أدلة السنة في ذم الظلم
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
ذم الظلم في السنة النبوية:- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا» ...)) [رواه مسلم] .
قال ابن تيمية: (هذا الحديث قد تضمن من قواعد الدين العظيمة في العلوم والأعمال والأصول والفروع؛ فإن تلك الجملة الأولى وهي قوله: ((حرمت الظلم على نفسي)).
يتضمن جلَّ مسائل الصفات والقدر إذا أعطيت حقَّها من التفسير، وإنما ذكرنا فيها ما لا بدَّ من التنبيه عليه من أوائل النكت الجامعة.
وأما هذه الجملة الثانية وهي قوله: ((وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)).
فإنها تجمع الدين كله؛ فإنَّ ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وكل ما أمر به راجع إلى العدل) .
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (( «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قِيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين» )) [ متفق عليه] .
- وعن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( «اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم» )) [رواه مسلم] .
قال ابن القيم: (سبحان الله! كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم، وجرت دمعة مسكين {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ} [المرسلات: 46]، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } [ص:88]، ما ابيضَّ لون رغيفهم حتى اسود لون ضعيفهم، وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام ما استأثروا عليه، لا تحتقر دعاء المظلوم، فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك، ويحك نبال أدعيته مصيبة، وإن تأخر الوقت، قوسه قلبه المقروح، ووتره سواد الليل، وأستاذه صاحب ((لأنصرنك ولو بعد حين)) وقد رأيت ولكن لست تعتبر، احذر عداوة من ينام وطرفه باكٍ، يقلب وجهه في السماء، يرمي سهامًا ما لها غرض سوى الأحشاء منك، فربما ولعلها إذا كانت راحة اللذة تثمر ثمرة العقوبة لم يحسن تناولها، ما تساوي لذة سنة غمَّ ساعة، فكيف والأمر بالعكس، كم في يمِّ الغرور من تمساح، فاحذر يا غائص، ستعلم أيها الغريم قصتك عند علق الغرماء بك:إذا التقى كل ذي دَين وماطلهستعلم ليلى أي دين تداينت
من لم يتتبع بمنقاش العدل شوك الظلم من أيدي التصرف أثر ما لا يؤمن تعديه إلى القلب) .
- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «إنَّ الله ليُملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته.
ثم قرأ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} » [هود: 102])) .
[رواه البخاري]
قال ابن عثيمين: (... ((يملي له)) يعني: يمهل له حتى يتمادى في ظلمه، والعياذ بالله، فلا يعجل له العقوبة، وهذا من البلاء نسأل الله أن يعيذنا وإياكم، فمن الاستدراج أن يملي للإنسان في ظلمه، فلا يعاقب له سريعًا حتى تتكدس على الإنسان المظالم، فإذا أخذه الله لم يفلته، أخذه أخذ عزيز مقتدر، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [هود: 102]، فعلى الإنسان الظالم أن لا يغترَّ بنفسه، ولا بإملاء الله له، فإنَّ ذلك مصيبة فوق مصيبته؛ لأنَّ الإنسان إذا عُوقِب بالظلم عاجلًا، فربما يتذكر ويتعظ ويدع الظلم، لكن إذا أُملي له واكتسب آثامًا، أو ازداد ظلمًا ازدادت عقوبته، والعياذ بالله، فيُؤخذ على غرَّة حتى إذا أخذه الله لم يُفلته) .
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» )) [متفق عليه ] .