أولويات المرأة المسلمة [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله تعالى قد امتن على البشرية بالتنوع، فجعل منها رجالاً ونساءً، وقد بين هذه النعمة في قوله في بداية سورة النساء الطولى:

بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، وهذا التنوع مذر للبشرية، ويحصل به التكامل والتعاون في الخلافة التي جعلها الله تعالى حكمة وجود آدم ، فقد أخبر الله الملائكة بحكمة وجود آدم فقال: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]، و آدم إذ ذاك منجدل في طينته، وهذا الاستخلاف يقتضي أن كل ما في الأرض خلق لبني آدم.

أقسام استخلاف الله لبني آدم لهذه الأرض والسماء

وقد بين ابن عباس رضي الله عنهما أن حكمة ذلك تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

إما انتفاعاً وهو ما في الأرض مما يأكلون ويشربون ويلبسون ويسكنون، فهذا خلقه الله لبني آدم لينتفعوا به في هذه الأمور المحددة.

وإما اعتباراً وهو ما يتعظون به مما في الأرض مما لا نفع فيه ولا ضر، فكثير من الكائنات والمخلوقات في هذه الأرض لا نفع فيها للإنسان ولا ضرراً، فحكمة خلقها لا شك لمصلحة بني آدم؛ لأن الله تعالى يقول: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، فمرجع هذه الحكمة إلى تغذية العقل والقلب وهي الموعظة؛ لأن الإنسان محتاج إليها، ولا يستغني عنها، فإذا انقطع عن الوعظ والذكرى فإن قلبه سيموت، فيحتاج إلى ما يتعظ به من عجائب خلق الله، ولذلك يحفر الإنسان في الأرض أمتاراً فيجد دوداً يعيش فيها يعجب من أين يتنفس، ومن أين يأتيه الماء، ومن أين يأتيه الغذاء، كل ذلك من أمر الله سبحانه وتعالى وفضله ورحمته، وهو موعظة ينتفع بها الإنسان في تدبره وتفكره.

والقسم الثالث ما كان اختباراً لبني آدم وهو ما في الأرض من المضار، كالأمراض والأوبئة والجراثيم والميكروبات والسموم وغيرها من هو ضار للإنسان، فما خلقه الله إلا لحكمة تتعلق بالإنسان ومصلحة له، وهي الاختبار بأن الله يبتليه بهذه الشرور، فإذا آمن بقضاء الله وقدره وصبر على قضاء الله، فإنه سينجح في هذا الامتحان، وإذا تسخط قضاء الله وقدره أو أنكر شيئاً منه، فإنه لا يضر إلا نفسه وقد رسب في الامتحان، فإذاً كل ما في الأرض خلق لمصلحة بني آدم ولا يمكن استغلاله، ولا الانتفاع به على أكمل الوجوه، إلا إذا حصل هذا التكامل والتنوع بين بني الإنسان، فلهذا جعل الله منهم رجالاً ونساءً، وجعل الذرية منقسمةً إلى هذين القسمين، وامتن بذلك على عباده فقال: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50]، كل ذلك بتدبير الله سبحانه وتعالى وحكمته البالغة لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

وبهذا يعلم أن الإنسان لم يشاور في هيئة خلقته، ولا في أي صورة يكون، وقد قال الله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار:8]، وقال تعالى: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51]، وهذه الخلقة التي خلق الله عليها الإنسان جعلها قابلةً للتكاليف التي كلفه بها، فليس شيء من خلقة الإنسان منافية لشيء من التكاليف التي كلفه الله بها، وبهذا يعلم أن التفاضل والتفاوت في الأجناس والخلقة والقوة والعلم والغنى والجمال والضعف وغير ذلك من أنواع التفاضل بين البشر مدته محددة في هذه الحياة الدنيا وبعدها عندما ينطلق الناس إلى الدار الآخرة بالقيامة الصغرى وهي الموت تذوب هذه الفوارق كلها، فلا فرق بين قبر الرجل وقبر المرأة، ولا فرق يوم القيامة بين ذكر وأنثى، فالجميع معروضون على الله، ولذلك قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ [النحل:97]، فهذا يشمل الذكران والإناث معاً، فالجميع محشورون إلى الله سبحانه وتعالى وافدون إليه، ولكن مع هذا فهذا التنوع يقتضي الخصوصية، وهذه الخصوصية هي التي اقترح الحديث في جانب منها في هذا اليوم وهو أولويات المرأة المسلمة.

وقد بين ابن عباس رضي الله عنهما أن حكمة ذلك تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

إما انتفاعاً وهو ما في الأرض مما يأكلون ويشربون ويلبسون ويسكنون، فهذا خلقه الله لبني آدم لينتفعوا به في هذه الأمور المحددة.

وإما اعتباراً وهو ما يتعظون به مما في الأرض مما لا نفع فيه ولا ضر، فكثير من الكائنات والمخلوقات في هذه الأرض لا نفع فيها للإنسان ولا ضرراً، فحكمة خلقها لا شك لمصلحة بني آدم؛ لأن الله تعالى يقول: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، فمرجع هذه الحكمة إلى تغذية العقل والقلب وهي الموعظة؛ لأن الإنسان محتاج إليها، ولا يستغني عنها، فإذا انقطع عن الوعظ والذكرى فإن قلبه سيموت، فيحتاج إلى ما يتعظ به من عجائب خلق الله، ولذلك يحفر الإنسان في الأرض أمتاراً فيجد دوداً يعيش فيها يعجب من أين يتنفس، ومن أين يأتيه الماء، ومن أين يأتيه الغذاء، كل ذلك من أمر الله سبحانه وتعالى وفضله ورحمته، وهو موعظة ينتفع بها الإنسان في تدبره وتفكره.

والقسم الثالث ما كان اختباراً لبني آدم وهو ما في الأرض من المضار، كالأمراض والأوبئة والجراثيم والميكروبات والسموم وغيرها من هو ضار للإنسان، فما خلقه الله إلا لحكمة تتعلق بالإنسان ومصلحة له، وهي الاختبار بأن الله يبتليه بهذه الشرور، فإذا آمن بقضاء الله وقدره وصبر على قضاء الله، فإنه سينجح في هذا الامتحان، وإذا تسخط قضاء الله وقدره أو أنكر شيئاً منه، فإنه لا يضر إلا نفسه وقد رسب في الامتحان، فإذاً كل ما في الأرض خلق لمصلحة بني آدم ولا يمكن استغلاله، ولا الانتفاع به على أكمل الوجوه، إلا إذا حصل هذا التكامل والتنوع بين بني الإنسان، فلهذا جعل الله منهم رجالاً ونساءً، وجعل الذرية منقسمةً إلى هذين القسمين، وامتن بذلك على عباده فقال: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50]، كل ذلك بتدبير الله سبحانه وتعالى وحكمته البالغة لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

وبهذا يعلم أن الإنسان لم يشاور في هيئة خلقته، ولا في أي صورة يكون، وقد قال الله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار:8]، وقال تعالى: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51]، وهذه الخلقة التي خلق الله عليها الإنسان جعلها قابلةً للتكاليف التي كلفه بها، فليس شيء من خلقة الإنسان منافية لشيء من التكاليف التي كلفه الله بها، وبهذا يعلم أن التفاضل والتفاوت في الأجناس والخلقة والقوة والعلم والغنى والجمال والضعف وغير ذلك من أنواع التفاضل بين البشر مدته محددة في هذه الحياة الدنيا وبعدها عندما ينطلق الناس إلى الدار الآخرة بالقيامة الصغرى وهي الموت تذوب هذه الفوارق كلها، فلا فرق بين قبر الرجل وقبر المرأة، ولا فرق يوم القيامة بين ذكر وأنثى، فالجميع معروضون على الله، ولذلك قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ [النحل:97]، فهذا يشمل الذكران والإناث معاً، فالجميع محشورون إلى الله سبحانه وتعالى وافدون إليه، ولكن مع هذا فهذا التنوع يقتضي الخصوصية، وهذه الخصوصية هي التي اقترح الحديث في جانب منها في هذا اليوم وهو أولويات المرأة المسلمة.

وقد عرفنا أن الجميع خلق للاستخلاف في الأرض في هذه الحياة الدنيا، وأنه في القيامة مرجعه واحد ومآله إما إلى جنة، وإما إلى نار، فليس المرجع في القيامة إلى التنوع الجنسي مثلاً، فهذا لا اعتبار له، فالإنسان يوم القيامة يأتي وحده يدافع عن نفسه؛ كما قال الله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا [النحل:111]، وهذا يشمل الرجال والنساء، وقال تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [مريم:95]، وهذا يشمل الرجال والنساء، فالجميع محشورون إلى الله، ومجاوزون على أعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ولكن هذا التنوع له خصائص دنيوية، وهذه الخصائص لا تمنع الاشتراك في بعض الأمور، فمثلاً عقيدة الرجال والنساء واحدة، يجب على الرجال والنساء أن يعتقدوا عقيدة الإيمان وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

وكذلك مصدر التلقي للرجال والنساء واحد، وهو الوحي الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى، فهذا الوحي ليس خطاباً موجهاً إلى الرجال فحسب، أو إلى النساء فحسب، بل الخطاب فيه واحد إلى الرجال والنساء معاً، فإذاً هذا من المجالات المشتركة.

بعض مواضع الاشتراك والافتراق بين الرجل والمرأة في مجال العبادات والمعاملات

وكذلك أكثر المعاملات والتعبدات مشتركة بين الرجال والنساء، وهي من الأولويات، ويفترق الحكم في بعض الجزئيات، ففي مجال الطهارة مثلاً للنساء خصائص فسيولوجية، فلذلك رتب عليها بعض الأحكام المختصة، وليست تلك الأحكام للرجال وإنما هي للنساء، وكذلك في مجال الصلاة، فللنساء خصوصية في إسقاط ما أسقط الله عنهن من الصلاة، وأنه لم يوجب عليهن الجمعة، ولم يوجب عليهن كذلك الأذان والإقامة.

وكذلك فيما يتعلق بالصوم، فإن الله تعالى أسقط عن النساء أداء الصوم؛ لسبب بعض الموانع الخلقية فيهن، ولم يسقط ذلك عن الرجال، وجعل المسقطات الأخرى مشتركةً بين الرجال والنساء كالمرض والسفر ونحو ذلك.

وأما الزكاة فلا فرق فيها بين الرجال والنساء، فكل من ملك نصاباً وحال عليه الحول وهو في ملكه وجبت عليه زكاته سواءً كان رجلاً أو امرأة.

وأما الحج فهو أيضاً للجميع والخطاب فيه واحد، ولكن النساء يعذرن في بعض الواجبات التي تسقط ببعض الموانع كطواف القدوم مثلاً، وتعجيل السعي بعده، فإذا كانت المرأة متلبسةً بمانع فإن هذا الطواف يسقط عنها، ولا يلزم في مقابله دم، ولا جبر بأية وسيلة أخرى.

وللنساء خصوصية في الحج والعمرة ليست للرجال وهي أن الحج والعمرة جهاد النساء كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته عائشة : ( أللنساء جهاد؟ قال :نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة )، فبين فضل الحج والعمرة بالنسبة للنساء بخصوصهن، أما الرجال فإذا أدوا الفرض، وكان لهم مجال للجهاد في سبيل الله فهو مقدم على تكرار الحج والعمرة، والنساء عليهن تكرار الحج والعمرة ما استطعن إلى ذلك سبيلاً.

ثم ما يتعلق ببقية الأحكام، فما يتعلق منها بأحكام الأسرة قد جعل الله للرجال حظاً على النساء، ومع ذلك آتى النساء من الحقوق مثلما عليهن فقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فهذه الدرجة هي القوامة وهي اتخاذ القرار، في إدخالها في العصمة، وإخراجها منها، فهذا القرار إلى الرجال وليس للنساء مشاركة فيه، فالمرأة ليس لها حق في الدخول في عصمة إنسان إلا برضاه وأمره، وليس لها حق في الخروج من عصمة إنسان أيضاً إلا برضاه وأمره.

فالقرار في ذلك إلى الرجال وليس للنساء فيه مشاركة، إلا ما وكل إليهن كما إذا خيرن أو ملكن، أو ما إذا افتدت المرأة لزوجها فهذا حالات نادرة تقع بسبب بعض المشكلات الاجتماعية العارضة.

وكذلك أكثر المعاملات والتعبدات مشتركة بين الرجال والنساء، وهي من الأولويات، ويفترق الحكم في بعض الجزئيات، ففي مجال الطهارة مثلاً للنساء خصائص فسيولوجية، فلذلك رتب عليها بعض الأحكام المختصة، وليست تلك الأحكام للرجال وإنما هي للنساء، وكذلك في مجال الصلاة، فللنساء خصوصية في إسقاط ما أسقط الله عنهن من الصلاة، وأنه لم يوجب عليهن الجمعة، ولم يوجب عليهن كذلك الأذان والإقامة.

وكذلك فيما يتعلق بالصوم، فإن الله تعالى أسقط عن النساء أداء الصوم؛ لسبب بعض الموانع الخلقية فيهن، ولم يسقط ذلك عن الرجال، وجعل المسقطات الأخرى مشتركةً بين الرجال والنساء كالمرض والسفر ونحو ذلك.

وأما الزكاة فلا فرق فيها بين الرجال والنساء، فكل من ملك نصاباً وحال عليه الحول وهو في ملكه وجبت عليه زكاته سواءً كان رجلاً أو امرأة.

وأما الحج فهو أيضاً للجميع والخطاب فيه واحد، ولكن النساء يعذرن في بعض الواجبات التي تسقط ببعض الموانع كطواف القدوم مثلاً، وتعجيل السعي بعده، فإذا كانت المرأة متلبسةً بمانع فإن هذا الطواف يسقط عنها، ولا يلزم في مقابله دم، ولا جبر بأية وسيلة أخرى.

وللنساء خصوصية في الحج والعمرة ليست للرجال وهي أن الحج والعمرة جهاد النساء كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته عائشة : ( أللنساء جهاد؟ قال :نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة )، فبين فضل الحج والعمرة بالنسبة للنساء بخصوصهن، أما الرجال فإذا أدوا الفرض، وكان لهم مجال للجهاد في سبيل الله فهو مقدم على تكرار الحج والعمرة، والنساء عليهن تكرار الحج والعمرة ما استطعن إلى ذلك سبيلاً.

ثم ما يتعلق ببقية الأحكام، فما يتعلق منها بأحكام الأسرة قد جعل الله للرجال حظاً على النساء، ومع ذلك آتى النساء من الحقوق مثلما عليهن فقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فهذه الدرجة هي القوامة وهي اتخاذ القرار، في إدخالها في العصمة، وإخراجها منها، فهذا القرار إلى الرجال وليس للنساء مشاركة فيه، فالمرأة ليس لها حق في الدخول في عصمة إنسان إلا برضاه وأمره، وليس لها حق في الخروج من عصمة إنسان أيضاً إلا برضاه وأمره.

فالقرار في ذلك إلى الرجال وليس للنساء فيه مشاركة، إلا ما وكل إليهن كما إذا خيرن أو ملكن، أو ما إذا افتدت المرأة لزوجها فهذا حالات نادرة تقع بسبب بعض المشكلات الاجتماعية العارضة.

ثم بعد هذا الأولويات الأخرى لا شك أن كثيراً منها مشترك، كطلب العلم، وكالدعوة إلى الله تعالى، وكتزكية النفس وتنميتها وتربيتها، فهذا من الأولويات المشتركة بين الرجال والنساء، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، ولم يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء إلا منه، فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه في كل يوم، وورد عنه: ( كل يوم لا أزداد فيه علماً، فلا بورك في طلوع شمس ذلك اليوم )، وهذا مشترك بين الرجال والنساء معاً، ومثل ذلك الازدياد من الطاعات والعبادات، ومثل ذلك تزكية النفس وتنميتها، فهذا حق مشترك بين الرجال والنساء، وهو من الأولويات التي ينبغي أن يأخذ كل إنسان منها بقسطه.

وكذلك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فهي تحقيق الانتماء لهذا الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله، فكل من انتسب إلى حزب من الأحزاب، أو إلى قبيلة من القبائل، أو إلى مؤسسة من المؤسسات عليه أن يسعى لانتشارها وانتصارها، وزيادة أفرادها، والنساء اللواتي انتسبن إلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضين بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، عليهن أن يسعين لتكثير سواد المسلمين، وزيادة أعدادهم، وزيادة الالتزام بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يبذلن ما يستطعن في ذلك، فهن وافدات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يردن عليه الحوض يوم القيامة، ومن سعت منهن لنصر دينه، ونشره بين الناس ودعت إليه؛ لا شك أنها لا يمكن أن يتساوى مقامها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ومقام من أعرضت ولم تفعل، ولم تدع إلى ما جاء به، ولم تنب عنه في توصيل شيء من رسالات ربه، فالفرق شاسع بين القسمين، والمستوى متباين.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4830 استماع
بشائر النصر 4289 استماع
أسئلة عامة [2] 4133 استماع
المسؤولية في الإسلام 4060 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 4000 استماع
نواقض الإيمان [2] 3947 استماع
عداوة الشيطان 3934 استماع
اللغة العربية 3931 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3908 استماع
القضاء في الإسلام 3897 استماع