خطب ومحاضرات
الإيمان والكفر [4]
الحلقة مفرغة
الكلام في قضايا الكفر والإيمان ينقسم إلى شقين: الأول: يتناول أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة في قضايا الكفر والإيمان، وغالباً ما ينص علماء التوحيد -سواء في القديم أو الحديث- في مؤلفاتهم على قضايا كثيرة ويركزون على قضايا معينة، وبالذات القضايا التي خالف فيها أهل البدع أهل السنة والجماعة، فلذلك تجدهم ينصون في عقائدهم على ما يدحض بدعة المرجئة والخوارج والمعتزلة في قضايا الكفر والإيمان. أما الشق الثاني: وهو ما يتعلق بقضايا الكفر والإيمان فهو يتعلق إلى حد كبير بالجانب التاريخي؛ فمن المهم جداً أن نلم بتاريخ الاتجاهات التكفيرية لأهل التوحيد أو أهل القبلة؛ لأن هذا له أنواع كثيرة جداً خاصة إذا لاحظنا أن كثيراً من البدع التي عادت من جديد هي عبارة عن تكرار وطبع لما نشأ في القرون البعيدة، وتصدى لها أهل الإسلام وأهل التوحيد بالرد والدحض والتفنيد. بل ربما يفاجأ الكثير من الناس الذين ساروا وراء هذه الجماعات الخارجية أو المعتزلية إذا علموا أن نفس هذه المعتقدات التي هم عليها هي ما تصدى له علماء أهل السنة والجماعة من قبل، وشددوا النكير على أهلها. هذا أمر. أما الأمر الآخر فهو: أننا حينما نناقش ظاهرة التكفير وتاريخ التيار التكفيري في العصر الحديث، فإننا لا ننكر أن لمصر دوراً رائداً في تصدير الخير والفساد إلى العالم الإسلامي شرقه وغربه. وقد كان شكري مصطفى -إمام الخوارج الجدد- له اتجاه جديد في بعض الأمور، حيث ابتدع تفسيراً لكلمة (أم القرى)، فكان هذا من التفسيرات المحدثة المبتدعة التي اخترعها؛ وذلك أنه فسر (أم القرى) لا بأنها مكة -وهذا الذي عليه عامة المفسرين في القديم والحديث- وإنما قال: إن أم القرى هي أعظم مركز للتأثير الثقافي أو العلمي في محيط العالم الإسلامي، أو العالم ككل، فقال: إن أم القرى فيما سبق مكة، أما أم القرى في هذا الزمان فهي مصر! ونقول: لا يصح أبداً أن تحرف معاني القرآن، فأم القرى هي مكة قطعاً بنص القرآن. لكن هذا الكلام في حد ذاته يعكس فعلاً الواقع، ومصر كثيراً ما صدرت الخير وأيضاً بجانبه الشر إلى بلاد المسلمين وبالذات في العصور المتقدمة، ولو أردنا الكلام في هذا لطال الكلام جداً، وأول ما نشير إلى ذلك أن كثيراً من الحروب التي وقعت مع أعداء الإسلام كانت مصر تتصدى دائماً لكثير من هذه الحملات على الإسلام وبالذات الحملات الصليبية والفاطمية وغير ذلك، بل مصر لم تقم بتأييد الدعوة الوهابية السلفية في الجزيرة العربية، بل قامت بدور سلبي في تحطيمها، فكان لها أيضاً دور سيئ في قهقرة هذه الدعوة إلى حين. وجذور هذه البدعة جاءت من مصر كما انتشرت إلى جميع العالم بما في ذلك أفغانستان وحتى أوروبا وأمريكا، وهذه البدع صُدرت من مصر كما صدرت مصر الفنانين والراقصين والخبثاء إلى شرق الأرض وغربها. أيضاً بدعة التكفير هذه نشأت في مصر وترعرعت، ونحن كما ندرس الجذور التكفيرية ابتداءً من الشيعة أو الخوارج وغيرهم، أيضاً نحتاج إلى الاطلاع على الظروف التي نشأت فيها بدعة التكفير هنا في مصر، فما من شك أن هذا التطرف إنما نشأ كرد فعل لأوضاع معينة، وربما لم ينضبط الذين انفعلوا بهذه الأحداث بالقاعدة القرآنية العظيمة: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8]. فكان يقع أحياناً ظلم، وعوامل أخرى كثيرة أدت إلى رد فعل أن بعض الناس ما استطاعوا أن يعبروا عن شعورهم بالقهر والظلم إلا باختراع أو ترديد صدى صوت الكثير من البدع القديمة كوسيلة للتنفيس عما يرونه من ظلم واضطراب.
أحتاج للحديث عن موضوع التكفير إلى أن أستعير مقدمة للدكتور: نعمان عبد الرزاق السامرائي الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كتابه: التكفير جذوره وأسبابه ومبرراته، وهذه المقدمة تعبر عما يدور في نفس الإنسان حينما يواجه عقيدة أو ظاهرة التكفير، والعوامل التي أدت إلى ظهورها من جديد، وطبيعة الناس الذين قامت على ظهورهم هذه الدعوة.
جذور فكرة التكفير
يقول: والملاحظ لتاريخنا يجد قضية التكفير أو الردة قد طرحت بعمق وبقوة في صدر خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين ارتد العرب لجملة أسباب، ثم استطاعت الدولة الإسلامية ردهم إلى الإسلام, وتجلوا بحرب أهلية طاحنة، وبعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم قامت فرق عدة مثل الشيعة والخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة؛ فناقشت فيما ناقشت قضية مرتكب الكبيرة، وهل هو مسلم أم كافر، فطرحت قضية التكفير طرحاً فكرياً، وحاولت كل فرقة أن تسهم في هذا النقاش، وتستدل بالنصوص على ما ذهبت إليه، ثم نسيت القضية أو كادت، واستودعت في بطون الكتب، ومرت قافلة أهل السنة والجماعة في طريقها، ونبذت وتناست وتجاهلت هؤلاء المنحرفين؛ حتى طرحت مجدداً في الستينيات من القرن العشرين، وكان لابد للطرح الجديد أن يعتمد على النصوص، وأن يدخل قضايا جديدة ويناقشها، ويصدر أحكاماً حولها.
أهمية بيان خطأ التكفير
أهمية تسخير الجهود للحد من التكفير اللامسئول
سبب الحديث عن الموضوع
يقول الدكتور: أتيحت لي فرصة زيارة مصر حيث سجلت طالباً بالدكتوراه في جامعة القاهرة، فكنت أسافر في كل إجازة .. خلاصة الكلام: أنه احتك بكثير من الشباب في تلك الفترة هنا في مصر، ويقول: إن هذه الأفكار الخارجية -أفكار التكفير- ولدت في بطون الكتب، وقل من كان يبحث أو يفتش عنها، ولكن جاء اليوم من ينفض عنها الغبار، ويحاول أن يعيد إليها الحياة، وفي كثير من الأحيان كما يبدو لي لم يكن الطارحون الجدد الذين طرحوا هذه الأفكار على علم مسبق، ولكنه لون غريب من التوافق في التفكير أدى إلى عين النتائج.
حصل توافق في التفكير والمنهج بينهم وبين فرق أخرى لم يكونوا هم على علم بها، ولذلك لم يستنكفوا مثلاً أن يتبعوا منهج المعتزلة أو الخوارج الأولى وأن يشعروا بذلك يقول: كما يمكن أن يكون البعض قد درس هذه الفرق وتأثر بمعتقداتها، وبما توصلت إليه من أفكار، وما استشهدت به من حجج.
لمن يوجه الحديث عن التكفير
بدأ الدكتور السامرائي يناقش ويقول: لمن أطرح هذا الكتاب؟ لأن قضية التكفير تكتنف الكثير من المحاذير، ولها أضرار كثيرة، وإثارتها باستمرار على عموم الناس الذين ليس لهم رصيد كاف من العلم الشرعي ربما أوقع كثرة الكلام فيها إلى تهوين أمور المعاصي في عيونهم، نظراً لكثرة الكلام على العذر بالجهل، وأن مرتكب الكبيرة ليس بكافر، وهكذا، فنقع في نفس المحذور الذي حذره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما أخبر معاذ بن جبل رضي الله عنه، وما منعه من أن يخبر الناس من قبل إلا خشية الإثم، وهو قوله : {من مات وكان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: أفلا أبشر بها الناس؟ قال: إذاً يتكلوا}، فكثرة الكلام أمام الناس الذين لا تطيق عقولهم ضبط هذه القضايا قد يوقعهم في هذا الاتكال، ويقعون فريسة لتغيير الشيطان، حتى أن بعض الناس ربما ظنوا أن الجهل هذا شيء يعذر به، مما يدفعه إلى أن يتمادى فيه حتى لا تقوم عليه الحجة، فينبغي الحذر وأن نرفع تلك القاعدة التي أرساها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما قال: (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة) فيراعي الإنسان طبيعة الذين يخاطبهم في هذه القضية، لما يكتنفها من الكثير من الشبهات.
ولذلك يقول الدكتور السامرائي : ويبقى سؤال هام: لمن أكتب هذا الكتاب؟ ربما إن كان الكلام يحمل بعض الحق قد يتفق عرضاً مع المصالح التي يقصدها من وراء هذا الكلام مع هوى من لا يريدون بالدعوة الإسلامية خيراً، فدرأً لهذه الشبهة يقول: يبقى سؤال هام: لمن أكتب هذا الكتاب، هل أكتبه للشباب المتحمس عسى أن يراجع نفسه، ويصوب بعض مقولاته؟ وجوابه: نعم، أطمع بذلك وأرجو ألا أكون متهماً في نظرهم فيسقط الكتاب قبل قراءته.
هل أكتب للشباب المؤمن طلائع الصحوة الإسلامية المباركة حتى لا يسقطوا في التكفير؟ يقول: نعم أكتب لهم، وأملي أن يقرءوا كلامي بعقل واع لا يقبل قضية إلا محملة بدليلها من كتاب أو سنة، وأقوال الأئمة المعتبرين لدى الأمة، وأن يرفضوا كل قضية لا ينهض دليلها مهما كانت وجيهة، أو صادرة من وجيه كبير، ثم يقول: هل أكتب للحكومات المنحرفة، وما أكثرها في عالم اليوم لكي تستعمل كتابي هذا حجة ضد الشباب المؤمن المتحمس أذكر هذا وأبرأ إلى الله منه.
هل أكتب هذا ليطلع عليه بعض علماء المخابرات ليستخدموه حسب هواهم، ووسيلة لكسب السحت من حكام فقدوا جميع القيم، وقادوا أمتهم إلى الذل والهوان من أجل الحفاظ على مناصبهم، والبقاء أطول مدة في الحكم؟ أعوذ بالله من ذلك، وأرجو ألا يقع في أي شبر من هذه الأرض، فعلماء السوء إذا ما أرادوا تسخير علمهم لخدمة السلطة وصاحبها فعندهم الكثير -يعني: يأخذوا من غير كتابي هذا ما يريده- وأرجو ألا يستعينوا بجهودي المتواضعة، إذاً: بكل وضوح أنا أوجه كلامي إلى الشباب؛ من سقط منهم في التكفير ومن لم يسقط.
أهمية تخير الجهود للحد من التكفير اللامسئول
يقول: يبقى سؤال هام: هل مثل هذا الجهد يكفي وحده؟ أجيب صراحة: لا؛ لأن الكثير من الحكومات التي تحكم شعوباً مسلمة تضغط عليهم ضغطاً لا يمكن حصوله إلا من عدو، أو من حاكم متواطئ مع العدو، أو عامل بنصائح الأعداء، فهذه السجون التي تغط بالشباب المسلم، وهذه المقاتل بالسر والعلن التي تنصب للشباب المسلم كلها، ستدفعه ليكفر هؤلاء الحكام.
يقول: وهل سمع أحد بوزير داخلية في دولة تحترم نفسها يصرح بأن قوانين الطوارئ لا تنفذ إلا على الجماعات الإسلامية، ثم لا يكون من بين ردود الفعل تكفير مثل هذا الحاكم أو ذاك.
يقول: لكن هذا التعسف باستعمال السلطة ضد الشباب المسلم، والذي يصفق له العالم بشرقه وغربه، لا يعطينا من مسئولية بيان الحق من الباطل والصواب من الخطأ، فإن كانت الحكومات جادة في محاربة التطرف -كما تسميه- فلتكف هي عن السماع للشيطان، فإنه لا ينصح إلا بإعدام هذا الشباب؛ لأنه يعاديه حتى الموت لا لأنه متطرف، بل لأنه مسلم، فالحقيقة جريمة هؤلاء الشباب أنهم يعادون لأنهم متدينون، ولأنهم مسلمون، ثم يغطي القوم هذه الحرب بتلك التسمية الخبيثة: متطرف.
يقول: والمسلم الملتزم صار أكثر خطورة من غيره في نظرهم، ثم يذكر بداية التقائه ببعض العائدين من هؤلاء الشباب قابلهم في القاهرة في السبعينات التي حضر فيها رسالة الدكتوراه، يقول: التقيت بعض الشباب الذين قد كانوا خرجوا من السجن، وشعرت بأن ثمة تركيز كبير على قضية التكفير، فلما علم السادات أن موضوع البحث الذي كان يعده كرسالة هو موضوع الردة أو ظاهرة الردة دهش الشباب، وعلق بعضهم قائلاً: هل أنت من هواة الفقه أم من المحترفين؟! ثم قال له: حالك وهيأتك توحيان بأنك مجرد هاو .. على أي الأحوال، هو يشير أيضاً إلى فكر جديد طرأ كان في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت: أن الإنسان حتى يوصف بأنه رجل شريف موثوق به لابد أولاً أن يكون قد دخل السجن، إن لم يكن سجن فهو متهم ومشكوك في نيته.
يقول: يكفي في البلاد العربية أن يسجن الإنسان لغير جريرة حتى تحكم عليه بأنه شريف، وعلى حد قول أحد الأستاذة المصريين: لقد جمع الحكم العلي الظالم كل الشرفاء، وأودعهم السجون، ومن بقي فلا شرف له، يقول هذا الأستاذ: وأنا منهم. يعني: أنه من لم يسجن صار متهماً بغير ذلك.
يقول: والملاحظ لتاريخنا يجد قضية التكفير أو الردة قد طرحت بعمق وبقوة في صدر خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين ارتد العرب لجملة أسباب، ثم استطاعت الدولة الإسلامية ردهم إلى الإسلام, وتجلوا بحرب أهلية طاحنة، وبعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم قامت فرق عدة مثل الشيعة والخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة؛ فناقشت فيما ناقشت قضية مرتكب الكبيرة، وهل هو مسلم أم كافر، فطرحت قضية التكفير طرحاً فكرياً، وحاولت كل فرقة أن تسهم في هذا النقاش، وتستدل بالنصوص على ما ذهبت إليه، ثم نسيت القضية أو كادت، واستودعت في بطون الكتب، ومرت قافلة أهل السنة والجماعة في طريقها، ونبذت وتناست وتجاهلت هؤلاء المنحرفين؛ حتى طرحت مجدداً في الستينيات من القرن العشرين، وكان لابد للطرح الجديد أن يعتمد على النصوص، وأن يدخل قضايا جديدة ويناقشها، ويصدر أحكاماً حولها.
ولذلك يقول الدكتور السامرائي : ويبقى سؤال هام: لمن أكتب هذا الكتاب؟ ربما إن كان الكلام يحمل بعض الحق قد يتفق عرضاً مع المصالح التي يقصدها من وراء هذا الكلام مع هوى من لا يريدون بالدعوة الإسلامية خيراً، فدرأً لهذه الشبهة يقول: يبقى سؤال هام: لمن أكتب هذا الكتاب، هل أكتبه للشباب المتحمس عسى أن يراجع نفسه، ويصوب بعض مقولاته؟ وجوابه: نعم، أطمع بذلك، وأرجو ألا أكون متهماً في نظرهم فيسقط الكتاب قبل قراءته. هل أكتب للشباب المؤمن طلائع الصحوة الإسلامية المباركة حتى لا يسقطوا في التكفير؟ يقول: نعم، أكتب لهم، وأملي أن يقرءوا كلامي بعقل واعٍ لا يقبل قضية إلا محملة بدليلها من كتاب أو سنة، وأقوال الأئمة المعتبرين لدى الأمة، وأن يرفضوا كل قضية لا ينهض دليلها مهما كانت وجيهة، أو صادرة من وجيه كبير، ثم يقول: هل أكتب للحكومات المنحرفة -وما أكثرها في عالم اليوم- لكي تستعمل كتابي هذا حجة ضد الشباب المؤمن المتحمس؟ أذكر هذا وأبرأ إلى الله منه. هل أكتب هذا ليطلع عليه بعض علماء المخابرات ليستخدموه حسب هواهم، ووسيلة لكسب السحت من حكام فقدوا جميع القيم، وقادوا أمتهم إلى الذل والهوان من أجل الحفاظ على مناصبهم، والبقاء أطول مدة في الحكم؟ أعوذ بالله من ذلك، وأرجو ألا يقع في أي شبر من هذه الأرض، فعلماء السوء إذا ما أرادوا تسخير علمهم لخدمة السلطة وصاحبها فعندهم الكثير -يعني: يأخذوا من غير كتابي هذا ما يريدونه- وأرجو ألا يستعينوا بجهودي المتواضعة. إذاً: بكل وضوح أنا أوجه كلامي إلى الشباب؛ من سقط منهم في التكفير ومن لم يسقط.
يقول: يبقى سؤال هام: هل مثل هذا الجهد يكفي وحده؟ أجيب صراحة: لا؛ لأن الكثير من الحكومات التي تحكم شعوباً مسلمة تضغط عليهم ضغطاً لا يمكن حصوله إلا من عدو، أو من حاكم متواطئ مع العدو، أو عامل بنصائح الأعداء، فهذه السجون التي تغط بالشباب المسلم، وهذه المقاتل بالسر والعلن التي تنصب للشباب المسلم كلها ستدفعه ليكفر هؤلاء الحكام. يقول: وهل سمع أحد بوزير داخلية في دولة تحترم نفسها يصرح بأن قوانين الطوارئ لا تنفذ إلا على الجماعات الإسلامية، ثم لا يكون من بين ردود الفعل تكفير مثل هذا الحاكم أو ذاك. يقول: لكن هذا التعسف باستعمال السلطة ضد الشباب المسلم، والذي يصفق له العالم بشرقه وغربه، لا يعفينا من مسئولية بيان الحق من الباطل والصواب من الخطأ، فإن كانت الحكومات جادة في محاربة التطرف -كما تسميه- فلتكف هي عن السماع للشيطان، فإنه لا ينصح إلا بإعدام هذا الشباب؛ لأنه يعاديه حتى الموت، لا لأنه متطرف، بل لأنه مسلم، فالحقيقة جريمة هؤلاء الشباب أنهم يعادون لأنهم متدينون، ولأنهم مسلمون، ثم يغطي القوم هذه الحرب بتلك التسمية الخبيثة: متطرف. يقول: والمسلم الملتزم صار أكثر خطورة من غيره في نظرهم. ثم ذكر بداية التقائه ببعض العائدين من هؤلاء الشباب الذين قابلهم في القاهرة في السبعينات التي حضر فيها رسالة الدكتوراه، يقول: التقيت بعض الشباب الذين قد كانوا خرجوا من السجن، وشعرت بأن ثمة تركيزاً كبيراً على قضية التكفير، فلما علموا أن موضوع البحث الذي كان يعده كرسالة هو موضوع الردة أو ظاهرة الردة دهش الشباب، وعلق بعضهم قائلاً: هل أنت من هواة الفقه أم من المحترفين؟! ثم قال له: حالك وهيأتك توحيان بأنك مجرد هاوٍ .. على أي الأحوال، هو يشير أيضاً إلى فكر جديد طرأ في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت: أن الإنسان حتى يوصف بأنه رجل شريف موثوق به لابد أولاً أن يكون قد دخل السجن، وإن لم يكن سجن فهو متهم ومشكوك في نيته. يقول: يكفي في البلاد العربية أن يسجن الإنسان لغير جريرة حتى تحكم عليه بأنه شريف، وعلى حد قول أحد الأساتذة المصريين: لقد جمع الحكم العلي الظالم كل الشرفاء، وأودعهم السجون، ومن بقي فلا شرف له، يقول هذا الأستاذ: وأنا منهم. يعني: أن من لم يسجن يصير متهماً بغير ذلك.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الإيمان والكفر [14] | 2440 استماع |
الإيمان والكفر [27] | 2428 استماع |
الإيمان والكفر [23] | 2231 استماع |
الإيمان والكفر [5] | 2183 استماع |
الإيمان والكفر [22] | 1947 استماع |
الإيمان والكفر [16] | 1907 استماع |
الإيمان والكفر [7] | 1853 استماع |
الإيمان والكفر [10] | 1843 استماع |
الإيمان والكفر [21] | 1838 استماع |
الإيمان والكفر [1] | 1833 استماع |