مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

الحمد لله الذي جمعنا في هذا المكان المبارك، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا أجمعين من المتحابين فيه، المتزاورين فيه، المتجالسين فيه، الذين يظلهم في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعل ما نقوله ونعمله خالصاً لوجهه الكريم، وأن لا يجعل لأحد فيه حظاً ولا نصيباً.

أما بعد:

فقد قرأ علينا الشيخ هذه الآيات من خواتم سورة الفرقان، وهي منهج متكامل لحياة الإنسان؛ فقد امتدح الله فيها عباده الذين ارتضاهم، ونسبهم إلى نفسه فشرفهم بأكرم تشريف يمكن أن يشرف به العبد، وهو عبوديته لله تعالى؛ فأبلغ ما يثنى به على الملك جل جلاله ربوبيته للعباد، وأبلغ ما يثنى به على المخلوق عبودتيه لرب العباد جل جلاله؛ ولذلك أثنى الله على نفسه بربوبيته للعالمين في مفتتح كتابه فقال: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2]، وأثنى على محمد صلى الله عليه وسلم في مقام تمجيده ورفع درجته، وإعلاء شأنه بعبوديته لله؛ فقال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى[الإسراء:1]، فلم يقل في هذا المقام: برسوله، ولا بنبيه، ولا بخليله، ولا بحبيبه، مع أن هذه الأوصاف كلها ثابتة له صلى الله عليه وسلم، ولكنه وصف هنا بالعبودية التي هي أشرف ما يوصف به العبد في هذا المقام.

والعبد في اللغة تطلق على أربعة أمور:

فتطلق على المخلوق مطلقاً، فجميع الخلائق عباد لله بهذا المعنى، من كان منهم براً، ومن كان فاجراً، ومن كان مؤمناً، ومن كان كافراً، فهم جميعاً خلق الله جل جلاله.

وتطلق على المملوك، والعباد بهذا المعنى أيضاً كلهم عباد الله؛ فالمؤمن والكافر كلاهما مملوك لله جل جلاله، وتصرفه فيهم ماض؛ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[الأنبياء:23].

وتطلق بمعنى: المحب، الذي تملك قلبه الحب، وهذا يختص ببعض العباد دون البعض، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى سجود الخلائق لوجهه الكريم، فلم يذكر فيها مخالفة للسجود لوجهه حتى بلغ إلى ذكر الإنس، فذكر أن منهم من يسجد له؛ فقال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18]، فكل الخلائق الأخرى كلها سجد لله سبحانه وتعالى، وكلها مؤمنة به، والجنس البشري والجنس الجني هم اللذان فيهما المؤمن والكافر، وفيهما الطائع والعاصي؛ فلذلك عبودية المحبة تختص ببعض عباد الله دون بعض، والذين يحبون الله سبحانه وتعالى قد حققوا مقاماً من مقامات توحيده؛ فإن شهادة أن لا إله إلا الله لها أربعة مقامات:

المقام الأول: العلم بمعناها

المقام الأول: العلم بمعناها؛ أن يعلم الإنسان أن هذا الكون ليس له رب سوى الله جل جلاله؛ فهو منشئه ومدبر شئونه وقيومه، والقائم على كل ما فيه، والعالم بكل تفاصيله، وهو وحده الذي يستحق العبادة فيه؛ فهذ إذاً هو المقام الأول، ومن مقامات الشهادة أن يعلم الإنسان ذلك.

المقام الثاني: التلفظ والشهادة بها

والمقام الثاني: أن يتلفظ بها ويشهد بها، فإذا كانت معلومة لديه فلم ينطق بها؛ فإنما هو ساكت عن الحق كالشيطان الأخرس؛ فلذلك لا بد أن يقر بما علمه من وحدانية الله وربوبيته للكون جل جلاله.

المقام الثالث: الالتزام بمقتضياتها

والمقام الثالث من مقامات الشهادة هو: الالتزام بمقتضياتها، أن يلتزم الإنسان بما تقتضيه هذه الشهادة، فمن أقر لإنسان بدين، ولكنه امتنع من قضائه فما فائدة إقراره به؟! لا يترتب على ذلك فائدة؛ فلذلك إذا أقر الإنسان لله جل جلاله بالربوبية والألوهية، فلا بد أن يعترف بمقتضياتها، وأن يتحقق بها ويقوم بها.

المقام الرابع: الدعوة إلى الالتزام بمقتضياتها

والمقام الرابع من مقامات هذه الشهادة هو: السعي للالتزام الغير بمقتضى هذه الشهادة، فهذه الشهادة العظيمة التي آمنت بها بقلبك وعرفتها، ثم نطقت بها بلسانك، ثم التزمت مقتضاها في عملك، كذلك لابد أن تسعى لنشرها بين الناس والتزامهم لها ومعرفتهم بها، ولا بد أن تدعوهم إليها، ولا بد أن تبذل في سبيلها؛ فهذا المقام الرابع من مقام الشهادة.

وإذا جمع الإنسان هذه المقامات الأربعة؛ كان فعلاً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

المقام الأول: العلم بمعناها؛ أن يعلم الإنسان أن هذا الكون ليس له رب سوى الله جل جلاله؛ فهو منشئه ومدبر شئونه وقيومه، والقائم على كل ما فيه، والعالم بكل تفاصيله، وهو وحده الذي يستحق العبادة فيه؛ فهذ إذاً هو المقام الأول، ومن مقامات الشهادة أن يعلم الإنسان ذلك.

والمقام الثاني: أن يتلفظ بها ويشهد بها، فإذا كانت معلومة لديه فلم ينطق بها؛ فإنما هو ساكت عن الحق كالشيطان الأخرس؛ فلذلك لا بد أن يقر بما علمه من وحدانية الله وربوبيته للكون جل جلاله.

والمقام الثالث من مقامات الشهادة هو: الالتزام بمقتضياتها، أن يلتزم الإنسان بما تقتضيه هذه الشهادة، فمن أقر لإنسان بدين، ولكنه امتنع من قضائه فما فائدة إقراره به؟! لا يترتب على ذلك فائدة؛ فلذلك إذا أقر الإنسان لله جل جلاله بالربوبية والألوهية، فلا بد أن يعترف بمقتضياتها، وأن يتحقق بها ويقوم بها.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4830 استماع
بشائر النصر 4289 استماع
أسئلة عامة [2] 4132 استماع
المسؤولية في الإسلام 4060 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 4000 استماع
نواقض الإيمان [2] 3947 استماع
عداوة الشيطان 3934 استماع
اللغة العربية 3931 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3907 استماع
القضاء في الإسلام 3897 استماع