أرشيف المقالات

تحية غير المسلمين والسلام عليهم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
تحية غير المسلمين
والسلام عليهم

لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام لأن معنى السلام هو السلامة من الآفات، فإذا قلت لإنسان السلام عليك، فمعنى ذلك أن تسأل الله تعالى أن يسلمه من الآفات الحسية، والمعنوية، فالسلامة الحسية سلامة البدن، والعرض، والمال والسلامة المعنوية سلامة الدين[1].

وهذا دعاء له، وقد نهينا عن الاستغفار للمشركين، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تَبْدِؤوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ، فَإِذَا لَقِيتُم أَحَدهُم فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِه"[2].

وذهب جمهور أهل العلم على المنع من ابتداء الكفار بالسلام، قال النووي في الأذكار، "وأما أهل الذمة فاختلف أصحابنا في أهل الذمة، فقطع الأكثرون بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام.

ومن أهل العلم من جوز ابتداءهم مطلقاً، وقال آخرون يجوز عند الحاجة وهي أقوال مردودة بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النووي: (قال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم، وهذا ضعيف لأن النهي للتحريم، فالصواب تحريم ابتدائهم)"[3].

ويشرع رد السلام على الكافر الذي ابتدأ به لعموم قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].
هذا إذا كان اللفظ صريحاً واضحاً بالسلام، أما إن تلاعبوا بالألفاظ بقصد السخرية والحقد، فيقال: وعليكم، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ، فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهم: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقُولُوا: وَعَلَيْك"[4].
والسام هو الموت.

أما إذا كان مجموعة فيها مسلمون وكفار، فيجوز السلام عليهم، ويقصد بذلك المسلمين، ففي صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد "أَنَّ النَّبِيصلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَومٍ أَخْلاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، فَسَلَّمَ عَليهِم"[5].

قال ابن حجر رحمه الله: (يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار، وينوي حينئذ بالسلام على المسلمين) [6].

وإذا كان لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام، فهل يجوز ابتداءه بتحية غير السلام، كصباح الخير، أو أهلاً وسهلاً، وغيرها من العبارات.

الصحيح أنه يجوز ابتداؤهم بتحية غير السلام، وهو اختيار ابن تيمية، والنهي الوارد إنما هو في السلام الذي معناه السلامة من الآفات والرحمة والبركات، ولا يصلح هذا لغير المسلم، ولا يصافح الكافر ابتداء، لكن لو مد يده للمصافحة، فيصافحه المسلم لأن النهي إنما ورد في ابتدائهم بالسلام.

سُئل الإمام أحمد عن مصافحة الذمي، فقال: (لا تعجبني) [7].




[1] القول المفيد شرح كتاب التوحيد (2/ 327) للشيخ ابن عثيمين.


[2] برقم (2167).



[3] الأذكار (1/ 323).



[4] برقم (5902).



[5] برقم (4566).



[6] فتح الباري (8/ 232).



[7] المستدرك على مجموع الفتاوى (3/ 241).

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير