البداية


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

أيها الإخوة! أيها الفتية: يقول الله تعالى: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ [الكهف:13-14].

معاشر الأحبة! الذين ربط الله على قلوبكم بالإيمان! ومن نسأل الله أن يجعلهم من أهل الصراط القويم عاجلاً غير آجل بمنه وكرمه.

أيها الإخوة في الله: أعتذر بادئ ذي بدء عن تأخري عن المجيء في الوقت المحدد، وما كان ذاك بملكي، ولكني حملت وزر أحد موظفي الخطوط سامحه الله، أعطاني كرت الصعود على بوابة والرحلة على بوابة أخرى، فكانت أعجوبة والحمد لله على كل حال، ولقد أفرغت جام غضبي في أبيات شعر كتبتها عنه:

هل ذا سيمنعني الهدى وجباله     أو ذاك يحجبك الشفا ورجاله

إن المحب إذا تعلق قلبه     جعل المخاطر في النوى سرباله

كم كنت أنتظر المساء لقربكم     فيه وإني مبتلٍ أقواله

شاورت فيه النفس قالت لن تطق     صبراً فعجل والهدى أهدى له

لما أتيت البوابة قالوا: أنت تأخرت

قالوا تأخرت الغداة ولـم تكن     عند النداء موافقاً ما قاله

فبثثتهم عذري بأني ساجـدٌ     قبل الرحيل وحجتي أولى له

أقلعت الطائرة وأغلقت البوابة، ولا تنفع إلا الواسطة في مثل هذه الحالات:

فهرعت أسرع للوسيط لعلـه     أدرى بسرٍ مسعف من ناله

فتسابق الخطو الوئيد مهـرولاً     وكررت أسرع تابعاً منواله

حتى ركبت الفلك يوشك راحلاً     في أرض جدة مدركاً آماله

ولقيت أحبابي على درب الهدى     و محمداً فوزي ترى أسمى له

الأخ/ محمد فوزي جزاه الله خيراً استقبلنا، وطار عقلي قبل أن يطير بي من قيادته وسرعة سياقته

وركبت في سيارة وطريقـها     قد زاد فوزي سرعة أهواله

حتى بلغت الطائف المحبوب في     أرض الجزيرة حبذا إطلاله

أيها الأحبة: أسأل الله جل وعلا أن يجعل اجتماعكم في موازين أعمالكم، وأن يجعل اجتماعنا هذا مرحوماً، وتفرقنا من بعده معصوماً، وألا يجعل فينا ولا من بيننا شقياً ولا محروماً، وقبل الخوض في الموضوع ألا وهو (البداية) أود أن نتساءل قليلا:

أيها الإخوة: هل نشعر بالمتغيرات التي استجدت في المجتمعات العالمية؟ هل نعشر بالمتغيرات التي تطرأ؟ ليست بالسنة ولا بالشهر ولا بالأسبوع، بل باليوم والساعة، المتغيرات التي استجدت على المجتمعات، وتستجد أيضاً على مجتمعنا هذا، التغير صفة حاصلة، والتقلب أمر نراه في أحوال هذا الزمان وأهله، والتغير نوعان: تغير داخلي في النفس؛ وهذا التغير وإن لم يتغير الإنسان في سلوكه وتصرفاته، لكن تجد عنده تهيؤاً لأن تتغير أحواله، تجد عنده تهيؤاً لأن يغير من طريقته، ومن النمط الذي سار عليه في أيامه وأشهره.

والتغير الثاني: هو تغير خارجي في مجالات الحياة المختلفة، فهو الذي نراه في صور تمدن أسباب الحضارة وتطورها، هذا التغير كما هو موجود في المجتمعات، وكما هو موجود في النفوس، وترى النفوس متهيئة له، نجده في كل قطاع، أو في كل دائرة، أو في كل جهاز عام أو خاص.

أقول -أيها الإخوة!-: إن هذه المتغيرات وهذه التطورات موجودة، وأنتم ترون .. ما من دائرة، وما من جهاز، وما من مؤسسة، وما من قطاع عام أو خاص إلا وترى فيه تطوراً، وترى في القائمين عليه رغبة في تطويره، وترى في المسئولين عنه رغبة في تحديث أساليبه، وتطوير أساليب الخدمات التي تقدم للناس.

خذوا أمثلة لذلك: الهاتف مثلاً، هل خدمات الهاتف اليوم كالهاتف أول ما جاءنا في المملكة ؟ لا، إذاً هناك تطور بالشهر والسنة، خذوا مثالاً: الصحة، تتطور خدماتها بتطور الأيام والسنين والأعوام، والسؤال: هل يوجد لدى الإخوة، ولدى الأجهزة التي تعنى بالدعوة إلى الله، وبالحسبة، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا الحس؟ هل يوجد لدى الدعاة والمحتسبين والمسئولين عن هذه الأجهزة هذا الحس، وهو الرغبة في تطوير الأساليب، وتحديث الوسائل، ونشر مجالات أوسع، وآفاق أرحب لكي تنتشر الدعوة في كل مكان؟

ومن المسئول عن هذا التطوير والتحديث؟

من المسئول عن فتح مجالات جديدة للدعوة؟

من المسئول عن ابتكار وسائل واختيار أساليب جديدة للدعوة إلى الله؟

هل المسئول عن هذا هم المسئولون عن هذه الأجهزة أم أن المسئول كل من يعنى بأمر الدعوة، وأنتم منهم؟ وكل من يعنى بشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنتم منهم؟ أم أن أولئك أيضاً معنيون بتطوير وتحديث أساليب الدعوة إلى الله جل وعلا؟

أيها الأحبة: إن الجهاز القائم على الدعوة إلى الله، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لو ضربنا مثلاً أنه جهاز لا يتطور ولا يتنامى، ولا يدخل التحديث في أساليبه، فإن هذا لا يعفينا أن نبقى جامدين، بل هذا يضاعف المسئولية علينا، لكي نطور من أساليبنا في الدعوة إلى الله، ولكي نفتح مجالات أوسع، وآفاقاً أرحب لنشر دين الله جل وعلا، وما لنا ألا نفعل ذلك والله سبحانه وتعالى قد أثنى على الدعاة، فقال جل من قائل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].. ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125].. قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108].

أيها الأحبة: الآية الواحدة، بل الكلمة الواحدة في هذه الآيات تجعل الواحد يطير فرحاً، ويحلق شوقاً لكي يدنو من الله جل وعلا، يطير فرحاً لكي يكون جليساً وجاراً للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ أن من سلك سبيل الدعوة، وسلك سبيل العلم، فإنه يكون من ورثة الأنبياء: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).

ما لنا لا نطور أساليب الدعوة؟ ما لنا لا نجدد الوسائل، ونفتح الآفاق للدعوة إلى الله جل وعلا؟

لماذا لا نفعل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من دعا إلى هدى، فله أجره وأجور من عمل به إلى يوم القيامة) ويقول صلى الله عليه وسلم: (فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)؟.

أيها الأحبة: هل نشعر بحاجتنا إلى إصلاح أوضاع مجتمعاتنا؟ هل نشعر بأننا نحتاج إلى أن نصلح أوضاعنا؟ المجال الإعلامي، هل هو على الطريقة التي ترضي الله جل وعلا؟ أو هل هو على الطريقة التي تخرج الأطباء والمهندسين، والدعاة والعلماء والمخلصين لهذا البلد، ولأمة الإسلام أجمعين؟

إن الجانب الإعلامي لم يستثمر في الدعوة إلى الله حق الاستثمار، قد يقول قائل: لعلنا لا نسلم من شره فضلاً من أن نستثمره، وأقول: لا، هذه نظرة منهزم، لا تقل هذا الكلام.

لئن كانت الصحف ووسائل الإعلام مناخاً لمن سبق وحِمَىً مباحاً، فليبادر الدعاة إلى الله جل وعلا، وليسابقوا إلى هذا المجال، وليصلحوا مجتمعاتهم من خلال هذا المجال، حتى وإن وجد التنافس، وإن وجدت المزاحمة، المهم أن يسمع الناس كلمة الحق، وأن يعرفوا أن للحق أسلوبه، وأن للصدق عبارته، وأن للهداية أبوابها، إذا قدم هذا للملايين الذين يتربعون الآن أمام الشاشات، ولم يحضروا مثل هذه المحاضرات، أو محاضرات العلماء الأجلاء الذين هم أفضل منا، فهذه من المجالات المتروكة.

فهل نشعر -أيها الإخوة!- بحاجتنا إلى أن نصلح هذا المجال؟ هل نشعر بحاجتنا إلى إصلاح الأبواب المفتوحة في الأندية، والجمعيات الخيرية، وفي كثير من المجالات القائمة؟ إن الدخول في الشيء مع الحصانة الكافية، والوقاية اللازمة أمر ضروري جداً، إن إصلاح الشيء لا يتم عن بعد، فلا بد أن تدخل في صميمه، ولا بد أن تعرف أحواله، ولا بد أن تسبر عالمه، ولا تستطيع أن تصلح سيارة خربت بمجرد الدوران عليها، لا تستطيع أن تصلحها إلا إذا فتحت مقدمتها، وأخذت تغير وتعدل وتصلح قطعة بدلاً من قطعة، وشيئاً انحرف عن مساره فترده، وجهاد حتى تصل إلى درجة الإصلاح الكامل، أو ثلاثة أرباع الإصلاح، أو نصف الإصلاح، المهم يكفيك نصراً أنك قائم بالدعوة إلى الله جل وعلا.

هل نشعر -أيها الإخوة!- بضرورة إصلاح مجتمعنا؟ هل نشعر بأن من واجبنا أن نطرح البرامج العملية للإصلاح؟ هل نشعر أن من واجبنا أن نحدد الأهداف والغايات من وراء الدعوة إلى الله والإصلاح؟ هل نشعر أن من واجبنا اختيار الوسائل التي نوزعها عل كل فرد بحسب طاقته وقدرته؟ أم لا نزال نردد العموميات: الإسلام هو الحل؟

أيها الإخوة: كثير من الأحباب والغيورين والطيبين، حينما تتحدث مع أحدهم عن واقع الصحافة، يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم:41] تحدثه عن الإعلام فتسمع مثل هذه الحوقلة، حدثه عن كثير من المجالات لا تسمع إلا حوقلة وأنيناً وآهات يرددها، فتقول له: يا أخي الكريم! ما الحل؟ أين البداية؟ كيف تحل هذه المصائب والمشكلات؟ يقول لك: الحل هو الإسلام والقرآن، يا أخي! نحن في مجتمع مسلم، حينما تقول الحل هو الإسلام فإنك لا تأتي بجديد.

أقول لك: الاقتصاد يحتاج إلى إصلاح، المصارف الربوية كيف تصلحها وتغير أحوالها من الربا إلى المعاملات الشرعية؟ يقول لك: الحل هو الإسلام، كيف تصلح الإعلام؟ الحل هو الإسلام، سبحان الله العلي العظيم! هل تصلح البنوك إذا وضعت المصحف في طاولة البنك، أو وضعت ورقة فيها آيات في صندوق النقد الإلكتروني؟ هذا كلام عام: الإسلام هو الحل، أعطني برنامجاً عملياً وقدمه لي حتى تصلح به هذا الجانب.

حينما أخبرك عن الاختلاط في المستشفيات، عن مباشرة الأطباء الذكور توليد العفيفات المسلمات المحجبات، ورؤية عوراتهن والإطلاع عليها، كيف تحل هذه المشكلة؟ الإسلام هو الحل، هل تضع مصحفاً في غرفة العمليات لتنتهي المشاكل؟ هل تضع مصحفاً في دائرة من الدوائر لتنتهي المشاكل والمخالفات الشرعية؟ لا. هذا كلام عام، نحن نريد أن نضع الأنامل على مواقع الجراح، لا يكفي أن نقول: نحن مرضى، ليس هناك مسئول أو داعية أو كبير أو صغير، يقول: مجتمعنا هو أكمل المجتمعات، كلنا نعترف بأن في مجتمعنا أخطاء وهي عادة البشر، وحينما يوجد البشر فهم مظنة الخطأ، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

لكن -أيها الإخوة!- هل هذا يكفي بأن نتكلم عن العموميات؟ لا. بل لا بد أن نعرف الطريق والسبيل للبداية التي نصلح بها المجتمعات.

اعلموا أيها الأخوة! أن هناك سنناً في الإصلاح والتغيير، أهمهما: الصبر وعامل الزمن:

الصبر والمصابرة

أما الصبر فهو سنة من عمل بها وجد النتيجة، الصبر حينما يعمل به اليهود يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به النصارى يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به البوذيون يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به القاديانيون والنصيريون والبريليون والبابويون، وكل أصحاب الطوائف الضالة، من صبر على بدعته، ومن صبر على باطله ومنكره، سيجد نتيجة، كذلك الحق من باب أولى، بل إن الله جل وعلا جعل من أسباب نوال الهداية الصبر، قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].

قبل أن أقول لك ما هي البداية، أريد أن تضع في قلبك أن مجتمعك فيه خير كثير، لا تنظر بعين واحدة إلى المجتمع، فلا تبصر فيه إلا السلبيات وتغض النظر عن الإيجابيات.

وقبل أن أقول لك ما هي البداية، كن كما هو قول الله جل وعلا: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً [الأنبياء:47].

إن الله يأتي بحسنات العباد يوم القيامة وسيئاتهم، فأنت لا تنظر بعين واحدة، فتقول: في هذا الجانب فساد، وفي هذا الجانب اختلاط، وفي هذا الجانب رباً وتحلل، وتمتلئ عينك ويمتلئ دماغك وعقلك بأن ليس في مجتمعك إلا الشر والمنكر والباطل، والمصائب والآثام، فهذا أكبر باب لحصول الإحباط في نفسك، وهذا أكبر معول تحطم به رأسك قبل أن تخطو إلى الأمام خطوة واحدة.

أقول لك: يا أخي! لا بد أن تضع في حسبانك أن الصبر وسيلة، وأن تضع في حسبانك أنك في مجتمع فيه الخير والشر، وأن واقعك يختلف عن واقع كثير من البلدان، ومن هنا أعاتب إخواني وأحبابي الشباب، الذين بعضهم يقيس مثلاً أوضاع المجتمع هنا بأوضاع مصر، أو أوضاع سوريا أو تونس، يا أخي الكريم! إياك والتخليط، تاريخك يختلف عن تاريخه، ونشأتك تختلف عن نشأته، ومجتمعك يختلف عن مجتمعه، والأمة من حولك تختلف على الأمة من حوله، وأوضاعك تختلف عن أوضاعه، بل هناك فوارق كبيرة جداً جداً، حتى الفساق الذين في مجتمعنا قد يعتبرون في بعض المجتمعات الأخرى في خطوة لا بأس بها في طريق الهداية في نظر أولئك، وليس هذا مبرراً لبعض المخطئين، أو لبعض الواقعين في المعاصي أن يقولوا: الحمد لله، مثلما قال رجل في قديم الزمان، رجل من أهل نجد سافر البحرين ، فوجد الناس في معاصٍ وفساد -قديماً وحديثاً، وجد الناس في معاصٍ وفساد- فلما رجع قال: إن شاء الله ستدخلون الجنة؛ لأن أولئك سيملئون النار؛ لأنه قاس مجتمعه بفساد أولئك فرأى أبناء مجتمعه متقدمين جداً في الإسلام، هذا الكلام لا يقال.

نحن لا نقول: اجعل نفسك مقياساً لغيرك، وبالمناسبة هذه حجة كثير من الشباب أو بعض الرجال حينما تدعوه إلى الله، يا أخي الكريم: تب إلى الله، أقلع عن الملاهي، أقلع عن ترك الصلاة مع الجماعة، أقلع عن العقوق، عن المحرمات، عن هذا العبث، عن المعاكسة، عن التساهل بالحجاب، يقول: يا أخي الكريم! احمد ربك فهناك ناس غيرنا لا يصلون بتاتاً، هناك ناس غيرنا يشربون الخمر ويزنون، ومتى كان يحتج بالخطأ على الخطأ؟ ومتى قبلت العقول أن يحتج إنسان بالمنكر على المنكر، هذا ليس بصحيح أبداً.

فأقول: أيها الأحبة! لا بد أن ننظر إلى مجتمعنا نظرة متزنة ومتعادلة، نظرة نجمع فيها الإيجابيات والسلبيات، خذ مثالاً بسيطاً: أنت في الحي يوجد عندكم مجموعة لا يصلون، اجعل من إيجابيات مجتمعك جماعة المسجد الذين يصلون، يوجد في الحي محل فيديو، في مقابله يوجد محل تسجيلات إسلامية، عندك في المجتمع مثلاً مكان فيه منكرات، في المقابل يوجد مدرسة تحفيظ قرآن.

إذاً: حينما تريد أن تعمل في المجتمع، حينما تريد أن تصلح مجتمعك، وتدعو إلى الله، اجعل الإيجابيات والسلبيات بين عينيك، وكيف تستثمر الإيجابيات في محاولة القضاء والتقليل على هذه السلبيات، والقضاء على هذه السلبيات والتقليل منها لا ينال في يوم وليلة.

يا أخي الكريم: لابد من الصبر، وهي سنة من سنن الله جل وعلا، الصبر فيه مجاهدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200] هناك مفاعلة ومجاهدة واستمرار.

