تزكية النفوس


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وألفه من ثلاثة عناصر: أشرفها الروح، التي هي نفخة غيبية من أمر الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا[الإسراء:85].

ثم العقل الذي شرف الله به هذا الإنسان على غيره من الحيوانات.

ثم البدن الذي هو من تراب.

إن هذه العناصر الثلاثة مجتمعة تشكل إنساناً، فرتب الله على هذه العناصر الثلاثة -عناصر الدين- فجعل الإيمان لمصلحة العقل، والإسلام لمصلحة البدن، والإحسان لمصلحة الروح، وجعل التكامل بين هذه العناصر مطلوباً، فلا يكون الإنسان كاملاً إلا بالموازنة والاعتدال بين هذه العناصر، ومن مال مع واحد من العناصر على حساب غيره كان مائلاً غير مستقيم، ومعوجاً غير معتدل، ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى العناية بهذه العناصر الثلاثة، وجعل من أهمها وأعظمها خطراً عنصر الإحسان، الذي لا يمكن أن يتم الإيمان والإسلام إلا به، وعنصر الإحسان إنما يتعلق بتزكية النفوس.

والتزكية في اللغة مصدر زكى الشيء يزكيه، ولها معنيان:

المعنى الأول: التطهير، يقال: زكيت هذا الثوب تزكية، أي: طهرته، ومنه الزكاء، أي الطهارة.

والمعنى الثاني: الزيادة، ويقال: زكا المال يزكو إذا نما وزاد، ومنه الزكاة، لأنها تنمية للمال وزيادة له.

وعلى أساس المعنى اللغوي جاء المعنى الاصطلاحي في تزكية النفوس، فتزكية النفس شاملة لأمرين:

الأمر الأول: تطهيرها من الأدران والأوساخ.

والأمر الثاني: تنميتها بزيادتها بالأوصاف الحميدة.

أما المعنى الأول فهو تخليتها عن الأوصاف الذميمة.

خلاف العلماء في حكم تعلم أمراض القلوب

والعلماء قد اختلفوا في حكمه، فذهب الغزالي رحمه الله إلى أنه فرض عين على كل مؤمن، فكل مؤمن يلزمه أن يتعلم أمراض القلوب وطريقة علاجها.

وبنى الغزالي رحمه الله تعالى رأيه هذا على أن الإنسان لا يخلو من هذه الأمراض في الأصل، فهي أصلية فيه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق وأرضاهم وأطهرهم، قد شق الله صدره مرتين، وأخرج منه المضغة السوداء التي هي محل هذه الأمراض في الإنسان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى أن يشق صدره وأن تنزع عنه هذا المضغة، فمن سواه أولى بذلك وأحرى.

وذهب الجمهور إلى أن تعلم أمراض القلوب ليس فرض عين وإنما هو فرض كفاية، إلا في حق من تحقق أو ظن وجود مرض من الأمراض فيه، فيلزمه أن يعالج ذلك المرض وأن يعلم مظاهره وأسس علاجه.

واستدل الجمهور على هذا المذهب، بأن الأصل في الإنسان السلامة، وأن فطرته سليمة في الأصل، ولهذا قال الله تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[الروم:30] وبما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من مولود إلا ويولد كما تخدج البهيمة بهيمة عجماء، فهل ترى فيها من جدعاء؟). أي: فهل ترى في البهائم من جدع وقت ميلادها؛ فأعضاؤها متكاملة غير مقطوعة ولا منقوصة.

وأدلة الجمهور لا شك أوجه وأقوى، ولكن يمكن الجمع بينها وبين ما استدل به الغزالي بأن الذي هو في عامة بني آدم هو القابلية لهذه الأمراض لا وجودها، وبالتالي فشق الصدر بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ليس علاجاً لمرض موجود، وإنما هو منع للقابلية، فهو العصمة التي لا يمكن أن يحل بعدها شيء من هذه الأمراض.

حكم التداوي من الأمراض القلبية والبدنية

وعلى هذا فالأمراض القلبية مثل الأمراض البدنية، الأصل السلامة منها، ولكنها قد تعرض بعد الولاد، أو قد يولد الإنسان متصفاً ببعضها بلية وامتحاناً من الله سبحانه وتعالى كالأمراض البدنية، ومن هنا فمن ظن أو تحقق وجود مرض من هذه الأمراض وجب عليه عيناً أن يعالجه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لم ينزل الله داءً من السماء إلا وأنزله له دواء، فتداووا عباد الله).

وقد حمل العلماء هذا الحديث على الوجوب في حق أمراض القلوب، وعلى الندب في حق أمراض البدن، وذلك في حق من يستطيع الصبر؛ لأن الصبر أولى، ولهذا فإن المرأة حين أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو الصرع، فقالت: (يا رسول الله! إني أصرع فادع الله لي، فقال: إن شئت دعوت لك وإن شئت فاصبري، قالت: إني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها وصبرت)، والضرير الذي أتاه فقال: (ادع الله أن يرد علي بصري، قال: أو تصبر؟ قال: ادع الله أن يرد علي بصري، فدعا الله فرد عليه بصره).

فالصبر مقدم في الأمراض البدنية، وهو أولى لمن يستطيعه، وذلك لأنه استسلام لقدر الله، ولأمره سبحانه وتعالى، ورضا بما صنع، أما العلاج فلا ينافي التوكل على الله والاستسلام لأمره، لكنه لا يغير شيئاً من القدر أيضاً، فإذا كتب الله البرء أو الشفاء من مرض من الأمراض أو سقم من الأسقام، فإنه قد يشفيه بالعلاج وقد يشفيه بالدعاء وقد يشفيه بالصدقة وقد يشفيه بغير ذلك، وإذا كتب عدم شفائه واستمراره، فسيستمر حتى لو بذل الإنسان كل جهده في العلاج، وأتى على سائر أنواعه، فإن للأمراض آجالاً مسماة محددة في علم الله تعالى لا بد أن تبلغها.

والعلماء قد اختلفوا في حكمه، فذهب الغزالي رحمه الله إلى أنه فرض عين على كل مؤمن، فكل مؤمن يلزمه أن يتعلم أمراض القلوب وطريقة علاجها.

وبنى الغزالي رحمه الله تعالى رأيه هذا على أن الإنسان لا يخلو من هذه الأمراض في الأصل، فهي أصلية فيه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق وأرضاهم وأطهرهم، قد شق الله صدره مرتين، وأخرج منه المضغة السوداء التي هي محل هذه الأمراض في الإنسان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى أن يشق صدره وأن تنزع عنه هذا المضغة، فمن سواه أولى بذلك وأحرى.

وذهب الجمهور إلى أن تعلم أمراض القلوب ليس فرض عين وإنما هو فرض كفاية، إلا في حق من تحقق أو ظن وجود مرض من الأمراض فيه، فيلزمه أن يعالج ذلك المرض وأن يعلم مظاهره وأسس علاجه.

واستدل الجمهور على هذا المذهب، بأن الأصل في الإنسان السلامة، وأن فطرته سليمة في الأصل، ولهذا قال الله تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[الروم:30] وبما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من مولود إلا ويولد كما تخدج البهيمة بهيمة عجماء، فهل ترى فيها من جدعاء؟). أي: فهل ترى في البهائم من جدع وقت ميلادها؛ فأعضاؤها متكاملة غير مقطوعة ولا منقوصة.

وأدلة الجمهور لا شك أوجه وأقوى، ولكن يمكن الجمع بينها وبين ما استدل به الغزالي بأن الذي هو في عامة بني آدم هو القابلية لهذه الأمراض لا وجودها، وبالتالي فشق الصدر بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ليس علاجاً لمرض موجود، وإنما هو منع للقابلية، فهو العصمة التي لا يمكن أن يحل بعدها شيء من هذه الأمراض.

وعلى هذا فالأمراض القلبية مثل الأمراض البدنية، الأصل السلامة منها، ولكنها قد تعرض بعد الولاد، أو قد يولد الإنسان متصفاً ببعضها بلية وامتحاناً من الله سبحانه وتعالى كالأمراض البدنية، ومن هنا فمن ظن أو تحقق وجود مرض من هذه الأمراض وجب عليه عيناً أن يعالجه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لم ينزل الله داءً من السماء إلا وأنزله له دواء، فتداووا عباد الله).

وقد حمل العلماء هذا الحديث على الوجوب في حق أمراض القلوب، وعلى الندب في حق أمراض البدن، وذلك في حق من يستطيع الصبر؛ لأن الصبر أولى، ولهذا فإن المرأة حين أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو الصرع، فقالت: (يا رسول الله! إني أصرع فادع الله لي، فقال: إن شئت دعوت لك وإن شئت فاصبري، قالت: إني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها وصبرت)، والضرير الذي أتاه فقال: (ادع الله أن يرد علي بصري، قال: أو تصبر؟ قال: ادع الله أن يرد علي بصري، فدعا الله فرد عليه بصره).

فالصبر مقدم في الأمراض البدنية، وهو أولى لمن يستطيعه، وذلك لأنه استسلام لقدر الله، ولأمره سبحانه وتعالى، ورضا بما صنع، أما العلاج فلا ينافي التوكل على الله والاستسلام لأمره، لكنه لا يغير شيئاً من القدر أيضاً، فإذا كتب الله البرء أو الشفاء من مرض من الأمراض أو سقم من الأسقام، فإنه قد يشفيه بالعلاج وقد يشفيه بالدعاء وقد يشفيه بالصدقة وقد يشفيه بغير ذلك، وإذا كتب عدم شفائه واستمراره، فسيستمر حتى لو بذل الإنسان كل جهده في العلاج، وأتى على سائر أنواعه، فإن للأمراض آجالاً مسماة محددة في علم الله تعالى لا بد أن تبلغها.

إن تزكية النفس مهمة للإنسان جداً، وتأتي أهميتها من عدة أوجه:

الوجه الأول، أن الله سبحانه وتعالى أقسم في كتابه أحد عشر قسماً على فلاح من زكى نفسه، وعلى خسران من أهمل ذلك، فقال: وَالشَّمْسِ[الشمس:1] هذا القسم الأول: وَضُحَاهَا[الشمس:1] هذا القسم الثاني: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا[الشمس:2] هذا القسم الثالث: وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا[الشمس:3] هذا القسم الرابع: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا[الشمس:4] القسم الخامس: وَالسَّمَاءِ[الشمس:5] القسم السادس: وَمَا بَنَاهَا[الشمس:5] القسم السابع: وَالأَرْضِ[الشمس:6] القسم الثامن: وَمَا طَحَاهَا[الشمس:6] القسم التاسع: وَنَفْسٍ[الشمس:7] هذا القسم العاشر: وَمَا سَوَّاهَا[الشمس:7] هذا القسم الحادي عشر، فهذه أحد عشر قسماً متوالية من ربنا سبحانه وتعالى الذي يصدقه عباده دون قسم، ولكنه أقسم للتأكيد أحد عشر قسماً على النتيجة وهي قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[الشمس:9-10].

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا[الشمس:9] الفلاح فلاح الحال في الدنيا والآخرة، (من زكاها) أي: من زكى نفسه، وهذا يدلنا على أهمية هذه التزكية.

الوجه الثاني من أوجه أهمية التزكية: أن الإنسان محب للكمال، وهو قد بدء بالضعف عند النشأة الأولى، ثم لا يزال يتدرج في الازدياد حتى يصير إلى حد الكمال فيبدأ حينئذ بالنقص والتراجع، وعلى هذا فحرص الإنسان على الكمال، مقتض منه للحرص على التربية، والتربية ثلاثة أقسام:

الأول: التربية البدنية، وتشمل الوقاية من الأمراض والحرص على النظافة وتشمل العلاج من الأمراض بعد حصولها، والحرص على إكساب البدن ما يحتاج إليه من اللياقة، وإحسان التصرف في الأمور.

الثاني: التربية العقلية، وهي زيادة المعلومات، أن تزداد معلومات الإنسان في أمور دينه أو في أمور دنياه، وأن يزداد اطلاعاً بعقله على إنتاج البشرية، وما وصلت إليه تطوراتها وحضارتها، فازدياد العقل إنما يكون بزيادة العلم، وهذه تربيته، سواء كان ذلك في المجال النظري أو في المجال التطبيقي.

أما الثالث من أقسام التربية: فهو تربية النفوس، وهو صعب للغاية، لأن النفس خفية، يؤمن بها الإنسان ويعلم وجودها وقربها، لكنه لا يراها ولا يستطيع الوصول إليها بالمباشرة، فليست مثل البدن الذي إذا أصابه مرض، أو شاكته شوكه، أو لامسه برد أو حر تألم الإنسان لذلك، وليست مثل العقل الذي يشعر فيه الإنسان بالازدياد والنهم للزيادة من العلم والحرص عليه، بل هذه النفوس أخفاها الله سبحانه وتعالى وجعل ارتفاعها وخروجها ورجوعها خفي لا يطلع عليه الناس.

ولذلك فإن من أبلغ الأدلة على توحيد الله سبحانه وتعالى، أن تقول لمن ينكر وجود الله سبحانه وتعالى أو اتصافه بصفات الكمال لأنه لا يراه؛ أن تقول له: هل لك روح أم لا، فلا بد أن يستسلم وأن يقر بأن له روحاً، فاسأله: هل هي موجودة أو معدومة ؟ فلا بد أن يقر بوجودها، فقل له: هل رأيتها ؟ هل لامستها؟ هل رأيت لونها؟ هل شممت رائحتها؟ هل ذقت طعمها؟

فلا يستطيع أن يثبت شيئاً من ذلك؛ وإذا كانت روحه أقرب شيء إليه مجهولة بالنسبة إليه، فجهله بديان السماوات والأرض أعظم وأكبر، لكنه مضطر للاستسلام حينئذ، وهذه النفس تصاب بالأعراض التي تصاب به الأبدان، فهي محتاجة إلى تغذية دائمة، ومحتاجة إلى رعاية ومتابعة للازدياد من الخير، كما يزداد البدن من الطاقات والمعارف.

ومن هنا احتاج الإنسان إلى أن يراقب تطورات نفسه وأن يعلم أنها وعاء إيمانه، وأحب شيء إليه هذا الإيمان فإذا سلبه فلا فائدة في حياته كلها، من هنا فهو يحتاج إلى مراقبة هذا الإيمان لأنه يخلق ويجد، ويصدأ ويصقل في النفوس، ونظراً لخفاء ذلك وصعوبة تصوره كان أمراً مهما جداً، وكانت هذه المراقبة أمراً ضرورياً لا بد منه لتربية الإنسان.

وهذا الجانب من جوانب التربية وهو التربية الروحية، وحاجة الإنسان إليه كذلك من وجه آخر: هو أن التزكية هي طريق الجنة، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[النازعات:40-41] فهي شرط إذاً لدخول الجنة.

بعد أن عرفنا أهمية العناية بتربية النفس وتزكيتها، بقي أن نعرف أن تزكية النفس تنقسم إلى قسمين: إلى تخلية وتحلية.

والتخلية هي: تطهيرها من الأوصاف الذميمة.

وهذه الأوصاف الذميمة بعضها يتعلق بالأخلاق والعادات وبعضها يتعلق بالتصورات التي ترسخ والمفاهيم التي تسبق إلى التصور، فالجانب الأول ما يتعلق بالأخلاق والعادات، تفاوت الناس فيه هو تفاوتهم في الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) ومن هنا فإن الذي يتجنب الأخلاق الذميمة، ويراقب نفسه فيها ويعاقبها عقاباً شديداً إذا حصل منها خلل أو خطأ؛ هو الذي يستطيع أن يزكيها وينميها.

(خاصم أبو ذر رضي الله عنه رجلاً من إخوانه المؤمنين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه، فقال: يا ابن السوداء، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية) فندم أبو ذر ندماً شديداً حتى أتى الرجل، فوضع عنقه على الأرض وأقسم بالله ليضعن رجله على عنقه عقاباً لنفسه، على أن صدر منها مثل هذا الخلق الذميم، فاستطاع أن ينتصر على نفسه وأن يتغلب على هذا الخلق وأن يتخلص منه، لعلمه أنه من أخلاق الجاهلية، ولهذا فإن النفس، هي بمثابة طفل صغير يتعود على أنماط من العيش والحياة، وإذا عولجت تلك الأنماط تغيرت، وإذا استمر عليها صعبت عليه مفارقتها، كالرضاعة مثلاً، فإنه يتعودها من بداية نشأته، وعند تمام الحولين يشق عليه الفطام، ولكنه ما إن تمضي أيام قليلة حتى يتعود على ترك الرضاعة، ولهذا قال البوصيري رحمه الله:

والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

فكذلك هذه الأخلاق الذميمة، مالم يطلع الإنسان عليها أولاً ويتحقق أنها موجودة لديه ويتعرف على أوصافها وأعراضها فلا يمكن أن يعالجها، لأن من لا يشعر بمرض لا يهتم بعلاجه، ومن هنا احتاج الإنسان إلى أن يتابع الأوصاف الذميمة وأن يتعرف عليها وعلى مظاهرها حتى يتقيها، وإن استطاع أن يتخلص من الأوصاف الذميمة سواءً كانت في الأخلاق أو العادات فقد زكى نفسه.

فهذا هو الجانب الأول من التزكية الذي هو التخلية، لأن التخلية سابقة على التحلية.

وإذا أردنا توزيع هذه الأوصاف توزيعاً شاملاً، فإننا نقول: إن هذه الأوصاف الذميمة كلها تتعلق بالتعامل، والتعامل ثلاثة أقسام: تعامل مع الله، وتعامل مع النفس، وتعامل مع الناس.

مرض الشرك الأكبر

فالتعامل مع الله سبحانه وتعالى بالأوصاف الذميمة يكون بالأوصاف التالية:

أولاً: الشرك، وهو أعظم الأمراض القلبية ضرراً وأخطرها، ولذلك كان أعظم الذنوب، فلا بد أن يتعلم الإنسان الشرك، وأن يعرف ما هو حتى يعلم هل هو متصف بهذا الوصف الذميم الذي هو أخطر الأوصاف أو ليس كذلك، فإذا عرف -ولله الحمد- أنه خالص منه، عرف أن ذلك يحتاج إلى متابعة ومراقبة، وأن نجاته من الشرك ليست من تلقاء نفسه وإنما هي نعمة أنعم الله بها عليه، فتستحق أن تقيد بالشكر، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).

والإنسان محتاج إلى أن يتابع أنواع الشرك، وأن يعرضها على نفسه، فإذا وجد نوعاً من أنواع الشرك، تخلقت نفسه ببعض أخلاقه، أو ظهر عليها بعض مظاهره بادر للعلاج من ذلك.

ومن أعظم أنواع الشرك: الشرك في العبادة، وهو أنواع كثيرة، وله مظاهر متعددة، منها مثلاً: أن يسجد الإنسان للصنم، فهذا نوع واحد من أنواع الشرك وهو الشرك في العبادة.

ومنها: أن ينذر الإنسان لغير الله، أو أن يذبح لغير الله، أو أن يستغيث بغير الله، فكل ذلك داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك العبادة، لأن كل هذا تذلل وتضرع والتذلل والتضرع هو العبادة، ولا أحد يستحق أن يتضرع له الإنسان ويتذلل له إلا ديان السماوات والأرض وحده.

النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك في الدعوة، وهو التوكل والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، وهذا أنواع كثيرة، فيدخل فيه -مثلاً- الاستغاثة بغير الله ودعاؤه، وكذلك يدخل فيه أن يعتمد الإنسان على الأسباب وأن يتوكل عليها، وأن يظن الإنسان أن مخلوقاً يملك له نفعاً أو ضراً، أو موتاً أو حياة أو نشوراً، ويدخل فيه الخوف من المخلوق أو الطمع فيه، ويدخل فيه الطيرة والرقى والتمائم والتولة التي هي من أمر الجاهلية.

ويدخل فيه أن يقطع الإنسان عملاً كان بدأه من أجل أنه رأى ما يكره، فهذا نوع من أنواع الطيرة ويدخل فيه كذلك خلطة الجن والكهانة، فكل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك.

والنوع الثالث من أنواع الشرك: الشرك في التشريع:

لأن ديان السماوات والأرض وحده هو عالم الغيب والشهادة، وهو الذي يشرع لعباده ما يشاء؛ لأنه هو وحده الذي يعلم مصالحهم، ومن هنا قال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[الشورى:21] فلا يمكن أن يشرع ويحل ويحرم ويأمر بأمر وينهى عن أمر إلا ديان السماوات والأرض وحده، ومن هنا فطاعة المخلوق في معصية الخالق تشريع لما لم يأذن به الله بوضع قوانين مخالفة لشرع الله، وكذلك مخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالآراء الباطلة؛ كل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك التشريع.

النوع الرابع من أنواع الشرك: شرك المحبة:

وهو تعلق القلب بغير الله سبحانه وتعالى محبة ورضاً، والله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يستحق المحبة، لأن المحبة إنما تكون على أساس الكمال، أو على أساس الطمع، وهو وحده المتصف بصفات الكمال المنزه عن جميع النقائص، وهو كذلك وحده الذي يملك لعباده ما ينفعهم وما يضرهم، فهو الذي يستحق أن يرجى ما عنده وأن يتعلق به وحده.

وهذه الأنواع من الشرك هي الشرك الأكبر، أما ما دونها من أنواع الشرك فهو الذي يسمى بالشرك الأصغر، وهو أخفى في بني آدم من دبيب النمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

مرض الشرك الأصغر

الشرك الأصغر موجود في الناس، لكنه أخفى من دبيب النمل، ومنه:

الرياء: أن يرائي الإنسان بعمله فيريد أن يراه الناس على ذلك العمل، فيمدحوه به، أو يتقربوا إليه به، أو يكون محلاً لتقديرهم واحترامهم، فهذا النوع شرك بالله سبحانه وتعالى، وهو غير مخرج من الملة لخفائه واستبطانه، لكنه محبط للعمل ومبطل له.

ومنه التسميع: وهو أن يسمع الإنسان، فيتحدث بأنه فعل القربة الفلانية، سواء كان صادقاً أو كان كاذباً، فكل ذلك إشراك بالله في هذا الجانب، وهو من الشرك الأصغر الذي يحبط ذلك العمل، لكنه لا يقتضي كفراً، ولا خروجاً من الملة.

ومثل ذلك كل اعتداء يقتضي كفراً أصغر كقتال المسلمين، والسعي لتفريق كلمتهم والاعتداء على حقوقهم، فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، لكنه كفر أصغر لا يخرج من الملة، قال صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وقال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بع).

فيجب على الإنسان أن يتعلم هذه الأحكام وأن يعرضها على نفسه، فإن وجد في نفسه جانباً من جوانب الشرك أياً كان عرف أنه قد تلبس بأخطر الأمراض وأعظمها، فهو أعظم من كل الأمراض البدنية، وعليه أن يبادر لعلاجه، وعلاجه إنما يكون بتحقيق الإيمان، والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى منه، وإحسان العمل في المستقبل، كما قال تعالى في حق الكفار: فإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[التوبة:11] ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله).

مرض سوء الأدب مع الله

ثم بعد هذا يأتي المرض الثاني بعد الشرك، فيما يتعلق بالتعامل مع الله، وهو سوء الأدب مع الله:

وهو مرض خطير من أمراض النفوس، وهو أنواع متعددة:

منها سوء الأدب معه في العبادة:

ومعناه: أن لا يؤدي الإنسان العبادة كما شرع الله، أو أن يؤديها وهو منصرف عنها بقلبه غير حاضر لها، فهذا سوء أدب مع الله لأنه يناديه ويناجيه ويخاطبه وهو منصرف القلب عنه: (ولا يزال الله مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإن التفت أعرض عنه وقال: يا ابن آدم! إلى من تلتفت؟ أنا خير مما التفت إليه).

ومن سوء الأدب معه: الاعتداء في الدعاء:

بأن يسأل الإنسان ما لا يمكن أن يتحقق له، فهذا سوء أدب مع الله وقد حكى الله عن نوح عليه السلام أنه قال: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ[هود:47] وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتداء في الدعاء.

كذلك من سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى: الاعتراض على قدره بأي مرتبه من مراتبه، واستعظام شيء عليه في خلقه: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[الأنبياء:23].

فالاعتراض على الله تعالى في أي شيء من فعله، وعدم الاستسلام لحكمه وقدره أو لأي شيء من فعله؛ هو سوء أدب معه سبحانه وتعالى وعدم معرفة به، ومن هنا يجب على الإنسان أن يتتبع أنواع سوء الأدب مع الله، فإن وجد نفسه مسيئاً للأدب مع الله في أي جانب من الجوانب عرف أنه مبتلى بمرض عضال، وأن عليه أن يعالج هذا المرض قبل أن يصل به إلى سوء الخاتمة، نسأل الله السلامة والعافية.

فالتعامل مع الله سبحانه وتعالى بالأوصاف الذميمة يكون بالأوصاف التالية:

أولاً: الشرك، وهو أعظم الأمراض القلبية ضرراً وأخطرها، ولذلك كان أعظم الذنوب، فلا بد أن يتعلم الإنسان الشرك، وأن يعرف ما هو حتى يعلم هل هو متصف بهذا الوصف الذميم الذي هو أخطر الأوصاف أو ليس كذلك، فإذا عرف -ولله الحمد- أنه خالص منه، عرف أن ذلك يحتاج إلى متابعة ومراقبة، وأن نجاته من الشرك ليست من تلقاء نفسه وإنما هي نعمة أنعم الله بها عليه، فتستحق أن تقيد بالشكر، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).

والإنسان محتاج إلى أن يتابع أنواع الشرك، وأن يعرضها على نفسه، فإذا وجد نوعاً من أنواع الشرك، تخلقت نفسه ببعض أخلاقه، أو ظهر عليها بعض مظاهره بادر للعلاج من ذلك.

ومن أعظم أنواع الشرك: الشرك في العبادة، وهو أنواع كثيرة، وله مظاهر متعددة، منها مثلاً: أن يسجد الإنسان للصنم، فهذا نوع واحد من أنواع الشرك وهو الشرك في العبادة.

ومنها: أن ينذر الإنسان لغير الله، أو أن يذبح لغير الله، أو أن يستغيث بغير الله، فكل ذلك داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك العبادة، لأن كل هذا تذلل وتضرع والتذلل والتضرع هو العبادة، ولا أحد يستحق أن يتضرع له الإنسان ويتذلل له إلا ديان السماوات والأرض وحده.

النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك في الدعوة، وهو التوكل والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، وهذا أنواع كثيرة، فيدخل فيه -مثلاً- الاستغاثة بغير الله ودعاؤه، وكذلك يدخل فيه أن يعتمد الإنسان على الأسباب وأن يتوكل عليها، وأن يظن الإنسان أن مخلوقاً يملك له نفعاً أو ضراً، أو موتاً أو حياة أو نشوراً، ويدخل فيه الخوف من المخلوق أو الطمع فيه، ويدخل فيه الطيرة والرقى والتمائم والتولة التي هي من أمر الجاهلية.

ويدخل فيه أن يقطع الإنسان عملاً كان بدأه من أجل أنه رأى ما يكره، فهذا نوع من أنواع الطيرة ويدخل فيه كذلك خلطة الجن والكهانة، فكل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك.

والنوع الثالث من أنواع الشرك: الشرك في التشريع:

لأن ديان السماوات والأرض وحده هو عالم الغيب والشهادة، وهو الذي يشرع لعباده ما يشاء؛ لأنه هو وحده الذي يعلم مصالحهم، ومن هنا قال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[الشورى:21] فلا يمكن أن يشرع ويحل ويحرم ويأمر بأمر وينهى عن أمر إلا ديان السماوات والأرض وحده، ومن هنا فطاعة المخلوق في معصية الخالق تشريع لما لم يأذن به الله بوضع قوانين مخالفة لشرع الله، وكذلك مخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالآراء الباطلة؛ كل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك التشريع.

النوع الرابع من أنواع الشرك: شرك المحبة:

وهو تعلق القلب بغير الله سبحانه وتعالى محبة ورضاً، والله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يستحق المحبة، لأن المحبة إنما تكون على أساس الكمال، أو على أساس الطمع، وهو وحده المتصف بصفات الكمال المنزه عن جميع النقائص، وهو كذلك وحده الذي يملك لعباده ما ينفعهم وما يضرهم، فهو الذي يستحق أن يرجى ما عنده وأن يتعلق به وحده.

وهذه الأنواع من الشرك هي الشرك الأكبر، أما ما دونها من أنواع الشرك فهو الذي يسمى بالشرك الأصغر، وهو أخفى في بني آدم من دبيب النمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

الشرك الأصغر موجود في الناس، لكنه أخفى من دبيب النمل، ومنه:

الرياء: أن يرائي الإنسان بعمله فيريد أن يراه الناس على ذلك العمل، فيمدحوه به، أو يتقربوا إليه به، أو يكون محلاً لتقديرهم واحترامهم، فهذا النوع شرك بالله سبحانه وتعالى، وهو غير مخرج من الملة لخفائه واستبطانه، لكنه محبط للعمل ومبطل له.

ومنه التسميع: وهو أن يسمع الإنسان، فيتحدث بأنه فعل القربة الفلانية، سواء كان صادقاً أو كان كاذباً، فكل ذلك إشراك بالله في هذا الجانب، وهو من الشرك الأصغر الذي يحبط ذلك العمل، لكنه لا يقتضي كفراً، ولا خروجاً من الملة.

ومثل ذلك كل اعتداء يقتضي كفراً أصغر كقتال المسلمين، والسعي لتفريق كلمتهم والاعتداء على حقوقهم، فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، لكنه كفر أصغر لا يخرج من الملة، قال صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وقال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بع).

فيجب على الإنسان أن يتعلم هذه الأحكام وأن يعرضها على نفسه، فإن وجد في نفسه جانباً من جوانب الشرك أياً كان عرف أنه قد تلبس بأخطر الأمراض وأعظمها، فهو أعظم من كل الأمراض البدنية، وعليه أن يبادر لعلاجه، وعلاجه إنما يكون بتحقيق الإيمان، والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى منه، وإحسان العمل في المستقبل، كما قال تعالى في حق الكفار: فإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[التوبة:11] ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله).




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4778 استماع
بشائر النصر 4274 استماع
أسئلة عامة [2] 4117 استماع
المسؤولية في الإسلام 4042 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 3980 استماع
نواقض الإيمان [2] 3937 استماع
اللغة العربية 3919 استماع
عداوة الشيطان 3919 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3892 استماع
القضاء في الإسلام 3882 استماع