الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته وعمل بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:-

أيها الإخوة: إن الموضوع الذي نتحدث عنه في هذه الليلة، هو موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأول قضية ينبغي أن يعرفها الجميع هي: ما هو المعروف الذي يجب الأمر به؟

وما هو المنكر الذي يجب النهي عنه؟

فأما المعروف: فهو مشتق في لغة العرب من مادة عرف، وهو كما يقول العلماء: اسم جامع لكل أمر عرف بالشرع والعقل حُسْنه، من طاعة الله عز وجل والإحسان إلى عباده، هذا هو المعروف، وإنما سمي معروفاً؛ لأن نفوس المؤمنين المستقيمين تعرفه، فتسكن إليه وتطمئن وتأنس به.

أما المنكر: فهو كل أمر عرف بالعقل والشرع قبحه، من معصية الله عز وجل، أو الإساءة إلى عباده، وإنما سمي منكراً لأن نفوس المؤمنين تنكره وتنبو عنه، وتستوحش منه. هذا هو المنكر، ومن خلال تعريف المعروف والمنكر، يتضح لنا أمران مهمان:

الشرع هو مصدر تحديد المعروف والمنكر

الأمر الأول: أن الأصل في تحديد المعروف والمنكر، هو الشرع، فما جاء الشرع بالأمر به فهو معروف، وما جاء الشرع بالنهي عنه فهو منكر، وليس المرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى عرف الناس، وعادات الناس وتقاليد المجتمع، فإن أعراف الناس تختلف من وقت إلى آخر، فما كان معروفاً ومشتهراً ومقبولاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، قد يصبح منكراً في بعض المجتمعات المنحرفة؛ لأن الناس لم يعتادوه، فيستوحشون منه ويستغربونه، وحتى في بعض المجتمعات التي يوجد فيها تدين وصلاح، قد تخفى عليهم كثير من السنن والمستحبات، بل وكثير من الواجبات فيستغربونها ويستنكرونها.

فالناس يستغربون اليوم -مثلاً- تقصير الثوب، مع أن الثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تقصير الثياب إلى أسفل من الركبة بأربعة أصابع، فإن لم يمكن بأربعة أصابع، فإلى نصف الساق، فإن لم يمكن فإلى ما فوق الكعبين، ولا حظ للكعبين في الإزار، ومع أن هذا أمر ثابت بالسنة فإن كثيراً من المجتمعات التي شاع فيها إسبال الثياب -مثلاً- قد تستغرب تقصير الثوب، ورفعه إلى موضعه المشروع في السنة، لا تستغربه؛ لأنه أمر لم يرد في الشرع، وإنما تستغربه؛ لأنها لم تتعود عليه؛ لأنها تجهله، ومن جهل شيئاً أنكره وعاداه.

وفي كثير من المجتمعات التي درجت النساء فيها على التبرج والسفور، وإظهار المرأة لمفاتنها ومحاسنها، يستغربون ظهور المرأة المحجبة أشد الاستغراب، ومنهم من يرمي المرأة المسلمة المتحجبة بالحجاب الشرعي بأسوأ الألقاب، فيقولون -كما قد تكونون سمعتم- إن هذه المرأة تمشي وكأنها خيمة، يسخرون بها لما يرون عليها من اللباس، مع أن هذا اللباس، لباس مشروع، وثابت بالقرآن والسنة؛ ولكن لأنهم لم يتعودوا عليه جهلوه وأنكروه، فصار في عرفهم منكراً، مع أنه في عرف الشارع معروف. ومنهم من يقول: إن هذه المرأة قبيحة فتستر دمامتها بهذه الثياب.

إذاً فالمرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى ماذا؟ المرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى الشرع، إلى القرآن والسنة، لا إلى عرف الناس فإن أعراف الناس تختلف، وقد يصبح المعروف عندهم منكراً ويصبح المنكر عندهم معروفاً؛ لجهلهم بالقرآن والسنة وبعدهم عن الالتزام الصحيح بمدلولاتهما، هذه هي المسألة الأولى التي ينبغي أن نتأملها من خلال تعريفنا للمعروف وللمنكر، حيث إن المعروف ما عرف بالشرع والعقل حُسْنه، مما يحبه الله ويرضاه من طاعة الله والإحسان إلى عباده، أما المنكر فهو ضده مما عرف بالشرع والعقل قبحه من معصية الله والإساءة إلى عباده.

ما رآه المسلمون معروفاً أو منكراً فهو كذلك

المسألة الثانية: هي أن الأصل في المجتمعات الإسلامية، الالتزام بالمعروف، بطاعة الله والتباعد عن المنكر، عن معصية الله وعن الإساءة إلى عباده، فالمسلمون ما صاروا مسلمين؛ إلا لأنهم وحدوا الله عز وجل وأفردوه بالعبادة، ووحدوا رسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والإتباع والرسالة، فهم يؤمنون بالله عز وجل وحده، ويؤمنون بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن طاعة الأنبياء غيره فيما نسخ بالإسلام لا تجوز، فكيف بطاعة غير الأنبياء من البشر من أهل القوانين، ومن أهل النظريات والأقوال المخالفة للكتاب والسنة؛ فلذلك سمي المسلمون مسلمين.

فالأصل أن المجتمع المسلم ملتزم بطاعة الله، متباعد عن معصية الله؛ ولذلك فما عرفه المسلمون الحقيقيون فهو معروف، وما أنكره المسلمون الحقيقيون فهو منكر؛ ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: [[ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح]] وهو يعني بالمسلمين أهل الصدق والاتباع، من الذين جمعوا بين العلم والتجرد والإخلاص، ولذلك فما عمله الصحابة رضي الله عنهم وأجمعوا عليه، فهو حجة على المسلمين إلى قيام الساعة، بإجماع العلماء، فإجماع الصحابة، حجة بين الله وبين عباده بإجماع أهل العلم؛ لأن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين العلم الصحيح المتلقى من الكتاب والسنة، وجمعوا بين الإخلاص والتجرد، فلم يتلوثوا بالأهواء والآراء المخالفة، فكانوا فيما أجمعوا عليه حجة بين الله وبين عباده بإجماع المسلمين.

وكذلك ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى حجية عمل أهل المدينة، فقال: [[إن عمل أهل المدينة في القرن الأول حجة]]؛ ذلك لأن أهل المدينة كانوا في ذلك القرن، متبعين لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بخلاف بقية الأمصار التي وجد فيها من الآراء، ومن تأثيرات الأمراء وأوامرهم ما قد يخالف السنة.

إذاً: الأصل أن المسلمين الحقيقيين يعرفون المعروف وينكرون المنكر، فما رأوه معروفاً، فهو معروف مما تشهد له دلائل الكتاب والسنة، وما رأوه منكراً، فهو منكر مما تشهد دلائل الكتاب والسنة على إنكاره.

الأمر الأول: أن الأصل في تحديد المعروف والمنكر، هو الشرع، فما جاء الشرع بالأمر به فهو معروف، وما جاء الشرع بالنهي عنه فهو منكر، وليس المرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى عرف الناس، وعادات الناس وتقاليد المجتمع، فإن أعراف الناس تختلف من وقت إلى آخر، فما كان معروفاً ومشتهراً ومقبولاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، قد يصبح منكراً في بعض المجتمعات المنحرفة؛ لأن الناس لم يعتادوه، فيستوحشون منه ويستغربونه، وحتى في بعض المجتمعات التي يوجد فيها تدين وصلاح، قد تخفى عليهم كثير من السنن والمستحبات، بل وكثير من الواجبات فيستغربونها ويستنكرونها.

فالناس يستغربون اليوم -مثلاً- تقصير الثوب، مع أن الثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تقصير الثياب إلى أسفل من الركبة بأربعة أصابع، فإن لم يمكن بأربعة أصابع، فإلى نصف الساق، فإن لم يمكن فإلى ما فوق الكعبين، ولا حظ للكعبين في الإزار، ومع أن هذا أمر ثابت بالسنة فإن كثيراً من المجتمعات التي شاع فيها إسبال الثياب -مثلاً- قد تستغرب تقصير الثوب، ورفعه إلى موضعه المشروع في السنة، لا تستغربه؛ لأنه أمر لم يرد في الشرع، وإنما تستغربه؛ لأنها لم تتعود عليه؛ لأنها تجهله، ومن جهل شيئاً أنكره وعاداه.

وفي كثير من المجتمعات التي درجت النساء فيها على التبرج والسفور، وإظهار المرأة لمفاتنها ومحاسنها، يستغربون ظهور المرأة المحجبة أشد الاستغراب، ومنهم من يرمي المرأة المسلمة المتحجبة بالحجاب الشرعي بأسوأ الألقاب، فيقولون -كما قد تكونون سمعتم- إن هذه المرأة تمشي وكأنها خيمة، يسخرون بها لما يرون عليها من اللباس، مع أن هذا اللباس، لباس مشروع، وثابت بالقرآن والسنة؛ ولكن لأنهم لم يتعودوا عليه جهلوه وأنكروه، فصار في عرفهم منكراً، مع أنه في عرف الشارع معروف. ومنهم من يقول: إن هذه المرأة قبيحة فتستر دمامتها بهذه الثياب.

إذاً فالمرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى ماذا؟ المرجع في تحديد المعروف والمنكر إلى الشرع، إلى القرآن والسنة، لا إلى عرف الناس فإن أعراف الناس تختلف، وقد يصبح المعروف عندهم منكراً ويصبح المنكر عندهم معروفاً؛ لجهلهم بالقرآن والسنة وبعدهم عن الالتزام الصحيح بمدلولاتهما، هذه هي المسألة الأولى التي ينبغي أن نتأملها من خلال تعريفنا للمعروف وللمنكر، حيث إن المعروف ما عرف بالشرع والعقل حُسْنه، مما يحبه الله ويرضاه من طاعة الله والإحسان إلى عباده، أما المنكر فهو ضده مما عرف بالشرع والعقل قبحه من معصية الله والإساءة إلى عباده.

المسألة الثانية: هي أن الأصل في المجتمعات الإسلامية، الالتزام بالمعروف، بطاعة الله والتباعد عن المنكر، عن معصية الله وعن الإساءة إلى عباده، فالمسلمون ما صاروا مسلمين؛ إلا لأنهم وحدوا الله عز وجل وأفردوه بالعبادة، ووحدوا رسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والإتباع والرسالة، فهم يؤمنون بالله عز وجل وحده، ويؤمنون بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن طاعة الأنبياء غيره فيما نسخ بالإسلام لا تجوز، فكيف بطاعة غير الأنبياء من البشر من أهل القوانين، ومن أهل النظريات والأقوال المخالفة للكتاب والسنة؛ فلذلك سمي المسلمون مسلمين.

فالأصل أن المجتمع المسلم ملتزم بطاعة الله، متباعد عن معصية الله؛ ولذلك فما عرفه المسلمون الحقيقيون فهو معروف، وما أنكره المسلمون الحقيقيون فهو منكر؛ ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: [[ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح]] وهو يعني بالمسلمين أهل الصدق والاتباع، من الذين جمعوا بين العلم والتجرد والإخلاص، ولذلك فما عمله الصحابة رضي الله عنهم وأجمعوا عليه، فهو حجة على المسلمين إلى قيام الساعة، بإجماع العلماء، فإجماع الصحابة، حجة بين الله وبين عباده بإجماع أهل العلم؛ لأن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين العلم الصحيح المتلقى من الكتاب والسنة، وجمعوا بين الإخلاص والتجرد، فلم يتلوثوا بالأهواء والآراء المخالفة، فكانوا فيما أجمعوا عليه حجة بين الله وبين عباده بإجماع المسلمين.

وكذلك ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى حجية عمل أهل المدينة، فقال: [[إن عمل أهل المدينة في القرن الأول حجة]]؛ ذلك لأن أهل المدينة كانوا في ذلك القرن، متبعين لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بخلاف بقية الأمصار التي وجد فيها من الآراء، ومن تأثيرات الأمراء وأوامرهم ما قد يخالف السنة.

إذاً: الأصل أن المسلمين الحقيقيين يعرفون المعروف وينكرون المنكر، فما رأوه معروفاً، فهو معروف مما تشهد له دلائل الكتاب والسنة، وما رأوه منكراً، فهو منكر مما تشهد دلائل الكتاب والسنة على إنكاره.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخطر المسائل وأعظمها، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن الرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام إنما بعثوا بهذا الأصل، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وقال: "إن كل إنسان مهما كان لا بد له، إما من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإما من ضد ذلك من الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وإما بما يخالف ذلك بعض المخالفة، من الأمر بالمعروف وببعض المنكر، أو من النهي عن المنكر ونهي عن بعض المعروف".

إذاً فكل إنسان لا بد له من أمر ونهي حتى ولو كان بمفرده؛ فإنه لا بد أن يأمر نفسه وينهاها، فإما أن يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر، وإما يأمرها بالمنكر وينهاها عن المعروف، وإما أن يأمرها وينهاها بما فيه شوب واختلاط، من المعروف ومن المنكر.

قد بين الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أن صلاح المجتمعات هو بقيامهم بهذا الركن الركين، وبهذا الأصل الأصيل، وأن فسادها هو بإخلالها بهذا الأمر، فقال الله عز وجل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:79] فهذا هو سبب لعنهم أنهم عصوا واعتدوا وتركوا التناهي عن المنكر، وتركوا التآمر بالمعروف.

وهذا الأمر الذي حكاه الله عز وجل لنا عن خبر بني إسرائيل،إنما حكاه لنا لنعتبر به معشر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فنحذر أن يصيبنا ما أصابهم، ولذلك يقول حذيفة رضي الله عنه وأرضاه: [[نعمة الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كان لهم المر ولكم الحلو]] أي: إن سلكتم ما سلكوا أصابكم ما أصابهم، حَذْوَا القُذَّةِ بالقُذَّةِ، وفي الحديث الصحيح أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه، قال: [[يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: {إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب}]] وهذا الحديث رواه أصحاب السنن، والإمام أحمد وغيرهم، وروي موقوفاً على أبي بكر رضي الله عنه ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رجح الأئمة كـالدارقطني وغيره، ورجحوا الموقوف على أبي بكر.

وسواء كان الحديث موقوفاً عليه أو مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن دلائل القرآن والسنة تشهد لمعناه، ولعله مما لا يقال بالرأي، فهو بكل حال حديث عظيم معناه صحيح، {إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب} فإن المنكرات إذا فشت في المجتمع، وانتشرت ولم يغيرها الناس، صارت عرفاً سائداً، يستحي المصلحون من إنكاره وتغييره وينشأ عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، حتى ربما دَاخَلَ كثيراً من الناس اليأس من إصلاحه، فتركوه وبدءوا في تغيير منكرات أخرى، وهذا مدعاة إلى فشو المنكرات وانتشارها، وإلى خمول الأمور المعروفة، واستحياء الناس من إظهارها، ولذلك بوب الإمام مالك رحمه الله في موطئه، على نحو هذا الحديث، بقوله: (باب عذاب العامة بعمل الخاصة) وروى فيه أثراً عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: كانوا يقولون، أي السلف من الصحابة والتابعين الذين تلقى عنهم عمر بن عبد العزيز،كانوا يقولون: [[إن المعصية إذا عملت سراً لم تضر إلا صاحبها، فإذا عملت جهراً ضرت الناس كلهم]] أو نحواً مما قال رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه.

وجود المنكرات المستترة في المجتمع أمر طبيعي

إن وجود المنكرات مستترة مستخفية أمر لا بد منه، ولذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أزهى العهود، وأكثرها التزاماً بالقرآن والسنة، وأبعدها عما لا يرضي الله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وجد من الناس من وقع في المعصية، بل وجد المنافقون الذين لم يكتفوا بفعل المعصية فحسب، بل تعدوا ذلك إلى أن أصبحوا يتناهون عن المعروف، ويتآمرون بالمنكر -عياذاً بالله- كما حكى الله عز وجل من خبرهم في قوله: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة:67].

وجد هؤلاء ووجدت المعاصي حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها كانت حالات فردية مستترة خفية، وكان صاحب المعصية يستحيي من إظهارها، ولم يعرف أن رجلاً كان يشرب الخمر والعياذ بالله في الشارع، أو يزني في عرض الطريق، حاشى ذلك المجتمع النظيف من مثل هذه الأعمال!!

وإنما كان الرجل يعمل المعصية سراً، فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رسول الله زنيت فطهرني، فيعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه، فيأتيه من الشق الآخر، فيقول: يا رسول زنيت فطهرني، يفعل ذلك أربع مرات، وهذا دليل على قوة الإيمان عنده، حتى وهو يعصي، فحتى العصاة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا نوعاً آخر غير العصاة في الأزمنة الأخرى، الذين يجاهرون بالمعاصي ويتبجحون بها، وينكرون على من يخالفهم أو ينكر عليهم.

الخطر في التظاهر بالمعصية

إذاً: وجود المعصية، بحد ذاته وفي حالات قليلة مستترة مستخفية أمر ليس بالغريب، ولكن الأمر الغريب أن يتظاهر أصحاب المعاصي بمنكراتهم، ويعلنوها على الملأ، بل ويحامون دونها! فلا يوجد من ينكر عليهم، أو يأمرهم أو ينهاهم، فإذا وصلت المجتمعات إلى هذا الحد، فقد تلوثت أجواؤها وصارت بيئات موبوءة، إذا وجد فيها الإنسان الصالح صار من الصعب عليه أن يستقيم على الحق، لأنه كما يقولون: يسبح ضد التيار.

ولذلك تجدون في مجتمعاتنا اليوم كثيراً من الشباب الذين هداهم الله فاستقاموا على الطريق، يأتي إليك أحدهم ويقول: إني أحاول الصلاح والاستقامة، فأجد داخل بيتي من المنكرات والمعاصي ما يحول بيني وبين الاستقامة، وما يدعوني إلى الرذيلة والمعصية، وأجد من أبي أو من أمي المعارضة -أحياناً- لكثير من السنن؛ لأنهم لا يعرفونها، فوصول المجتمعات إلى هذا الحد هو أمر خطير وهو مؤذن بخرابها وانحرافها إلى أبعد حد، إلا أن يأذن الله بوجود أولي بقية ينهون عن الفساد في الأرض، كما قال الله عز وجل: فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ [هود:116] فأولو البقية الذين هم الطائفة المنصورة المبشر بها، هم الذين يقومون بالنهي عن الفساد في الأرض، بالتعليم وبالعمل وبما يستطيعون من الوسائل الممكنة، وهم بإذن الله العاصم للمجتمعات من الانحطاط والزوال والفناء.

إن وجود المنكرات مستترة مستخفية أمر لا بد منه، ولذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أزهى العهود، وأكثرها التزاماً بالقرآن والسنة، وأبعدها عما لا يرضي الله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وجد من الناس من وقع في المعصية، بل وجد المنافقون الذين لم يكتفوا بفعل المعصية فحسب، بل تعدوا ذلك إلى أن أصبحوا يتناهون عن المعروف، ويتآمرون بالمنكر -عياذاً بالله- كما حكى الله عز وجل من خبرهم في قوله: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة:67].

وجد هؤلاء ووجدت المعاصي حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها كانت حالات فردية مستترة خفية، وكان صاحب المعصية يستحيي من إظهارها، ولم يعرف أن رجلاً كان يشرب الخمر والعياذ بالله في الشارع، أو يزني في عرض الطريق، حاشى ذلك المجتمع النظيف من مثل هذه الأعمال!!

وإنما كان الرجل يعمل المعصية سراً، فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رسول الله زنيت فطهرني، فيعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه، فيأتيه من الشق الآخر، فيقول: يا رسول زنيت فطهرني، يفعل ذلك أربع مرات، وهذا دليل على قوة الإيمان عنده، حتى وهو يعصي، فحتى العصاة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا نوعاً آخر غير العصاة في الأزمنة الأخرى، الذين يجاهرون بالمعاصي ويتبجحون بها، وينكرون على من يخالفهم أو ينكر عليهم.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5007 استماع
حديث الهجرة 4966 استماع
تلك الرسل 4144 استماع
الصومال الجريح 4140 استماع
مصير المترفين 4078 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4043 استماع
وقفات مع سورة ق 3969 استماع
مقياس الربح والخسارة 3922 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3862 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3821 استماع