أولية الله وحدوث الخلق


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

يقول الشيخ حفظه الله تعالى: (العقائد).

والعقائد جمع عقيدة، وهي ما يعتقده الإنسان، أي يجزم به جزماً لا يقبل الشك، والمقصود به أن هذه الأمور المذكورة هنا أكثرها أمور نصية جاءت في القرآن أو في السنة، فمن عرف أنها نصية وجب عليه الإيمان بصدقها وصحتها، ومن لم يعرف ذلك ولم يسمعها فهو غير مطالب إلا بالأصول الستة التي هي أركان الإيمان، فلا يطالب الإنسان بمعرفتها تفصيلاً إلا إذا سمع الوحي الذي نزل فيها، ومن هنا فإن كثيراً من الصفات التي تسمعونها هنا إنما جاءت في أحاديث آحاد ولم يعلّمها الرسول صلى الله عليه وسلم لكل الأمة.

وكذلك بعض العقائد التي هي معروفة لدينا اليوم كانت في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفها إلا قلائل.

فمثلاً: عذاب القبر من هذه العقائد التي يجب الإيمان بها، لكنه قد ثبت في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها على قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن تعلم عذاب القبر، حتى جاءت امرأة من اليهود فاستعاذت من عذاب القبر فأنكرت عليها عائشة ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها أن عذاب القبر حق.

ولم يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عامة الناس بعذاب القبر إلا في خطبته عندما كسفت الشمس عند موت إبراهيم ، وهذا أمر متأخر جداً، ففي حديث أسماء في الصحيحين أنه ذكر في خطبته عند كسوف الشمس عذاب القبر، وفتنة القبر، فقال: (إنكم تفتنون في قبوركم مثل -أو قريباً من- فتنة المسيح الدجال -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقال للرجل: ما ربك، وما دينك، وما كنت تقول في هذا الرجل؟ فأما المؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، والمبعوث فينا محمد صلى الله عليه وسلم، هو محمد هو محمد هو محمد -ثلاثاً- جاءنا بالبينات والهدى فآمنا واتبعنا، وأما المنافق أو المرتاب -لا يدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: هاه هاه لا أدري، كنت سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيقولان له: لا دريت ولا تليت، ويضربانه بمرزبة معهما لو اجتمع عليها أهل منىً ما أقلوها).

وفي رواية في الصحيحين: (ويضربانه بين قرنيه) وفي رواية: (ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الإنس والجن).

فعلم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا عامة الناس، وهذا فيه إثبات لفتنة القبر ولعذاب القبر؛ ومن فتنة القبر ذكر السؤال والامتحان، وفي عذاب القبر ذكر هذه الضربة التي يصيح منها صيحة يسمعها من يليه إلا الإنس والجن، وهي من عذاب القبر.

وكذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من أصحابه : (إن الله يضحك إلى المصلي في جوف الليل فقال رجل: أويضحك ربنا عز وجل؟ قال: نعم. فقال: لا يعدم عبد من رب يضحك خيراً)، فدل هذا على أن بعضهم لم يكونوا يعرفون أن صفة الضحك ثابتة لله سبحانه وتعالى، ونظير هذا كثير في الأحاديث الصحيحة.

ابتدأ الشيخ هذه العقائد بذكر اسم الله عز وجل الذي يدل على ذاته وجميع صفاته وهو الله، وهذا الاسم يدل على الذات وجميع الصفات.

اشتقاق لفظ الجلالة

وقد اختلف فيه هل هو من العربية أو من غيرها:

فقالت طائفة من أهل العلم: ليس من العربية، بل هو اسم لله سبحانه وتعالى بكل اللغات، ولكن هذا لا يناسب؛ لأنه عرف في كثير من اللغات إطلاق اسم على الله غير هذا الاسم، ولا يعرف كثير من أصحاب اللغات هذا الاسم، لكن يمكن أن يقصر على اللغات السامية مثلاً، فهو معروف بالعبرية والعربية وغيرها من اللغات السامية.

وعلى أنه من العربية اختلف فيه: هل هو مشتق أو مرتجل:

فقالت طائفة من أهل العلم: هو مرتجل لأن صورته ليست على صورة الأسماء المشتقة؛ لأن الأسماء المشتقة إما مصدر أو اسم فاعل أو اسم مفعول، أو صفة مشبهه أو أفعل تفضيل أو وزن مبالغة، وليس هذا الاسم شيئاً من ذلك.

لكن قالت طائفة: هو إله عرّف بأل.

