طرق الدعوة والدعاة


الحلقة مفرغة

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يرضى ربنا ويشاء، الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيءٍ بعد، الحمد لله الذي خلقنا من العدم، وهدانا إلى الإسلام، ووفقنا إلى التوحيد، وأطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، ومن كل خيرٍ سألناه أعطانا، نحمده سبحانه وحده لا شريك له على نعمه التي لا تحصى، وعلى آلائه التي لا تنسى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والندِّ والمثيل والنظير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] ربنا واحدٌ في ربوبيته، واحدٌ في ذاته، واحدٌ في ألوهيته، واحدٌ في أسمائه وصفاته: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف:180] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه مخلصاً حتى أتاه اليقين، كان بأمته رءوفاً رحيماً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، واجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية، في يومٍ لا ينفع ولدٌ والده شيئاً، ولا يجزي والد عن ولده شيئاً: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

معاشر المؤمنين! كلكم قد قرأ في كتاب الله جل وعلا قوله الحكيم: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] ويقول جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] ويقول جل وعلا: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:104].

أيها الأحبة في الله! الأمر بالدعوة إلى دين الله، والنداء بالدعوة إلى صراط الله المستقيم، أمرٌ عامٌ لجميع المسلمين أجمعين، وكلكم يعلم ما فيه من الأجر والثواب العظيم، ولو لم يكن فيه إلا أن يموت الداعية ويبقى أجره بعد موته ماضياً لكفى، وإن الدعوة إلى الله لمن أجل الأعمال وأفضلها: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) ويقول صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى فله أجره، وأجر من تبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص من أجورهم شيئاً) وأمام هذه الآيات القرآنية، والنصوص النبوية، يقف جملةٌ من الشباب، يتحرقون ويتعطشون، يريدون أن يدعوا إلى الله، يرغبون في الدعوة إلى الله جل وعلا، فيأتي الشيطان لكي يحصر عملاً إسلامياً، أو دعوةً خالصة، لكي يحصرها في سبيلٍ ضيق، فيقول: لست من أهل الشهادات! ولست من أهل المؤهلات! ولست من ذوي المراتب والمناصب والهيئات! ويظن بعض الشباب أن الدعوة إلى الله منحصرةٌ في المنابر والمحاضرات والندوات، وأنما سوى ذلك فليس بعملٍ للإسلام، أو أن الإسلام ليس في حاجةٍ له.

شموليته للحياة

اعلموا معاشر المؤمنين أجمعين، واعلموا يا معاشر الشباب خاصة، أن دينكم هذا عامٌ شامل، دينٌ عظيم يتناول أدنى أمور الخير ويبلغ أقصى درجاتها، يبدأ من إماطة الأذى والابتسامة في وجه الصديق، وينتهي إلى الجهاد والشهادة في سبيل الله، بل لا ينتهي ويمضي إلى ما هو أعظم من ذلك في ابتغاء مرضات الله ورحمة الله، كثيرٌ من الناس ترى عليه سمات الخير، ومن سلوكه حرقةً وتعطشاً ورغبةً في الدعوة إلى دين الله جل وعلا، ولكن يقف مكتوف الأيدي يظن أنه ليس من الذين يقدرون أن يعملوا شيئاً، لا والله يا أخي المسلم! إنك لقادر على أن تعمل الكثير الكثير! ولكن الشيطان يوم أن يغرس في ذهنك، أن الدعوة محصورةٌ بالكلمات في المساجد، أو بالخطب، أو بالمحاضرات، وأن ما سوى ذلك ليس من الدعوة، فهذا من باب ضيق الأفق، وقلة الفهم لهذا الدين الواسع الشامل.

أن الدين الإسلامي متعدد الجوانب والمجالات

أحبتنا في الله! اعلموا أن هذا الدين متعدد الجوانب والمجالات، في شتى مناحي الحياة، وعلى ذلك سيكون العلم لهذا الدين في شتى المجالات، وفي شتى نواحي الحياة، ومن الظلم أن يطلب من الناس كلهم أن يكونوا خطباء، أو أن يكونوا محاضرين، أو أن يكونوا علماء، أو أن يكونوا مجاهدين، لكن الله جل وعلا قد يسر العباد كلٌ لما خلق له، فمن فتح له باب الجهاد فليجاهد في سبيل الله، وليبتغي بذلك وجه الله، وجنةً عرضها السماوات والأرض، وليس من العدل أو العقل أن نقول لمن نراه مشتاقاً إلى الجهاد، أن نقول: إن عملك هذا ليس بدعوة، إنما الدعوة أن تحضر إلى حلقات العلم، فقد فتح له باب الجهاد فليمضِ إلى فوزٍ من الله ونصرٍ ورحمةٍ وشهادة، ومن الناس من فتح له مزاحمة العلماء بالركب في مجالس العلم، فمن الظلم أن نقول له: إن العمل الإسلامي هو الجهاد.

وهذا قد يسر لطلب العلم، وقد فتح له باب البحث والقراءة والرواية والدراية، فمن الظلم أن نقيمه من حلقة علمه، لنقول له: اذهب وجاهد في أفغانستان ، أو في أي مكانٍ من الأماكن، قد فتح له باب العلم والبحث والاستنباط والتنظير، فهذا ينبغي أن يدعى له، وأن يؤيد في هذا المجال، فلنعلم ذلك جيداً -أيها الأحبة في الله- ومن الخطأ أن يثرب أو أن نسمع الملامة من بعضنا على بعض، يوم أن نرى مجاهداً فنقول: هذا لا يعمل عملاً كاملاً، إنما العمل في الحلقات، أو أن نرى طالب علمٍ في مسجده وحلقته وحلقة شيخه، فنقول: هذا لا يعمل شيئاً، إنما العمل في الجهاد تحت الرصاص والنار، والبعض قد ينال من حظ أو من مكانة أخيه فيقول: شتان شتان ما بيني وبينه، أنا مجاهدٌ هناك عند الدبابات والطائرات، وهذا تحت مكيفه عند الورقات والكتب ونحوها، هذا من وسوسة الشيطان، ومن باب العجب الذي هو محبطة العمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تستمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

اعلموا معاشر المؤمنين أجمعين، واعلموا يا معاشر الشباب خاصة، أن دينكم هذا عامٌ شامل، دينٌ عظيم يتناول أدنى أمور الخير ويبلغ أقصى درجاتها، يبدأ من إماطة الأذى والابتسامة في وجه الصديق، وينتهي إلى الجهاد والشهادة في سبيل الله، بل لا ينتهي ويمضي إلى ما هو أعظم من ذلك في ابتغاء مرضات الله ورحمة الله، كثيرٌ من الناس ترى عليه سمات الخير، ومن سلوكه حرقةً وتعطشاً ورغبةً في الدعوة إلى دين الله جل وعلا، ولكن يقف مكتوف الأيدي يظن أنه ليس من الذين يقدرون أن يعملوا شيئاً، لا والله يا أخي المسلم! إنك لقادر على أن تعمل الكثير الكثير! ولكن الشيطان يوم أن يغرس في ذهنك، أن الدعوة محصورةٌ بالكلمات في المساجد، أو بالخطب، أو بالمحاضرات، وأن ما سوى ذلك ليس من الدعوة، فهذا من باب ضيق الأفق، وقلة الفهم لهذا الدين الواسع الشامل.

أحبتنا في الله! اعلموا أن هذا الدين متعدد الجوانب والمجالات، في شتى مناحي الحياة، وعلى ذلك سيكون العلم لهذا الدين في شتى المجالات، وفي شتى نواحي الحياة، ومن الظلم أن يطلب من الناس كلهم أن يكونوا خطباء، أو أن يكونوا محاضرين، أو أن يكونوا علماء، أو أن يكونوا مجاهدين، لكن الله جل وعلا قد يسر العباد كلٌ لما خلق له، فمن فتح له باب الجهاد فليجاهد في سبيل الله، وليبتغي بذلك وجه الله، وجنةً عرضها السماوات والأرض، وليس من العدل أو العقل أن نقول لمن نراه مشتاقاً إلى الجهاد، أن نقول: إن عملك هذا ليس بدعوة، إنما الدعوة أن تحضر إلى حلقات العلم، فقد فتح له باب الجهاد فليمضِ إلى فوزٍ من الله ونصرٍ ورحمةٍ وشهادة، ومن الناس من فتح له مزاحمة العلماء بالركب في مجالس العلم، فمن الظلم أن نقول له: إن العمل الإسلامي هو الجهاد.

وهذا قد يسر لطلب العلم، وقد فتح له باب البحث والقراءة والرواية والدراية، فمن الظلم أن نقيمه من حلقة علمه، لنقول له: اذهب وجاهد في أفغانستان ، أو في أي مكانٍ من الأماكن، قد فتح له باب العلم والبحث والاستنباط والتنظير، فهذا ينبغي أن يدعى له، وأن يؤيد في هذا المجال، فلنعلم ذلك جيداً -أيها الأحبة في الله- ومن الخطأ أن يثرب أو أن نسمع الملامة من بعضنا على بعض، يوم أن نرى مجاهداً فنقول: هذا لا يعمل عملاً كاملاً، إنما العمل في الحلقات، أو أن نرى طالب علمٍ في مسجده وحلقته وحلقة شيخه، فنقول: هذا لا يعمل شيئاً، إنما العمل في الجهاد تحت الرصاص والنار، والبعض قد ينال من حظ أو من مكانة أخيه فيقول: شتان شتان ما بيني وبينه، أنا مجاهدٌ هناك عند الدبابات والطائرات، وهذا تحت مكيفه عند الورقات والكتب ونحوها، هذا من وسوسة الشيطان، ومن باب العجب الذي هو محبطة العمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تستمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2800 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2648 استماع
توديع العام المنصرم 2643 استماع
حقوق ولاة الأمر 2629 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2548 استماع
من هنا نبدأ 2492 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2457 استماع
أنواع الجلساء 2456 استماع
إلى الله المشتكى 2432 استماع
الغفلة في حياة الناس 2432 استماع