فضل العلم وخطورة الأمية


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعـد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، اتقوا الله تعالى حق التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

معاشر المؤمنين: إن من السمات الحضارية المميزة لعصرنا هذا سمة العلم وانتشار مراكز التعليم، على اختلاف وتنوع درجات المؤسسات التي تباشره وتعنى به، ولا غرابة في هذا -يا عباد الله- فما بليت أمة من الأمم، وما رمي مجتمع من المجتمعات بمثل الجهل وعدم المعرفة، وما شرفت أمة من الأمم، وما سعدت المجتمعات إلا بالعلم والمعرفة المنبثقة عن العلم بوحدانية الله وحده وبهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وحسبكم أن علامة إرادة الله لعبده الخير الفقه في الدين (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) يقوله النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن سمو درجات العلم وشرف المنتسبين إليه، والساعين في تحصيله، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن: (أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وأن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) فهل بعد هذه الفضائل يستوي العلماء والجهال؟

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] حاشا وكلا. بل رفع الله منازل أهل العلم وأكرمهم بقوله: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].

أيها الإخوة في الله: الآيات والأحاديث في فضل العلم وطلبه وكرامة أهله المعلمين والمتعلمين الساعين في تحصيله كثيرة وكثيرة جداً، نكتفي بما ذكرناه حثاً وتشويقاً وترغيباً، حثاً لأنفسنا لنستفيد من العلم والمعرفة والاطلاع، وتشويقاً وترغيباً لبعض إخواننا الذين فاتهم التعليم في شبابهم، فرضوا أن يشبوا ويشيبوا غير مكترثين بما فاتهم من الكنوز العظيمة والخيرات العميمة بالتعليم، وقد يكون لبعضهم عذر في ذلك لانشغال الكثير منهم بلقمة العيش في زمن كان تحصيل لقمة العيش فيه أمراً عسيراً.

أيها الإخوة في الله: لسنا بهذا نقول: إن من لم يقرأ ولم يكتب فلا وزن له ولا قيمة .. كلا. فرب أمي لا يقرأ ولا يكتب خير عند الله من مائة متعلم، وما يفيد العلم إذا انقلب حجة على صاحبه، لكن الذي نقول: العلم كرامة، العلم رفعة تزيد من وزن الإنسان ومن رفعته واحترام رأيه واحترم قوله في بيته ومجتمعه وبلاده، فلماذا يبقى بعض إخواننا راضين بما هم عليه حال يستطيعون معها من القراءة والكتابة خاصة وأن البعض منهم دون الأربعين أو حول الخمسين أو فوقها تقريباً؟ وهي سن لا يزال الإنسان فيها قادراً على الاكتساب والتحصيل العلمي إن حصلت له همة وعزيمة.

أيها الإخوة: كلنا يعلم الكثير من الآيات والأحاديث التي فضلت العلم والعلماء، فتصوروا كم يفوت المعرضين عن التعليم وعن القراءة والكتابة من الخيرات والدرجات.

ولم أر في عيوب الناس عيباً     كنقص القادرين على التمام

لا شك -أيها الإخوة- أن القراءة والكتابة المعتمدة على نعمة البصر بالعينين ليست وحدها هي سبيل تحصيل العلم، بل إن السمع بالأذنين -أيضاً- من أعظم وسائل تحصيل العلم، ولذلك قدم الله السمع في آيات كثيرة من كتابه، وهذا شيء محسوس معلوم؛ لأننا نرى كثيراً من الذين فقدوا البصر، ومع ذلك تراه حافظاً، ذكياً، ألمعياً، لا ينقص بعلمه وفكره وسديد رأيه عن غيره من المبصرين الذين يقرءون ويكتبون، بل وقد يفوق الكثير منهم.

وعلى أية حال فالواجب على كل واحد منا أن يدفع عن نفسه سمة الجهل والانتساب إلى الجاهلين؛ وذلك بالعلم وتحصيله عبر أي وسيلة تيسرت له بما أنعم الله عليه من السمع والبصر والفؤاد.

معاشر المؤمنين: إن بعض الذين يرغبون في العلم وهم كبار في السن يترددون في تحقيق رغبتهم، مع تيسر الوسائل والمدارس لقولهم: إن الحياء يمنعهم وهم بهذا السن أن يتعلموا مبادئ وحروفاً قد حفظها أطفالهم وصغارهم، والله إنها حجة يلقنها الشيطان ويسوقها على المسلم ليرده عن العلم، وليستريح من عناء مجاهدته عن صراط الله المستقيم، إذ الواجب ألا يتردد المسلم -إذا كان من الذين لا يحسنون القراءة والكتابة- في الإقبال على التعليم والتعلم، والواجب ألا يتردد في الانخراط في سلك التعليم، ومحو الأمية ونبذ الجهل، والإصرار والتصميم على العلم.

والعلم -يا عباد الله- موهبة ربانية يكرم الله بها عبده ولو بعد بلوغه من العمر شيئاً كثيراً، فكم سمعنا عن بعض العلماء الذين طلبوا العلم وهم كبار في السن فما هي إلا سنوات معدودة ثم أصبحوا من كبار العلماء الذين يأخذ عنهم ويتزاحم الناس في حلقات دروسهم.

وأخيراً: اسمعوا قول الإمام الشافعي رحمه الله:

ومن فاته التعليم وقت شبابـه     فكبر عليه أربعاً لوفاته

ومن لم يذق ذل التعلم سـاعة     تجرع ذل الجهل طول حياته

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل، وعن الند والنظير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، كل ذلك تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ شد في النار.

عباد الله: إن بعض المسلمين من الذين لا يقرءون ولا يكتبون لا يأبهون ولا يبالون بما يدعون إليه من الانضمام إلى حلقات العلم، أو مدارس محو الأمية ومتابعة التعليم بحجة أنهم في شغل شاغل عن هذا، وهذا أمر في غاية الخطأ والبعد عن الصواب، ولن يدركوا خطورة هذا إلا بعد سنين طويلة حيث يضطر الواحد منهم طائعاً أو مختاراً إلى ترك المشاغل إما لكبر سنه أو لسبب غير ذلك، وبعد ذلك سيصبح قلقاً من طول الأوقات ومرور الساعات، وسيشعر بالفراغ القاتل فعلاً وهو يرى كبر سنه وانشغال من حوله بأعمالهم، ولا شك أن مآلهم إلى ما آل إليه.

لكن -يا عباد الله- لو أن ذلك الرجل الكبير قَبِل النصيحة يوم أن سمعها، وبادر بالالتحاق إلى مراكز محو الأمية ومتابعة التعليم للكبار لاستفاد من ذلك أعظم فائدة وأربح تجارة، أتدرون ما هي؟

إنها القدرة والاستطاعة على تلاوة كتاب الله جل وعلا، وهذا أمر ملحوظ مشاهد حينما تدخل مسجداً من المساجد وترى كبار السن قد تسابقوا وتقدموا إلى المسجد، فمنهم من تراه ممسكاً بمصحفه مكباً على قراءة كتاب الله، كل حرف بحسنة، وكل حسنة بعشر أمثالها، وترى البعض منهم يتمنى أن لو كان كصاحبه القارئ كتاب الله، لكنه حرم هذا بتفريطه أو بتهاونه بالتعليم ولو كبيراً، لكنه يشتغل بالتسبيح والتهليل.

وترى البعض هداهم الله لا بهذه ولا بتلك مشتغل، بل انشغلوا بالحديث عن أمور دنيوية أو أعراض غافلة، وهم في بيت الله سبحانه وتعالى عياذاً بالله من ذلك، وما ضر الواحد إذا كان من الذين لا يحسنون القراءة والكتابة، ما ضره لو تعلم القراءة والكتابة فاستطاع بذلك أن يقرأ كتاب الله جل وعلا، واستطاع بذلك أن يجلب الخيرات والحسنات العظيمة المضاعفة إلى صحائف أعماله بتلاوة كتاب الله، والتلاوة لا تحتاج إلا إلى فهم القراءة، وقراءة الحروف وتدبرها ومعانيها، وكتاب الله جل وعلا بعد ذلك خير معين على فهم جوانب هذه القراءة.

ثم إن الذي يستطيع القراءة والكتابة يمكن أن يستفيد وأن يدرك شيئاً كثيراً من حلقات العلم المعقودة في المساجد، ويمكن أن يستفيد كثيراً من المحاضرات والمواعظ والندوات سواءً سمعها في الأشرطة أو غير ذلك، وإن الذي يحسن القراءة والكتابة يستطيع أن يفيد أولاده الصغار وأن يساعدهم، ولو كان كبيراً فقد يعين ويساعد أحفاده، يساعد أولاد أولاده في القراءة والكتابة، وهذا اشتغال بأمر جد عظيم ومفيد إن شاء الله.

إذاً: فما الذي يجعل البعض منا يتردد في أن يلتحق بمدرسة تمحو أميته، وتنبذ وتبعد عنه سمة الجهل والجهالة؟ إن الذي يتردد بعد هذا، إن الذي يبتعد عن هذه المدارس وهو بحاجة إلى تعلم القراءة والكتابة مخطئ في حق نفسه خطأً عظيماً، وأي شيء أعظم من أن يحرم نفسه قراءة كتاب الله سبحانه وتعالى؟

أما البلية العظمى والداهية التي أكبر منها أن تجد شباباً لا زالوا في ريعان الشباب لا يقرءون ولا يكتبون، ومثل ذلك يوجه لهم الحديث خصوصاً، وتضاعف لهم النصيحة مضاعفة، ينبغي لهم أن يبادروا إلى التعلم ونفي الجهل والجهالة عن أنفسهم؛ إذ أن الجهل مدعاة إلى الفراغ، والفراغ مدعاة إلى الانحراف والجريمة، وحسبكم أن تعلموا أن جملة عظيمة من الإحصائيات الواردة في جرائم الاختطاف والسرقات والمخدرات والخمور وغيرها، أن نسبة عظيمة من الذين يتعاطون هذه الأمور هم الذين لا يقرءون ولا يكتبون أو من الذين تعلموا تعليماً ضعيفاً.

وإن البعض منهم نتيجة لهذا الأمر يكون عاجزاً عن نوال وظيفة مناسبة يخدم فيها أمته، ويجلب فيها رزقاً حلالاً إلى نفسه، فيضطر بعد ذلك بإقناع شيطاني أن يلتفت إلى سبل الحرام والمتاجرة بالمحرمات أياً كان ذلك النوع، إما أن يفتتح محلاً للفيديو يبيع فيه أفلاماً لا يعرف إلا اسم هذا الفلم أو ذلك الفلم، وهذا ما يفلح فيه أو يستطيع، أو يفتح محلاً يبيع فيه الأغاني والأشرطة، أو يتاجر بأمور محرمة، أو يخاطر بمخدرات يمنعها الشرع وتحضرها الدولة ويعاقب عليها القانون وولاة الأمر، كل ذلك أمر خطير جداً.

إذاً: فإن العلم شرف وفضل ومنزلة رفيعة سامية، ومن حرم هذا الشرف وهذه المنزلة فقد قاد نفسه طائعاً أو مكرهاً إلى سبيل لا يرضاه ولا تحمد عقباه.

معاشر المؤمنين: نسوق هذا الكلام ونحن قرب مناسبة تسمى "اليوم العالمي لمحو الأمية".

أيها الإخوة: إننا نجد نوعاً من الأمية ألا وهي أمية المتعلمين، أمية الذين يحملون الشهادات ولكن الكثير منا ولو حلمنا شيئاً من هذه الشهادات قد نكون أميين في كثير من مسائل الدين والشريعة، إذ أن كثيراً من الذين يقرءون ويكتبون يجهلون أبسط القواعد في أحكام الدين، ويجهلون أبسط الأحكام في أمور الشريعة..! تلك والله أمية عظيمة، وتلك والله أمية خطيرة، ورب أمي لا يقرأ ولا يكتب يفقه من كتاب الله ومن سنة رسوله وبمجالسته العلماء ومواظبته على حضور دروس العلم وحلقات التعليم .. يفقه شيئاً كثيراً، أكثر مما يفقهه حامل شهادة من الشهادات.

إذاً -أيها الإخوة- إنه نوع آخر من الأمية وهو أمية المتعلمين، أو أمية الذين يقرءون ويكتبون، أمية خطيرة، أمية خطيرة جداً وهي أمية الجهل عن العلم بأحكام دين الله سبحانه وتعالى، إذ الواجب على من حمل شهادة أو انتسب إلى العلم والعلماء أن يتم علمه وتعليمه بعلم كتاب الله وسنة رسوله على أقل الأحوال، أبسط ما يحتاج إليه في أمور الصلوات الخمس والوضوء والطهارة وطهارة النساء في ما يعلم به زوجته وبناته وأولاده، لا بد أن يكون ملماً بذلك في أبسط قواعد أحكام الصيام، في أبسط قواعد أحكام الحج، في كثير من الأمور التي نحتاجها ذاهبين آيبين غادين رائحين، وتتردد علينا إما يومياً أو أسبوعياً أو سنوياً، أو في موسم من مواسم السنة، ومع ذلك ترى الواحد منا وهو يحمل هذه الشهادة الطويلة العريضة لا يستطيع أن يدرك شيئاً من أبسط أحكام الشريعة! هذه والله أمية عظيمة نحتاج إلى محاربتها، ونحتاج إلى أن نبعد أنفسنا عن أن نوصم بها أو نوصف بها.

أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه، اللهم علمنا ما جهلنا، وذكرنا ما نسينا، وارزقنا العمل بما علمتنا، اللهم اجعل عملنا حجة لنا لا حجة علينا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد ولاة الأمر فينا بفتنة، وأراد علماءنا بمكيدة، وأراد شبابنا بضلال، وأرد نساءنا بتبرج وسفور واختلاط وعمل مع الرجال، اللهم أشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم افضحه على رءوس الخلائق.

ربنا إننا نصبح ونمسي ونبيت في عافية وأمن، ونعمة وستر، ورزق وفضل منك وحدك لا شريك لك؛ ربنا أتمم علينا ذلك، ولا تغير علينا بذنوبنا، اللهم من أراد علينا تغييراً بما يريده من فساد أو إفساد، اللهم أهلكه عاجلاً غير آجل، اللهم أبعده عنا، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك يا رب العالمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أحينا على الإسلام سعداء، وتوفنا على التوحيد شهداء، واحشرنا في زمرة الأنبياء، اللهم ارزقنا توبة قبل الموت، وراحة عند الموت، ونعيماً ولذة في القبور بعد الموت، اللهم اختم بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل اللهم إلى الجنة مصيرنا ومآلنا، ولا تجعل ربنا إلى النيران منقلبنا ومثوانا.

اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا باغياً إلا قطعته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحة وهبته، ولا غائباً إلا رددته برحمتك ومنك وكرمك يا أكرم الأكرمين!

اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك، ومن زوال نعمتك، ومن تحول عافيتك، اللهم لا تعذبنا بذنوبنا فأنت بنا راحم، اللهم اغفر لنا وارحمنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.

اللهم اغفر لوالدينا، اللهم اجزهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً فأجزل الرحمة له، وأوسع السعة في قبره، اللهم جازهم بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، اللهم ثبت عبادك المجاهدين، اللهم وفق الدعاة المصلحين، اللهم وفق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم وفقهم وارزقهم العلم النافع والعمل الصالح، واجزهم عن المسلمين خير الجزاء فإنهم على ثغر عظيم من ثغور الدين.

اللهم اجعلنا من عبادك الذين يراقبونك في كل ما يأتون ويذرون، اللهم اعصمنا عما يسخطك، اللهم جنبنا ما يغضبك، اللهم حل بيننا وبين معصيتك، اللهم وفقنا إلى طاعتك ومرضاتك يا رب العالمين!

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين!

اللهم وفق إمام المسلمين، اللهم انصر إمام المسلمين، اللهم أصلح إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم أصلح أعوانه وإخوانه، اللهم اجمع شملهم، اللهم لا تفرق بينهم، اللهم وحد صفهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اجعلهم لكتابك وسنة نبيك عاملين، ولدينك داعين يا رب العالمين!

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.