغل. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم وقال: [ (أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) ] يعني: لولا أن يكون في ذلك مشقة عليهم بالتأخير لصلاها في وقت متأخر، في وقتها الاختياري؛ لأن الوقت إلى نصف الليل كله داخل في الوقت الاختياري الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على أن تأخير الصلاة إذا لم يكن فيه مشقة جائز، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من ذلك إلا حصول المشقة وخشية المشقة على أمته صلى الله عليه وسلم.

ومن المعلوم -كما مر معنا- أن النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعشاء كان إذا رآهم في العشاء كثروا عجل وإذا رآهم قلوا أخر، من أجل انتظارهم، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع