الروض المربع - كتاب الطهارة [23]


الحلقة مفرغة

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا ًوارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

قال المؤلف رحمه الله: [ ويجب على من عدم الماء إذا دخل وقت الصلاة طلب الماء في رحله بأن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه، وفي قربه بأن ينظر خلفه وأمامه وعن يمينه وعن شماله، فإن رأى ما يشك معه في الماء قصده فاستبرأه، ويطلبه من رفيقه، فإن تيمم قبل طلبه لم يصح ما لم يتحقق عدمه ].

طلب الماء في رحله والمكان القريب منه

تحدث المؤلف عن وقت التيمم فقال: يتيمم إذا لم يجد الماء، وأراد أن يبين أن ثمة مسائل ينبغي لمن أراد أن يتيمم أن يعملها؛ لأنه ربما تيمم ظاناً أنه عادم للماء فإذا هو ليس بعادم، أو يظن أنه إن وجد الماء بعد ما صلى بتيمم أنه يلزمه الإعادة، فأراد أن يبين أن هناك أحوالاً يلزمه فيها الإعادة وأحوالاً لا يلزم فيها الإعادة، فقال: (ويجب على من عدم الماء إذا دخل وقت الصلاة طلب الماء)، الله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ [المائدة:6]، فالله أمرنا إذا دخل الوقت أن نقوم إلى الصلاة، وما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، فحينما أمرنا بإقامة الصلاة إذا دخل الوقت فقد أمرنا بشروطها، وشروطها هي الطهارة؛ فإذا دخل الوقت وجب عليك أن تبحث عن ماء الطهارة، فإذا عدم الماء شرعت في التيمم، ولا يصح لك أن تتيمم ما لم تتحقق عدم وجود الماء، فإن تحققت عدم وجود الماء شرع لك أن تتيمم، ولست بحاجة بعد ذلك إلى أن تبحث عن الماء كلما دخل الوقت؛ لأنك تحققت عدم وجود الماء، فأنت داخل في معنى قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].

لكن إذا لم تتحقق من وجود الماء، فإن المؤلف يقول يجب على من عدم الماء إذا دخل الوقت أن يبحث؛ يعني: في كل وقت يبحث؛ لأنه لم يتحقق من عدم وجود الماء؛ لأنه مخاطب بالصلاة وبشروطها كلما دخل وقتها، كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي في الأم وكذلك الحنابلة.

قوله: (طلب الماء في رحله)، أحياناً الإنسان يكون رحله كثيراً أو ربما يكون عنده سيارة فيها تانكي عن يمين وعن شمال وتحت، وربما يكون عنده ماء وهو لا يعلم به، وربما قد ضرب الخيمة، فلا بد من البحث عن مثل هذا الشيء.

يقول: (طلبه في رحله بأن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه)، بعض الناس يقول: أذكر أن هناك جرة ماء تصلح للوضوء لكنه ما وجدها، ويغلب على ظنه أنها موجودة، فيجب عليه بعد دخول وقت كل صلاة أن يبحث عنها؛ لأنه لم يتحقق عدم وجود الماء، قال المؤلف: (يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه، وفي قربه بأن ينظر وراءه، وأمامه، وعن يمينه وعن شماله)، كلما دخل وقت كل صلاة يبحث، هذا النظر لا بد أن يكون مبنياً على غلبة ظن، فإن رأى سراباً قد قدم فلا بد أن ينتظر، ولا يتيمم حتى يسأل صاحب القافلة أو صاحب السيارة: هل عندك ماء؟

أحياناً الإنسان يلتفت في الليل فلا يجد شيئاً لكنه في النهار يجد خضرة، يجد طيوراً، فهذه الطيور التي تحوم يغلب على الظن أنها تحوم على ماء، فلا بد أن يذهب إلى مثل هذه الطيور ما لم يخف خروج وقت الصلاة فإن خاف خروج الوقت فإنه حينئذٍ يتيمم؛ لأنه لو غلب على ظنه أنه لو وصل إلى مثل هذا المكان لخرج الوقت سواء كان خرج وقت الصلاة البتة أو خرج وقتها المختار، مثل: العصر، لو غلب على ظنه أنه لن يصل إلى مثل هذا إلا بعد غروب الشمس أو قريباً من الغروب فحينئذٍ نقول له: تيمم؛ لأن الصلاة في الوقت أفضل؛ وقد فعلت الطهارة، وهو التيمم بدلاً عن الماء.

