بين يدي العيد (الأضحى)


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى يتعرف إلى عباده بالنعم الجزيلة التي ينعم بها عليهم، وهم لا يستطيعون إحصاءها ولا عدها، بل إن كثيراً منها يفوت طلبه، فلا يتعلق به ذهن الإنسان حتى يفاجئه الله به، ويبادره به، ومن ذلك نعمه المتجددة آناء الليل والنهار، وكلاهما أثر من آثار رحمة الله سبحانه وتعالى، وتعاقبهما مؤذن لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، كما قال الله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:61-62].

وقد جعل الله سبحانه وتعالى أعمار الإنسان متنوعةً متعددةً بما يتناسب مع التوبة والإنابة إلى الله تعالى في كل الأحوال، فما يذكر الله به الإنسان بالتوبة والرجوع إليه من الأزمنة منه اليوم والليلة، فهما عمر متكامل يختم على صحائفه، ولا تنشر إلا عند العرض على الله تعالى.

ومنه كذلك: الشهور، فمحاق الهلال مؤذن بالزوال، وكذلك السنوات فنهايتها كذلك مؤذنة بانتهاء عمر الدنيا، ومؤذنة للإنسان بانقضاء أجله واقتراب موعده، قال تعالى: وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ [الأعراف:185].

مضاعفة الثواب في مواسم العبادات

وقد جعل الله سبحانه وتعالى فيها مواسم تستغل للخير، فهذه المواسم العمل فيها مضاعف، والثواب فيها جزيل، فما هي إلا بمثابة الأسواق في أيام الدنيا، فالأسواق التي تجلب إليها البضائع لتلاقي فيها رواجاً وارتفاعاً في الأسعار مثلها هذه المواسم التي أعدها الله سبحانه وتعالى لتضعيف الحسنات، وزيادة الثواب، ومن هذه المواسم شهر رمضان المعظم، وهذه العشر التي أنتم فيها، وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في أيام العشر. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ).

فهذه الأيام موسم عظيم من مواسم الخير وهي من المواسم التي ينبغي أن يقع فيها التنافس كأيام عشر رمضان، فلذلك لا بد من التنافس في الإقبال على الله سبحانه وتعالى، واستغلال الفرص قبل فواتها، ثم إن هذه النعم التي أنعم الله بها على عباده حتى في الماديات والأمور الدنيوية يحب الله ظهورها على عباده، فإنه سبحانه وتعالى يحب إذا أنعم على عبد أن تظهر عليه آثار تلك النعمة، ولهذا يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، وقد شرع الأعياد ورتبها على أركان الإسلام.

عيد الصلاة

فعيد الأسبوع هو يوم الجمعة، وهو عيد الصلاة، فليس للشهادتين عيد؛ لأنهما لا يخصان بوقت، بل على الإنسان أن يذكر الله على كل أحيانه، وأن يذكره قائماً وجالساً وعلى جنبه، كما بين الله ذلك في خواتيم سورة آل عمران، لكن الأركان الأخرى هي التي ترتبط بالأوقات.

فالصلاة أم الدعائم عيدها يوم الجمعة، وقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مطرقة مسيخة من طلوع فجره إلى غروب شمسه تنتظر الساعة إلا الإنس والجن، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي )، وكذلك في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فيه ساعة لا يصادفها عبد مؤمن قائماً يصلي يسأل الله حاجةً إلا أعطاه إياها ).

فيوم الجمعة إذاً هو عيد الأسبوع، وهذا العيد إنما تظهر مظاهره بأداء النسك الخاص فيه، وقد خصه الله تعالى بصلاة الجمعة الفاضلة، وهي تكفير لسيئات الأسبوع كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

فهذه الصلاة الفاضلة في هذا الأسبوع تكفير لعمل الأسبوع كله، فالجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما لم تغش الكبائر.

عيد الزكاة

وكذلك الزكاة، فعيدها هو يوم دوران الحول على المال، إذا كان المال مما هو حولي، أي: مما يزكى على الحول، بخلاف الثمار فإن زكاتها لا تتعلق بدوران الحول بل بالجذاذ، وتجب بالطيب، وتخرج بالجذاذ لقول الله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141].

عيد الصوم والحج

وكذلك الصوم، فعيده هو عيد الفطر المبارك، وهو أول يوم من شهر شوال، والنسك الذي يختص به: صلاة العيد بالإضافة إلى إخراج زكاة الفطر.

والحج عيده هو هذا العيد الذي ننتظره وهو عيد الأضحى المبارك، وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، ونسكه صلاة العيد بالإضافة إلى الأضحية في حق غير الحاج.

والأضحية نسك يتقرب به الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ليكفر عن كل عضو منه بعضو من ذلك النسك ما جنته هذه الأعضاء كلها، فلذلك لا بد أن تكون أضحية الإنسان كاملة الأطراف والأعضاء، فكل عضو منها يقابل عضواً من الإنسان يكفر سيئاته، وهي واجبة بالسنة؛ ولذلك قال مالك رحمه الله: تخرج من مال اليتيم، فاليتيم يضحى عنه من ماله، وما ذلك إلا لوجوبها.

والعيد الأول وهو عيد الفطر النسك فيه مقدم على الصلاة، والعيد الثاني وهو عيد الأضحى النسك فيه مؤخر عن الصلاة، فلا تجزئ الضحية قبل الصلاة، حتى إذا سلم الإمام وذبح أضحيته دخل وقت تضحية الناس، وما قبل ذلك لا يكون نسكاً يتقرب به إلى الله، بل تكون شاته شاة لحم لصاحبها فقط.

وقد جعل الله سبحانه وتعالى فيها مواسم تستغل للخير، فهذه المواسم العمل فيها مضاعف، والثواب فيها جزيل، فما هي إلا بمثابة الأسواق في أيام الدنيا، فالأسواق التي تجلب إليها البضائع لتلاقي فيها رواجاً وارتفاعاً في الأسعار مثلها هذه المواسم التي أعدها الله سبحانه وتعالى لتضعيف الحسنات، وزيادة الثواب، ومن هذه المواسم شهر رمضان المعظم، وهذه العشر التي أنتم فيها، وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في أيام العشر. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ).

فهذه الأيام موسم عظيم من مواسم الخير وهي من المواسم التي ينبغي أن يقع فيها التنافس كأيام عشر رمضان، فلذلك لا بد من التنافس في الإقبال على الله سبحانه وتعالى، واستغلال الفرص قبل فواتها، ثم إن هذه النعم التي أنعم الله بها على عباده حتى في الماديات والأمور الدنيوية يحب الله ظهورها على عباده، فإنه سبحانه وتعالى يحب إذا أنعم على عبد أن تظهر عليه آثار تلك النعمة، ولهذا يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، وقد شرع الأعياد ورتبها على أركان الإسلام.

فعيد الأسبوع هو يوم الجمعة، وهو عيد الصلاة، فليس للشهادتين عيد؛ لأنهما لا يخصان بوقت، بل على الإنسان أن يذكر الله على كل أحيانه، وأن يذكره قائماً وجالساً وعلى جنبه، كما بين الله ذلك في خواتيم سورة آل عمران، لكن الأركان الأخرى هي التي ترتبط بالأوقات.

فالصلاة أم الدعائم عيدها يوم الجمعة، وقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مطرقة مسيخة من طلوع فجره إلى غروب شمسه تنتظر الساعة إلا الإنس والجن، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي )، وكذلك في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فيه ساعة لا يصادفها عبد مؤمن قائماً يصلي يسأل الله حاجةً إلا أعطاه إياها ).

فيوم الجمعة إذاً هو عيد الأسبوع، وهذا العيد إنما تظهر مظاهره بأداء النسك الخاص فيه، وقد خصه الله تعالى بصلاة الجمعة الفاضلة، وهي تكفير لسيئات الأسبوع كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

فهذه الصلاة الفاضلة في هذا الأسبوع تكفير لعمل الأسبوع كله، فالجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما لم تغش الكبائر.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4810 استماع
بشائر النصر 4287 استماع
أسئلة عامة [2] 4131 استماع
المسؤولية في الإسلام 4057 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 3997 استماع
نواقض الإيمان [2] 3946 استماع
عداوة الشيطان 3932 استماع
اللغة العربية 3930 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3906 استماع
القضاء في الإسلام 3896 استماع