وهذا غلط من ناحية التصريف؛ لأن إلهاً إذا عرف بأل قيل فيه الإله ولم يقل فيه الله، لكن قيل: حذفت الهمزة لصعوبتها في النطق، ولا شك أن الهمزة يقع التكلف في النطق بها، ولهذا من العرب من يبدلها هاءً، كما في قول الشاعر:

ألا يا سنا برق على قلل الحمى لهنك من برق علي كريم

ولذلك يقول الناظم رحمه الله:

والهمز في النطق به تكلف فسهلوه تارة وحذفوا

وأبدلوه حرف مد محضا ونقلوه للسكون ....

فهذا يدلنا على صعوبة النطق بالهمزة، ولذلك إذا حذفت الهمزة فيقال: (الله) لأن (أل) ستدغم بلام إله فيكون الله.

وعلى كل فإن كان مشتقاً فإما أن يشتق من (لاه) بمعنى احتجب لأنه لا تدركه الأبصار، وفي هذا يقول الشاعر:

لاهت فما عرفت يوماً بخارجة يا ليتها برزت حتى عرفناها

لاهت: أي احتجبت، أو أن يكون بمعنى أن (الله) ارتفع، ومنه قيل للشمس (إلهة) قال الشاعر:

تروحنا من الدهناء عصراً وأعجلنا الإلاهة أن تغيبا

وقيل من (أله) إليه، بمعنى لجأ إليه، لأنه الملجوء إليه في كل الأمور، ومن هذا قول الشاعر:

ألهت إليكم في أمور تهمني فألفيتكم فيها كراماً أماجدا

وقيل: هو من أُله إلهة كعبد عبادة وزناً ومعنى، ولكن الراجح أن هذه الكلمة ليست من أصل العربية، وإنما هي مشتقة من الإله.

لفظ الجلالة من أعظم أسماء الله

وعلى كل فإنه لم يرد في القرآن من أسماء الله الحسنى المستعملة استعمال الأسماء إلا الله أو الرحمن فقط، وبالنسبة لبقية الأسماء فإنما جاءت مستعملة في القرآن استعمال الصفات، وكذلك في السنة.

فمثلاً جاء هذا الاسم فاعلاً بقول الله تعالى: وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ[النحل:51] وجاء مبتدأً: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[البقرة:255] .

وكذلك جاء في محل نصب عن المفعولية في قوله: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ[النور:39] لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا[النساء:64] .

وكذلك الرحمن استعمل استعمال الأسماء في قوله: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[الإسراء:110] ، وفي قوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[طه:5] ولم يرد استعمال غير هذين الاسمين استعمال الأسماء في القرآن كله ولا في السنة.

فدل هذا على أن هذين الاسمين من أعظم أسماء الله سبحانه وتعالى، ولهذا أتى بهذا الاسم مبتدأ هنا وأخبر عنه بكل ما يأتي من الصفات فقال: (الله حق).

و(حق) بمعنى موجود ثابت، ويعبر عنها في الكلام بالموجود، لكن لم ترد النصوص بإطلاق (الموجود) على الله، وإنما أطلق الفعل: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ[النور:39] لكن لم يرد لفظ (الموجود) في النصوص مطلقاً على الله سبحانه وتعالى، فلذلك اختار هذا الألفاظ الواردة في النصوص.

ذكر أسماء الله الحسنى

قال الناظم: (الله حق) والله تعالى يقول: وأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ[النور:25] وقد عد الحق في الأسماء التسعة والتسعين، كما في حديث أبي هريرة في الترمذي و ابن خزيمة والمستدرك.

(إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت -وفي رواية المغيث- الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب -وفي رواية: القريب- المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين - وفي رواية: المبين- الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور).

معنى الحق في أسماء الله

قوله: (حق) المقصود بها ما يشمل أمرين:

فالحق يطلق على الصدق الثابت المقابل للكذب، فيقال: حق قوله، بمعنى صدق، ويقال: حق الأمر، بمعنى استقر، وكلاهما مقصود بالمعنى، فالحق يطلق على خلاف الكذب وهذا إنما هو في الأخبار، ولكن المقصود أن الأخبار الواردة عن الله تعالى وفي وصفه حق.

ويطلق على المستقر، والمقصود بذلك وجوده وعدم تغيره فلا تعروه الحوادث والآفات، ولا تحل به السنة ولا النوم، فهو حي قيوم دائم على ما عليه كان قبل أن يخلق الخلق.

ومن المناسب أن يذكر هذا الوصف خبراً عن لفظ الله سبحانه وتعالى؛ لأنه أيضاً يتضمن كثيراً من صفاته سبحانه، فيتضمن القومية والدوام والبقاء والملك والجبروت وغير ذلك من الصفات.

وقد اختلف فيه هل هو من العربية أو من غيرها:

فقالت طائفة من أهل العلم: ليس من العربية، بل هو اسم لله سبحانه وتعالى بكل اللغات، ولكن هذا لا يناسب؛ لأنه عرف في كثير من اللغات إطلاق اسم على الله غير هذا الاسم، ولا يعرف كثير من أصحاب اللغات هذا الاسم، لكن يمكن أن يقصر على اللغات السامية مثلاً، فهو معروف بالعبرية والعربية وغيرها من اللغات السامية.

وعلى أنه من العربية اختلف فيه: هل هو مشتق أو مرتجل:

فقالت طائفة من أهل العلم: هو مرتجل لأن صورته ليست على صورة الأسماء المشتقة؛ لأن الأسماء المشتقة إما مصدر أو اسم فاعل أو اسم مفعول، أو صفة مشبهه أو أفعل تفضيل أو وزن مبالغة، وليس هذا الاسم شيئاً من ذلك.

لكن قالت طائفة: هو إله عرّف بأل.

وهذا غلط من ناحية التصريف؛ لأن إلهاً إذا عرف بأل قيل فيه الإله ولم يقل فيه الله، لكن قيل: حذفت الهمزة لصعوبتها في النطق، ولا شك أن الهمزة يقع التكلف في النطق بها، ولهذا من العرب من يبدلها هاءً، كما في قول الشاعر:

ألا يا سنا برق على قلل الحمى لهنك من برق علي كريم

ولذلك يقول الناظم رحمه الله:

والهمز في النطق به تكلف فسهلوه تارة وحذفوا

وأبدلوه حرف مد محضا ونقلوه للسكون ....

فهذا يدلنا على صعوبة النطق بالهمزة، ولذلك إذا حذفت الهمزة فيقال: (الله) لأن (أل) ستدغم بلام إله فيكون الله.

وعلى كل فإن كان مشتقاً فإما أن يشتق من (لاه) بمعنى احتجب لأنه لا تدركه الأبصار، وفي هذا يقول الشاعر:

لاهت فما عرفت يوماً بخارجة يا ليتها برزت حتى عرفناها

لاهت: أي احتجبت، أو أن يكون بمعنى أن (الله) ارتفع، ومنه قيل للشمس (إلهة) قال الشاعر:

تروحنا من الدهناء عصراً وأعجلنا الإلاهة أن تغيبا

وقيل من (أله) إليه، بمعنى لجأ إليه، لأنه الملجوء إليه في كل الأمور، ومن هذا قول الشاعر:

ألهت إليكم في أمور تهمني فألفيتكم فيها كراماً أماجدا

وقيل: هو من أُله إلهة كعبد عبادة وزناً ومعنى، ولكن الراجح أن هذه الكلمة ليست من أصل العربية، وإنما هي مشتقة من الإله.

وعلى كل فإنه لم يرد في القرآن من أسماء الله الحسنى المستعملة استعمال الأسماء إلا الله أو الرحمن فقط، وبالنسبة لبقية الأسماء فإنما جاءت مستعملة في القرآن استعمال الصفات، وكذلك في السنة.

فمثلاً جاء هذا الاسم فاعلاً بقول الله تعالى: وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ[النحل:51] وجاء مبتدأً: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[البقرة:255] .

وكذلك جاء في محل نصب عن المفعولية في قوله: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ[النور:39] لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا[النساء:64] .

وكذلك الرحمن استعمل استعمال الأسماء في قوله: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[الإسراء:110] ، وفي قوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[طه:5] ولم يرد استعمال غير هذين الاسمين استعمال الأسماء في القرآن كله ولا في السنة.

فدل هذا على أن هذين الاسمين من أعظم أسماء الله سبحانه وتعالى، ولهذا أتى بهذا الاسم مبتدأ هنا وأخبر عنه بكل ما يأتي من الصفات فقال: (الله حق).

و(حق) بمعنى موجود ثابت، ويعبر عنها في الكلام بالموجود، لكن لم ترد النصوص بإطلاق (الموجود) على الله، وإنما أطلق الفعل: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ[النور:39] لكن لم يرد لفظ (الموجود) في النصوص مطلقاً على الله سبحانه وتعالى، فلذلك اختار هذا الألفاظ الواردة في النصوص.

قال الناظم: (الله حق) والله تعالى يقول: وأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ[النور:25] وقد عد الحق في الأسماء التسعة والتسعين، كما في حديث أبي هريرة في الترمذي و ابن خزيمة والمستدرك.

(إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت -وفي رواية المغيث- الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب -وفي رواية: القريب- المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين - وفي رواية: المبين- الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور).