خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/975"> الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/975?sub=4846"> سلسلة المحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سمات المنهج الإسلامي
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
خطر جبهة إبليس وجنوده
فإن العاقل الذي يدرك أنه في مواجهة وحرب لا بد أن يعد العدة لتلك المواجهة، ولا بد أن يميز بين عدوه وصديقه، وإننا في هذه الدار قد كتب الله علينا جبهات مفتوحة، ومن أخطر هذه الجبهات وأنكاها وأشدها جبهة إبليس؛ لكثرة جنوده وتنوعهم؛ فإن له جنوداً من الإنس وجنوداً من الجن، وإنه قد أقسم بعزة الله ليغوين أكثر البشر وقد تحققت يمينه في أكثرهم كما أخبر الله بذلك: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ[ص:82-83] ، وقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ[سبأ:20]، فصدقت يمينه في إغواء أكثر البشر؛ ولهذا قال الله تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ[هود:17]، وقال: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ[الأنعام:116]؛ فأكثر الخلائق هم من جند إبليس، وهذا يدلنا على أن الكثرة ليست ملازمة للنصر، بل قد قال الله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ[البقرة:249]، ولا شك أن الله حكم بالفلاح والفوز لحزبه الموحدين، وحكم بالخسران والهلاك على حزب الشيطان الخاسرين؛ فقال تعالى: إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ[المجادلة:22]، وقال: فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ[المائدة:56]، وقال: إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ[المجادلة:19].
الحرص على دعوة حزب الشيطان للانضمام إلى حزب الرحمن
إن اتخاذ الشيطان عدواً يقتضي منك أن تنقص جنده، وإن نقص جنده لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة ذلك والسعي من أجله؛ فهذا الذي يتقبله الله، وهذا الذي يثاب الإنسان عليه، والانتصار الحقيقي على الشيطان ليس بقتل أكبر عدد ممكن من أتباعه وجنوده، بل بإعادتهم إلى رشدهم وجعلهم في الحزب الآخر: في حزب الله، فنقل الأفراد من أن يكونوا من حزب الشيطان وجنده إلى أن يصبحوا من حزب الله ومن المجاهدين في سبيل الله هو أعظم انتصار على إبليس؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطاه اللواء يوم خيبر: ( فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ).
إن نقص جنود إبليس هو واقع العداوة له، وهو الذي تستطيع أن تضره به؛ لأنك لا تستطيع أن تقتله؛ فقد ضمن الله له البقاء مدة هذه الدنيا: فَإِنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ المَعْلُومِ[الحجر:37-38]، ولا يضره ما يوجه إليه من الكلام الخبيث؛ فقد لعنه الله، فبماذا تضر إبليس؟ إنما تضره وتحقق عداءك له بنقص أعوانه، وأبلغ ذلك أن تدخلهم في حزب الله وأن تجعلهم من الناصرين لله؛ ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه ملك الجبال أن يطبق الأخشبين على أهل مكة قال: ( لا؛ فإني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم رجالاً يعبدون الله لا يشركون به شيئاً ).
من مظاهر انتصار رسول الله على إبليس وجنده
فانتصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبليس هو بوقوف خالد بن الوليد في الصف أمام حزب الشيطان يجاهد في سبيل الله، ووقوف أبي سفيان بن حرب تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاهد في سبيل الله، وقد فقد عينه اليمنى يوم الطائف تحت لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقد عينه اليسرى يوم اليرموك تحت لواء ابنه يزيد ، كل ذلك في سبيل الله.
وهذا الانتصار من مظاهره أيضاً: وقوف صفوان بن أمية بن خلف يقاتل في سبيل الله ويغزو الروم في ديارهم رافعاً لواء التوحيد.
ومن مظاهره: خروج عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام رافعاً سيفه في وجه الأعداء الذين دعا الأعراب لمجاهدتهم، وهم بنو حنيفة باليمامة، فقد أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا[الفتح:16]، فكان عكرمة بن أبي جهل أحد قادة الإسلام المجاهدين لأولئك القوم، والذين أبلوا بلاءً حسناً.
ومن مظاهر انتصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبليس: أن أبناء المشركين الذين تربوا على الشرك في أحضان آبائهم وأمهاتهم هم الذين كانوا يكسرون الأصنام، كأولاد عمرو بن الجموح الذين كانوا يلطخون صنمه بالنجس وربطوه مع كلب ميت ورموا به في بئر، فكان ذلك سبب إسلام عمرو بن الجموح .
إن الانتصار على إبليس ممكن في كل العصور، وهو أن يقصد الإنسان عدواً من أعتى أعداء الله، وولياً من أولياء إبليس، فيسعى لهدايته ويسعى لإقامته في الصف المؤمن المجاهد في سبيل الله، الرافع للواء الإسلام؛ فإذا تحقق له ذلك فقد استطاع أن ينتصر على إبليس، وأن يحقق نصراً في هذه الحرب الطويلة الأمد مع هذا العدو اللدود.
من مكايد إبليس
إن لإبليس مكايد كثيرة، من أعظمها: أنه لا ييأس من الإنسان إلا عند النزع، فلا يزال يطمع في صرف الإنسان عن سبيل الله مدة حياته، يحاول معه الوقوع في الشرك، سواءً كان قاصداً عامداً أو كان غافلاً أو جاهلاً يوقعه في الشرك بالله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من ذلك فيقول: ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم )، فإذا يئس من إدخاله في الشرك حاول إيقاعه في إحدى الموبقات وكبائر الذنوب والفواحش، فإن عجز عن ذلك حاول أن يثنيه عن أداء فريضة من فرائض الله وركن من أركان الإسلام، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في اللمم بصغائر الذنوب لعلها تقوده إلى الكبائر، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يترك بعض السنن المكملة للفرائض لعل الفرائض يدخلها النقص، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في المكروهات التي تهوي به إلى المحرمات، إن هو استرسل فيها، فإن عجز عن ذلك حاول أن يترك بعض المندوبات التي هي سياج دون السنن، والسنن سياج دون الفرائض، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في خلاف الأولى حتى يخسر بعض وقته ويضيع منه بعض عمره، فإن هو عجز عن ذلك حاول شغله بالمندوب عن الواجب وبالمفضول عن الفاضل، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في الغلو في الفرائض؛ حتى يزيد فيها عن الحد المطلوب، فإن هو عجز عن ذلك حاول معه الغلو أيضاً في بعض المحرمات والابتعاد عنها حتى يترك بعض ما هو حلال له، فيحرم ما أحل الله فيقع في النقص من وجه آخر.
هذه المحاولات المتتالية هي شبكة من شباك إبليس، يحاول بها اصطياد عباد الله، ويوقع بها كثيراً من الضحايا كل يوم، وهي أنكى وأشد من وقع الصواريخ والطائرات والدبابات.
فإن العاقل الذي يدرك أنه في مواجهة وحرب لا بد أن يعد العدة لتلك المواجهة، ولا بد أن يميز بين عدوه وصديقه، وإننا في هذه الدار قد كتب الله علينا جبهات مفتوحة، ومن أخطر هذه الجبهات وأنكاها وأشدها جبهة إبليس؛ لكثرة جنوده وتنوعهم؛ فإن له جنوداً من الإنس وجنوداً من الجن، وإنه قد أقسم بعزة الله ليغوين أكثر البشر وقد تحققت يمينه في أكثرهم كما أخبر الله بذلك: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ[ص:82-83] ، وقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ[سبأ:20]، فصدقت يمينه في إغواء أكثر البشر؛ ولهذا قال الله تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ[هود:17]، وقال: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ[الأنعام:116]؛ فأكثر الخلائق هم من جند إبليس، وهذا يدلنا على أن الكثرة ليست ملازمة للنصر، بل قد قال الله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ[البقرة:249]، ولا شك أن الله حكم بالفلاح والفوز لحزبه الموحدين، وحكم بالخسران والهلاك على حزب الشيطان الخاسرين؛ فقال تعالى: إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ[المجادلة:22]، وقال: فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ[المائدة:56]، وقال: إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ[المجادلة:19].
إن اتخاذ الشيطان عدواً يقتضي منك أن تنقص جنده، وإن نقص جنده لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة ذلك والسعي من أجله؛ فهذا الذي يتقبله الله، وهذا الذي يثاب الإنسان عليه، والانتصار الحقيقي على الشيطان ليس بقتل أكبر عدد ممكن من أتباعه وجنوده، بل بإعادتهم إلى رشدهم وجعلهم في الحزب الآخر: في حزب الله، فنقل الأفراد من أن يكونوا من حزب الشيطان وجنده إلى أن يصبحوا من حزب الله ومن المجاهدين في سبيل الله هو أعظم انتصار على إبليس؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطاه اللواء يوم خيبر: ( فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ).
إن نقص جنود إبليس هو واقع العداوة له، وهو الذي تستطيع أن تضره به؛ لأنك لا تستطيع أن تقتله؛ فقد ضمن الله له البقاء مدة هذه الدنيا: فَإِنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ المَعْلُومِ[الحجر:37-38]، ولا يضره ما يوجه إليه من الكلام الخبيث؛ فقد لعنه الله، فبماذا تضر إبليس؟ إنما تضره وتحقق عداءك له بنقص أعوانه، وأبلغ ذلك أن تدخلهم في حزب الله وأن تجعلهم من الناصرين لله؛ ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه ملك الجبال أن يطبق الأخشبين على أهل مكة قال: ( لا؛ فإني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم رجالاً يعبدون الله لا يشركون به شيئاً ).
فانتصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبليس هو بوقوف خالد بن الوليد في الصف أمام حزب الشيطان يجاهد في سبيل الله، ووقوف أبي سفيان بن حرب تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاهد في سبيل الله، وقد فقد عينه اليمنى يوم الطائف تحت لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقد عينه اليسرى يوم اليرموك تحت لواء ابنه يزيد ، كل ذلك في سبيل الله.
وهذا الانتصار من مظاهره أيضاً: وقوف صفوان بن أمية بن خلف يقاتل في سبيل الله ويغزو الروم في ديارهم رافعاً لواء التوحيد.
ومن مظاهره: خروج عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام رافعاً سيفه في وجه الأعداء الذين دعا الأعراب لمجاهدتهم، وهم بنو حنيفة باليمامة، فقد أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا[الفتح:16]، فكان عكرمة بن أبي جهل أحد قادة الإسلام المجاهدين لأولئك القوم، والذين أبلوا بلاءً حسناً.
ومن مظاهر انتصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبليس: أن أبناء المشركين الذين تربوا على الشرك في أحضان آبائهم وأمهاتهم هم الذين كانوا يكسرون الأصنام، كأولاد عمرو بن الجموح الذين كانوا يلطخون صنمه بالنجس وربطوه مع كلب ميت ورموا به في بئر، فكان ذلك سبب إسلام عمرو بن الجموح .
إن الانتصار على إبليس ممكن في كل العصور، وهو أن يقصد الإنسان عدواً من أعتى أعداء الله، وولياً من أولياء إبليس، فيسعى لهدايته ويسعى لإقامته في الصف المؤمن المجاهد في سبيل الله، الرافع للواء الإسلام؛ فإذا تحقق له ذلك فقد استطاع أن ينتصر على إبليس، وأن يحقق نصراً في هذه الحرب الطويلة الأمد مع هذا العدو اللدود.
إن لإبليس مكايد كثيرة، من أعظمها: أنه لا ييأس من الإنسان إلا عند النزع، فلا يزال يطمع في صرف الإنسان عن سبيل الله مدة حياته، يحاول معه الوقوع في الشرك، سواءً كان قاصداً عامداً أو كان غافلاً أو جاهلاً يوقعه في الشرك بالله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من ذلك فيقول: ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم )، فإذا يئس من إدخاله في الشرك حاول إيقاعه في إحدى الموبقات وكبائر الذنوب والفواحش، فإن عجز عن ذلك حاول أن يثنيه عن أداء فريضة من فرائض الله وركن من أركان الإسلام، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في اللمم بصغائر الذنوب لعلها تقوده إلى الكبائر، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يترك بعض السنن المكملة للفرائض لعل الفرائض يدخلها النقص، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في المكروهات التي تهوي به إلى المحرمات، إن هو استرسل فيها، فإن عجز عن ذلك حاول أن يترك بعض المندوبات التي هي سياج دون السنن، والسنن سياج دون الفرائض، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في خلاف الأولى حتى يخسر بعض وقته ويضيع منه بعض عمره، فإن هو عجز عن ذلك حاول شغله بالمندوب عن الواجب وبالمفضول عن الفاضل، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يوقعه في الغلو في الفرائض؛ حتى يزيد فيها عن الحد المطلوب، فإن هو عجز عن ذلك حاول معه الغلو أيضاً في بعض المحرمات والابتعاد عنها حتى يترك بعض ما هو حلال له، فيحرم ما أحل الله فيقع في النقص من وجه آخر.
هذه المحاولات المتتالية هي شبكة من شباك إبليس، يحاول بها اصطياد عباد الله، ويوقع بها كثيراً من الضحايا كل يوم، وهي أنكى وأشد من وقع الصواريخ والطائرات والدبابات.
ثم إن لإبليس جندين قائمين: أحدهما: جند الشهوات، والثاني: جند الشبهات.
أما جند الشهوات فهو ينقسم إلى قسمين: الشهوات الحسية كشهوة البطن والفرج، والشهوات المعنوية، كحب الرئاسة، وحب الانتصار، والولع بنقد الآخرين والكلام فيهم.
وهذا الجند -وهو جند الشهوات- قل من ينجو من الوقوع فيه في كل عمره، فكثيراً ما يكون الإنسان في ساعة ضعف فيستهويه الشيطان لشهوة من الشهوات، فإن استطاع أن يوقعه في الشهوات الحسية كحال كثير من الذين وقعوا في شراك إبليس وخداعه، فإن سمت نفسه عن ذلك -ولم تكن الدنيا مؤثرة عليه- حاول إيقاعه بالشبهات المعنوية، فإن هو عجز عن ذلك حاول أن يزين له نوعاً من الشهوات من جنس آخر وهو حب الاطلاع على ما يكتمه الآخرون عنه، أو حب نقدهم حتى يجعل من نفسه حكماً عليهم، أو أن يحاول في هذه الشهوات أن يجعل العبادة شهوة لديه، فيمارسها بطريق الشهوة لا بطريق التعبد، فيذهب إلى الصلاة متطهراً متوضئاً، لكن لا يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله وإنما يفعله عادة وشهوة جرى عليها وتعود عليها من لدن آبائه وأجداده.
أما الجند الثاني -وهو جند الشبهات- فهي تنقسم إلى قسمين أيضاً:
شبهات في التعامل مع الله، وشبهات في التعامل مع الناس.