خطبة عيد الفطر


الحلقة مفرغة

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا، الله أكبر كل ما صام صائم وأفطر، الله أكبر كلما لاح صباح عيد وأسفر، الله أكبر كلما لاح برق وأنور، الله أكبر كلما أرعد سحاب وأمطر.

الحمد لله، الحمد لله الذي سهل لنا الصيام والقيام ويسر، نحمده على نعمه التي لا تحصى ولا تحصر، ونشكره على فضله وإحسانه وحق له واحد أحد صمد أن يشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربنا تفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده بأجل مقدر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صام وقام وصلى وزكى وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهر، وعلى أصحابه الذين سبقوا إلى الخيرات فنعم الصحب والمعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور، وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعرفوا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد فإنه اليوم الذي توج الله به شهر الصيام، وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام، عيد تمتلئ القلوب فيه فرحة وسروراً، وتزدان الأرض به بهجة وحبوراً، يومكم هذا -معاشر المسلمين- يوم عظيم وعيد كريم، أحل الله لكم فطره، وحرم عليكم صيامه، يوم كله بر وإحسان، وفيه يحمد المسلمون ربهم على نعمة الإسلام، ويكبرونه جل وعلا على ما أولاهم من الفضل والإنعام، وهو يوم الجوائز، يوم يرجع فيه أقوام من المصلى خرجوا من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم، نسأل الله أن يجعل الجميع منهم.

في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم الفطر هبطت الملائكة إلى الأرض في كل بلد فيقومون على أفواه السكك ينادون بصوت يسمعه جميع خلق الله إلا الجن والإنس، يقولون: يا أمة محمد! اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فيقولون: إلهنا أن توفيه أجره. فيقول: أشهدكم أني جعلت ثوابهم من صيامهم وقيامهم، رضاي ومغفرتي، انصرفوا مغفوراً لكم) فيا فوز العاملين! ويا فرحة الصائمين القائمين بهذا اليوم العظيم! ويا خيبة المفرطين المحرومين!

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله: عظوا بالنواجذ على شهادة التوحيد وكلمة الإخلاص، لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، واعملوا بمقتضاها في توحيده جل وعلا، في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فهو الذي خلق من العدم، وهو الذي ذرأ وبرأ، وهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وهو المتفرد في أسمائه وصفاته، فله سبحانه صفات الكمال والجلال كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].

معاشر المسلمين: احذروا الشرك فإنه محبط للأعمال، والجنة حرام على المشركين: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72].

معاشر المؤمنين: أوصيكم ونفسي بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي قالها وهو يجود بنفسه يعالج سكرات الموت، يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) ذلك أن الصلاة عمود الدين، وثاني أركانه، وآخر ما يبقى منه، وناهية عن الفحشاء والمنكر، ولا دين ولا إسلام لمن تركها، أقيموها مع الجماعة في بيوت الله في أوقاتها المكتوبة، وحذار حذار من تركها والتهاون بها فهي الفيصل بين الرجل والكفر، إن من هانت عليه نفسه ورضي أن تلقى في سقر وفي قعر جهنم هو الذي ضيع الصلاة وتهاون بها وجحدها: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] ويقول الله سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:38-43].

معاشر المسلمين: حجوا فرضكم الذي كتب الله عليكم بقوله جل وعلا: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] وإياكم والتهاون بأمر فرض الحج، وإياكم والتسويف فيه، تذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم تحبسه حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو منع من سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً).

عباد الله: اجتنبوا الظلم واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، غضوا أبصاركم عما حرم الله عليكم؛ فإن النظر سهم مسموم من سهام إبليس: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].

اتقوا الله وتوبوا إليه، وتجنبوا سخطه، وافعلوا الخير وما يرضيه، وأعدوا العدة والزاد لسلعة الله الغالية ألا وهي الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اجتماع لا افتراق بعده، ونعيم لا زوال له، وحياة لا فناء بعدها، وصحة لا سقم فيها، وسعادة لا شقاء يكدرها، ونِعَمٌ لا شيء يكدرها، الحذر الحذر من جماع الإثم وأم الخبائث، الحذر من الخمر وما جرى مجراها فهي مذهبة العقل والغيرة، ومفتاح الديوثية والعار، وملحقة الخزي والعقوبة في الدنيا والآخرة.

عباد الله: اتقوا الله في أنفسكم وتجنبوا الربا فإن أمره عظيم، وخطره على الأمة جسيم، ويكفيكم زاجراً في تجنبه ودليلاً على حرمته والبعد عنه قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] وقوله صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يصيبه الرجل أشد من ستٍ وثلاثين زنية) وقوله صلى الله عليه وسلم: (الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه).

واحذروا -يا عباد الله- من الذين يسمون أنفسهم بالمثقفين أو يحسبون على العلم والعلماء، احذروا الضالين المضلين الذين يروجون الشبهات الباطلة والأدلة الزائفة يريدون فيها إباحة شيء من الربا أو نوع من أنواع الفائدة.

عباد الله: قوموا بحق الجوار، وصلوا أرحامكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واجتنبوا قول الزور وشهادة الزور، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما شاهد الزور يقوم القيامة حتى تجب له النار).

عباد الله: اجتهدوا في تربية أولادكم على طاعة الله وما يرضيه، واستروا عوراتكم، واستروا بناتكم وزوجاتكم، حضوهن على الستر والحجاب، وبينوا لهن مغبة التبرج والسفور، وقوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة.