أرشيف المقالات

توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (3)

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (3)
الحديث الثالث


عن ابن عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُمَا، كَانَ يَقُولُ: "نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَن يَبِيعَ الرَّجُلُ عَلَى بَيعِ أَخِيهِ، وَأَن يَخْطبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتى يَترُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ أَو يَأذَنَ لَهُ الخَاطِبُ"[1].
 
توجيهات وتحقيقات الحديث:
((الرجل)) "أل": هي أل الجنس، فالمراد بالرجل أيُّ رجلٍ كان؛ لأن مدخول: "أل" التي للجنس في معنى النكرة.
 
((بيعِ أخيه))، ((خطبة أخيه)): الأخوَّة هنا، قيل: هي أخوَّة الإسلام، وقيل هي أخوَّة الإنسانية، فيشمل النهيُ المسلمَ وغيرَ المسلم، وهذا هو الأصحُّ؛ لأن الذمِّيَّ والمعاهَد لهما من الحقوق مثلُ ما للمسلم وعليهِما ما عليه.
 
((حتى يترك الخاطبُ)): قوله صلي الله عليه وسله: ((حتى)) يجوزُ أن تكون بمعنى "إلى"، ويجوز أن تكون بمعنى "إلاَّ".
 
((أو يأذن له الخاطبُ قبله)): ذكرها النبي صلوات الله وسلامه عليه دون الاكتفاء بما قبلها؛ لأنه قد يعلن تركَه للخطبة كما في المعطوفِ عليه، فلا يحتاج الخاطبُ الثاني في هذه الحالة إلى إذنه، وقد يسكتُ فلا يعلن تركَه للخطبة مع انصرافِ نفسه عنها كما في المعطوف، وفي هذه الحالة يحتاج إلى إذنِه، فهما حالتان لا يمكن الاستغناء بإحداهما عن الأخرى.
 
وقد يُقال: فهل يحتاج إلى إذْن الخاطب إذا رفضَت المخطوبةُ أو وليُّها خطبتَه ولم يتركها ولم يأذن؟!
والجواب: في هذه الحالة لا يحتاج إلى إذنه؛ لأنَّ إصراره على الخطبة بعد رفضها من المخطوبة أو وليِّها لا حقَّ له فيه، وفي منع الخطبة عنها لإصراره عليها ضررٌ لها وتحكُّم في أمرها، وهو لا يملك أن يتحكَّم فيه.
 
لم يقل النبي صلي الله عليه وسلم في البيع ((حتى يتركَ أو يأذن)) كما قال في الخطبة؛ وذلك لأنَّ البيع عقدٌ قد تمَّ، فلا يأتي فيه مثلُ ذلك، فإذا كان لم يتم؛ بأنْ كان في حال المساومة في البيع؛ فإنه يأتِي فيه مثلُ ذلك.



[1] رواه البخاري (5142)، ومسلم (1412)، وغيرهما.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١