خطب ومحاضرات
الإيمان والكفر [8]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آله محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد:
بعد أن تكلمنا في بحث مسمى الإيمان، وحقيقة الإيمان، شرعنا في دراسة ست مسائل تتعلق بمباحث في أصول الدين:
الأولى: كون الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
والثانية: تفاضل أهله فيه، أي: أن أهل الإيمان متفاضلون، وليسوا على مرتبة واحدة في الإيمان.
الثالثة: أن فاسق أهل الملة الإسلامية لا يكفر بذنب دون الشرك ولوازمه إلا إذا استحله.
والرابعة: أن المسلم الفاسق لا يخلد في النار.
والخامسة: أن المسلم في العقاب وعدمه تحت المشيئة.
السادسة: أن التوبة في حق كل فرد مقبولة ما لم يغرغر، سواء من كفر أو من أي ذنب كان.
وقد فرغنا من الكلام على القضية الأولى: وهي أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
وشرعنا في دراسة القضية الثانية وهي: أن أهل الإيمان متفاضلون فيه، كما قال حافظ حكمي :
وأهله فيه على تفاضل هل أنت كالأملاك أو كالرسل
والآيات والأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين في هذا الباب -باب إثبات تفاضل أهل الإيمان- أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تنكر.
يقول: والمقصود بيانه: أن الناس متفاوتون في الدين بتفاوت الإيمان في قلوبهم، ومتفاضلون فيه بحسب ذلك، فأفضلهم وأعلاهم -أعلى مراتب البشر في قوة الإيمان-: أولو العزم من الرسل.
ومعروف أن أعلى أولو الرسول إيماناً هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأعلى وأفضل الناس إيماناً هم أولو العزم من الرسل، وأدناهم وأحطهم إيماناً، وأقلهم إيماناً المخلصون من أهل التوحيد، وبين ذلك مراتب ودرجات لا يحيط بها إلا الله عز وجل الذي خلقهم ورزقهم.
وكما يتفاوتون في مبلغ الإيمان من قلوبهم، يتفاوتون في أعمال الإيمان الظاهرة، يعني: حالات القلوب، وإيمان القلوب يتفاوت، من حيث قوة اليقين، وفي أعمال الإيمان أيضاً يتفاوتون.. بل والله يتفاضلون في عمل واحد يعمله كلهم في آن واحد، وفي مكان واحد. هل كل الآلاف الذين يقفون على عرفات، وهم يمارسون نفس العبادة -الحج- في نفس الأرض -عرفات- في نفس الوقت يوم عرفة.. كلهم موجودون في مكان واحد، وفي عبادة واحدة، وفي وقت واحد، ومع ذلك بين الواحد منهم والآخر تفاوت عظيم الله أعلم به.
صف الصلاة: يقف الناس في الصلاة، في الظاهر كلهم يصلون، نفس العبادة والمكان والوقت، ولكن بماذا يتفاضلون؟ هم يستوون في العمل الظاهر، لكنهم يتفاوتون في عمل القلب، والحضور والخشوع.
يقول: بل والله وكما يتفاوتون في مبلغ الإيمان من قلوبهم، يتفاوتون في أعمال الإيمان الظاهرة، بل والله يتفاوتون في عمل واحد يعمله كلهم في آن واحد، وفي مكان واحد. فإن الجماعة في الصلاة صافون كلهم في رأي العين مستوون في القيام والركوع والسجود، والخفض والرفع، والتكبير والتحميد، والتسبيح والتهليل والتلاوة وسائر الأذكار، والحركات والسكنات، في مسجد واحد، ووقت واحد، وخلف إمام واحد، وبينهم من التفاوت والتفاضل ما لا يحصى، فهذا واحد منهم تجد قرة عينه في الصلاة، يود إطالتها ما دام عمره -وأثقل شيء عليه أن يقترب وقت التسليم حين يخرج من هذه الصلاة؛ فيود إطالتها مادام عمره- وآخر يرى نفسه في أضيق سجن، يود انقضاءها في أسرع من طرفة عين، أو يود الخروج منها، بل يتندم على الدخول فيها، وهذا يعبد الله على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يشاهد الله، وآخر قلبه في الفلوات، قد تتعدد به الضيعات، وتتفرق به الطرقات، حتى لا يدري ما يقول، ولا ما يفعل، ولا كم صلى.
هذه حقيقة، فبعض الناس يتسلط عليهم الشيطان في الصلاة، فتجده متى ما دخل في الصلاة، ذكره الشيطان بكل مكان نسيه من أمور الدنيا، كل مكان يجد فيه لذته، وأشياء كثيرة يكون نسيها في الأحوال العادية؛ فيأتي الشيطان ليذكره بها، ويظل يتشعب قلبه في كل أودية الدنيا، وتحضر كل المشاكل في أثناء الصلاة، ولا تنتهي هذه المشاكل إلا بانتهاء الصلاة.. عندما يسلم تضيع هذه المشاكل.
انظر لشهر رمضان: كل الناس يصومون، ثم انظر إلى التفاوت أيضاً بينهم في فرحهم بهذا الشهر، وابتهاجهم بدخوله، واستعدادهم له، قارن مثلاً بين الذي يفرح بقدوم رمضان؛ لأنه سيرى الفوازير والتمثيليات والمسابقات ويأكل ويشرب ويتلهى ويتسلى مع أصدقائه ومعارفه.. قارن هذا بمن كلما مرت ساعة أو لحظة من رمضان تندم عليها لأنه لم يستثمرها أكثر مما استثمرها، حتى إذا حضر آخر رمضان كأنه في مأتم، وأن أحب شيء إليه قد فارقه، وهو أحوج ما كان إليه، كيف تتقطع قلوب المؤمنين بفوات رمضان وسرعة ذهابه.
انظر إلى ذلك العاصي الفاسد الذي يفرح فرحاً شديداً لذهاب رمضان وانصرافه، حتى إن بعض الشعراء قال:
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق
ما كان أكثره على ألافها وأقله في طاعة الخلاق
يقول: رمضان ولى هاتها يا ساقي: أي أنه امتنع عن الشراب - الخمر والعياذ بالله - في أثناء رمضان، فيقول فرحاً: رمضان ولى فهات هذا الخمر التي حرمنا منها في رمضان.
ما كان أطوله على ألافها، ما كان أطول شهر رمضان على عبيد الخمر -والعياذ بالله- الذين تعودوا عليها.
فهذا يصور نفس هذا المعنى الذي نشير إليه، ولذلك كان من الكبائر أن يتمنى الإنسان بقلبه أن يتأخر رمضان، ومن علامات الإيمان عند المؤمن الصادق: أنه يفرح ويتمنى أن يكون غداً رمضان، ولا يتمنى أن يكون يوم غدٍ هو الثلاثين من شعبان، هذه علامة الإيمان، فمن الكبائر بغض رمضان، أو أن تتمنى أن يتأخر حتى لا يفاجئك غداً بالصيام. هذه من الآداب القلبية التي تدل وتعكس تفاوت الإيمان في عبادة واحدة.
وإذا ذهبنا نستقصي أبواب الخير في عبادة مثل الصيام يتبين لدينا بصورة واضحة تفاوت الناس في العمل الواحد، وإن اشتركوا فيه في الظاهر.
أيضاً: هذا قرة عينه في الصلاة، يود إطالتها ما دام عمره، وآخر يرى نفسه في أضيق سجن يود انقضاءها في أسرع من طرفة عين، أو يود الخروج منها، بل يتندم على الدخول فيها.
وهذا يعبد الله على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يشاهده، وآخر قلبه في الفلوات، قد تتعدد به الضيعات، وتتفرق به الطرقات، حتى لا يدري ما يقول، ولا ما يفعل، ولا كم صلى.
وهذا ترفع صلاته تتوهج من نوره حتى تخترق السموات إلى عرش الرحمن عز وجل، وهذا تخرج صلاته مظلمة لظلمة قلبه، فتغلق أبوب السماء دونها؛ فتلف كما تلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها، كما جاء في بعض الآثار أنها تقول له: (ضيعك الله كما ضيعتني).
وهذا يكتب له أضعافها وأضعاف مضاعفة، وهذا يخرج منها وما كتب له إلا نصفها، إلا ربعها، إلا ثمنها، إلا عشرها، وهذا يحضرها صورة، ولم يكتب له منها شيء، وهذا منافق يأتيها رياء الناس، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، هذا والناظر إليهم يراهم مستوين في فعلها، ولو كشف له الحجاب، لرأى من الفرقان ما لا يقدر قدره إلا الله الرقيب على كل نفس بما كسبت، الذي أحاط بكل شيء علماً فلا تخفى عليه خافية.
وكذلك الجهاد: ترى الأمة من الناس يخرجون فيه مع إمام واحد، ويقاتلون عدواً واحداً على دين واحد متساوين ظاهراً في القوى والعدد، فهذا يقاتل حمية وعصبية، وهذا يقاتل رياء وسمعة؛ لتعلم شجاعته ويرى مكانه، وهذا يقاتل للمغنم، ليس له هم غيره، وهذا يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا هو المجاهد في سبيل الله لا غير. وهذا هو الذي يكتب له بكل حركة أو سكون أو نصب أو مخمصة عمل صالح، وهكذا الزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع أعمال الإيمان الناس فيها على هذا التفاوت والتفاضل، بحسب ما وقر في قلوبهم من العلم واليقين، وعلى ذلك يموتون، وعليه يبعثون، وعلى قدره يقفون في عرق الموقف، وعلى ذلك يكون الوزن والصحف، وعلى ذلك تقسم الأنوار على الصراط -بسبب أعمال القلوب وغيرها- وبحسب ذلك يمرون عليه، ومن بطأ به عمله؛ لم يسرع به نسبه، وبذلك يتسابقون في دخول الجنة، وعلى حسبه رفع درجاتهم أيضاً في الجنة، وبقدره تكون مقاعدهم من ربهم تبارك وتعالى في يوم المزيد، وبمقدار ذلك ممالكهم فيها ونعيمهم، والله يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
فهذه هي القضية الثانية: تفاضل أهل الإيمان فيه. وهذا مما يخالف فيه أيضاً المرجئة وغيرهم من الفرق.
كما يتفاوتون في مبلغ الإيمان من قلوبهم، يتفاوتون في أعمال الإيمان الظاهرة، يعني: حالات القلوب وإيمان القلوب يتفاوت من حيث قوة اليقين، وفي أعمال الإيمان أيضاً يتفاوتون، بل يتفاضلون في عمل واحد يعمله كلهم في آن واحد وفي مكان واحد، فهناك الآلاف الذين يقفون على عرفات وهم يمارسون نفس العبادة في نفس الأرض وفي نفس الوقت يوم عرفة، كلهم موجودون في مكان واحد وفي عبادة واحدة وفي وقت واحد، ومع ذلك بين الواحد منهم والآخر تفاوت عظيم الله أعلم به. أيضاً يقف الناس في الصلاة صفاً واحداً في الظاهر كلهم يصلون نفس العبادة والمكان والوقت، وهم يستوون في العمل الظاهر، لكنهم يتفاوتون في عمل القلب والخضوع والخشوع. وكما يتفاوتون في مبلغ الإيمان من قلوبهم، يتفاوتون في أعمال الإيمان الظاهرة، بل والله يتفاوتون في عمل واحد يعمله كلهم في آن واحد، وفي مكان واحد. فإن الجماعة في الصلاة صافون كلهم في رأي العين مستوون في القيام والركوع والسجود، والخفض والرفع، والتكبير والتحميد، والتسبيح والتهليل والتلاوة وسائر الأذكار، والحركات والسكنات، في مسجد واحد ووقت واحد وخلف إمام واحد، وبينهم من التفاوت والتفاضل ما لا يحصى، فهذا واحد منهم تجد قرة عينه في الصلاة وأثقل شيء عليه أن يقترب وقت التسليم حين يخرج من هذه الصلاة؛ فيود إطالتها مادام عمره، وآخر يرى نفسه في أضيق سجن، يود انقضاءها في أسرع من طرفة عين، أو يود الخروج منها، بل يتندم على الدخول فيها، وهذا يعبد الله على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يشاهد الله، وآخر قلبه في الفلوات، قد تتعدد به الضيعات، وتتفرق به الطرقات، حتى لا يدري ما يقول، ولا ما يفعل، ولا كم صلى. هذه حقيقة، فبعض الناس يتسلط عليهم الشيطان في الصلاة، فتجده متى ما دخل في الصلاة، ذكره الشيطان بكل شيء نسيه من أمور الدنيا، وكل مكان يجد فيه لذته، وأشياء كثيرة يكون نسيها في الأحوال العادية؛ فيأتي الشيطان ليذكره بها، ويظل يتشعب قلبه في كل أودية الدنيا، وتحضر كل المشاكل في أثناء الصلاة، ولا تنتهي هذه المشاكل إلا بانتهاء الصلاة، وعندما يسلم تضيع هذه المشاكل. انظر لشهر رمضان كل الناس يصومون، ثم انظر إلى التفاوت بينهم في فرحهم بهذا الشهر وابتهاجهم بدخوله واستعدادهم له، قارن مثلاً بين الذي يفرح بقدوم رمضان؛ لأنه سيرى الفوازير والتمثيليات والمسابقات ويأكل ويشرب ويتلهى ويتسلى مع أصدقائه ومعارفه، وبين من كلما مرت ساعة أو لحظة من رمضان تندم عليها؛ لأنه لم يستثمرها أكثر مما استثمرها، حتى إذا حضر آخر رمضان كأنه في مأتم، وأن أحب شيء إليه قد فارقه وهو أحوج ما كان إليه، كيف تتقطع قلوب المؤمنين بفوات رمضان وسرعة ذهابه. انظر إلى ذلك العاصي الفاسق الذي يفرح فرحاً شديداً لذهاب رمضان وانصرافه، حتى إن بعض الشعراء قال: رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق ما كان أطوله على ألافها وأقله في طاعة الخلاق قوله: (رمضان ولى هاتها يا ساقي) أي: أنه امتنع عن شرب الخمر والعياذ بالله في أثناء رمضان، فيقول فرحاً: رمضان ولى فهات هذا الخمر التي حرمنا منها في رمضان. قوله: (ما كان أطوله على ألافها) ما كان أطول شهر رمضان على عبيد الخمر والعياذ بالله الذين تعودوا عليه. فهذا يصور نفس هذا المعنى الذي نشير إليه، ولذلك كان من الكبائر أن يتمنى الإنسان بقلبه أن يتأخر رمضان، ومن علامات الإيمان عند المؤمن الصادق أنه يفرح ويتمنى أن يكون غداً رمضان، ولا يتمنى أن يكون يوم غدٍ هو الثلاثين من شعبان. هذه من الآداب القلبية التي تدل وتعكس تفاوت الإيمان في عبادة واحدة. وإذا ذهبنا نستقصي أبواب الخير في عبادة مثل الصيام يتبين لدينا بصورة واضحة تفاوت الناس في العمل الواحد، وإن اشتركوا فيه في الظاهر. وهذا ترفع صلاته تتوهج من نوره حتى تخترق السماوات إلى عرش الرحمن عز وجل، وهذا تخرج صلاته مظلمة لظلمة قلبه، فتغلق أبواب السماء دونها؛ فتلف كما تلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها، كما جاء في بعض الآثار أنها تقول له: (ضيعك الله كما ضيعتني). وهذا يكتب له أضعافها وأضعاف مضاعفة، وهذا يخرج منها وما كتب له إلا نصفها، إلا ربعها، إلا ثمنها، إلا عشرها، وهذا يحضرها صورة ولم يكتب له منها شيء، وهذا منافق يأتيها رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، هذا والناظر إليهم يراهم مستوين في فعلها، ولو كشف له الحجاب لرأى من الفرقان ما لا يقدر قدره إلا الله الرقيب على كل نفس بما كسبت، الذي أحاط بكل شيء علماً فلا تخفى عليه خافية. وكذلك الجهاد ترى الأمة من الناس يخرجون مع إمام واحد، ويقاتلون عدواً واحداً على دين واحد متساوين ظاهراً في القوى والعدد، فهذا يقاتل حمية وعصبية، وهذا يقاتل رياء وسمعة؛ لتعلم شجاعته ويرى مكانه، وهذا يقاتل للمغنم ليس له هم غيره، وهذا يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا هو المجاهد في سبيل الله لا غير. وهذا هو الذي يكتب له بكل حركة أو سكون أو نصب أو مخمصة عمل صالح. وهكذا الزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع أعمال الإيمان، الناس فيها على هذا التفاوت والتفاضل بحسب ما وقر في قلوبهم من العلم واليقين، وعلى ذلك يموتون وعليه يبعثون، وعلى قدره يقفون في عرق الموقف، وعلى ذلك يكون الوزن والصحف، وعلى ذلك تقسم الأنوار على الصراط بحسب أعمال القلوب وغيرها، وبحسب ذلك يمرون عليه، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، وبذلك يتسابقون في دخول الجنة، وعلى حسبه ترفع درجاتهم أيضاً في الجنة، وبقدره تكون مقاعدهم من ربهم تبارك وتعالى في يوم المزيد، وبمقدار ذلك ممالكهم فيها ونعيمهم، والله يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وقضية تفاضل أهل الإيمان فيه مما يخالف فيها المرجئة وغيرهم من الفرق.
الإيمان مركب من القول ومن العمل، وله معنيان:
الأول: تصديق خبر الله تبارك وتعالى وإخبار رسوله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: الالتزام بالأوامر التي أمر الله بها هؤلاء المصدقين.
هل يجوز أن نحكم بالإيمان لمن صدق بقلبه فقط ولم يلتزم بالعمل؟ بمعنى آخر: هل يكون مؤمناً من شهد أن لا إله إلا الله بقلبه ولكنه لم يعمل ما أمره الله به، ولم ينته عما نهاه الله تعالى عنه؟
الجواب عن ذلك يذكره فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، يقول في الصفحة الخامسة عشر: إن الفصل بين عقيدة القلب، أي تصديقه، وبين الإذعان -الانقياد العملي- والتسليم لأمر الله، وفعل ما يطلبه سبحانه من المؤمنين، فصل لتقريب هذه الدراسة من الفهم، وليس له في الوقع حدوث ولا ظل.
يعني: مسألة تقسيم الإيمان إلى قول وعمل، هذا في حد ذاته ليس هو أمر حقيقي، لكنه مجرد تسهيل وتبسيط لهذه الدراسة حتى نعرف مركبات الإيمان، لكن لا يعني ذلك أن الإيمان ينفصل وينفك عن العمل.
يقول: إن الفصل بين عقيدة القلب -تصديقه- وبين الإذعان والتسليم لأمر الله، وفعل ما يطلبه سبحانه من المؤمنين، فصل لتقريب هذه الدراسة من الفهم، وليس له في الواقع حدوث ولا ظل، فإنه لا يتصور عقلاً وجود إنسان ما يسمع كلام الله، يقول الله عز وجل له: أي عبدي! إن هناك يوم قيامة، فيه سأحاسبك على أعمالك، فإن أحسنت أدخلتك الجنة، وإن أسأت أدخلتك النار، ثم يقول رداً على ذلك: أي رب! إني أصدق كلامك، وأؤمن بما تقول، ولكني أعتذر عن العمل بأوامرك؛ لأنني كسول، هل هذا يليق؟
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: لا يعقل إيمان رجل يعلم وجوب الصلاة، ويسمع نداء الله تبارك وتعالى كل يوم ليلة من حياته يناديه حي على الصلاة، وهو لا يستجيب لهذا النداء مرة واحدة في حياته.
ويقول الشيخ: ولقد كنت أضرب مثلاً لإخواني على هذه الحقيقة فأقول لهم: أرأيتم لو أن قائلاً قال لنا ونحن جلوس الآن: إن هذا المكان تحيط به النار، وإن لم تفروا الآن لحقت بكم وأهلكتكم، أيبقى منا أحد يصدق هذا الخبر إلا بادر بالخروج والهرب، أو يعقل أن ترى بيننا إنساناً يقول لذلك النذير: لقد سمعنا مقالتك، وفهمنا تحذيرك، ولكنني أعتذر عن القيام من مكاني لأني كسلان. إذا وجد شخص بهذا الطراز، فإنما هو مجنون، أو مكذب بالخبر، ويستحيل أن يوجد عاقل يصدق هذا الخبر، ويرد هذا الرد.
فإيمان القلب، وامتثال الجوارح بالإذعان، والمسارعة إلى فعل المأمور به، هما في الحقيقة قضية واحدة لا انفصال بينها، فإذا وجد الإيمان في القلب فإن صاحب هذا الإيمان سوف يبادر فوراً إلى العمل والامتثال.
هذا الدليل دليل عقلي، لا يماري فيه إلا مقلد أعماه التقليد، أو جاحد جاهل.
أما من حيث النقل: فالأدلة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يفهم من بعضها للنظر البادئ: أن إيمان القلب وتصديقه يؤهل لدخول الجنة بعد عذاب في النار لا يعلم أمده إلا الله عز وجل، وأنه لا يخلد في النار خلوداً أبدياً كخلود الكفار المكذبين.
المقصود: إثبات أن تارك العمل مستحق للدخول في النار، وهو من جملة المعاقبين قطعاً؛ وهذه المسألة تمهيد لدراسة المسألة الثالثة من المسائل الستة، وهي: أن فاسق أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان، فربما تهاون بعض الناس في المعاصي، وظنوا أنهم بالتوحيد سوف ينجون، ويزين له الشيطان أنه سوف يدخل النار قليلاً ثم بعد ذلك يخرج مادام على التوحيد، ولا يدري المسكين أن المعاصي هي البريد الذي يقود إلى الكفر؛ فمن تساهل في الصغائر يترقى حتى يقع في الكبائر، ثم ربما هان الأمر على قلبه حتى مات، ثم ربما يستدرجه الشيطان إلى أن يوقعه في الكفر والعياذ بالله. فالمعاصي وسيلة المواصلات التي توصل صاحبها إذا أصر عليها إلى الكفر. هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: أنه لا يوجد إنسان عاقل أبداً يقدم على معصية الله تبارك وتعالى ويتعرض لعقابه بهذه الحجج الواهية.
فالمقصود هنا في هذا البحث: أن الشخص الذي يترك العمل يستحق دخول النار، وهو من جملة المعاقبين، أما قضية الخلود في النار، وأن الخلود أساساً هو للكافرين الذين لم يوحدوا الله تبارك وتعالى، فهذه قضية أخرى.
هناك أصل لابد أن نقرره، وهو: أن فاسق أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان، لكن لابد أن نعرف أن تارك العمل يستحق دخول النار والمعاقبة على ذلك كما سنفصل إن شاء الله فيما بعد.
وكما أن الكفر في القرآن والسنة قد يراد به الكفر الأكبر الذي يخرج الإنسان من الملة تماماً، وقد يراد به الكفر الأصغر، وهو الذي لا ينقل صاحبه عن الملة.
فمسألة الخلود في النار هي الحد الفاصل بين نوعي الكفر؛ إذ الكفر الذي يخرج من الملة هو الذي يستوجب صاحبه الخلود في النار، أما الكفر الذي هو دون كفر، فهو الذي لا يخرج من الملة لكنه ينقص الإيمان، وإن كان يوجب دخول النار.
فالنوع الأول: يوجب لصاحبه الخلود في النار.
والنوع الثاني: يوجب لصاحبه الوعيد دون الخلود في النار.
وليس هذا تهويناً من شأن الكفر الأصغر، فإنك إذا تخيلت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يؤتى بأنعم أهل النار من أهل الدنيا، فيصبغ في جهنم صبغة، أو يغمس فيها غمسة واحدة، ثم يخرج منها ويقال له: يا ابن آدم ! هل رأيت نعيماً قط؟ فيقول: لا والله يا رب! ما رأيت نعيماً قط، ثم يؤتى بأبأس وأشد أهل الجنة من أهل الدنيا، فيغمس في الجنة غمسة، ويخرج منها، فيقال له: يا ابن آدم! هل مر بك بؤس قط؟ هل رأيت شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب)، يحلف وهو صادق؛ لأن هذا الذي رآه أنساه كل ما رآه في الدنيا من بلاء، مع أنه كان أشد الناس بلاءً في الدنيا، لكنه كان مؤمناً.
فإذا كان أنعم الناس في الدنيا إذا غمس في النار غمسة سوف تنسيه هذه الأهوال كل النعيم، وإذا كان أهون الناس عذاباً في النار، وهو من تكون قدماه على جمر من النار تغلي منها دماغه، فكيف يتعرض الإنسان لمثل هذه النار التي قال الله تبارك وتعالى فيها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]؟
هذا الإنسان الذي ينتحر ويقتل نفسه، ويضيع هذه الأمانة التي وهبها الله إياه، ويعجل الموت لنفسه، وفي الغالب يكون السبب ضائقة مالية، أو مرض، أو بلاء لا يصبر له، فهو لقصور عقله يريد الراحة، ولو فقه لعلم أنه يجلب لها تعباً لا يقدر قدره إلا الله عز وجل، وسيظل يتعذب بهذا العذاب إلى ما شاء الله عز وجل؛ لأنه عاجل الله بنفسه، وضيع هذه الأمانة وهذه النعمة نعمة الحياة، فهو يريد الراحة، لكنه في الحقيقة يوقع نفسه في عذاب الله، فمن إذا تحسى سماً فسمه في يده يتحساه إلى يوم القيامة، ومن ألقى نفسه من أعلى جبل، يعذب في القبر بنفس هذا العذاب إلى يوم القيامة، ويظل يلقي بنفسه من شاهق، إلى غير ذلك من الأحاديث.
فالشاهد: أن الشيطان قد يهون على الإنسان الأمر، ويقول: أنت على التوحيد فلا تبالي، لكن المعاصي بريد الكفر، والعاقل لا يتعرض لغضب الله عز وجل، كما يقول بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
ويقول أنس رضي الله عنه: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.
قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحقرات الأعمال؛ فإن لها من الله طالباً، وإنهن يجتمعن على رجل حتى يهلكنه)، وضرب لها رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً بقوم نزلوا بأرض فلاة، فحضر صنيع القوم -أي: وقت الطعام- فجعل الرجل يجيء ببعرة، والرجل يجيء بعود، حتى جمعوا منها قدراً عظيماً وأججوا ناراً عظيمة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، فعندما تتهوان في شيء، وتضم بجانبه شيء آخر، حتى يضيع تعظيم حرمات الله من قلبك، فتجتمع عليك محقرات الأعمال، فتهلكك بذلك.
وما من شك أن النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد من قريش أو غيرهم ممن دعاهم إلى الإسلام الإيمان بمجرد قول كلمة لا إله إلا الله، ولا امتثال وراءها ولا أعمال ولا تكاليف؛ لسارع الناس في الدخول في الإسلام، لكنه أراد الكلمة وما بعدها من امتثال وإذعان لحكم الله عز وجل، ولذلك أخذ العهود من الأنصار على النصرة، وأخذ العهود من المهاجرين على بذل المال والهجرة، وأخذ من المهاجرين والأنصار العهود على الموت في سبيل الله تبارك وتعالى، وما وعد كل أولئك إلا الجنة بعد العمل والجهاد، فهل يظن بعض ضعاف النفوس أن تكون لهم الجنة بمجرد كلمة يقولها أحدهم بلسانه لا يكلف نفسه بعدها عناء؟ لا ركوع ولا سجود ولا صيام ولا يخرج حتى قليلاً في سبيل الله، ولا يقول لله كلمة حق، ويزعم بعد ذلك أن الجنة نصيبه! هيهات هيهات، فإن الإيمان عقيدة والتزام، تصديق وعمل، وليس هناك إيمان بغير هذا.
نذكر كلاماً للأستاذ محمود سرور بن نايف زين العابدين في كتابه: الحكم بغير ما أنزل الله وآفة الغلو، وهو أحد المراجع التي تناقش فكر ما يسمى بجماعة التكفير والهجرة. وهذا مصطلح سياسي؛ لأنهم سموا أنفسهم: جماعة المسلمين، وهذا مسمى خطير بلا شك؛ لأنه يعني: من ليس في جماعتهم فليس مسلماً، وهذه من المجازفات التي سوف نتعرض لها إن شاء الله.
وقبل أن نناقش كلامه في قضية التكفير نتقدمه بهذا التنبيه إلى التحذير من المعاصي، وأن الإنسان لا يتهاون بها، وإذا كنا سنناقش فعلاً أن العاصي لا يخلد في النار، وأن الفاسق الموحد الفاسق لا يخرج من الإيمان بالكلية، وإنما ينقص إيمانه، فليس معنى هذا أن يتهاون الناس في المعاصي.
يقول: حبب الله تعالى إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وأمرنا بطاعته وتقواه في السر والعلن، وحذرنا من الذنوب والمعاصي؛ لأنها تميت القلوب، وتورث الذل والندامة.
يقول تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وقال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [الحجرات:7].
كفى المذنبين العصاة ما توعدهم به ربهم على لسان خاتم أنبيائه صلى الله عليه وسلم من قوله، ومن ذلك قوله: (لا يدخل الجنة قتات، أي: نمام). وقوله: (ثلاثة لا يكلهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، قال
أيضاً كيف لا يقلع المسلم عن الذنوب والمعاصي وهو يقرأ تهديد الله عز وجل ووعيده؟ وكيف يقع في المعصية ويغلق الباب على نفسه ويتوارى عن أعين الناس، ويخجل أشد الخجل إذا كشف أمره، أو رآه أحد من الناس.. كيف يفعل هذا من يعلم أن الله سبحانه وتعالى يراه ويسمعه ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ كيف يفعل هذا من يعلم أن ملائكة الله ترافقه في حله وترحاله، تكتب كل عمل يعمله حسناً كان أو سيئاً؟ يقول تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].
ويقول الشاعر:
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
ويقول آخر:
ومعظم النار من مستصغر الشرر
والإصرار على المعصية مهما كانت صغيرة ظلم للنفس، واستسلام للهوى، وانقياد لأوامر الشيطان، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء) المقصود بقوله: (تعرض الفتن)، أي: تلصق الفتن بالقلوب كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه، فمن نام وقد كشف عن جنبه، ونام على الحصير، فتجد أن الحصير ينطبع أثره بجسده، ثم إذا فارقه يترك فيه علامة، ويؤثر في جنبه ويترك الخطوط الطويلة للحصير.
فهذا هو أثر الفتن والمعاصي على القلب، لا بد أن تنطبع عليه وتؤثر فيه، وما وجه الشبه؟ وجه الشبه: أن الفتن تلصق بالقلوب كما يلصق الحصير بجنب النائم عوداً عوداً يؤثر فيه.
(فأي قلب أشربها)، أي: تمكنت منه وحلت محل الشراب، مثل قوله تبارك وتعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [البقرة:93]، المقصود: أشربوا في قلوبهم حب العجل، وإن كان بعض المفسرين يفسرون تفسيراً بظاهره: أنهم لما ألقي العجل الذي كان يعبده بني إسرائيل في اليم، شربوا هذا الماء، فيفسرونه تفسيراً حسياً، ولكن والله أعلم المقصود: (( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ ))، يعني: اشربوا في قلوبهم حب العجل، ومنه قولهم: بياض مشرب بحمرة، أي: خلطتهم مخالطة لا انفكاك لها. (فأي قلب أشربها، نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها -أنكر الفتن وتبرأ منها- نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة، مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً) مرباداً: شدة البياض في سواد، وقيل: أي لونه بين السواد والغبرة. (أسود مرباداً كالكوز مجخياً)، يعني: مائلاً أو منكوساً، (لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع، صقل قلبه، وإن عاد، زيد فيها حتى تعلوا قلبه -وفي رواية: حتى تغلق قلبه- فذلك الران الذي قال الله تعالى فيه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]).
فالآيات والأحاديث في وعيد كثير من الأعمال إذا صدرت من الموحد كثيرة جداً، وهذا يبين فساد قول المرجئة ومن نحا نحوهم، ممن يعتقدون بأنه لا يضر مع الإيمان معصية؛ لأن نفس معنى كلمة الإيمان يدخل في مركباتها بجانب التصديق العمل.
الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فعملية فصل الإيمان إلى قول وعمل هي مجرد مسألة لتسهيل دراسة القضية فقط، ولمعرفة مركبات الإيمان، وليس معناها أن يفصل الإيمان عن العمل بحيث يقال: إن عدم العمل لا يؤثر في صحة الإيمان وقوته.
فانظر إلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين رضي الله تبارك وتعالى عنهم ورضوا عنه، كيف كانوا يرجون رحمة الله، ويخشونه أشد الخشية، ويخافون من ناره، ويطمعون بجنته، يقول الله عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]. لا بد من الإحسان بالقول وبالعمل.
ويقول تبارك وتعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27], وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأعراف:156]، وقال تعالى: يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر:29]، فأطلق الرجاء على العمل.
لأن من طلب شيئاً استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:
أولاً: محبة ما يرجوه.
ثانياً: خوفه من فواته.
ثالثاً: سعيه في تحصيله حسب الإمكان.
لو أن إنساناً أراد أن ينجح في الثانوية العامة، فهذا أمل بالنسبة إليه، فأول شيء أنه يحب هذا الشيء الذي يرجوه، وحتى يكون راجياً يحبه، ثم يخاف من فواته، يخاف أن يرسب أو لا يأتي بالمجموع الذي يريده، ثم يسعى في تحصيله حسب الإمكان.
فبدون هذه الأركان يعد رجاؤه غروراً واغتراراً، بل لا يعد ولا يسمى رجاءاً، بل يسمى حماقة، فمن يقول: نم وارتاح وسيأتيك النجاح، يضحك الناس منه. بل لابد من أخذ الأسباب، ومن السعي في تحصيلها بحسب الإمكان، ويفرح إذا حصل، ويحزن إذا فاته هذا الأمر، وهذا في كل أمور الدنيا، الإنسان إذا رجا أن يزرع ويحصد، لابد أن يبذر، ويعالج الأرض ويسقي الزرع ويرعاه، حتى يحصل هذه الثمرة وهذه النتيجة، لكن من يقول: أنا موحد، والله معي، ثم يقصر في الأسباب، فهذا لا يكون، فإنما يكون الرجاء الحقيقي إذا انضمت إليه هذه الأركان الثلاثة.
يقول الله تبارك وتعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء:57]، (( َيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ))، ومن قبل قال: (( يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ))، بالأعمال الصالحة. فمن الاغترار بالله عز وجل أن يزين الإنسان لنفسه، ويتعلق بنصوص الرجاء، ويظن أن يحصل له النجاة والسلامة دون أن يسعى في تحصيلها بما أمكنه من الأسباب.
يقول: المسألة الثالثة: فاسق أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان، لا نقول: مؤمن مطلقاً، ولا نقول: غير مؤمن مطلقاً.
يعني: لا هو يكفر، ولا يبقى إيمانه سليماً، بل فاسق أهل القبلة الذي خرج عن طاعة ربه بفعل المعاصي يترتب على ذلك أنه لا يوصف بالإيمان التام، كالمؤمن الذي اتقى هذه المعاصي، ولا يسلب مطلق الإيمان، لا يقال: غير مؤمن، بمعنى أنه كافر، وإنما يقال: مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه وتصديقه فاسق بمعصيته.
يقول الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:
والفاسق الملي ذو العصيان لم ينف عنه مطلق الإيمان
لكن بقدر الفسق والمعاصي إيمانه مازال في انتقاص
يقول: وهذه هي المسألة الثالثة، وهي: أن فاسق أهل القبلة لا ينفى عنه مطلق الإيمان بفسوقه، المؤمن الموحد إذا ارتكب معصية لا ينفى عنه مطلق الإيمان، ولا يقال: هو غير مؤمن تماماً، ولا يوصف أيضاً في نفس الوقت بالإيمان التام، لكنه مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق، وهو اسم المؤمن حقاً، ولا يسلب مطلق الاسم، فيقال: غير مؤمن بالمرة، ولا يقال: مؤمن.. بل هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.
والمراد بالفسق هنا هو الأصغر، وهو عمل الذنوب الكبائر التي سماها الله ورسوله فسقاً وكفراً وظلماً مع إجراء أحكام المؤمنين على عاملها، فإن الله تعالى سمى الكاذب فاسقاً، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]، ومع هذا لم يخرج ذلك الرجل الذي نزلت فيه هذه الآية من الدين بالكلية، ولم ينف عنه الإيمان مطلقاً، ولم يمنع من جريان أحكام المؤمنين عليه.
كذلك أيضاً في الآية: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ[الأنعام:121]، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وقال: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، وقد استب بعض الصحابة على عهده وفي حضرته صلى الله عليه وسلم، وأصلح بينهم ولم يكفرهم، بل بقوا أنصاره ووزراءه في الدين.
وقال تبارك وتعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[الحجرات:9]، وصفهم بالإيمان مع وقوع الاقتتال، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ[الحجرات:9]، ثم قال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10]، فسمى كلا الطائفتين المقتتلتين مؤمنة، وأمر بالإصلاح بينهما ولو بقتال الباغية، ثم قال: فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[الحجرات:9]، ثم لم ينف عنهم أخوة الإيمان، لا فيما بين المقتتلين ولا فيما بينهما وبين بقية المؤمنين، بل أثبت أخوة الإيمان مطلقاً، فقال عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ[الحجرات:10].
أيضاً قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ[البقرة:178]، فأثبت أيضاً الإيمان بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، ثم قال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ ، فأثبت أخوة الإيمان، لكن نذكر أنفسنا هنا بأنه ليس الإيمان المطلق، صحيح وصفهم بالإيمان، لكن القاتل! يعتبر مؤمناً بإيمانه فاسقاً بكبيرته أو معصيته، أو هو مؤمن ناقص الإيمان بسبب هذه المعصية، كذلك هؤلاء الذين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، سماهم أيضاً مسلمين بعد أن رجعوا كذلك، فقال في صفة الخوارج: تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق، تنبأ عليه الصلاة والسلام بحصول فرقة بين المسلمين، وهو ما كان بين معاوية رضي الله عنه وجيشه، وما كان من علي رضي الله عنه وجيشه، فهذه فرقة من المسلمين، فأثبت لهم صفة الإسلام. ثم قال: (تمرق مارقة)، في هذه الفترة، وهي فرقة الخوارج، فأثبت لهم صفة الإسلام، مع وقوع الاقتتال والفرقة بينهم.
وقال عليه الصلاة والسلام في الحسن بن علي رضي الله عنهما: إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله تعالى به بين فرقتين عظيمتين من المسلمين، فأصلح الله تعالى بالفعل بـالحسن رضي الله عنه بين هاتين الفرقتين بعد موت أبيه رضي الله عنهما في عام الجماعة.
لا فرق بين تسمية العمل فسقاً، وتسمية عامل هذا العمل فاسقاً، وبين تسميته مسلماً، وجريان أحكام المسلمين عليه؛ لأنه ليس كل فسق يكون كفراً، ولا كل ما سمي كفراً وظلماً يكون مخرجاً من الملة، حتى ينظر إلى لوازمه وملزماته، وذلك لأن الكفر والظلم والفسوق والنفاق جاءت في النصوص على قسمين: أكبر يخرج من الملة لمنافاته أصل الدين بالكلية، والضابط الذي يميز بين الكفر الأكبر والأصغر هو الخلود في جهنم والعياذ بالله. أما ما دون ذلك فهو الأصغر.
أما الأصغر فهو الذي ينقص الإيمان، وينافي الملة، لكن لا يخرج صاحبه من الملة بالكلية، فهناك كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسوق دون فسوق، ونفاق دون نفاق، يقول تبارك وتعالى في بيان الكفر الأكبر: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ[البقرة:34]، وقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا[النساء:167]، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا[النساء:168] * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا[النساء:169] هذا في الكفر الأكبر.
وقال صلى الله عليه وسلم في الكفر الأصغر: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
وقال تعالى في الظلم الأكبر: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[لقمان:13]، وقال في الظلم الأصغر: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا[الطلاق:1]، فقوله: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ، هذا ظلم دون ظلم، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا[النساء:10]. فهذا ظلم، لكن دون ظلم الشرك.
وقال في الفسق الأكبر: إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ[الكهف:50]، وقال أيضاً: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ[البقرة:254]، وقال: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ[البقرة:26].
وقال في النفاق الأكبر: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ[البقرة:8]، وقال: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[النساء:145]، وقال صلى الله عليه وسلم في النفاق الأصغر: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر. فهذه الخصال كلها نفاق عملي لا يخرج من الدين إلا إذا صاحبه النفاق الاعتقادي المتقدم، وما تمسك به الخوارج والمعتزلة وأضرابهم من التشبث بنصوص الكفر والفسوق الأكبر، واستدلالهم به على الأصغر، فذلك مما جنته أفهامهم الفاسدة وأذهانهم البعيدة، وقلوبهم الغلف.
فضربوا نصوص الوحي بعضها ببعض، واتبعوا ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأوليه، فقالت الخوارج: المصر على كبيرة من زنا، أو شرب خمر، أو ربا: كافر مرتد خارج من الدين بالكلية، لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولو أقر لله تعالى بالتوحيد، وللرسول صلى الله عليه وسلم بالبلاغ، وصلى وصام وزكى وحج وجاهد، وهو مخلد في النار أبداً مع إبليس وجنوده، ومع فرعون وهامان وقارون. هذا كلام الخوارج في المصر على الكبيرة، أنه كافر تماماً، خالد في النار والعياذ بالله.
وقالت المعتزلة: العصاة ليسوا مؤمنين ولا كافرين، ولكن نسميهم فاسقين، فإذا سألناهم ما معنى الفسق عندكم؟ قالوا: الفسق منزلة بين المنزلتين، لا هو مؤمن ولا هو كافر، وهذا هو أصل بدعة التوقف، يقول: أتوقف حتى يتبين لي، ولا نحكم له بإسلام ولا بكفر، وهذا إن شاء الله سنناقشه بالتفصيل.
فالمعتزلة قالوا: العصاة ليسوا مؤمنين، وليسوا كافرين، لكن نسميهم فاسقين، فجعلوا الفسق منزلة بين المنزلتين، ولكنهم لم يحكموا لهم بمنزلة في الآخرة، بل بمنزلة بين المنزلتين، لكن قضوا بتخليده في النار أبداً كالذين من قبلهم، فوافقوا الخوارج مآلاً، وخالفوهم مقالاً، وكان الكل مخطئين ضلالاً.
وقابل ذلك المرجئة، وكانوا على الطرف الأقصى، يعني: هؤلاء غلو، وأما المرجئة ففرطوا، وقالوا: لا تضر المعاصي مع الإيمان، لا بنقص ولا منافاة، يعني: المعاصي لا تحدث النقص في الإيمان، ولا تنافيه؛ لأن الإيمان عندهم هو مجرد القول فقط، أو المعرفة، وقالوا: ولا يدخل النار أحداً بذنب دون الكفر بالكلية، ولا تفاضل عندهم بين إيمان الفاسق الموحد، وبين إيمان أبي بكر وعمر . الفاسق الذي وحد الله عز وجل، وأتى بالمعرفة والقول فقط، إيمانه تماماً مثل إيمان أبي بكر ومثل إيمان عمر ، بل إيمانه مثل إيمان جبريل، بل إيمانه مثل إيمان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. بل لا تفاضل بينهم وبين الملائكة، ولا فرق عندهم بين المؤمنين والمنافقين، يلزم من هذا على قول المرجئة: أنه لا يوجد شيء اسمه نفاق؛ لأن المؤمن والمنافق أتوا بنفس القول؛ والكل مستوف النطق بالشهادتين، كما قدمنا اعتقادهم في بحث الإيمان، نسأل الله تعالى العافية.
عقيدة الخوارج والمعتزلة والمرجئة في الفاسق من أهل القبلة
عقيدة أهل السنة في الفاسق من أهل القبلة
استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الإيمان والكفر [14] | 2439 استماع |
الإيمان والكفر [27] | 2427 استماع |
الإيمان والكفر [23] | 2230 استماع |
الإيمان والكفر [5] | 2182 استماع |
الإيمان والكفر [22] | 1946 استماع |
الإيمان والكفر [16] | 1906 استماع |
الإيمان والكفر [7] | 1852 استماع |
الإيمان والكفر [10] | 1842 استماع |
الإيمان والكفر [21] | 1837 استماع |
الإيمان والكفر [1] | 1832 استماع |