تفسير سورة يس [9]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

فقد أخذنا في الآيات السابقات أن الكفار عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أنفقوا مما رزقكم الله، قالوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ[يس:47]، ومعناه: هؤلاء الفقراء والمساكين لو شاء الله لأغناهم، ولو شاء لأطعمهم وأشبعهم، فمن أفقره الله لا نغنيه، ومن جوعه الله فلا نطعمه.

ثم يتمادون في الضلال فيصفون المؤمنين بالضلال المبين قالوا: إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يس:47]، وكذلك إذا قيل لهم: اتقوا ما بين أيديكم من أهوال القيامة وفظائعها، واعملوا لذلك اليوم عملاً ينجيكم، وخذوا حذركم، واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله عز وجل ليحاسبكم، فالكفار كانوا يطرحون هذا السؤال الذي يدل على بلادة الذهن، يقولون: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [يس:48]، أي: لو كانت القيامة حقاً أخبرونا متى تكون!

قال الله عز وجل: مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ [يس:49]، هؤلاء الذين يستبعدون وقوع القيامة ويسألون عنها بمثل هذه الصيغة، كان الجواب عليهم: لا ينتظرون إلا صيحة واحدة من ملك كريم هو إسرافيل عليه السلام، هذا الملك إذا نفخ في الصور، فهذه النفخة ستأخذ هؤلاء أخذ عزيز مقتدر، بينما هم يتخاصمون في دنياهم وبيعهم وشرائهم، وأخذهم وعطائهم؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كيف آمن وقد التقم صاحب الصور قرنه، ينتظر متى يؤمر فينفخ فيه )، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إسرافيل النافخ في الصور قد أخذ وضع الاستعداد، التقم قرنه ينتظر متى يؤمر من الله عز وجل بالنفخ فينفخ.

قال الله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً [يس:50]، أي: لا يستطيع أحدهم أن يوصي بما له أو ما عليه، وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [يس:50].

ثم يقول سبحانه: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ [يس:51]، ونفخ في الصور النفخة الثانية، نفخة البعث، فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ ))، من القبور، إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ))، أي: يسرعون، يعني: يحشرون إلى أرض المحشر ليوقفوا بين يدي الله عز وجل في ذلك اليوم العبوس القمطرير، وهؤلاء البلداء البلهاء يقولون: يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا[يس:52]، يطرحون هذا السؤال، قد كانوا في عذاب مقيم، عندما كانوا في قبورهم، كانت قبورهم حفراً من حفر النار، لكنها بالنسبة لما ينتظرهم من العذاب الشديد يعتبرونها مراقد، قالوا: مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا))، فيكون الجواب من الملائكة، أو من المؤمنين، أو يجيبون أنفسهم بأنفسهم فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:52-53]، محضرون بين يدي الله عز وجل.

نفي الله عن نفسه الظلم يوم القيامة

انقسام الناس يوم القيامة إلى فريقين

فكيف يكون حال الناس في ذلك اليوم؟

يبين ربنا في الآيات التي بعدها أنهم ينقسمون إلى فريقين، ويتمايزون إلى قبيلين: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، فريق منعم وفريق معذب، فريق يتكلمون فيما بينهم بالكلام الطيب ويتلقون التحية والسلام، وفريق آخر -والعياذ بالله- هم في الآهات والحسرات، يلعن بعضهم بعضاً ويكفر بعضهم ببعض.

فكيف يكون حال الناس في ذلك اليوم؟

يبين ربنا في الآيات التي بعدها أنهم ينقسمون إلى فريقين، ويتمايزون إلى قبيلين: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، فريق منعم وفريق معذب، فريق يتكلمون فيما بينهم بالكلام الطيب ويتلقون التحية والسلام، وفريق آخر -والعياذ بالله- هم في الآهات والحسرات، يلعن بعضهم بعضاً ويكفر بعضهم ببعض.