خطب ومحاضرات
آداب التوبة
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا معاشر المؤمنين! أن مما يشرح صدر المؤمن ويثلجه، أن يرى شباباً تابوا إلى رشدهم، وارعووا عن غيهم، وأنابوا إلى ربهم، وأسلموا له الأمر في القول والعمل، في الدقيق والجليل، وتلك والله نعمة على الأمة، فمن أعظم نعم الله عليها أن يهتدي شبابها، وأن يكثر الصالحون فيها.
ولكن أيها الأحبة! إن من الأمور التي ينبغي أن يعيها كثير من الشباب بعد توبتهم إلى الله، والتزامهم بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، هو إدراك أن التوبة من الذنوب والخطايا والآثام لها آداب من أهمها، ومن أهم مقومات قبولها ودلائل صدقها ما يأتي:
تحقيق التوحيد والإكثار من الأعمال الصالحة
قد يحار كثير من الشباب في فعل العبادات المكفرة للذنوب، المحيية للقلوب، فلا يعرف بعضهم إلا القليل منها، وبعضهم يجهلها، وهي والله سهلة ميسورة، وأهمها وأجلها فعل الواجبات وترك المحرمات، فما تقرب عبد إلى الله بشيء أحب إلى الله مما افترضه عليه، كما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: (من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه).
فالعناية بهذا من أجل ما يلقى اللهَ به عبدٌ من عباده، بعد تحقيق التوحيد والصدق في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
روى عبد الرحمن بن شماسة المهري رضي الله عنه، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: [يا أبتاه! أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال: فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله] يقولها صحابي من الصحابة، إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الشاهد والحاصل يا عباد الله! إن أجل ما يرجو به العبد ربه تحقيق التوحيد.
الاجتهاد في عمل الطاعات
إن العبد مأمور أن يكثر من الحسنات ليتذوق بها لذة ما فاته من نعيم العبادة، والأنس بالطاعة، وهذا أمر ندركه بالحس والملاحظة، لو سأل بعض الشباب أنفسهم عما كانوا يلاقونه ويعانونه من قلق النفوس، وشرود الأفكار، واضطراب الأعصاب، بالرغم مما كانوا يمنحونه ويتيحونه لأنفسهم من إغراق في الملذات والمحرمات، والشهوات المفسدات، وبالرغم مما كانوا يستجيبون فيها لأدنى النزوات، ظناً منهم أن تحقيق رغبة النفس يورث السعادة والراحة والاطمئنان، ما الذي كانوا يجنونه ويلقونه بعد فعل المعاصي؟
كان الواحد منهم إذا وقف أمام المرآة يرى الظلمة في وجهه، والكآبة في محياه، والذلة في شخصه، ويصبح في حالة نفسية عجيبة، يريد أن يخرج منها فلا يجد مخرجاً إلا بإشعال السجائر، والسهر مع الأصدقاء إلى آخر الليل، وقد يبلغ الحد بهم إلى شرب المسكر، وتناول المفتر والمخدر، لكي يخرج من نكد الوجود، وألم الإدراك والمشاهدة مما يفعله ويرتكبه.
ومثل حاله كحال من رام تغسيل الدم النجس بالدم الذي هو أنجس منه، فكم يفوت المسلم في حال المعصية من الملذات، والأنس بالطاعات والأجور والبركات! حدث عن الخسارة في هذا ولا حرج، ثم بعد ذلك انظر إلى نفس ذلك الشاب الذي أسرف على نفسه.. انظر إليه بعد أن تاب إلى الله وأناب إلى ربه، وانكسر إلى خالقه، ولينظر الشاب أيضاً إلى نفسه، مقارناً صورته السابقة بحالته الراهنة بعد التزامه واستقامته، ترى ويرى البِشر والنظارة في وجهه، والأنس والسرور على محياه، والنور يشع من جنبات نفسه بحسب اجتهاده في الطاعة والعبادة، فيزول عن صورته ذلك الجبين المقطب، والظلام المخيم، وخبث النفس الدائم، وسرعة الغضب، وتهيج الأعصاب لترى ذلك الشاب خاشعاً مخبتا، مطمئناً هادئا، حيياً حفياً.
إذاً أيها الأحبة: لا بد أن يجتهد العبد في الطاعات بعد التوبة، وليكثر من الأعمال الصالحة، ليحصل على ما فاته وما مضى عليه من الأنس والسعادة، وليتدارك ما مضى بالاجتهاد فيما بقي.
جاء أحد الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال (يا رسول الله! أذنبت ذنباً، فأطرق الرسول صلى الله عليه وسلم برأسه قليلاً، ثم تغشاه الوحي، ثم التفت إلى ذلك الصحابي، وقال له: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
بأن يكثر العبد من الأعمال الصالحة، وأن يجتهد في محو السيئات بالحسنات، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).
قد يحار كثير من الشباب في فعل العبادات المكفرة للذنوب، المحيية للقلوب، فلا يعرف بعضهم إلا القليل منها، وبعضهم يجهلها، وهي والله سهلة ميسورة، وأهمها وأجلها فعل الواجبات وترك المحرمات، فما تقرب عبد إلى الله بشيء أحب إلى الله مما افترضه عليه، كما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: (من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه).
فالعناية بهذا من أجل ما يلقى اللهَ به عبدٌ من عباده، بعد تحقيق التوحيد والصدق في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
روى عبد الرحمن بن شماسة المهري رضي الله عنه، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: [يا أبتاه! أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال: فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله] يقولها صحابي من الصحابة، إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الشاهد والحاصل يا عباد الله! إن أجل ما يرجو به العبد ربه تحقيق التوحيد.
أيها الإخوة في الله: إن العبد مأمور بعد التوبة بالإكثار من الحسنات، لتكون ماحية للسيئات، ومرجحة لكفة الصالحات في ميزان الأعمال.
إن العبد مأمور أن يكثر من الحسنات ليتذوق بها لذة ما فاته من نعيم العبادة، والأنس بالطاعة، وهذا أمر ندركه بالحس والملاحظة، لو سأل بعض الشباب أنفسهم عما كانوا يلاقونه ويعانونه من قلق النفوس، وشرود الأفكار، واضطراب الأعصاب، بالرغم مما كانوا يمنحونه ويتيحونه لأنفسهم من إغراق في الملذات والمحرمات، والشهوات المفسدات، وبالرغم مما كانوا يستجيبون فيها لأدنى النزوات، ظناً منهم أن تحقيق رغبة النفس يورث السعادة والراحة والاطمئنان، ما الذي كانوا يجنونه ويلقونه بعد فعل المعاصي؟
كان الواحد منهم إذا وقف أمام المرآة يرى الظلمة في وجهه، والكآبة في محياه، والذلة في شخصه، ويصبح في حالة نفسية عجيبة، يريد أن يخرج منها فلا يجد مخرجاً إلا بإشعال السجائر، والسهر مع الأصدقاء إلى آخر الليل، وقد يبلغ الحد بهم إلى شرب المسكر، وتناول المفتر والمخدر، لكي يخرج من نكد الوجود، وألم الإدراك والمشاهدة مما يفعله ويرتكبه.
ومثل حاله كحال من رام تغسيل الدم النجس بالدم الذي هو أنجس منه، فكم يفوت المسلم في حال المعصية من الملذات، والأنس بالطاعات والأجور والبركات! حدث عن الخسارة في هذا ولا حرج، ثم بعد ذلك انظر إلى نفس ذلك الشاب الذي أسرف على نفسه.. انظر إليه بعد أن تاب إلى الله وأناب إلى ربه، وانكسر إلى خالقه، ولينظر الشاب أيضاً إلى نفسه، مقارناً صورته السابقة بحالته الراهنة بعد التزامه واستقامته، ترى ويرى البِشر والنظارة في وجهه، والأنس والسرور على محياه، والنور يشع من جنبات نفسه بحسب اجتهاده في الطاعة والعبادة، فيزول عن صورته ذلك الجبين المقطب، والظلام المخيم، وخبث النفس الدائم، وسرعة الغضب، وتهيج الأعصاب لترى ذلك الشاب خاشعاً مخبتا، مطمئناً هادئا، حيياً حفياً.
إذاً أيها الأحبة: لا بد أن يجتهد العبد في الطاعات بعد التوبة، وليكثر من الأعمال الصالحة، ليحصل على ما فاته وما مضى عليه من الأنس والسعادة، وليتدارك ما مضى بالاجتهاد فيما بقي.
جاء أحد الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال (يا رسول الله! أذنبت ذنباً، فأطرق الرسول صلى الله عليه وسلم برأسه قليلاً، ثم تغشاه الوحي، ثم التفت إلى ذلك الصحابي، وقال له: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أهمية الوقت في حياة المسلم | 2802 استماع |
حقوق ولاة الأمر | 2664 استماع |
المعوقون يتكلمون [2] | 2652 استماع |
توديع العام المنصرم | 2647 استماع |
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] | 2552 استماع |
من هنا نبدأ | 2495 استماع |
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] | 2461 استماع |
أنواع الجلساء | 2460 استماع |
الغفلة في حياة الناس | 2437 استماع |
إلى الله المشتكى | 2436 استماع |