الروض المربع - كتاب الطهارة [39]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

قال المؤلف رحمه الله: [وتقضي الواجب من صوم ونحوه احتياطاً ولوجوبه يقينا، ولا تقضي الصلاة كما تقدم، وهو -أي: النفاس- كالحيض فيما يحل كالاستمتاع بها دون الفرج وفيما يحرم به كالوطء في الفرج والصوم والصلاة والطواف، والطلاق بغير سؤالها على عوض، وفيما يجب به كالغسل والكفارة بالوطء فيه، وفيما يسقط به كوجوب الصلاة فلا تقضيها، غير العدة فإن المفارقة في الحياة تعتد بالحيض دون النفاس، وغير البلوغ فيثبت بالحيض دون النفاس؛ لحصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل، ولا يحتسب بمدة النفاس على المولى بخلاف مدة الحيض].

يقول المؤلف: (وتقضي الواجب)، يعني: أن النفساء تقضي الواجب، مما كان ثبت في ذمتها من صوم، مثلما لو كان نفاسها في رمضان فإنها تقضي، وهذا في المشكوك فيه، مثل الذي ذكرناه بالأمس، كأن تكون قد طهرت في خمس وعشرين يوماً، ثم استمر طهرها عشرة أيام، فهذه خمس وثلاثون يوماً، ثم جاءها الدم في الخامسة والثلاثين، الحنابلة يقولون: فمشكوك فيه، ومعنى المشكوك فيه عند الحنابلة أنها تتوضأ لكل صلاة، وتصوم وتصلي إلا أن الدم إذا انقطع فإنها تغتسل له، خوفاً من أن يكون الدم حيضاً، ثم تقضي الواجب مما صامته فقط ولا تقضي الصلاة، خشية أن تكون الأيام التي صامتها في هذا الدم المشكوك فيه أهو دم حيض أو دم نفاس.

وهذه كما قلنا قاعدة عند الحنابلة، وقد ذكرنا رد هذه المسألة، وقلنا: إن جماهير أهل العلم يخالفون في ذلك، وهو اختيار ابن تيمية ، فإنه قال: فإن الله سبحانه وتعالى قال: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ [التوبة:115]، ولم يكن في شريعة الإسلام شيء غير ظاهر إنما يكون الشك في الإنسان نفسه، وأما أن يكون الشك في الشريعة فلا.

الثاني: أنهم أوجبوا على العبد فعل العبادة مرتين، فأوجبوا على المرأة أن تصوم في الأيام المشكوك فيها، وأوجبوا عليها أيضاً أن تقضي هذه الأيام التي صامتها، ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر بالصلاة مرتين كما جاء عند أبي داود من حديث ابن عمر : ( إن الله لم يأمرنا أن نصلي الصلاة مرتين )، وعلى هذا فقول الحنابلة رحمهم الله احتياطاً خطأ والاحتياط لا يكون مصادماً للنص، وهذه قاعدة يا إخوة! لأننا نلاحظ بعض الذين يفتون أحياناً يبالغون في الأخذ بالاحتياط، مما يؤدي إلى مخالفة نص معلوم؛ لأنكم تعلمون أن الأخذ بالاحتياط هو عدم ترجح أحد القولين، فيأخذ بالاحتياط في أحدهما، يعني: إذا قيل حرام أو حلال أخذ بالحرام احتياطاً، لكنه حينما يأخذ بهذا القول لا يعلم أنه ربما يصادم نصاً آخر أقوى منه، فالأخذ بالاحتياط لا يكون مصادماً لنص آخر، وعلى هذا فالراجح أن هذا الدم دم نفاس، وعليها أن تمسك عن الصلاة والصوم.

الاشتراك فيما يحل ويحرم من الاستمتاع والوطء

قال المؤلف رحمه الله: (وهو أي: النفاس كالحيض -أو كالحائض- فيما يحل) ويحرم.

والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمي الحيض نفاساً؛ ولهذا قال في حديث عائشة حينما دخل عليها في الحج وهي تبكي: ( ما لك تبكين أنفست؟ )، فهو بأبي وأمي قد جعل الحيض نفاساً.

وقد قالت أم سلمة كما في الصحيح: ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة إذ حضت فاستللت فلبست ثياب حيضتي، فقال: أنفست؟ قالت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة )، وهذا يدل على أن الحيض يكون نفاساً، خلافاً لـابن حزم .

وعلى هذا فكل ما حرم على الحائض فعله حرم على النفساء فعله، إلا في بعض المسائل استثناها المؤلف.

وعليه أيضاً فيجوز للزوج أن يستمتع بالنفساء كما يستمتع بالحائض، بأن يجتب الوطء كما قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث أنس : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، وهي المباشرة بالوطء في الفرج.

ثم قال المؤلف: (وفيما يحرم)؛ يعني أنه يحرم على الحائض أن يطأها زوجها في القبل، كذلك يحرم على الزوج أن يطأ زوجته النفساء في القبل، وأما الدبر فهو معلوم الحرمة للحائض وغير الحائض، كذلك يحرم على الحائض أن تصوم وأن تصلي، ويحرم على النفساء كذلك.

الاشتراك في حكم الطلاق وصحة وقوعه

يقول المؤلف: (والطلاق بغير سؤالها على عوض)، ما المراد بهذا (والطلاق بغير سؤالها على عوض)؟ أما الخلع فله أن يخالع زوجته ولو كانت حائضاً، كذلك ولو كانت نفساء؛ لأن الأصل في الخلع إنما هو لإزالة ضرر تراه الزوجة، والقاعدة الفقهية تقول: الضرر يزال بقدر الإمكان، وعلى هذا فلا بأس أن يخالع الزوج زوجته ولو كانت حائضا، بخلاف الطلاق؛ فإن الطلاق في الحيض محرم على الخلاف في صحة وقوعه من عدمه، والمعلوم عند عامة أهل العلم؛ بل حكى ابن المنذر و أبو عمر بن عبد البر أنه لم يقل به من أهل السنة إلا شذاذ، لأن هذا القول معروف عند بعض أهل الأهواء أنها لا تقع، والصحيح أنها تقع، كما سأل ابن عمر ، فقد روى نافع عن ابن عمر و سالم عن ابن عمر و يونس الباهلي عن ابن عمر كلهم يقولون عن ابن عمر أنه أوقعها، ولم يخالف في ذلك إلا محمد بن مسلم بن تدرس المكي فقد خالف في ذلك وأخطأ، غفر الله لنا وله.

الاشتراك فيما يجب

طيب يقول المؤلف: (وفيما يجب به) يعني: أنه إذا انقطع الحيض وجب الغسل، وكذلك إذا انقطع النفاس وجب الغسل، كذلك لو أن الزوج وطأ زوجته النفساء -عند الحنابلة- فإن فيه الكفارة، وكذلك الحيض، والراجح في حديث ابن عباس أنه موقوف، وقد رواه عن ابن عباس مقسم وعكرمة مولى بن عباس، وقد اختلف فيه على مقسم والأقرب -وهو قول أكثر الرواة- عن مقسم عن ابن عباس من قوله، (وقد كان الإمام أحمد رجح الرفع لكن أكثر أهل الحديث رجح الوقف، والله أعلم كما مر معنا.

ولهذا كان عطاء بن أبي رباح بإسناد صحيح يقول: لا أعلم في وطء الحائض كفارة، وكان عطاء من أصحاب ابن عباس الملازمين له، فلو كان عنده خبر في هذا مرفوعاً لقال به.

الاشتراك فيما يسقط كالصلاة

يقول المؤلف: (وفيما يسقط كوجوب الصلاة فلا تقضيها)، معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما فهمت ذلك عائشة ، وهو في الصحيحين من حديث معاذة العدوية قالت لـعائشة : ( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: أحرورية أنت؟ قالت: لا؛ ولكني أسأل، قالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )، وهذا دليل على أن الحائض لا تقضي الصلاة، وكذلك النفساء لا تقضي.

قال المؤلف رحمه الله: (وهو أي: النفاس كالحيض -أو كالحائض- فيما يحل) ويحرم.

والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمي الحيض نفاساً؛ ولهذا قال في حديث عائشة حينما دخل عليها في الحج وهي تبكي: ( ما لك تبكين أنفست؟ )، فهو بأبي وأمي قد جعل الحيض نفاساً.

وقد قالت أم سلمة كما في الصحيح: ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة إذ حضت فاستللت فلبست ثياب حيضتي، فقال: أنفست؟ قالت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة )، وهذا يدل على أن الحيض يكون نفاساً، خلافاً لـابن حزم .

وعلى هذا فكل ما حرم على الحائض فعله حرم على النفساء فعله، إلا في بعض المسائل استثناها المؤلف.

وعليه أيضاً فيجوز للزوج أن يستمتع بالنفساء كما يستمتع بالحائض، بأن يجتب الوطء كما قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث أنس : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، وهي المباشرة بالوطء في الفرج.

ثم قال المؤلف: (وفيما يحرم)؛ يعني أنه يحرم على الحائض أن يطأها زوجها في القبل، كذلك يحرم على الزوج أن يطأ زوجته النفساء في القبل، وأما الدبر فهو معلوم الحرمة للحائض وغير الحائض، كذلك يحرم على الحائض أن تصوم وأن تصلي، ويحرم على النفساء كذلك.

يقول المؤلف: (والطلاق بغير سؤالها على عوض)، ما المراد بهذا (والطلاق بغير سؤالها على عوض)؟ أما الخلع فله أن يخالع زوجته ولو كانت حائضاً، كذلك ولو كانت نفساء؛ لأن الأصل في الخلع إنما هو لإزالة ضرر تراه الزوجة، والقاعدة الفقهية تقول: الضرر يزال بقدر الإمكان، وعلى هذا فلا بأس أن يخالع الزوج زوجته ولو كانت حائضا، بخلاف الطلاق؛ فإن الطلاق في الحيض محرم على الخلاف في صحة وقوعه من عدمه، والمعلوم عند عامة أهل العلم؛ بل حكى ابن المنذر و أبو عمر بن عبد البر أنه لم يقل به من أهل السنة إلا شذاذ، لأن هذا القول معروف عند بعض أهل الأهواء أنها لا تقع، والصحيح أنها تقع، كما سأل ابن عمر ، فقد روى نافع عن ابن عمر و سالم عن ابن عمر و يونس الباهلي عن ابن عمر كلهم يقولون عن ابن عمر أنه أوقعها، ولم يخالف في ذلك إلا محمد بن مسلم بن تدرس المكي فقد خالف في ذلك وأخطأ، غفر الله لنا وله.

طيب يقول المؤلف: (وفيما يجب به) يعني: أنه إذا انقطع الحيض وجب الغسل، وكذلك إذا انقطع النفاس وجب الغسل، كذلك لو أن الزوج وطأ زوجته النفساء -عند الحنابلة- فإن فيه الكفارة، وكذلك الحيض، والراجح في حديث ابن عباس أنه موقوف، وقد رواه عن ابن عباس مقسم وعكرمة مولى بن عباس، وقد اختلف فيه على مقسم والأقرب -وهو قول أكثر الرواة- عن مقسم عن ابن عباس من قوله، (وقد كان الإمام أحمد رجح الرفع لكن أكثر أهل الحديث رجح الوقف، والله أعلم كما مر معنا.

ولهذا كان عطاء بن أبي رباح بإسناد صحيح يقول: لا أعلم في وطء الحائض كفارة، وكان عطاء من أصحاب ابن عباس الملازمين له، فلو كان عنده خبر في هذا مرفوعاً لقال به.