أرشيف المقالات

من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان به ومحبته

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
الإيمان به ومحبته


حقوق النبيِّ صلى الله عليه وسلم على أمَّتِه كثيرة، وقد تقدَّم ذِكر بعضها فيما يجب على الأمَّة من حقوق عامةٍ تجاه الرسل قاطبة، وفيما يلي عرضٌ لبعض حقوقه الخاصة على أمته، وهي:
1- الإيمان المفصَّل بنبوته ورسالته، واعتقاد نَسخِ رسالته لجميع الرسالات السابقة، ومقتضى ذلك: تصديقُه فيما أخبر، وطاعته فيما أمَر، واجتناب ما نهى عنه وزجَر، وألا يُعبَد اللهُ إلا بما شرع، وقد دلَّت على ذلك الأدلةُ من الكتاب والسنَّة؛ قال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ [التغابن: 8]، وقال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]، وقال - عز وجل -: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وعن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعَلوا ذلك عصَموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحق الإسلام، وحسابُهم على الله)).
 
2- وجوب الإيمان بأن الرسولَ صلى الله عليه وسلم بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصَح للأمة؛ فما من خيرٍ إلا ودلَّ الأمة عليه، ورغَّبها فيه، وما من شرٍّ إلا ونهى الأمَّةَ عنه، وحذَّرها منه؛ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وعن أبي الدَّرداءِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وايم اللهِ، لقد تركتُكم على مِثل البيضاء، ليلُها ونهارُها سواءٌ)).
 
وقد شهِد للنبيِّ بالبلاغ أصحابُه في أكبرِ مجمعٍ لهم، يومَ أن خطَبهم في حجة الوداع خطبته البليغة، فبيَّن لهم ما أوجب الله عليهم، وما حرَّم عليهم، وأوصاهم بكتاب اللهِ، إلى أن قال لهم: ((وأنتم تُسأَلون عني، فما أنتم قائلون؟))، قالوا: نشهد أنك قد بلغتَ وأدَّيتَ ونصحت، فقال بإصبَعِه السَّبَّابة يرفعُها إلى السماء وينكُتُها إلى الناس: ((اللهم اشهَد، اللهم اشهَد)) ثلاث مرات.
 
وقال أبو ذرٍّ رضي الله عنه: (لقد ترَكَنا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وما يُحرِّك طائرٌ جَناحيه في السماء إلا أذْكَرَنا منه عِلمًا)؛ أخرجه أحمد في المسند.
 
والآثارُ في هذا كثيرةٌ عن السلفِ رحمهم الله.
 
3- محبَّتُه صلى الله عليه وسلم، وتقديم محبته على النفس وسائرِ الخَلْق، والمحبة وإن كانت واجبةً لعموم الأنبياء والرسل، فإن لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم مزيدَ اختصاص بها؛ ولذا وجَب أن تكون محبَّتُه مقدَّمةً على محبة الناس كلهم؛ من الأبناء، والآباء، وسائر الأقارب، بل مقدَّمة على محبة المرء لنفسه؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، فقرَن الله محبَّةَ رسوله صلى الله عليه وسلم بمحبَّتِه عز وجل، وتوعَّد مَن كان مالُه وأهلُه وولُده أحبَّ إليه من الله ورسوله، توعَّدهم بقوله: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].
 
وفي الصحيحينِ مِن حديث أنسٍ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولَدِه والناس أجمعين)).
 
وعن عمرَ رضي الله عنه أنه قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلا مِن نفسي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك))، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الآن يا عمرُ))؛ رواه البخاريُّ من حديث عبدالله بن هشام برقم (6632).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