وتارة تجد أن الذين في الصف الثاني أو في الطرف المقابل من الذين لم يذوقوا حلاوة الإيمان، لا يزالون يجادلونك بالباطل ليدحضوا به الحق، إما انخداعاً أو شبهات دخلت، أو شهوات تمكنت في نفوسهم.

أقول: يا أخي الكريم! تحل بالصبر وبالمصابرة، ولن تذوق هداية الاستقامة، والهداية في مجتمعك إلا بالمجاهدة: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

عامل الزمن

عامل الزمن أيضاً أمر ضروري، كما قلنا الصبر سنة من عمل بها وجد النتيجة، فالصبر قرين لعامل الزمن، ففي هذه السنة مثلاً تجد نصف الحي يصلي في البيت، والنصف الآخر يصلي في المسجد، لا تظن أنه بمحاضرة أو بمحاضرتين، أو بإعطاء كل بيت شريطاً، أو بإهداء كل أسرة كتاباً، أن أولئك من ثاني يوم سوف يأتون يبكون في المساجد ويملئونها، لا.

عامل الزمن أمر ضروري جداً، بل هو من سنن التغيير، بل من سنن خلق السماوات والأرض، الله جل وعلا قادر على أن يخلق السماوات والأرض في أقل من طرفة عين وانتباهتها، ولكن الله جل وعلا يقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [ق:38] فاصبر حتى تجد النتيجة، واجعل أمامك عامل الزمن، كيف استطاع أعداء الإسلام والذين يخالفون معتقد هذا المجتمع، والذين يتمنون ويتربصون بأهله الدوائر، أن يغيروا هذا المجتمع، وأن ينشروا فيه الضلالات والفساد؟

يا أخي! هذا لم يأت بين يوم وليلة، إنما أتى بجهود طويلة جداً جداً، ليست سنة ولا عشر سنوات ولا خمس عشرة سنة؛ بل أكثر من ذلك.

إذاً: أيها الأحبة! لابد أن نضع بحسباننا عامل الصبر والزمن حتى نصلح الناس، بعض الشباب تجده حينما يدعو إنساناً يظن أنه سوف يصيح ويبكي، وسوف يحطم أشرطته الآن، وسوف يتلف الصور التي لديه، وسوف يحرق مجلاته، وسوف يأتيك بجميع ما لديه من أول كلمة!! لا. ولا أقول هذا الكلام لنظن أن التوبة يمكن أن تتحقق مع وجود المعاصي وأسبابها، لا. إنما أقول: حتى تصل إلى هداية هذا الشاب، والبلوغ به إلى درجة التوبة، لا بد أن تعاود عليه، وأن تحاول معه، وأن تردد المشوار مرات ومرات، حتى لا تدع في قلبه شاردة ولا واردة، ولا شاذة ولا فاذة إلا وقد استأصلتها من فؤاده، فلا يتعلق بها.

أما الصبر فهو سنة من عمل بها وجد النتيجة، الصبر حينما يعمل به اليهود يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به النصارى يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به البوذيون يجدون النتيجة، الصبر حينما يتحلى به القاديانيون والنصيريون والبريليون والبابويون، وكل أصحاب الطوائف الضالة، من صبر على بدعته، ومن صبر على باطله ومنكره، سيجد نتيجة، كذلك الحق من باب أولى، بل إن الله جل وعلا جعل من أسباب نوال الهداية الصبر، قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].

قبل أن أقول لك ما هي البداية، أريد أن تضع في قلبك أن مجتمعك فيه خير كثير، لا تنظر بعين واحدة إلى المجتمع، فلا تبصر فيه إلا السلبيات وتغض النظر عن الإيجابيات.

وقبل أن أقول لك ما هي البداية، كن كما هو قول الله جل وعلا: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً [الأنبياء:47].

إن الله يأتي بحسنات العباد يوم القيامة وسيئاتهم، فأنت لا تنظر بعين واحدة، فتقول: في هذا الجانب فساد، وفي هذا الجانب اختلاط، وفي هذا الجانب رباً وتحلل، وتمتلئ عينك ويمتلئ دماغك وعقلك بأن ليس في مجتمعك إلا الشر والمنكر والباطل، والمصائب والآثام، فهذا أكبر باب لحصول الإحباط في نفسك، وهذا أكبر معول تحطم به رأسك قبل أن تخطو إلى الأمام خطوة واحدة.

أقول لك: يا أخي! لا بد أن تضع في حسبانك أن الصبر وسيلة، وأن تضع في حسبانك أنك في مجتمع فيه الخير والشر، وأن واقعك يختلف عن واقع كثير من البلدان، ومن هنا أعاتب إخواني وأحبابي الشباب، الذين بعضهم يقيس مثلاً أوضاع المجتمع هنا بأوضاع مصر، أو أوضاع سوريا أو تونس، يا أخي الكريم! إياك والتخليط، تاريخك يختلف عن تاريخه، ونشأتك تختلف عن نشأته، ومجتمعك يختلف عن مجتمعه، والأمة من حولك تختلف على الأمة من حوله، وأوضاعك تختلف عن أوضاعه، بل هناك فوارق كبيرة جداً جداً، حتى الفساق الذين في مجتمعنا قد يعتبرون في بعض المجتمعات الأخرى في خطوة لا بأس بها في طريق الهداية في نظر أولئك، وليس هذا مبرراً لبعض المخطئين، أو لبعض الواقعين في المعاصي أن يقولوا: الحمد لله، مثلما قال رجل في قديم الزمان، رجل من أهل نجد سافر البحرين ، فوجد الناس في معاصٍ وفساد -قديماً وحديثاً، وجد الناس في معاصٍ وفساد- فلما رجع قال: إن شاء الله ستدخلون الجنة؛ لأن أولئك سيملئون النار؛ لأنه قاس مجتمعه بفساد أولئك فرأى أبناء مجتمعه متقدمين جداً في الإسلام، هذا الكلام لا يقال.

نحن لا نقول: اجعل نفسك مقياساً لغيرك، وبالمناسبة هذه حجة كثير من الشباب أو بعض الرجال حينما تدعوه إلى الله، يا أخي الكريم: تب إلى الله، أقلع عن الملاهي، أقلع عن ترك الصلاة مع الجماعة، أقلع عن العقوق، عن المحرمات، عن هذا العبث، عن المعاكسة، عن التساهل بالحجاب، يقول: يا أخي الكريم! احمد ربك فهناك ناس غيرنا لا يصلون بتاتاً، هناك ناس غيرنا يشربون الخمر ويزنون، ومتى كان يحتج بالخطأ على الخطأ؟ ومتى قبلت العقول أن يحتج إنسان بالمنكر على المنكر، هذا ليس بصحيح أبداً.

فأقول: أيها الأحبة! لا بد أن ننظر إلى مجتمعنا نظرة متزنة ومتعادلة، نظرة نجمع فيها الإيجابيات والسلبيات، خذ مثالاً بسيطاً: أنت في الحي يوجد عندكم مجموعة لا يصلون، اجعل من إيجابيات مجتمعك جماعة المسجد الذين يصلون، يوجد في الحي محل فيديو، في مقابله يوجد محل تسجيلات إسلامية، عندك في المجتمع مثلاً مكان فيه منكرات، في المقابل يوجد مدرسة تحفيظ قرآن.

إذاً: حينما تريد أن تعمل في المجتمع، حينما تريد أن تصلح مجتمعك، وتدعو إلى الله، اجعل الإيجابيات والسلبيات بين عينيك، وكيف تستثمر الإيجابيات في محاولة القضاء والتقليل على هذه السلبيات، والقضاء على هذه السلبيات والتقليل منها لا ينال في يوم وليلة.

يا أخي الكريم: لابد من الصبر، وهي سنة من سنن الله جل وعلا، الصبر فيه مجاهدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200] هناك مفاعلة ومجاهدة واستمرار.

وتارة تجد أن الذين في الصف الثاني أو في الطرف المقابل من الذين لم يذوقوا حلاوة الإيمان، لا يزالون يجادلونك بالباطل ليدحضوا به الحق، إما انخداعاً أو شبهات دخلت، أو شهوات تمكنت في نفوسهم.

أقول: يا أخي الكريم! تحل بالصبر وبالمصابرة، ولن تذوق هداية الاستقامة، والهداية في مجتمعك إلا بالمجاهدة: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

عامل الزمن أيضاً أمر ضروري، كما قلنا الصبر سنة من عمل بها وجد النتيجة، فالصبر قرين لعامل الزمن، ففي هذه السنة مثلاً تجد نصف الحي يصلي في البيت، والنصف الآخر يصلي في المسجد، لا تظن أنه بمحاضرة أو بمحاضرتين، أو بإعطاء كل بيت شريطاً، أو بإهداء كل أسرة كتاباً، أن أولئك من ثاني يوم سوف يأتون يبكون في المساجد ويملئونها، لا.

عامل الزمن أمر ضروري جداً، بل هو من سنن التغيير، بل من سنن خلق السماوات والأرض، الله جل وعلا قادر على أن يخلق السماوات والأرض في أقل من طرفة عين وانتباهتها، ولكن الله جل وعلا يقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [ق:38] فاصبر حتى تجد النتيجة، واجعل أمامك عامل الزمن، كيف استطاع أعداء الإسلام والذين يخالفون معتقد هذا المجتمع، والذين يتمنون ويتربصون بأهله الدوائر، أن يغيروا هذا المجتمع، وأن ينشروا فيه الضلالات والفساد؟

يا أخي! هذا لم يأت بين يوم وليلة، إنما أتى بجهود طويلة جداً جداً، ليست سنة ولا عشر سنوات ولا خمس عشرة سنة؛ بل أكثر من ذلك.

إذاً: أيها الأحبة! لابد أن نضع بحسباننا عامل الصبر والزمن حتى نصلح الناس، بعض الشباب تجده حينما يدعو إنساناً يظن أنه سوف يصيح ويبكي، وسوف يحطم أشرطته الآن، وسوف يتلف الصور التي لديه، وسوف يحرق مجلاته، وسوف يأتيك بجميع ما لديه من أول كلمة!! لا. ولا أقول هذا الكلام لنظن أن التوبة يمكن أن تتحقق مع وجود المعاصي وأسبابها، لا. إنما أقول: حتى تصل إلى هداية هذا الشاب، والبلوغ به إلى درجة التوبة، لا بد أن تعاود عليه، وأن تحاول معه، وأن تردد المشوار مرات ومرات، حتى لا تدع في قلبه شاردة ولا واردة، ولا شاذة ولا فاذة إلا وقد استأصلتها من فؤاده، فلا يتعلق بها.

أيها الإخوة: الملاحظ أن جهودنا في الدعوة إلى الله مبعثرة، وليست على المستوى المطلوب، وإن كانت تتجه نحو الأحسن يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، وليس لفقير صغير مثلي أن يُقَيِّم الدعوة وجهود الدعاة، ولكن هذا أمرٌ ملحوظ، فلو سألنا أنفسنا: هل واقع الدعوة من حيث الشمول والاتصال بجميع أفراد المجتمع متحقق؟

هل الدعوة الآن خاطبت شريحة الأطفال؟

وهل خاطبت الشباب بجميع مستوياتهم؛ المثقفين، والمنحرفين، والبين بين؟

هل خاطبت الدعوة الشيوخ وكبار السن؟

هل خاطبت العجائز؟

هل خاطبت المراهقات من البنات؟

هل خاطبت المتزوجات؟

هل خاطبت جميع أفراد المجتمع؟ كذلك: هل مواضيعنا في الدعوة شاملة لكل شيء، أم أننا نريد أو يراد لنا ألا نتكلم إلا في مواضيع محددة؟

فمثلاً: ليس من العقل أن نشغل الناس منذ عشر سنوات إلى يومنا هذا بالصلاة مع الجماعة، وبتحريم الأغاني، وبتحريم حلق اللحى، وبتحريم كذا وكذا، ليس عندنا إلا هذا، بل من واجبنا كما نحدث الناس عن تحريم هذه المعاصي، أن نحدثهم عن النظام الاقتصادي في الإسلام، وكما نحدث الناس عن خطر الملاهي والمعازف وحرمتها والاتجار بها، علينا أن نحدث الناس كيف لو تولى الإسلام أجهزة الإعلام، ماذا سيقدم للمجتمع؟ إذا كان الإسلام والدعوة إلى الإسلام، وأساليب الدعوة إلى هذا لدين رغم محدوديتها وبساطتها، وبدائية أساليبها أثرت في الناس إلى هذه الدرجة، فما بالك لو تسخرت وسائل الإعلام جميعاً، أو خصصت الساعات الطوال لأجل هذا، هل عندنا الشمول في طرح المواضيع؟ كما نطرح هذه الجزئيات نطرح الكليات، وكما نطرح صغار المسائل نطرح كبارها.

خذ أخي الكريم! صورة من صور بعثرة الجهود، الخطباء في أنحاء المملكة كم عددهم؟

يوجد في المملكة إن لم تَخُنِّي الذاكرة قرابة ستة عشر ألف جامع، معدل أو متوسط المصلين في كل جامع كذا، النتيجة أن هناك ثلاثة أو أربعة ملايين رجلاً وشاباً وامرأة، كلهم يطرقون لمدة ساعة كاملة على اختلاف التوقيت في أنحاء المملكة لكي يسمعوا خطبة الجمعة، ولكن انظر مع سخونة الأحداث تجد التباين في طرح المواضيع، فمنا مثلاً من يتكلم عن مؤتمر مدريد، وآخر عن مسح الخفين، وآخر في حرب الخليج، وآخر يتكلم على الخوف من صواريخ اسكود، وآخر يتكلم عن أهمية النظافة، وآخر يتكلم عن أسبوع الصحة والتطعيم، وهلم جرا.

يا أخي الكريم! هذا من إهدار وتضييع وسائل الدعوة، وعدم استغلالها، عدم وجود استراتيجية وخطة طويلة المدى تشرف عليها الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، لكي تربي هؤلاء الناس، لكي تتابع ما يجد في المجتمع وما يظهر فيه من مصائب.

حتى الأجهزة الأمنية يمكن أن يستفيد منها خطباء الجمع، كنت ذات مرة أسأل رجلاً من كبار مسئولي الأمن، فقلت له: لماذا لا تزودون خطباء الجوامع على الأقل في الشهر مرة واحدة بأخطر جريمة حصلت في المجتمع، ولك علينا العهد والميثاق ألا نقول اسم المجرم، ولا مكان الجريمة، ولا مدينة الجريمة، إنما سنذكر هذه الجريمة لكي نحذر من الشر الذي تدور حوله، قال: هذا أمر يحتاج إلى نظر، أو يمكن أن نبحث في هذا.

هنا تضييع وإهدار للوسائل، وعدم استغلال أمثل لهذه الجوانب، ولو رَتَّبَتْ مثل هذه الأجهزة مع مراكز الدعوة أو الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية، أو دعت الخطباء وطلبت منهم على الأقل أن يعرضوا ما عندهم، والخطباء لن يترددوا أن يستفيدوا.

خذ مثالاً آخر: المخدرات الآن، المخدرات لا يكاد يمر أسبوع وبدون مبالغة في كل مدينة يموت شاب من جراء حقن الهروين وغيرها، والسؤال: هل أخذ التحذير من هذه السموم الخطيرة والضارة حيزه المناسب من جهودنا، ومن صيحاتنا وصرخاتنا؟ وهل هذا المرض الفتاك والداء العضال قد أخذ حيزه المناسب من أجهزة الإعلام مثلاً؟ المسلسلة اليومية، ما ظنك لو أن نصف برنامجها يصرف في بيان أخطار المخدرات، وآثارها، وكيفية الحذر من الوقوع فيها وبداياتها، أو التنبيه على أساليب المروجين والمفسدين الذين يوقعون الجهلاء والمخدوعين في شراكها وشباكها، هل هذا موجود؟ لا. غير موجود.

إذاً نحن على المستوى العام والخاص لم نستغل ولم نستفد ولم نفد على الوجه الذي ينبغي، خذ مثالاً على ذلك: أهمية هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل أعطيت هذه الهيئات حجمها؟ ما ظنكم لو أن عشر دقائق من التلفاز يومياً أو من الإذاعة أبرزت بدون أسماء، وبدون أحياء، وبدون أسماء مدن كلاماً عاماً عن حجم الجرائم التي يضبطها رجال الهيئة بالجرم المشهود، فلو فُعل لأدرك الناس أهميه هذا الجهاز، ولتمسكوا به، ولعضوا عليه بالنواجذ، ولشعروا أنهم لا يمكن أن يستغنوا عن مثل هذا الجهاز، بل لرأيت الحاجة إلى تطوير هذا الجهاز وتطوير أساليبه قائمة.

أيها الإخوة: ما مضى هو استطراد لكي تشعروا حجم الحاجة إلى الإصلاح، ولكي تشعروا بحجم الوسائل التي بين أيدينا وهي مهدرة لم تستغل ولم تستثمر، ولكي تشعروا وتدركوا حجم الخطر الذي يجر أبناء المجتمع إلى الهاوية، ولكن السؤال: البداية كيف ومتى وأين؟

البداية قبل أن أتكلم في وسائلها وأساليبها، سأسألكم أنتم أيها الحضور: هل تهيأت نفوسكم للبداية والانطلاق في إصلاح هذا المجتمع؟

هل تصيبك الغيرة ويقلقك ضميرك، وهل تتقلب على فراشك وأنت تفكر في حال خمسة أو ستة من جيرانك الذين وقعوا في أسر كثير من الأمراض، والشهوات الخبيثة، والعادات الضارة؟

هل تنزعج حينما تدخل سوقاً من الأسواق وترى حجم التبرج فيه؟ وهل تنزعج حينما ترى الاختلاط في مجال من المجالات؟

هل تنزعج وتجد الأسى يعصر قلبك إذا مررت ببنك ربوي، وتقول: متى يكون هذا البنك على منهاج الله ومنهاج رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل وجد هذا التهيؤ النفسي؟

البداية النفسية قبل البداية الحسية، تهيؤنا لأن نبدأ، وتهيؤ النفس للإصلاح هو أمر مهم جداً من أجل أن يشارك كل واحد منا، ولكي يستلم كل واحد منا دوره، في أن يقدم ولو لبنة واحدة في إصلاح المجتمع والتغيير نحو الأفضل.

إننا نجد شباباً قد شدوا المآزر، وتعاهدوا بالله، وتعاونوا على مرضاة الله في الدعوة إلى الله جل وعلا، تجد عددهم سبعة .. ثمانية، هم لم يعرفوا عالماً معرفة وثيقة حتى يزوروه ويزورهم، يحضرون مثل هذه المحاضرات، يسمعون الأشرطة، يسمعون خطب الجمعة في بعض الجوامع، فتجد الثمرة الطبيعية في القلوب الحية، وفي العقول الوثابة المتطلعة إلى أن تضع نفسها في موقعها المناسب لإصلاح مجتمعها، ترى الثمرة الطبيعية من هؤلاء الشباب أن يقولوا: ماذا نعمل؟ وكيف نعمل؟

تجد بعضهم يركز على مجموعة من محلات الفيديو لكي يدعو أصحابها ويتخصص فيهم، وبعضهم يركز على عدد من الشباب الذين في سجون المخدرات أو في مستشفيات الأمل، لكي يحاول أن يدعوهم إلى الله، ويتوبوا إلى الله، ويربط معهم علاقة، ويكون معهم رعاية لاحقة بعد خروجهم من هذه السجون، ومن ثم يفيد ويستفيد بإذن الله جل وعلا.

أقول: ونِعْمَ هذه الجهود الطيبة التي نراها من شبابنا وإخواننا، فهل كل الإخوان الحضور الآن، وهل جميع شباب الصحوة في أنحاء هذه البلاد الطيبة على مستوىً من الاستعداد للإصلاح؟

أم أن همنا أن نتناقل الأخبار: سمعت ماذا قال فلان؟ لا والله ما سمعت، قال: كذا وكذا وكذا، الله يجزيه الخير خطبة ممتازة، خطبة حماسية ورائعة، ما رأيك أن نتغدى اليوم سوياً، في أي مطعم؟ الله أكبر! بعد التكبير والحماس، والخطابة والمواضيع، نفكر بالغداء مباشرة، لا يفكر واحد بعد الخطبة أن يقول ماذا أقدم؟ هل بين يدي أمر أستطيع أن أبدأ به؟ هل عندي مجال أستطيع أن أستغله؟ لا. مجرد أن نردد العبارات والكلمات، ثم بعد ذلك تجد الواحد يعود إلى ديدنه وطبيعته ونمط حياته الرتيب الذي لا يقدم فيه للمجتمع خيراً.

أخي الكريم: إن الالتزام والدعوة إلى الله جل وعلا، لا تقف عند إطلاق لحيتك وتقصير ثوبك، أو حرصك على الصلاة فقط، نعم هذه بوادر بناءة وإيجابية وواجبات شرعية، ولو خالفتها لكنت وشيك الإثم، لكن يا أخي الكريم! ماذا قدمت؟ ماذا أصلحت؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه.

أيها الإخوة! أقول لكم: إن البداية طالما أننا لا نجد تخطيطاً للدعوة إلى الله، ولا نجد جهازاً مركزياً يخطط للدعوة على مستوى المجالات وفي شتى الميادين، وعلى مختلف الشرائح والمستويات الموجودة في المجتمع، أقول: واجبنا نحن أن نبدأ العمل، والبداية تتلخص في الآتي، وليست بجديدة على أسماعكم، لكني رأيت فائدتها، ولمست ثمراتها، ورأينا خيراتها تتدفق بإذن الله جل وعلا، فكان لزاماً عليّ أن أبلغ إخواني، و(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

التخطيط

أخي الكريم: إن الدعوة إلى الله جل وعلا، والبداية في إصلاح المجتمع لا تنتظر أمراً يأتيك بها، قد أمرك الله وحثك رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن البداية فيك أنت.

دواؤك فيك وما تبصر     وداؤك منك وما تشعر

وتحسب أنك جسم صغير     وفيك انطوى العالم الأكبر

أنت أخي المسلم! إما نعمة وإما نقمة، أنت طامة أو نعمة عظيمة، ومتى يكون الإنسان طامة أو نقمة؟

حينما يتخلى عن هذا الدين، ويسلك سبيل المبطلين، ويتبع المنحرفين، ويكون شوكة في حلوق الدعاة والمخلصين، حينئذ يكون طامة. ويكون نعمة عظيمة حينما يقوم بدوره، ويؤدي ما له وما عليه.

البداية جربناها، ولعل الإخوة جربوها؛ إمام المسجد مع الشباب الصالحين الموجودين في الحي، مثلاً لو قلنا: إن مدينة الطائف مساحتها عشرة كيلو مترات، بجهاتها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، لو قسمت مدينة الطائف إلى أربعة مربعات أو أربعة أحياء مثلاً، وكل حي من الأحياء فيه أربع مخططات سكنية، في كل مخطط سكني جامع ومسجدان.

طرد الشك والخوف

يا أخي الكريم! الجامع والمسجدان اللذان حوله لو اجتمع الشباب الطيبون الذين في هذه المساجد في بيت أحدهم، وقالوا: نحن في المخطط رقم واحد في الجهة الشمالية من الطائف، كيف نستطيع أن نشارك في بناء المجتمع؟ أولاً: ينبغي أن نشارك بإزالة الأوهام والخوف من نفوسنا، بمعنى أننا إذا اجتمع أئمة المساجد الذين في هذا المخطط في ربع هذا الحي، ينبغي أن يشعروا أننا نمارس عملاً حلالاً مباحاً كما يشربون الماء، فأنت لا تمارس عملاً محرماً، لا تروج مخدرات، ولا تتاجر بأفلام فيديو خليعة، ولا تدعو الناس إلى منكر، ولا تخالف سياسة الدولة، إنما تقوم بعمل إيجابي.

أيها الإخوة: مصيبتنا في بعض الشباب حينما تقول له: خذ هذه عشرة أشرطة، أعطها أقاربك وجماعتك الذين سيزورونك هذا المساء، يقول: لا، توزيع الأشرطة ممنوع، مسكين، جبان! يا أخي الكريم! الشريط هذا من أين جئت به؟ هل هربته؟ هل أخفيته عن الجمارك؟ هل أتيت به وراء خفر السواحل؟ هل لعبت على حرس الحدود وأدخلته؟ أم أنه شريط من تسجيلات إسلامية مصرح بافتتاحها من الإدارات المسئولة في بلدك؟

وحينما أقول لك: خذ خمسين كتاباً وزعها على أقاربك في هذا الزواج، تقول: لا، هذا ممنوع، لماذا؟ وهل هذا الكتاب طبع من دار بنجوين في لندن، هذا الكتاب مطبوع في دار الوطن أو دار الصميعي للنشر والتوزيع، أي أن هذا الكتاب قد قرئ في الإفتاء، وقرئ في وزارة الإعلام، وقرئ في مجالات كثيرة، وخضع للمراقبة، إذاً ما الذي يخيفك حتى توزعه؟ أريدك يا أخي أن تزيل عنك وسوسة الشيطان، قال الله جل وعلا: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268].

كثير من أهل الخير، وكثير ممن في نفوسهم الخير، حتى وإن كان عليه بعض مظاهر التقصير ففيه خير كثير، ولكنه يخاف، ولا يوجد شيء حقيقي يخاف منه، لكن يوجد الوهم الذي يجعله بهذه الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد قلتها في شريط (من هنا نبدأ) قال لي أحد الشباب ذات مرة: أنا يراقبني أربعة، ما شاء الله أربعة يراقبونك، والأخ من الألوية الحمراء، أو من رجال المافيا؟ من أنت يا مسكين؟! بعض الناس بمجرد أنه يصلي الفجر، ويقصر ثوبه، ويشتري أشرطة إسلامية، يظن أن الناس قد أشارت إليه بالبنان، وقد لاحظته بالعيان، وأصبح شخصاً مشكوكاً فيه ومطارداً.

يا أخي الكريم! أنا أخبرك أن هذه الأوهام جاءت نتيجة قراءة لأوضاع بعض الدول المجاورة، نعم يوجد أن بعض الدول عندهم سماع الشريط جريمة، توزيع الشريط سجن مؤبد، نشر كتاب أعمال شاقة .. وهلم جراً، لكن يا أخي! إياك أن تنقل حقيقة جيرانك إلى أوهام عقلك، فتبقى مقيداً مكبلاً لا تستطيع أن تغير في مجتمعك تغييراً نحو الإصلاح ولو خطوة واحدة، وأهل الشر يفسدون في مجتمعك بالدقيقة واللحظة والثانية.

توحيد الجهود والبداية بالبيئة المحيطة

أول شيء نريد أن تعرفه: أنك أنت الأصل، الخير هو الأصل، والدعوة إلى الله هي الأصل، والإسلام هو الأصل، والإيمان هو الأصل، والغيرة هي الأصل، والحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما الأصل، وما جاءنا من سموم وسهام التغريب والعلمنة وإفساد المجتمع هو الطارئ والغريب والدخيل، أصلح هذا الأمر في عقلك، وأصلح هذا الأمر في نفسيتك، وحينئذ ستقتنع أنك قادر على أن تغير في مجتمعك، سيما إذا عرفت الجوانب الإيجابية في المجتمع، وأدركت أنك تعمل في مجتمعٍ الخير فيه كثير.

أقول أيها الإخوة: ليجتمع إمام المسجد، والشباب الأبرار، والرجال الأخيار في هذا المسجد، الغيورون على صلاح الحي وأهله مع أئمة المساجد المجاورة في بيت واحد، ويقولون: نريد أن نصلح المجتمع كله، ابتداءً من حارة عمار في الحدود وانتهاءً بحدود اليمن ، لا. هذا إصلاح خيالي، نريد أن نصلح المجتمع، أي: المجتمع الذي بين أيدينا، المخطط المجاور لنا، المربع الذي نسكن ونعيش فيه.

كل مجموعة من الشباب إذا قالت هذا الكلام، فستجد أن الإصلاح عم كل المناطق، كل من كان في حي أو في مربع أو في مخطط سيصلح مربعه ومخططه الذي يسكن فيه، ومن ثم ترى الإصلاح في جميع أنحاء بلادك، وهذا خير عظيم تؤجر وتثاب عليه دنيا وأخرى.

نبدأ بأن نتآزر وأن نتعاهد على أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله، ثم إن هذا العمل ليس سرياً، أهلاً وسهلاً بمن أراد أن يشارك في هذا العمل وحياه الله، رجل أمن، مدير الشرطة، رئيس القسم، مدرس، مهندس، طبيب، أياً كان ليشارك معك في هذا الإصلاح؛ لأنك حينما تصلح المجتمع لا تصلح المجتمع بأساليب سرية، ولا تصلح المجتمع بوسائل سرية، وإنما تصلح المجتمع بما يباع في المجتمع، وتصلح المجتمع بما هو موجود في المجتمع، وعندك من المجالات والثغرات التي تحتاج إلى سنين لإصلاحها، لا أقول هذا تثبيطاً، لكن تذكيراً بالصبر وعامل الزمن.

إذا اجتمعنا وتعاهدنا بالله على أن نصلح مجتمعنا، فنبدأ بتحديد جيران الحي الذي نحن فيه، مثلاً هذا المخطط الذي نسكن فيه، فلنفرض أن فيه مائتي بيت، ونحن ثلاثة أئمة أو اثنان من الأئمة، معنا عشرة أو خمسة عشر من الشباب الملتزم، أو حتى من الغيورين ولو كان فيهم بعض مظاهر المعصية، أو المخالفات الشرعية؛ لأن معصيته لا تدل على أنه لا يغار على المجتمع ولا يرغب في الإصلاح، ثم نوزع على كل بيت شريطا أسبوعياً تجعل الشريط في ظرف، وتطرق الباب: حياك الله يا جارنا الحبيب! هذا من إخوانك في جماعة المسجد تفضل، هذه رسالة من جماعة المسجد تحوي شريطاً، ولو سألك: من أين الشريط؟ قل: الشريط مكتوب عليه اسمه، واسم التسجيلات التي تبيعه، واسم المحاضر الذي ألقاه، ونحن مسئولون عنه، حتى تشعر أنك تقوم بعمل، مثلما يقدم لك قارئ العدادات الفاتورة، هل يتلفت قارئ العدادات حينما يريد أن يقرأ القراءة من عداد الكهرباء، يلتفت هكذا وهكذا ويسقط الفاتورة ويذهب، لا، إنما يطرق الباب، ثم ينظر ويسجل القراءة ويعطيك الفاتورة.

أقول: يا أخي! بنفس الثقة وبنفس القناعة والطمأنينة لابد أن تقدم لكل بيت مادة نافعة، تقدم في الأسبوع الأول شريطاً، الأسبوع الثاني كتاباً، الأسبوع الثالث شريطاً ونصيحة مطبوعة في ورقة، الأسبوع الرابع كتاباً ونصيحة مطبوعة في ورقة، وحتى لا يقول لك أحد: من أين أتيت بهذه المطبوعات؟ خذ من الرسائل الصغيرة التي هي للشيخ ابن باز أو ابن عثيمين أو ابن جبرين أو الشيخ البراك أو أحد الدعاة المعروفين وقدم ما عندك.

يا أخي الكريم! ثق تمام الثقة أن هذا الضخ والإعلام وتزويد الجيران أسبوعياً بقضايا تستجد في الواقع، وأحداث مهمة، سوف يجعل هناك وعياً، وإذا وجد الوعي في البيوت والأسر وجد الوعي في المجتمع.

يا أخي الحبيب! الناس سوف تترك المنكر تلقائياً، وهذا لا يعطل وظيفة الحسبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن سؤال مجتمع من المجتمعات أو حي من الأحياء، بجواره محل تسجيلات أغانٍ ومحل تسجيلات الفيديو الخليعة، وما الذي يحصل فيه، جيران الحي، أو الدعاة، أو جماعة المسجد، أو شبيبة المسجد مع الأئمة قاموا بهذا النشاط، وأصبحوا أسبوعياً يوزعون كتاباً، رسالة، نصيحة، وأيضاً في كل شهر يدعون فقط أهل الحي لندوة خاصة بهم، ليست ندوة عامة يحضرها الجميع، لا، ندوة لأهل الحي، ترتب مع مكتب الدعوة لإقامة ندوة للحي يحضرها أهل الحي، ليس من شرطها أن تكون محاضرة يحضرها آلاف، وإنما ندوة يحضرها مائتان، مائتان وخمسون، ثلاثمائة، مائة وثمانون من جيران الحي، ويكون فيها أحاديث ودية، ونقاش وحوار، وماذا بعد ذلك؟ مثلها مخصصة للنساء.

هل تظن أن صاحب محل الفيديو الذي يبيع الأفلام الخليعة، وصاحب التسجيلات الخليعة الذي يبيع الأغاني هذه سيجد أحدهم زبائن يشترون منه؟ لا والله؛ لأن الحي هو سوقه ومكان الاتجار فيه، والمستهلكون والزبائن قد ارتفع مستوى الوعي عندهم فعرفوا أن هذا محل فيديو، بل هو وكر من أوكار الشيطان، وهذا محل أغانٍ، بل هو حانوت من حوانيت الفساد، فلما ارتفعت نسبة الوعي قاطعه الناس، فاقتنع وربما أغلق محله.

الاستفادة من الطاقات المعطلة

زيادة على توزيع الشريط والكتيب والنصيحة أسبوعياً، والدعوة الشهرية للندوة لأهل الحي شهراً للرجال وشهراً للنساء، أن الشباب الطيب في الحي لا تتركهم هكذا عطلاً، لا تجعلهم هكذا هملاً، أعطهم أدواراً، عندك في الحي مثلاً عشرون شاباً ملتزماً، فتقول: تعالوا أيها الإخوة! أنتم خمسة تزورون محل الفيديو يوم السبت، تبتسمون إليه، واحد يعطيه هدية، وواحد يكرمه، وآخر يدعوه إلى البيت، قد لا يقبل منكم أول يوم، ويمكن أن يأخذ الهدية ويقول: اخرجوا إلى الخارج، مثل المطاعم التي تجعل المرق مجاناً، يشربون المرق ويخرجون لا يشترون.

فأقول: قد يقبل منك الهدية ولا يقبل منك النصيحة، ولكن ليس هناك مانع فإنما هي هدية ذهبت يأتي الله بغيرها، أرسل إليه الخمسة الآخرين غداً أو بعد غد بنفس الهدية والابتسامة والنصيحة، ادعه إلى البيت قد يقبل أو لا يقبل، بعد ثلاثة أيام أيضاً زيارة.

أيها الإخوة! عندنا في الحي الذي نسكن فيه افتتح شاب محل فيديو كله أفلام لا تليق، ووالله لو نعرف أن هذه الأفلام تخرج لنا طيارين، أو رجال أمن، أو مهندسين أو أطباء، أو دعاة أو علماء، لساهمنا مجاناً من جيوبنا في هذه المحلات، لكن ماذا تقدم هذه المحلات؟ تقدم الشر والمنكر، وتجعل الناس يتخدرون ويموتون ويقنعون، والواحد لا هم له منذ أن يشتري الشريط إلا أن ينتظر متى تنكشف فخذ، أو تبدو عورة، أو تظهر قبلة، أو يرى مشهداً خبيثاً، فقط لا غير، بل إن بضعهم من كثرة الملل من سيناريو وحوار المادة الإعلامية الموجودة في الشريط، مجرد أن يضع الشريط يجعله يلف سريعاً، حتى يجد المشاهد الحساسة التي تثيره، ويجلس متخدراً تحت جذوة هذه الغريزة التي لا تزيده إلا هواناً وانحساراً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وماذا بعد ذلك؟ هذه تخدر المجتمعات، هذه أفيون المجتمع، هذه هي مخدرات الواقع، التي تجعل الناس يقبلون الفساد والمنكر والضلال، ولا تتحرك عندهم غيره، ولا تنمو فيهم نخوة أبداً.

أقول: أيها الإخوة! توزيع الأدوار على هؤلاء الشباب سيجعل من الشاب العاطل جذوة ملتهبة، سيجعل من الشاب الذي تظنه لا يصلح أن يسرح بعنز واحدة، يقود فريقاً من الشباب إلى الدعوة إلى الله جل وعلا، الإنسان الذي لا ترى فيه إلا علامات السكون والخمول، والضعف والدعة، ستجد فيه المواهب المتطلعة، والقدرات العالية التي توظف وتسخر بإذن الله جل وعلا لإصلاح المجتمع.

أيها الإخوة! من آثار هذا البرنامج لما طبق، أن عدداً من البقالات الآن لا تبيع الدخان، قد يقول قائل: والله مسكين المطوع هذا، يظن أن إصلاح المجتمع بترك الدخان، لا يا أخي! نحن نريد أن نعالج إخواننا الذين يقعون في مثل هذه المصائب بمساهمة من المساهمات، وهو أن نقطع على الواحد منهم سهولة تناول المادة التي يدخنها، فإذا دخل في بقالة.. في اثنتين.. في ثلاث على مستوى محلات كبيرة -ما يسمونها سوبر ماركت- يبحث فيها فلا يجد أحداً يبيع دخاناً، وهذه نعمة عظيمة من الله.

فأقول لك: محل الفيديو الذي عندنا في الحي دخلت عليه، وإذ بالشباب قبلي قد دكوا أرضيته بالرصاص، فلما دخلت عليه: كيف حالك يا أخي؟ (عساك طيب) يستغرب: ما الذي أتى بهذا الشيخ؟ يشتري مباراة أو فلم كرتون، ماذا يريد؟ فقلت له: أسأل الله جل وعلا أن يبدلك بتجارة حلال أبرك من هذه التجارة المحرمة.

قال: آمين.. نسأل الله أن يستجيب وأن يسمع منك.

قلت له: يا أخي الكريم! والله إني أخاف عليك وأحبك، وأنا أعرف أن الشباب جزاهم الله خيراً قد مهدوا الطريق، يا أخي الحبيب: ألا يسوؤك أن من زنى عليك مثل وزره، وأن من فعل الشذوذ، عليك مثل إثمه؟ ألا يكفي أن يتحمل الإنسان ذنوب نفسه بدلاً من أن يتحمل ذنوب الآخرين زيادة؟ يا أخي! ألا يسوؤك أن من مر من أهل الخير إما تعوذ بالله من هذا المحل وصاحبه، أو دعا على صاحبه؟

قال: يا أخي! الله يجزيك الخير، أين أنت؟ أنا منذ أن فتحت هذا المحل والنوم الطبيعي لا أعرفه.

بدأ الإنسان يخرج الحقائق، قد يكون صاحب المحل أو صاحب الملاهي وآلات الطرب مكابراً في البداية، تقول له: يا أخي! اللهو قسوة للقلب، يقول: تكذب يا شيخ، بالعكس الواحد ينبسط إذا عزف، وينسجم إذا سمع الوتر والنغم، هو يقول هذا بلسانه، لكنه بقلبه يعرف هذا الشيء: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [النمل:14] في نفسه اليقين بصدق ما تقول، وفي لسانه الجحود بضد ما تقول، وما هي إلا لحظات وكلمات، إذا بك تجد الشاب يستقيم.

آخر أجريت معه نفس المحاولة، فما الذي حصل منه؟ قال: على يديك، أنا مستعد أن أتنازل عن أكثر من مائة وعشرين ألف ريال في المحل، ولكن خلصني وأعني على الخروج من المأزق وهذه الدائرة، وبالمناسبة من خلال زيارات ولقاءات مع أصحاب محلات الفيديو النتائج الآتية ظهرت:

أولاً: كثير من أصحاب محلات الفيديو لا زال فيهم خير يمكن أن يستثمر.

ثانياً: أغروا إغراءً بالربح المادي، وليس في محلات الفيديو وبيع الأشرطة الفاسدة والمتاجرة بها إلا الهم والغم، والإثم والحرام والخسارة، وهم حقيقة مثل الذي يشرب من ماء البحر وهو عطشان، يشرب لكنه يزداد عطشاً، الماء كثير والعطش يزداد، ولما ناقشنا عدداً منهم، قال أحدهم: والله يا أخي! إنني أجد الغلة يومياً كثيرة، لكن تأتي الشركة الدولية للفيديو فنعطيها، مركز كذا للفيديو فنعطيه، والمركز الفلاني فنعطيه، المؤسسة الإعلامية فنعطيها، والموظفين؛ هذا الموظف نحن نصرف راتبه من عندنا، وهذا نعطيه صيانة أجهزة، إيجار محل، آلات تغليف، آلات طباعة، وما الذي يبقى؟ الجيد منهم يبقى معه ثلاثة آلاف ريال، ثم يتحرج أن يأكل بها، أو أن يلبس بها، أو يحج بها، أو يتصدق بها، أو يقدم بها مشروعاً خيرياً.

إن هؤلاء حينما تكلم أحدهم بصراحة وتدعوه، وتقترب وتدنو منه، ليس بالضرورة في الأسبوع الأول ولا في الشهر الأول، قد يكون في السنة الثانية أو الثالثة، المهم استمر، ودورك شيء والحسبة شيء ثانٍ، دورك الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يظن أحد أن الدعوة هي الحسبة وأن الحسبة هي الدعوة، نعم. الحسبة تتضمن الدعوة، لكن شتان بين هذا وهذا، أنت تدعو بالكلمة، وتؤثر بالأسلوب الرقيق، وترَغِّب بالموعظة اللينة، وذاك يستخدم هذه الأساليب، وحينما يجد ما يستلزم إيقاع العقوبة، أو يرى شيئاً فيه ما يلزم من جرائه غرامة أو إغلاق، أو عقوبة يقدم صاحبها إلى المحاكمة، ولا تنافر بين هذا وهذا.

فتح مجالات جديدة أمام المدعوين

الحاصل أيها الإخوة! هذه هي البداية، شباب الحي أيضاً يتعرفون على الشباب المقبل على الله جل وعلا، أو حتى على الشباب المنحرف، يعين مجموعة من الشباب الطيب يعرفون مجموعة من الشباب في الحي يلعبون الكرة بعد العصر يومياً، ما الذي يمنع بعد نهاية المباراة التي تخص هؤلاء الشباب الذين يلعبون في الحي أن يأتي أربعة أو خمسة يقولون: يا شباب ما رأيكم أن نستضيفكم؟

- على ماذا تضيفوننا؟

- والله كما تشاءون؛ تريدون بخاري أو مندي حياكم الله، تفضلوا عندنا.

قد يرفضون، نستضيف اثنين أو ثلاثة منهم، أربعة أو خمسة أو ما يسر الله منهم، أعط شريطاً، كتاباً، موعظة، استدع أحداً من الإخوة تستضيفه ويلقي كلمة أو نصيحة أو موعظة فإنه سيؤثر على هؤلاء الشباب.

لكن هؤلاء الشباب تعودوا المجالسة طيلة الوقت، العصر يلعب كرة، والمغرب مع الشلة، وبعد العشاء عند الفيديو، فحتى يستمر على الاستقامة والتوبة لا بد أن تفتح له المجال والبيئة التي يصلح بها، وتحافظ عليه فيها بعيداً عن أهل المنكر، ما الذي ينبغي أن تفعله؟ يلزمك يا أخي الحبيب! أن توجد في كل حي مكتبة، هذه المكتبة من شأنها أن يجتمع فيها الشباب بعد العصر، وفي يوم من الأسبوع يخرج شباب الحي لكي يلعبوا الكرة، قدماً أو طائرة، أي لعبة مناسبة للترويح وللسياحة، أو للأكل في أحد منتزهات المدينة، ويعودون وقد أدخلوا ضمن هذه الطلعة القصيرة شيئاً من القراءة أو الفائدة أو الموعظة المؤثرة ونحو ذلك.

أيضاً: الشاب لو جلس المغرب وحده، فلان صاحبنا الأول، فلان صديقنا الأول، فلانة التي تعاكسه ربما ينتظرها على التلفون، إذا أنت لم تفتح له مجالاً يترك فيه فلاناً وفلانة لكي يأتي عندك، كما قلت: عندك المكتبة تكون مفتوحة، فتحتوي وتؤوي هذا الشاب.

مثلاً: البيوت بعد المغرب: أنا أفتح بيتي يوم السبت، لو فتحت بيتي طيلة أيام الأسبوع، شغلت عن أهلي وذوي رحمي ومصالحي، لكن أقول يا إخوان! من أراد زيارتي فأنا أفتح بيتي يوم السبت فقط أو يوم السبت والثلاثاء فقط، وأنت -الأخ الفلاني أو إمام المسجد- تفتح بيتك يوم الأحد والأربعاء، وفلان يفتح بيته يوم الإثنين والخميس، ويوم الجمعة مثلاً فليكن يوماً مفتوحاً للجميع، المهم يا أخي! أن نجعل للشاب مكاناً يستطيع أن يرتاده، قد يقول البعض: لا، فليذهب إلى حلقة علم أو محاضرة، (يا سلام!) إذا كانت توجد محاضرة فهذا شيء جيد، لكن ليس كل المناطق فيها محاضرات يومية أو في الأسبوع مرتين أو ثلاثاً، لا. بعض المناطق يكون عندهم في الشهر أو الشهرين محاضرة واحدة فقط.

ومن هنا تكون الحاجة ماسة إلى المكتبة الخيرية في المسجد أو في أكبر مسجد في الحي، وتكون الحاجة أيضاً ماسة إلى أن تُفتح أبواب الدعاة وأبواب الشباب الراغبين في الخير، حتى لو لم تكن على مستوى كبير في العلم، أياً كان مؤهلك؛ ثانوية المعهد، عندك قراءات، تحفظ من القرآن الكريم، عندك من المعلومات التي لخصتها من الأشرطة التي قرأتها، من الكتب النافعة، افتح بيتك وتحدث مع إخوانك فيما يصلح ذواتكم وأحوالكم وأنفسكم.

حينئذ لن يجد الشاب الذي وضع قدماً في الطريق إلى الهداية حرجاً في قضاء وقته، حل المغرب أنا أعرف أين الجلسة اليوم هي عند الشيخ فلان، أو اللقاء اليوم عند الشيخ فلان، حياه الله والبيت مفتوح، وحيا الله من نعرفه ومن لا نعرفه، ليس عندنا حديث نخبئه، وليس في كلامنا أسرار، عندنا إصلاح مجتمعنا، كيف نصلح مجتمعنا وأنفسنا، نقرأ في سير الصحابة والتابعين، في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، في أحكام الآيات والأحاديث، هذا من خير ما نستطيع أن نقدمه.

أخي الكريم: إن الدعوة إلى الله جل وعلا، والبداية في إصلاح المجتمع لا تنتظر أمراً يأتيك بها، قد أمرك الله وحثك رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن البداية فيك أنت.

دواؤك فيك وما تبصر     وداؤك منك وما تشعر

وتحسب أنك جسم صغير     وفيك انطوى العالم الأكبر

أنت أخي المسلم! إما نعمة وإما نقمة، أنت طامة أو نعمة عظيمة، ومتى يكون الإنسان طامة أو نقمة؟

حينما يتخلى عن هذا الدين، ويسلك سبيل المبطلين، ويتبع المنحرفين، ويكون شوكة في حلوق الدعاة والمخلصين، حينئذ يكون طامة. ويكون نعمة عظيمة حينما يقوم بدوره، ويؤدي ما له وما عليه.

البداية جربناها، ولعل الإخوة جربوها؛ إمام المسجد مع الشباب الصالحين الموجودين في الحي، مثلاً لو قلنا: إن مدينة الطائف مساحتها عشرة كيلو مترات، بجهاتها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، لو قسمت مدينة الطائف إلى أربعة مربعات أو أربعة أحياء مثلاً، وكل حي من الأحياء فيه أربع مخططات سكنية، في كل مخطط سكني جامع ومسجدان.

يا أخي الكريم! الجامع والمسجدان اللذان حوله لو اجتمع الشباب الطيبون الذين في هذه المساجد في بيت أحدهم، وقالوا: نحن في المخطط رقم واحد في الجهة الشمالية من الطائف، كيف نستطيع أن نشارك في بناء المجتمع؟ أولاً: ينبغي أن نشارك بإزالة الأوهام والخوف من نفوسنا، بمعنى أننا إذا اجتمع أئمة المساجد الذين في هذا المخطط في ربع هذا الحي، ينبغي أن يشعروا أننا نمارس عملاً حلالاً مباحاً كما يشربون الماء، فأنت لا تمارس عملاً محرماً، لا تروج مخدرات، ولا تتاجر بأفلام فيديو خليعة، ولا تدعو الناس إلى منكر، ولا تخالف سياسة الدولة، إنما تقوم بعمل إيجابي.

أيها الإخوة: مصيبتنا في بعض الشباب حينما تقول له: خذ هذه عشرة أشرطة، أعطها أقاربك وجماعتك الذين سيزورونك هذا المساء، يقول: لا، توزيع الأشرطة ممنوع، مسكين، جبان! يا أخي الكريم! الشريط هذا من أين جئت به؟ هل هربته؟ هل أخفيته عن الجمارك؟ هل أتيت به وراء خفر السواحل؟ هل لعبت على حرس الحدود وأدخلته؟ أم أنه شريط من تسجيلات إسلامية مصرح بافتتاحها من الإدارات المسئولة في بلدك؟

وحينما أقول لك: خذ خمسين كتاباً وزعها على أقاربك في هذا الزواج، تقول: لا، هذا ممنوع، لماذا؟ وهل هذا الكتاب طبع من دار بنجوين في لندن، هذا الكتاب مطبوع في دار الوطن أو دار الصميعي للنشر والتوزيع، أي أن هذا الكتاب قد قرئ في الإفتاء، وقرئ في وزارة الإعلام، وقرئ في مجالات كثيرة، وخضع للمراقبة، إذاً ما الذي يخيفك حتى توزعه؟ أريدك يا أخي أن تزيل عنك وسوسة الشيطان، قال الله جل وعلا: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268].

كثير من أهل الخير، وكثير ممن في نفوسهم الخير، حتى وإن كان عليه بعض مظاهر التقصير ففيه خير كثير، ولكنه يخاف، ولا يوجد شيء حقيقي يخاف منه، لكن يوجد الوهم الذي يجعله بهذه الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد قلتها في شريط (من هنا نبدأ) قال لي أحد الشباب ذات مرة: أنا يراقبني أربعة، ما شاء الله أربعة يراقبونك، والأخ من الألوية الحمراء، أو من رجال المافيا؟ من أنت يا مسكين؟! بعض الناس بمجرد أنه يصلي الفجر، ويقصر ثوبه، ويشتري أشرطة إسلامية، يظن أن الناس قد أشارت إليه بالبنان، وقد لاحظته بالعيان، وأصبح شخصاً مشكوكاً فيه ومطارداً.

يا أخي الكريم! أنا أخبرك أن هذه الأوهام جاءت نتيجة قراءة لأوضاع بعض الدول المجاورة، نعم يوجد أن بعض الدول عندهم سماع الشريط جريمة، توزيع الشريط سجن مؤبد، نشر كتاب أعمال شاقة .. وهلم جراً، لكن يا أخي! إياك أن تنقل حقيقة جيرانك إلى أوهام عقلك، فتبقى مقيداً مكبلاً لا تستطيع أن تغير في مجتمعك تغييراً نحو الإصلاح ولو خطوة واحدة، وأهل الشر يفسدون في مجتمعك بالدقيقة واللحظة والثانية.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2804 استماع
حقوق ولاة الأمر 2669 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2653 استماع
توديع العام المنصرم 2648 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2556 استماع
من هنا نبدأ 2496 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2463 استماع
أنواع الجلساء 2462 استماع
إلى الله المشتكى 2437 استماع
الغفلة في حياة الناس 2436 استماع