خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
واقع الدعوة في المجتمع الغربي
الحلقة مفرغة
الحمد لله الذي أعز المسلمين بالإسلام، ومهما أرادوا العزة بغيره أذلهم الله، الحمد لله الذي أعز عباده المؤمنين ونصر جنده المجاهدين، وخذل الشرك والمشركين، الحمد لله وحده؛ نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، الحمد لله منشئ السحاب، منزل الكتاب، هازم الأحزاب، لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه مآب، الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو أهل الحمد وله الحمد كله، وإليه الحمد كله، جل ثناؤه، وعز سلطانه، سبحانه وتعالى عما يشركون.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، كان بأمته براً رءوفاً رحيماً، لم يعلم طريق خير إلا دل الأمة عليه، ولم يعلم سبيل شر إلا حذر الأمة منه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
معاشر المؤمنين! اتقوا الله تعالى حق التقوى فهي وصية الله لكم وللأولين والآخرين، وهي سفينة النجاة، وهي باب السعادة بين يدي رب العالمين: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
معاشر المسلمين! كان الحديث في الجمعة الماضية عن نظرة المسلم إلى الكافرين النظرة الشرعية التي ينبغي أن ينظر بها المسلم إلى الكفار، فهي نظرة لا تصل إلى شيء من الإعجاب بحالهم أو مجتمعهم أو طباعهم أو أخلاقهم، بل البراءة والبغضاء والكراهية لمنكرهم وبهتانهم وإفكهم وكفرهم وباطلهم، وهي مع ذلك نظرة منصفة: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8].
وهي نظرة منصفة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [النساء:135].
وكذلك -أيها الأحبة- هي نصيحة لكل من أشرب قلبه حب الغرب فأعجب بهم، وأصبح هجيراه وديدنه الحديث عنهم، وتعلق بأفعالهم وطباعهم وسلوكهم، أولئك قوم صدق فيهم قول ربنا عز وجل: إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:139] ثم جرى الحديث أو جرى الوعد أن يكون الحديث هذه الجمعة عن واقع الدعوة إلى الله في بلاد الغرب أو في البلاد الأمريكية، أو في البلاد الكافرة.
أيها الأحبة في الله! إن من المقدمات والمسلمات أن كل داع أو حريص أن يعمل أو ينشأ أو يؤسس عملاً دعوياً لابد أن يدرس البلاد وأهلها وطبعها وواقعها ومجتمعها، ثم بعد تحديده ماذا سيعمل يفكر كيف يعمل، إذ لا ينبغي لمسلم أن يبدأ بالعمل قبل الفكرة، لا ينبغي لأحد أن يشرع في عمل قبل أن يتفكر في غاية عمله، وباعث عمله، وطريقة عمله، وكيفية تقويم عمله هذا، إذ أن من صفات من لا يحمدون أعمالهم أن الفعل يسبق التفكير، والصواب أن الفكر والتدبر يسبق العمل: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا [سـبأ:46] فلابد من التفكر، ولا بد من التدبر، ولابد بعد التفكر من الشروع بعد اختيار الوسيلة.
والأمر الآخر أن العمل مهما كانت مقاصده وغايته لابد أن تكون وسيلته شرعية، فإن الغاية لا تبرر الوسيلة كما هو الحال عند أرباب المكر والخديعة ممن يسمون أنفسهم بالسياسيين.
أيها الأحبة في الله! هذا المجتمع الذي نتحدث عن الدعوة إلى الله جل وعلا فيه؛ مجتمع يعج بالخمر صباح مساء، فشربهم للخمور أكثر من شربهم للمياه، بل وإن الذين يتعاطونها ويشربونها هم من الصغار والشباب والذكور والإناث، وحسبكم أنها كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم أم الخبائث، أورثتهم تلك الخمرة حالات الاغتصاب، وحوادث السيارات، والسطو، والاغتيال، والعدوان والجريمة، ويداهم أوكت، وأفواههم نفخت، إذ أنك لا ترى شاشة تلفزيونية أو صحيفة أو مجلة إلا وهي تدعو وتبرز دعاية براقة مشوقة لذوي القلوب السقيمة تدعو إلى تعاطي الخمر، فهم يدعون إليها ويروجونها عبر كل وسيلة إعلامية، ثم بعد ذلك يقبل الصغار والكبار عليها، ثم بعد ذلك يبذلون أسباباً لمكافحة النتائج المختلفة من الجرائم وغيرها على إثر تعاطي الناس لتلك الخمرة. فهناك واحد من كل ثلاثة سائقين يتسببون في مقتل أشخاص آخرين بسبب تعدي السرعة القانونية، ونصف المتهمين في القضايا الأخلاقية هم من المتعاطين المسرفين للخمور.
موت الغيرة والإصابة بمرض الإيدز
والآن أصبح ما يقارب عشرة ملايين نسمة يصابون بفيروس الإيدز وسيصلون إلى أعدادٍ مضاعفة.
وبعد ذلك فإن هذا قادهم إلى الانطلاق والجري الهائج وراء الشهوة الشاذة المسعورة وغيرها، فـ(70%) من النساء اللائي يعملن مع الرجال يتعرضن للابتزاز من قبل رؤسائهن بل واعتدي على الكثير منهن على إثر الاغتصاب الجنسي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ارتفاع درجات الاغتصاب
اغتصب أمريكي 23 فتاة خلال 3 أشهر، والكثير منهم لا يحتاج إلى الاغتصاب لأن كل زاوية وطريق ومقهى وحانة واستراحة ما هي إلا مواعيد لضرب الصداقات وإيقاع الخيانات الزوجية، وفي أمريكا ارتفعت جرائم الاغتصاب بنسبة 124% والأعداد والنسب لا تزال في ازدياد وارتفاع.
بعد ذلك يوم أن انتشر الاغتصاب والإباحة الجنسية في بلادهم ابتلي أو حصل لكثير من النساء الحمل -الحبل الغير شرعي- فأقدموا على الإجهاض والتخلص من الأجنة: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير:8] يحمل من الزنا نسبة تزيد عن 20% من كل 100 امرأة، وحالات كثيرة من الإجهاض أكثر من هذا، مع أنهم تقدموا تقدماً باهراً في اختراع واكتشاف وسائل منع الحمل حتى لا يقعوا في نتائج الزنا والمعاشرات الجنسية.
أيها الأحبة! صدق ربنا عز وجل حيث يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124] بل إن كثيراً ممن يسمون أو يدعون برجال الدين والكنيسة عندهم 80% منهم يمارسون الفاحشة والعياذ بالله سواء مع الراهبات أو مع الأحداث وغيرهم.
فإلى الذين يعجبون بالغرب، وإلى المخدوعين ببلاد الغرب ليقرءوا أرقاماً مختصرةً موجزةً عن الخطف والسرقة والعدوان، والاعتداء والبغاء والشذوذ والدعارة، والانتحار وما أدراك ما الانتحار، بل لقد وجد في بعض الجمعيات التي تساعد المنتحرين أو الراغبين في الانتحار أن يصلوا إلى النهاية في أسرع مدة زمنية مرغوبة مقصودة.
نعم.. لا غرابة أن ينتحروا فليس بين أعينهم نار يخافون منها أو جنة يرغبونها، أو رب يرجون رضوانه جل وعلا؛ حينئذ يكونون كالأنعام بل هم أضل سبيلاً.
إنك يوم أن تريد أن تدعو إلى الله جل وعلا أو تؤسس عملاً إسلامياً في بلاد كهذه، الإباحة ميسرة، والخمور والمخدرات منتشرة، والجريمة مسيطرة فإنك تحار حيرة بالغة عظيمة.
ثم قادهم ذلك إلى موت الغيرة وكيف توجد غيرة عند كافر؟! لقد سجلت نسبة الارتفاع بمرض الإيدز هناك نسباً جاوزت المئات، ويتضاعف العدد في كل سنة أضعاف أضعاف ما سبق، وأكثر -بل 90%- من الذين أصيبوا بهذا كان بسبب ما أدت إليه الخمر والمسكرات، حيث أن 90% من مرضى الإيدز كانوا أصيبوا بالإسراف في ذلك والممارسات الجنسية غير المشروعة، وحينما نقول الإسراف فإننا لا نقول: إن التقليل من الخمر لا يسبب، فهي حرام قليلها وكثيرها صغيرها وكبيرها.
والآن أصبح ما يقارب عشرة ملايين نسمة يصابون بفيروس الإيدز وسيصلون إلى أعدادٍ مضاعفة.
وبعد ذلك فإن هذا قادهم إلى الانطلاق والجري الهائج وراء الشهوة الشاذة المسعورة وغيرها، فـ(70%) من النساء اللائي يعملن مع الرجال يتعرضن للابتزاز من قبل رؤسائهن بل واعتدي على الكثير منهن على إثر الاغتصاب الجنسي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما الاغتصاب بالتفاصيل فإن المسجد يجل وينـزه عن ذكره، ولكن نشير إلى أرقام هي إشارات واللبيب بالإشارة يفهم..
اغتصب أمريكي 23 فتاة خلال 3 أشهر، والكثير منهم لا يحتاج إلى الاغتصاب لأن كل زاوية وطريق ومقهى وحانة واستراحة ما هي إلا مواعيد لضرب الصداقات وإيقاع الخيانات الزوجية، وفي أمريكا ارتفعت جرائم الاغتصاب بنسبة 124% والأعداد والنسب لا تزال في ازدياد وارتفاع.
بعد ذلك يوم أن انتشر الاغتصاب والإباحة الجنسية في بلادهم ابتلي أو حصل لكثير من النساء الحمل -الحبل الغير شرعي- فأقدموا على الإجهاض والتخلص من الأجنة: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير:8] يحمل من الزنا نسبة تزيد عن 20% من كل 100 امرأة، وحالات كثيرة من الإجهاض أكثر من هذا، مع أنهم تقدموا تقدماً باهراً في اختراع واكتشاف وسائل منع الحمل حتى لا يقعوا في نتائج الزنا والمعاشرات الجنسية.
أيها الأحبة! صدق ربنا عز وجل حيث يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124] بل إن كثيراً ممن يسمون أو يدعون برجال الدين والكنيسة عندهم 80% منهم يمارسون الفاحشة والعياذ بالله سواء مع الراهبات أو مع الأحداث وغيرهم.
فإلى الذين يعجبون بالغرب، وإلى المخدوعين ببلاد الغرب ليقرءوا أرقاماً مختصرةً موجزةً عن الخطف والسرقة والعدوان، والاعتداء والبغاء والشذوذ والدعارة، والانتحار وما أدراك ما الانتحار، بل لقد وجد في بعض الجمعيات التي تساعد المنتحرين أو الراغبين في الانتحار أن يصلوا إلى النهاية في أسرع مدة زمنية مرغوبة مقصودة.
نعم.. لا غرابة أن ينتحروا فليس بين أعينهم نار يخافون منها أو جنة يرغبونها، أو رب يرجون رضوانه جل وعلا؛ حينئذ يكونون كالأنعام بل هم أضل سبيلاً.
إنك يوم أن تريد أن تدعو إلى الله جل وعلا أو تؤسس عملاً إسلامياً في بلاد كهذه، الإباحة ميسرة، والخمور والمخدرات منتشرة، والجريمة مسيطرة فإنك تحار حيرة بالغة عظيمة.
