أسئلة نسائية


الحلقة مفرغة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فأقول للأخوات: إن ما تقدمن به من الأسئلة بين يدي، وما لا أعلمه فسيكون الجواب فيه بلا أدري، وما أعلمه أيضاً فإنما الإفتاء فيه من باب قول الشاعر:

لعمر أبيك ما نسب المعلا إلى كرم وفي الدنيا كريم

ولكن البلاد إذا اقشعرت وصوح نبتها رعي الهشيم

السؤال: هل يجوز لشخص عنده عيال خياطة الرقيق من الثياب مع العلم أنه محتاج إلى ثمنه ولا يوجد سوى الرقيق يخيطه؟

الجواب: ورد عن عمرو بن مرة أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! حرمت فما أُراني أرزق إلا من دفي بكفي فهل تأذن لي في ذلك؟ فقال: لا آذن لك ولا كرامة، ولو كنت تقدمت إليك لأوجعتك ضرباً ولحلقت رأسك مثلة، ولأبحت مالك لأهل المدينة)، فإن الله عز وجل قد وسع في الأرزاق من الحلال، ووسع السبل إلى ذلك، ومن أراد أن يوسع الله عليه في رزقه فلا يعمد إلى ما حرم الله عليه، فإن خياطة الرقيق من الثياب وبيعه لمن يستعمله استعمالاً لا يجوز من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه.

السؤال: ما هي المداهنة، وما هي حدودها في الأمر والنهي؟

الجواب: المداهنة هي بذل الدين لإصلاح الدنيا، أي: أن يبذل الشخص جزءاً من دينه لإصلاح الدنيا، وليس من ذلك ما كان الشخص مكرهاً عليه، فإنه إذا أكره بما يخاف عقوبته لا يعتبر مداهناً، لقول الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[النحل:106] ، فلذلك ينبغي أن نعرف أن المداهنة هي بذل الدين لإصلاح الدنيا، كمن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل أن لا يستثقل، ومن أجل أن لا يقال إنه ثقيل، أو من أجل أن لا يوصف بأوصاف بذيئة، فكثير من الناس يريد أن يتخلص من الأوصاف القبيحة لدى الآخرين بأن يترك جزءاً من دينه فيترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لئلا يقال فيه كذا من الأوصاف الذميمة، والواقع أن ديان السماوات والأرض ذا العزة والجلال الذي خلق الناس وأنعم عليهم وسواهم ومع ذلك زعموا أن له صاحبةً وولداً تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً: وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا[المائدة:64] ، لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ[آل عمران:181] .

وكذلك الأنبياء الذين هم خيرة الله من خلقه فإن الناس قالوا فيهم: كذاب، وساحر، ومجنون، وكاهن، وطالب سلطة، وطالب مال .. إلى آخر ما قالوه.

وقد برأ الله الأنبياء من ذلك، ومن كان يريد أن ينجو مما نجا منه الأنبياء فمعناه: أنه لا يريد أن يسلك طريقهم، وهذا الطريق الموصل إلى الجنة محفوف بالمكاره، فإن الله حين خلق الجنة أرسل إليها جبريل وزينها قبل أن يصل إليها بأنواع الزينة، فلما رآها ورجع إليه سأله قال: هل رأيتها؟

قال: نعم، وعزتك وجلالك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم أمر بالنار فأعدت، فأرسله إليها، فلما رآها، قال: أرأيتها؟

قال: نعم، وعزتك وجلالك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بالجنة فحفت بالمكاره وأمر بالنار فحفت بالشهوات، فأرسل جبريل فنظر إلى الجنة فرجع فقال: وعزتك وجلالك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، ورأى النار فقال: وعزتك وجلالك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد، وذلك حين حفت بالشهوات.

فلذلك لابد أن يدرك الشخص أن هذا الطريق لابد فيه من كثير من العقبات والمشكلات، وأنه لا يمكن أن يصبر على دينه، فيجمع بين العافية العاجلة والعاقبة الآجلة، ولابد أن يجد بعض الأذى الذي توعد الله به في كتابه، في قوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ[آل عمران:186] .

السؤال: امرأة تقدم إليها رجل ليتزوجها فظهر أنه محرم لها، فهل يجوز لها أن تصافحه بعد ذلك وأن تتخذه محرماً؟

الجواب: إذا كانت تخشى الريبة من ذلك أو الفتنة فلا يحل لها مصافحته، وإن كانت لا تخشى الريبة ولا الفتنة من ذلك فإن هذا من الجائز، فهو محرم مثل غيره من المحارم.

السؤال: بعض الفتيات إذا تزوجت إحداهن أتتها كل صديقاتها بعد الزواج يسألنها عن دخول زوجها بها وكل شيء جرى بينهما، فتجيب بكل صراحة، فهل هذا جائز؟

الجواب: لا، بل حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وبالغ في نكيره، وذكر أن من فعله إنما هو شيطان، وهذا يكفي في المبالغة في التحذير، فهذه الأمور التي بين الأزواج ينبغي أن تكون سراً من الأسرار لا يطلع عليها أحد، وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حصلت بينه وبين زوجته صفية بنت أبي عبيد مشكلة اجتماعية، فجاء أصدقاؤه وأخته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين يسألونه عن هذه المشكلة التي بينه وبين زوجته، فقال: سبحان الله! كيف أفضي بسر امرأة هي أقرب الناس إلي، فلم يفض إليهم بشيء من سرها، ثم إنه طلقها فأتوه يسألونه عن السبب، فقال: سبحان الله! كيف أفضي بسر امرأة أجنبية لا علاقة بيني وبينها.

إذاً: فهذا من الأسرار التي لا يمكن إفشاؤها بحال من الأحوال، ومع ذلك فما كان من وصف حميد فيه ثناء، أو تشك وتظلم في بعض القضايا فإنه لا يدخل في النهي، فمثلاً: إذا كان الزوج يحسن إلى زوجته وكانت تجد منه المعاشرة الحسنة فأرادت بذلك الدعوة وتأليف القلوب وذكر نعمة الله تعالى، حيث تشعر أن كثيراً من النساء مهانة في بيتها، وأنها لا تجد في بيتها الألفة ولا الرحمة والرأفة المطلوبة في الزواج وإنما وجدت فيه خلاف ذلك، فأرادت أن تبين نعمة الله تعالى عليها؛ فإن الله يحب أن تظهر نعمته على عباده، والتحدث بالنعمة شكر لها.

وكذلك إذا كانت تشكو من سوء المعاملة إلى من يمكن أن يغير، أو تشكو إلى من يمكن أن يتوسط في التغيير، فهذا أيضاً لا يعد من الغيبة بل هو من الأمور الستة التي يجوز فيها ذكر الأخ بما يكره، وكذلك ذكر الزوج في تعامله مع الزوجة ومن هذا: حديث أم زرع المعروف لديكن، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أقر فيه قصة أم زرع حين أثنت على زوجها فإنها قالت: زوجي أبو زرع وما أبو زرع ، وأثنت عليه بأنواع الثناء، وعلى أمه وعلى بنته وعلى ولده وعلى خادمه.

السؤال: امرأة طهرت من الحيض وأرادت أن تغتسل إلا أن شعرها مضفور بدقة، وهي متأكدة من وصول الماء إليه؛ فهل لها أن تغتسل كما هي أم تنقض شعرها، الرجاء التوضيح؟

الجواب: بالنسبة للشعر المضفور فإنه ينقسم إلى قسمين:

مضفور بنفسه، ومضفور بخيوط من غيره، مثل الذي فيه أسلاك أو حديد.

فالقسم الأول المضفور بنفسه ينقسم إلى قسمين:

شديد، ورخو، فالشديد يجب نقضه في الغسل، ولا يجب ذلك في الوضوء، بل تمسح فوقه في الوضوء وتدخل يدها تحت الضفائر فقط، أما في الغسل فيجب نكثه مطلقاً، وتنقض الضفر كله، وأما ما كان رخواً من الضفر من غير خيوط، فإنها لا تنقضه بل تهيئه لدخول الماء فيه حتى توقن أن الماء دخل في داخله وتغلغل فيه.

إذاً: الرخو الذي ليس ضفره دقيقاً ولا محكماً فهذا تلينه حتى يدخل فيه الماء، وأما ما كان مضفوراً بالخيوط فإن الخيوط تنقسم إلى قسمين: كثيرة، وقليلة، فالكثيرة إذا كانت رابية عليه فإنها تنقض في الغسل وفي الوضوء معاً، وإذا كانت قليلةً أو كانت مختفية في داخله فإنها لا تنقض في الوضوء ولكنها تنقض في الغسل.

السؤال: هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته الإذن دائماً في الخروج، وهل يجوز لها أن تخرج بدون إذنه إذا كان قد أعطاها الإذن سابقاً مثل قوله: أعطيتك الإذن في كل وقت فلا داعي لطلب الإذن؟

الجواب: هذا الخروج يرجع حكمه إلى حكم المخروج إليه وإلى هيأته، فإن كانت تخرج إلى واجب أو إلى جائز فيجوز لها الخروج، وعلى الزوج أن يأذن لها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن إذا خرجن تفلات) ومعنى ( تفلات ): غير متطيبات ولا متزينات.

ويجوز لها حينئذ الخروج بغير إذنه في الواجبات، واختلف العلماء في خروجها بغير إذنه في المندوبات، والراجح أنه إذا كان سيغضب إذا علم بخروجها ولا تستطيع أن ترضيه بسهولة فإنها لا تخرج في المندوبات، وإن كان لن يغضب إذا خرجت فيجوز لها الخروج بغير إذنه في المندوبات.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تمتنع من زوجها إذا كان لديهما ولد يخافان عليه؟

الجواب: إذا كان المقصود هنا أن المرأة إذا خافت على رضيعها من الحمل لما عرفت فيه من الضرر البين عليه، فإنها ينبغي أن تذكر الزوج بمصلحة ولده، ولكن لا يحل لها منعه من الفراش حينئذ، لكن عليها أن تنصحه وأن تذكره بمصلحة الولد، وبأنه يضر به أن تحمل فينقطع اللبن عنه وهو في سن الإرضاع.

السؤال: الصوت أو الريح اللذان يخرجان من قبل المرأة لا يبطلان الوضوء.. فما الدليل على ذلك؟

الجواب: إن الذي ينقض من الصوت أو الريح هو ما كان من الدبر؛ لأنه الذي وردت فيه الأحاديث الصحيحة، والنقض ليس أمراً اجتهادياً إنما يؤخذ من الأدلة فقط، وما كان كذلك فإنه غير مألوف ولا معهود بل هو من قبيل المرض غير المعتاد لدى كل النساء، وما كان كذلك فإن غير المعهود لا ينقض؛ لأنه مخالف لفطرة الإنسان وطبيعته الأصلية، وهذا راجع لقاعدة فقهية معروفة وهي: المشقة تجلب التيسير، فما كان معروفاً مألوفاً لدى كل الناس فهو الذي ينقض وما كان نادراً قليلاً فإنه لا ينقض؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل في السلس نقضاً، والسلس غير معتاد ولا معهود لدى أكثر الناس.

السؤال: ما نوع الثياب التي يحل خروج المرأة فيها؟

الجواب: الثياب التي يحل خروج المرأة فيها هي ما ليس لافتاً برائحة ولا لون، وليس محدداً لأعضاء الجسم، ولا يشف عن البشرة، فما اجتمعت فيه هذه القيود يحل لها الخروج فيه.

إذاً: إذا كان غير لافت للنظر بلون أو برائحة، وليس حسناً يلفت الانتباه إليه، وليست فيه رائحة تدعو إلى الانتباه، وليس محدداً لجسم المرأة ولأعضائها إلا بالريح -أي: إذا برزت في الريح تحددت أعضاؤها فهذا لا يضر-فيجوز خروجها في ذلك الثوب ولا حرج، لكن الثوب الذي يشف عما تحته فيبدي لون البشرة، أو يحدد الأعضاء مثل بعض القمصان التي تخاط على قدرها وتكون محددة لها يتضح من خلالها حجم هذه الأعضاء فهذا لا يجوز الخروج به، ولا يختص هذا بلون من الألوان بل المهم أن لا يكون اللون ملفتاً.

السؤال: ما معنى (تفلات)؟

الجواب: ( تفلات ) في حديث ابن عمر في صحيح البخاري المقصود بها: غير متعطرات أو متزينات، (وليخرجن إذا خرجن تفلات) معناه: غير متعطرات ولا متزينات، والتفلة معناه: المرأة التي لا تتعطر ولا تتزين.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4830 استماع
بشائر النصر 4289 استماع
أسئلة عامة [2] 4133 استماع
المسؤولية في الإسلام 4060 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 4000 استماع
نواقض الإيمان [2] 3947 استماع
عداوة الشيطان 3934 استماع
اللغة العربية 3931 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3908 استماع
القضاء في الإسلام 3897 استماع