تنبيهات للصائمين


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضى نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم على سيدنا محمد، وعلى المهاجرين والأنصار.

أما بعد:

فهذا هو الدرس الأخير في هذه الدورة المباركة، وهنا أنبه على مسألة مهمة قبل أن نراجع ما مضى ذكره من أحكام الصيام.

فأقول: إن الناس في رمضان ليسوا سواء، بل أصناف الناس في رمضان كثيرة:

فمن الناس من يجعل من رمضان شهراً لتنويع المطاعم والمشارب، ولذلك تجد الواحد منهم في رمضان همه المقعد المقيم أن يبقى عامة ليله أكولاً شروباً متخماً بأنواع الطيبات، ولا يقوم من مائدة إلا لينتقل إلى غيرها، وقد قيل: إذا كثرت الأنواع كثرت الأوجاع.

وخير من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).

وقبل ذلك قول ربنا جل جلاله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ [الأعراف:31].

الصنف الثاني: يجعلون رمضان شهراً للنوم والبطالة والكسل، والواحد منهم في ليله هائم وفي نهاره نائم، لا يبالي بأوقات الصلوات المكتوبات، ولا يتزود من شيء من الطاعات والخيرات، ولا يؤدي ما افترض الله عليه نحو خلقه، فإن كان موظفاً ضاعت حقوق الناس عنده، وإن كان مدرساً لم يقم بما يجب عليه نحو تلاميذه، وهذا كله بدعوى أنه صائم.

الصنف الثالث: يجعلون من رمضان شهراً للسهر واللغو والغفلة، فتجد كثيرين من الآن قد أعدوا العدة لممارسة الرياضة وأنواعاً من الألعاب المختلفة في عامة الليل، أو أنهم يقيمون على المسلسلات والمسرحيات والأفلام، ولربما يتفق آخرون على السهر عند أحدهم من أجل اللعب بأنواع من اللهو التي لو قيل بأنها حلال فليس وقت اللعب بها في رمضان.

الصنف الرابع: يجعلون من رمضان موسماً للتجارة وعرض السلع في الأسواق، ولذلك تجد الأسواق في رمضان عامرة لاغية لاهية، وكثيرون همهم أن يربحوا من تجارة الدنيا، وبعض الناس لا هم له إلا الطواف بالأسواق في أغلب الليل، وكأن رمضان شهر للتبضع دون النظر إلى أهمية الوقت.

وخير الناس من جمع بين الدنيا والآخرة، كما قال ربنا جل جلاله: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ[القصص:77].

وكما قيل:

ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

الصنف الخامس: يجعلون من رمضان شهراً للتسول وإظهار الفاقة، فما أكثر المتسولين في رمضان، وما أقل القانعين بما رزقهم الله عز وجل.

فلو أننا أردنا أن نقول: من الرابح في رمضان؟

فإننا نقول: الرابح هو من عمل بطاعة الله، تقرب إلى الله عز وجل بالفرائض، ثم تقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل، وقد قال الله عز وجل: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).

وهنا -أخي المسلم- أقترح عليك برنامجاً لرمضان، فإن استطعت فخذ به كله، وإن لم تستطع فخذ بأغلبه:

أخي الصائم إن يومك في رمضان يبدأ قبل طلوع الفجر، فإذا كان يؤذن للفجر في الساعة الخامسة والربع مثلاً، فابدأ يومك من الساعة الرابعة والربع، أو من الرابعة والنصف، فقم واقتد بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يمسح النوم عن وجهه أول ما يقوم من فراشه، ثم يذكر الله، فيقول: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور)، ثم يقرأ العشر الآيات الأخيرة من سورة آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ [آل عمران:190] إلى آخر السورة.

ثم قم فتوضأ، واعلم أن في الوضوء أجراً عظيماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأ العبد فمضمض فاه خرجت كل خطيئة أصابها بفمه مع الماء، أو قال: مع آخر قطر الماء، فإذا غسل وجهه خرجت كل خطيئة أصابتها عيناه مع الماء، أو قال: مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء، حتى تخرج خطاياه من بين أظافره).

ثم بعد ذلك تناول سحورك طعاماً كان أو شراباً، ولو على جرعة ماء.

ثم بعد ذلك اشتغل بطاعة الله، إما أن تركع ركعات أو ترتل آيات، أو يلهج لسانك بدعوات، أو يجري عليه ذكر الله عز وجل بتحميدات أو تسبيحات أو تكبيرات أو تهليلات، أو أن تشغل نفسك بالاستغفار.

ثم حث الخطا إلى المسجد، واعلم بأن لك أجراً عظيماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم خرج إلى بيت من بيوت الله ليؤدي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها ترفعه درجة، والأخرى تحط عنه خطيئة)، فإذا دخلت المسجد فقل:( باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم).

فإذا رفع الأذان اركع لله ركعتين، ركعتي الرغيبة، وهما خير من الدنيا وما فيها، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهما في سفر ولا حضر، ثم بعد ذلك اجلس بين الأذان والإقامة، ولا تجلس صامتاً تنظر إلى الناس، فهذا وقت ثمين، فالدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، فاشتغل بالدعاء، أو اشتغل بالاستغفار، أو اشتغل بقراءة القرآن، أو اشتغل بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه أنه قال: (من صلى علي عشراً حين يصبح وعشراً حين يمسي حلت له شفاعتي يوم القيامة)، فإذا أقيمت الصلاة قم صف قدميك بين يدي الله عز وجل واقتد بالإمام، ولا تسبقه بركوع ولا سجود ولا انصراف، فإذا انتهيت من صلاة الصبح فلا تعجل بالخروج بل ائت بالباقيات الصالحات، فقل: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً، (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، ثم قل عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، قبل أن تثني رجليك.

ثم سبح الله ثلاثاً وثلاثين، واحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، وقل تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير.

ثم بعد ذلك اقرأ آية الكرسي فـ(من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت) ثم اقرأ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ[الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ[الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ[الناس:1]، ثلاثاً.

فإذا فرغت من الباقيات الصالحات فلا تعجل بالقيام، خذ مصحفك ورتل القرآن ترتيلاً حتى تطلع الشمس.

مع العلم أن ما بين الفراغ من الصلاة وطلوع الشمس ما يقرب من خمسة وأربعين أو خمسين دقيقة، ولكن انظر إلى الأجر والثواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له أجر حجة وعمرة تامة تامة)، والحج في الأحوال العادية يكلف ثمانية آلاف دولار، ومعنى ذلك أنك ستخرج من رمضان بثلاثين حجة، وهي بما يعادل مائتان وأربعون ألف دولار، والعمرة تكلف ثلاثة آلاف دولار، بمعنى أنك ستخرج من رمضان بثلاثين عمرة، بما يكلف تسعين ألف دولار ومائتين وأربعين. فصار المجموع ثلاثمائة وثلاثين ألف دولار، خرجت بها من رمضان، هذا بحسابات الدنيا: وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[الشورى:36].

فإذا الشمس طلعت، صليت ركعتين، ورجعت إلى بيتك.

وكما أن خطوات الذهاب إلى المسجد قد حسبت، فإن خطوات العودة منه محسوبة كذلك، يقول أبي بن كعب: (كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعلم رجلاً أبعد ممشى إلى المسجد منه، كان بيته بعيداً، وكان لا تخطئه صلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا له: لو ابتعت حماراً تركبه في الليلة الظلماء والليلة الشاتية؟ فقال الرجل: إني لأرجو أن يكتب الله لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي منه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله)، أي: أن ربنا سيكتب لك المشي، وسيكتب لك المجيء والرجعة.

فإذا رجعت إلى البيت وكنت تاجراً مثلاً فيمكن أن تنام ساعة أو ساعتين، وإن كنت موظفاً مثلاً فتوكل على الله واذهب إلى المكتب أو إلى المصنع أو إلى غير ذلك، مع الالتزام بأمور أربعة: غض البصر، وكف اللسان، وحفظ السمع، واستعمال الجوارح فيما يحبه الله.

وإياك أن تمشي في الشارع أو تركب في الباص، وتبدأ تلمز الناس ذات اليمين، وبعض الناس قد تجده في الطواف حول الكعبة، فتلقاه شغال، يمين وشمال يتكلم في أعراض الناس، وهذا مسكين، فاحفظ جوارحك.

احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان

كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان

وغض بصرك عما لا يعنيك. فهذه أمور أربعة تحفظها تماما.

فإذا كان وقت الضحى الساعة العاشرة أو الحادية عشرة أو الثانية عشرة فاركع لله عز وجل ركعتين، وحبذا لو كانت أربعاً، فإن الله تعالى قال: (يا ابن آدم! لا تعجز عن أربع أول النهار أكفيك آخره)، والأفضل لو جعلتها ستاً، والتمام أن تركع لله ثمان ركعات، لكن من لم يستطع ثمان ركعات فليركع ركعتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يصبح ابن آدم على كل سلامى منه صدقة، فله بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرةٍ صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، تصلح بين اثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع متاعه صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى).

وبعد ذلك تستمر كافاً للسانك، غاضاً لبصرك، حافظاً لسمعك، ممسكاً لجوارحك، فإذا جاء وقت الظهر تتطهر، وذهب إلى المسجد واركع قبل صلاة الظهر أربعاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى لله في كل يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيناً في الجنة، أربعاً قبل الظهر، واثنتين بعده، واثنتين بعد المغرب، واثنتين بعد العشاء، واثنتين قبل الصبح). والمجموع: اثنتا عشرة ركعة.

أما ما بين الأذان والإقامة فإن الواحد منا يشتغل بطاعة الله، إما بالدعاء، أو بالاستغفار، أو بقراءة القرآن، فمن الممكن في كل يوم أن تقرأ خمسة أجزاء، بين الأذان والإقامة، ففي صلاة الصبح تقرأ جزءاً، وكذلك الظهر، وكذلك بين الأذان والإقامة في العصر، وكذلك قبل المغرب، فخير من أن تقعد تتحدث أو تتابع المسلسل اقرأ قرآناً، ثم بين الأذان والإقامة في صلاة العشاء، وإذا صليت الظهر مع المسلمين فاركع بعدها ركعتين، وحبذا لو جعلتها أربعاً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: (من صلى قبل الظهر أربعاً وبعده أربعاً حرم الله جسده على النار).

ثم بعد ذلك واصل عملك، أو ارجع إلى بيتك فاسترح وهذا النوم عبادة، لأنه يعينك على طاعة الله عز وجل.

وبعد ذلك تذهب إلى صلاة العصر، واحرص قبل العصر أن تركع لله أربعاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً )، فإذا صليت العصر مع الناس فإن الوقت فيما بين العصر والمغرب وقت ثمين وعظيم، إما أن تجلس في مجلس علم كمجلسنا هذا، وإما أن ترتل القرآن ترتيلاً، وإما أن تشتغل بالذكر والاستغفار، ولك أن تنام بعد العصر قليلاً ثم تستيقظ قبل غروب الشمس واشتغل بطاعة الله عز وجل، فإذا رفع أذان المغرب بادر إلى الإفطار، ويكون الإفطار على رطبات، فإن لم تجد فتمرات، فإن لم تجد فحسوات من ماء.. ينفعك الله بها، فإذا تناولت الإفطار فهناك شيء مهم وهو ألا نستكثر من المباحات، يعني لا نأكل كثيراً ولا نشرب كثيراً، وإنما كل مما رزقك الله، واشرب مما رزقك الله من غير إسراف، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ[الأعراف:31]، ثم صل صلاة المغرب ولو استطعت قبلها صل ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، ثم قال: لمن شاء)، وبعد صلاة المغرب اركع لله ركعتين، ولا تشتغل بعدها بالفوازير ولا بالمسابقات ولا بالأحاجي ولا بالألغاز، وإنما تطهر واغد إلى بيت الله عز وجل فاركع لله ركعتين تحية المسجد، واجلس في ترتيل وذكر ودعاء إلى أن تقام صلاة العشاء، ثم صل مع الناس العشاء، وبعد العشاء اركع لله ركعتين، وصل صلاة القيام مع المسلمين من غير إزعاج؛ لأن الله عز وجل ليس محتاجاً لعبادتي ولا لعبادتك، قال ربنا في الحديث القدسي: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)، فالطاعة نفعها راجع إليك، والمعصية ضررها عائد عليك، (إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني).

فإذا صليت العشاء والتراويح ارجع إلى بيتك فإن شئت أكلت، إن شئت شربت، إن شئت رفثت، يقول تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ[البقرة:187].

وبعد ذلك احرص على النوم مبكراً، ولا تقعد في سهر مع الأفلام؛ لكي تبدأ يومك الثاني بنفس الطريقة في اليوم الأول، فلو حافظت على هذا البرنامج -إن شاء الله- في نهاية رمضان يتحقق لك ما أراده الله من الصيام كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة:183].

تقدم معنا الكلام في أن ربنا الرحمن رغبنا في الصيام بأربعة أساليب وهي:

الأول: نادانا بوصف الإيمان فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:183].

الثاني: أن الصيام أمر مشترك بين الأمم، قال تعالى: كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:183] فالله عز وجل يقول: ليس الصيام عليكم فقط، وإنما عليكم وعلى الذين من قبلكم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة:183]، فالصوم هذا فيه فوائد، وليس عذاباً لكم قال تعالى: مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ[النساء:147].

الثالث: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ[البقرة:184].

وقلنا بأن صوم رمضان واجب بالكتاب والسنة والإجماع، وأنه لا يجب إلا على من توافرت فيه خمسة شروط: الشرط الأول: البلوغ. بمعنى أن الصغير ليس عليه صوم لكن نشجعه.

ثانياً: العقل، ومعناه أن المجنون ليس عليه صيام.

ثالثاً: القدرة، فمن كان مريضاً فقد عذره الله على التفصيل الذي سبق ذكره.

الشرط الرابع: الإقامة، فمن كان مسافراً جاز له أن يفطر.

الشرط الخامس: النقاء من دم الحيض والنفاس.

ولصحة الصوم شرطان: الشرط الأول: الإسلام، فالكافر لو صام الدهر لما نفعه صومه، يقول تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان:23].

الشرط الثاني: أن يكون اليوم مما يصح صومه، فلو أن رجلاً صام يوم العيد، فهذا الصوم غير صحيح ولا مقبول.

ولو صام أيام التشريق أو صام يوم الشك، فصومه لا يصح، ولا يقبل عند الله عز وجل.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
شروط وجوب الصيام 2189 استماع
أخطاء شائعة يقع فيها الصائم 2127 استماع
ثبوت دخول رمضان 2072 استماع
أنواع الصيام 1682 استماع
مبطلات الصيام ومندوباته 1653 استماع
تعريفه وحكمه وفرضه ومرتبته 1481 استماع