أيها الأحبة! على الرغم مما سمعتموه من الأرقام فإن بلاد الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية بها عدد كبير جداً من المساجد والمراكز الإسلامية، وهذا والله مؤشر على القوة الذاتية الفاعلة البالغة في هذا الدين، فإن انتشار الإسلام لا نعزوه بالدرجة الأولى إلى جهود المسلمين، بل نعزوه إلى القوة العظيمة التي بلغ بها الدين أنحاء الشرق وأنحاء الغرب على الرغم من فقر المسلمين، وقلة ذات أيديهم، وقلة حيلة أبنائه، وحسبك أن تعلم أن أكثر من (80 أو 70 %) من المسلمين هناك قد هاجروا فراراً بأنفسهم أو بحثاً عن لقمة عيش وغير ذلك.
جهود المسلمين المهاجرين في نشر الإسلام
إن كثيراً من المسلمين تركوا بلادهم دولاً وبلداناً عربية؛ خاصة أيام الستينات التي شهدت عسفاً واستبداداً وطغياناً وظلماً وجبروتاً، في تلك الفترة وما بعدها هاجر كثير من المسلمين، منهم من بحث عن لقمة العيش، ومنهم من بحث عن الأمن والطمأنينة، ولا أمن ولا طمأنينة في تلك البلاد أيها الأحبة، وتبع هذا الانتقال أو هذا السفر أن هاجرت عقول إسلامية جبارة عظيمة عجيبة بلغت من الذكاء والعبقرية شأواً بعيداً، بلغت من الذكاء والعبقرية منزلة رفيعة، فأكبر ناطحة للسحاب في شيكاغو قد خططها أو كان المهندس لها مهندساً مسلماً، كذلك أطباء الجراحة وكثير من أطباء الفلك، وكثير من المخترعين والمكتشفين هم مسلمون يعودون إلى آباء مسلمين وأمهات مسلمات، بل وهم مسلمون إلا أن بعضهم قد نسي علاقته بالإسلام البتة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
فالعمل الإسلامي في بلاد الغرب تارة تراه عبارة عن نشاط مجموعة من جالية مهاجرة، وفي الغالب أن ترى الجالية تتركز في منطقة معينة، ففي كل بلد أو في كل ولاية ومدينة تجد أن مسلمين من بلد عربية أو إسلامية معينة يجتمعون هناك، فينشئون مسجداً ومركزاً إسلامياً يجمعون نفقاته من فتات موائدهم ومن باقي أجورهم على قلة ذات أيديهم، فإذا أسسوا هذا المسجد أو المركز كان مكاناً لتجمعهم، وأغلب هؤلاء يكون أثرهم أو يكون هدفهم المحافظة على كيانهم وخصائصهم واجتماعاتهم حتى لا يذوبوا في المجتمع وهيهات..
ألقاه في اليم مكتوفاً وقـال له إياك إياك أن تبتل بالماء |
أيها الأحبة! وحينما نتكلم عن الإسلام هناك فإنك تتكلم عن جهود المهاجرين من المسلمين إلى تلك البلاد، وإن تسمية الأمر هجرة فيه نظر، فلنقل: عن جهود الذين سافروا إلى تلك البلاد، فمنهم من يأثم بسفره، ومنهم من يغنم ويؤجر بسفره، والبواعث تحدد، والمقاصد تحكم على هذا.
إن كثيراً من المسلمين تركوا بلادهم دولاً وبلداناً عربية؛ خاصة أيام الستينات التي شهدت عسفاً واستبداداً وطغياناً وظلماً وجبروتاً، في تلك الفترة وما بعدها هاجر كثير من المسلمين، منهم من بحث عن لقمة العيش، ومنهم من بحث عن الأمن والطمأنينة، ولا أمن ولا طمأنينة في تلك البلاد أيها الأحبة، وتبع هذا الانتقال أو هذا السفر أن هاجرت عقول إسلامية جبارة عظيمة عجيبة بلغت من الذكاء والعبقرية شأواً بعيداً، بلغت من الذكاء والعبقرية منزلة رفيعة، فأكبر ناطحة للسحاب في شيكاغو قد خططها أو كان المهندس لها مهندساً مسلماً، كذلك أطباء الجراحة وكثير من أطباء الفلك، وكثير من المخترعين والمكتشفين هم مسلمون يعودون إلى آباء مسلمين وأمهات مسلمات، بل وهم مسلمون إلا أن بعضهم قد نسي علاقته بالإسلام البتة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
فالعمل الإسلامي في بلاد الغرب تارة تراه عبارة عن نشاط مجموعة من جالية مهاجرة، وفي الغالب أن ترى الجالية تتركز في منطقة معينة، ففي كل بلد أو في كل ولاية ومدينة تجد أن مسلمين من بلد عربية أو إسلامية معينة يجتمعون هناك، فينشئون مسجداً ومركزاً إسلامياً يجمعون نفقاته من فتات موائدهم ومن باقي أجورهم على قلة ذات أيديهم، فإذا أسسوا هذا المسجد أو المركز كان مكاناً لتجمعهم، وأغلب هؤلاء يكون أثرهم أو يكون هدفهم المحافظة على كيانهم وخصائصهم واجتماعاتهم حتى لا يذوبوا في المجتمع وهيهات..
ألقاه في اليم مكتوفاً وقـال له إياك إياك أن تبتل بالماء |
إن الذي يعيش في بلاد الغرب لعلى خطر عظيم، بل محقق مؤكد ما لم يتداركه الله بأن يشتغل بالطاعة حتى لا يشغل بالمعصية، وأن يشتغل بالدعوة حتى لا يدعى هو، وأن يعتني بأولاده حتى لا يذوبوا في المجتمع الكافر، إن كثيراً من المسلمين ذابوا في المجتمع الغربي كما يذوب الملح في الماء، وإليكم بعض هذه الأدلة والشواهد:
في مدينة من المدن قابلت مسلماً لا يعرف أبناؤه شيئاً عن الله جل وعلا، ولا عن نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا عن الإسلام وأحكامه ..! وآخر أولاده لا يقرءون الفاتحة، وآخر أبناؤه لا ينطقون بحرف عربي فضلاً عن كلمة عربية؛ والسبب أن الفكرة كانت في البداية مجرد انتقال إلى بلاد الغرب، ولم يأخذوا لها حسابها وحسبانها.
وحينئذ أتذكر وتتذكرون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين) قد يقول قائل خاصة في وقت يكون شغوفاً ولوعاً محباً أن ينتقل إلى تلك البلاد: إن هذا من الرجعية والتشدد والتخلف. لكن من عاش ونظر وفكر وقدر، وقلب الرأي والبصر، وسأل الغادين والرائحين والمقيمين، بل والمتجنسين بالجنسيات الأمريكية هناك أدرك حقيقة هذا، فهذه مسلمة تستنجد بالمسلمين يوم أن دخل ولدها بصديقته الباغية الداعرة في بيتها، ويحميها القانون والبوليس وتحميها الشرطة من أن تمنع ولدها عن الدخول بزانيته ..!
وآخر له بنت مسلمة تصادق فتىً كافراً ويحميها القانون من غيرة أبيها، ويحميها القانون من أن يمنعها والدها وأهلها من أن يعترض .. لماذا؟ لأن من شرط الحصول على الجنسية أن يؤدي المتجنس القسم للخضوع والالتزام والتقيد والانضباط بكل ما يمليه النظام والقانون، ولا يخرج ذلك المتجنس عنه أبداً.
لذا فإن كثيراً من المسلمين على الرغم من أن الجنسيات قد قدمت لهم وأغروا بها إغراءً إلا أنهم رفضوا ذلك، وقالوا: نصبر على البلاء والابتلاء؛ حتى يفرج الله أوضاع بلداننا، فنعود إليها قائدين فاتحين منتصرين.