يقول المؤلف: (فإن رأى ما يشك معه في الماء قصده فاستبرأه)، ومعنى (فاستبرأه) قطع الشك واستبرأ من عهدة الطلب؛ بحيث يكون قد طلب وبحث، فإن وجد خضرة ذهب فسأل، وإن وجد سيارة قدمت سألها، وإن أحس بوجود شجر بحث؛ لأنه أحياناً يكون الجو معكراً فأحياناً بين صلاة وصلاة تظهر بعض الأشجار فيبحث عنها ما لم يخف خروج وقت الصلاة، كما سيأتي في كلام المؤلف.

طلب الماء وسؤاله من الرفيق

قال المؤلف رحمه الله: [ويطلبه من رفيقه]، بأن يقول لرفيقه: هل عندك ماء؟ ولا يلزم قبول ما به منة، فلو قال لك شخص: خذ هذا الماء فتوضأ به أو خذه هبة لا يلزم قبوله؛ لأن فيه منة، فجمع المؤلف بين منع القبول مع وجود الماء ورؤيته لأنه لم يكن ثمة ملك له، ولو أعطاه شخص صديق أو غيره هذا الماء لم يقبله، فلماذا قال هنا: ويطلبه من رفيقه؟ نقول: الرفيق هنا ليس هو الرفيق الذي معك في السفر أو معك في المخيم؛ يعني: أنت ضارب المخيم في آخر التنهاك والثاني في أول التنهاك ليس المراد هذا، المراد هو الرفيق الذي ماؤك وماؤه واحد، وطعامك وطعامه واحد، يعني: كأنه قال رفيقك في السفر، ورفيقك في الرحلة، ورفيقك في المخيم، ورفيقك في الخروج، كما أشار إلى ذلك متأخرو الحنابلة.

فإن بحثت فلم تجد، يقول المؤلف: (فإن تيمم قبل طلبه لم يصح)؛ يعني: إن تيمم قبل أن يطلبه بعد دخول كل وقت الصلاة لم يصح، (ما لم يتحقق عدمه)؛ يعني: ما لم يتحقق العدم، أما إن تحقق العدم بحيث علم أنه ليس هناك ماء، فهو يعلم المكان ويعلم أن رحله لم يأت بماء، فحينئذ لو تيمم من غير بحث بعد دخول وقت كل صلاة، فصلاته صحيحة؛ لأن يقينه هو عدم وجود الماء، فهو داخل في عموم قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].

طلب الماء بدلالة ثقة

المؤلف حينما أمره أن يبحث ذكر أن من ضمن البحث ومن ضمن الطلب أن يبحث عن دلالة بحيث أنه إذا وجد أناساً قريبين منه سألهم: هل الماء قريب منا أم لا؟ وكم يبعد؟ وأين جهته؟ فلا بد من أن يسأل أهل الدلالة إذا كانوا أهل ثقة.

تحدث المؤلف عن وقت التيمم فقال: يتيمم إذا لم يجد الماء، وأراد أن يبين أن ثمة مسائل ينبغي لمن أراد أن يتيمم أن يعملها؛ لأنه ربما تيمم ظاناً أنه عادم للماء فإذا هو ليس بعادم، أو يظن أنه إن وجد الماء بعد ما صلى بتيمم أنه يلزمه الإعادة، فأراد أن يبين أن هناك أحوالاً يلزمه فيها الإعادة وأحوالاً لا يلزم فيها الإعادة، فقال: (ويجب على من عدم الماء إذا دخل وقت الصلاة طلب الماء)، الله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ [المائدة:6]، فالله أمرنا إذا دخل الوقت أن نقوم إلى الصلاة، وما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، فحينما أمرنا بإقامة الصلاة إذا دخل الوقت فقد أمرنا بشروطها، وشروطها هي الطهارة؛ فإذا دخل الوقت وجب عليك أن تبحث عن ماء الطهارة، فإذا عدم الماء شرعت في التيمم، ولا يصح لك أن تتيمم ما لم تتحقق عدم وجود الماء، فإن تحققت عدم وجود الماء شرع لك أن تتيمم، ولست بحاجة بعد ذلك إلى أن تبحث عن الماء كلما دخل الوقت؛ لأنك تحققت عدم وجود الماء، فأنت داخل في معنى قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].

لكن إذا لم تتحقق من وجود الماء، فإن المؤلف يقول يجب على من عدم الماء إذا دخل الوقت أن يبحث؛ يعني: في كل وقت يبحث؛ لأنه لم يتحقق من عدم وجود الماء؛ لأنه مخاطب بالصلاة وبشروطها كلما دخل وقتها، كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي في الأم وكذلك الحنابلة.

قوله: (طلب الماء في رحله)، أحياناً الإنسان يكون رحله كثيراً أو ربما يكون عنده سيارة فيها تانكي عن يمين وعن شمال وتحت، وربما يكون عنده ماء وهو لا يعلم به، وربما قد ضرب الخيمة، فلا بد من البحث عن مثل هذا الشيء.

يقول: (طلبه في رحله بأن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه)، بعض الناس يقول: أذكر أن هناك جرة ماء تصلح للوضوء لكنه ما وجدها، ويغلب على ظنه أنها موجودة، فيجب عليه بعد دخول وقت كل صلاة أن يبحث عنها؛ لأنه لم يتحقق عدم وجود الماء، قال المؤلف: (يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه، وفي قربه بأن ينظر وراءه، وأمامه، وعن يمينه وعن شماله)، كلما دخل وقت كل صلاة يبحث، هذا النظر لا بد أن يكون مبنياً على غلبة ظن، فإن رأى سراباً قد قدم فلا بد أن ينتظر، ولا يتيمم حتى يسأل صاحب القافلة أو صاحب السيارة: هل عندك ماء؟

أحياناً الإنسان يلتفت في الليل فلا يجد شيئاً لكنه في النهار يجد خضرة، يجد طيوراً، فهذه الطيور التي تحوم يغلب على الظن أنها تحوم على ماء، فلا بد أن يذهب إلى مثل هذه الطيور ما لم يخف خروج وقت الصلاة فإن خاف خروج الوقت فإنه حينئذٍ يتيمم؛ لأنه لو غلب على ظنه أنه لو وصل إلى مثل هذا المكان لخرج الوقت سواء كان خرج وقت الصلاة البتة أو خرج وقتها المختار، مثل: العصر، لو غلب على ظنه أنه لن يصل إلى مثل هذا إلا بعد غروب الشمس أو قريباً من الغروب فحينئذٍ نقول له: تيمم؛ لأن الصلاة في الوقت أفضل؛ وقد فعلت الطهارة، وهو التيمم بدلاً عن الماء.

يقول المؤلف: (فإن رأى ما يشك معه في الماء قصده فاستبرأه)، ومعنى (فاستبرأه) قطع الشك واستبرأ من عهدة الطلب؛ بحيث يكون قد طلب وبحث، فإن وجد خضرة ذهب فسأل، وإن وجد سيارة قدمت سألها، وإن أحس بوجود شجر بحث؛ لأنه أحياناً يكون الجو معكراً فأحياناً بين صلاة وصلاة تظهر بعض الأشجار فيبحث عنها ما لم يخف خروج وقت الصلاة، كما سيأتي في كلام المؤلف.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2630 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2588 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2547 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2544 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2524 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2453 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2388 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2375 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2359 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2356 استماع