خطب ومحاضرات
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [13]
الحلقة مفرغة
مكانة الصلاة في الإسلام
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من العمل أشد إضاعة.
وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) .
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) .
وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، ولو تركوها كانوا كفاراً.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] والمحافظة عليها: فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت ].
هذا فيه بيان عظم شأن الصلاة وأنها عماد الدين، يقول المؤلف رحمه الله: عماد الدين الذي لا يقوم إلا به هو الصلوات الخمس المكتوبات؛ لأن الصلوات الخمس هي أفرض الفرائض وأوجب الواجبات بعد توحيد الله عز وجل، وهي صلة العبد بربه، فإذا ترك الصلاة قطع الصلة بينه وبين الله، فكيف يرجو الإنسان المدد من الله ويرجو رحمته وفضله وجوده وبره، وقد قطع الصلة بينه وبين ربه؟!
وكيف يقر له قرار ويهنأ بعيش؟! ويهنأ بأكل وشرب ويتمتع بالحياة وقد قطع الصلة بينه وبين الله؟! فتارك الصلاة مقطوع الصلة بالله، فصلته بالله مبتورة.
فالصلوات الخمس المكتوبات -أي: المفروضات- هي عماد الدين، ولا يقوم الدين إلا بها، فمن ترك الصلاة فلا دين له، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة.
والصلوات الخمس هي أول ما أوجب الله من العبادات، فقد شرعت في مكة ليلة المعراج بخلاف بقية شرائع الإسلام، فالزكاة والصوم والحج والأذان والحدود كلها فرضت في المدينة، لكن الصلاة لعظم شأنها فرضت في مكة، وفرضت فوق السبع الطباق، لما تجاوزها نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: فرضت بدون واسطة بخلاف بقية شرائع الإسلام فإنها تكون بواسطة جبرائيل، فيوحي الله إلى جبرائيل فينزل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الصلاة فإن الله كلم نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من دون واسطة ليلة المعراج فوق السبع الطباق، ولهذا قال المؤلف: وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج، يعني: من دون واسطة.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) يعني: الزموا الصلاة واعتنوا بها، وبالأرقاء الذين هم ملك الأيمان وهم العبيد والإماء، فالنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالعناية بهم، وعدم إيذائهم وظلمهم.
والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله، ونحو هذا روي عن الإمام أحمد أنه قال: الصلاة آخر ما يفقد من الدين وكل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، يعني: الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الإسلام، وهو: الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك والبراءة منه وأهله .
وعموده الصلاة، وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وهذا وعيد شديد، قال العلماء: معنى أضاعوا الصلاة: أخروها عن وقتها ومعنى: غياً: هو شدة العذاب والهلاك، وقيل: واد في جهنم.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها ولو تركوها كانوا كفاراً.
فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه يرى أن ترك الصلاة كفر.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، والمحافظة عليها فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت؛ فإذا كان الذي يؤخر الصلاة متوعد بالويل وهو شدة العذاب، فكيف يكون حال تارك الصلاة؟ فقد دلت النصوص على أنه كافر، قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
والبينية تفصل بين الشيء وغيره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة حداً فاصلاً بين الإسلام وبين الكفر.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) . رواه البخاري في صحيحه.
والذي يحبط عمله هو الكافر، فالنصوص الكثيرة والواضحة تدل على كفر تارك الصلاة، وقد نقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة.
أعذار تأخير الصلاة عن وقتها
يجوز عند الحاجة أن يجمع المسلم بين صلاتي النهار وهما الظهران أي: الظهر والعصر في وقت إحداهما، فيجمعهما جمع تقديم، فيصلي الظهر مع العصر في وقت الظهر، أو يجمعهما جمع تأخير فيصلي الظهر مع العصر في وقت العصر، وكذلك يجمع بين صلاتي الليل وهما العشاءان، أي: المغرب والعشاء في وقت إحداهما، فيصلي المغرب والعشاء في وقت المغرب، وهذا جمع تقديم، أو يؤخر المغرب إلى وقت العشاء فيصليهما معاً، وهذا جمع تأخير، وذلك لمثل المسافر والمريض.
وعند اشتداد المطر إذا تأذى منه الناس في البلد فيجوز الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم دفعاً للمشقة، ونحو ذلك من الأعذار كالخوف.
الأحوال التي يكون فيها التيمم
المسلم يصلي بحسب طاقته، فيصلي قائماً، فإن عجز صلى قاعداً، فإن عجز صلى على جنبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) . يعني: على جنبه الأيمن. زاد النسائي : (فإن لم تستطع فمستلقياً) بأن يستلقي ورجلاه إلى القبلة، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، فالعاجز عن الوقوف يصلي قاعداً، والعاجز عن القعود يصلي على جنبه، والعاجز على صلاة الجنب يصلي مستلقياً.
وكذلك يجب على الإنسان أن يتوضأ، فإذا عجز عن استعمال الماء أو لم يجده انتقل إلى التيمم بالتراب فينوي ويسمي الله فيقول: باسم الله، ويضرب بيديه الأرض ضربة واحدة مفرجتي الأصابع فيسمح بهما وجهه، ثم يضرب بيديه الأرض مرة أخرى وجهه ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما إلى الكفين كما في حديث عمار ، ولا يؤخرها عن وقتها باتفاق العلماء.
وبعض الناس إذا كان مريضاً في المستشفى لا يصلي، فإذا قلت له: يا فلان لماذا لم تصل؟ قال: يا أخي، إن ثيابي نجسة وفيها دماء ولا أستطيع، لكن إن شاء الله إذا خرجت من المستشفى تطهرت وصليت، فهذا غلط كبير يجب على الزائرين أن ينبهوا المرضى، فالصلاة لا تؤخر عن وقتها، فيجب عليه أن يصلي على حسب حاله، فإن كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه يوضئه شخص آخر، وإن كان لا يستطيع الاستنجاء بالماء يستجمر بالمناديل أو الورق الخشنة ثم يتوضأ، فإن عجز يتيمم بالتراب للحدث الأكبر أو الأصغر، فإن عجز عن ذلك ييممه من حوله، فينوي ويضرب بيديه التراب ويمسح بهما وجهه ويديه، ويصلي الصلاة في وقتها ولا يعيد.
كذلك أيضاً يصلي على السرير، فإذا كان يستطيع التوجه إلى القبلة يتوجه، وإذا لم يستطع فيصلي على حسب حاله، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
ولا يؤخر الصلاة عن وقتها بحجة أنه إذا خرج من المستشفى فإنه سيصلي، فقد يموت ويترك الصلاة. فهذا الأمر ينبغي لطلبة العلم أن ينبهوا المرضى عليه، أنه يجب على المريض أن يصلي على حسب حاله إذا كان العقل معه، وما عجز عنه يسقط، أما إذا فقد العقل ارتفع التكليف، إلا إذا كان في غيبوبة مثلاً لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر، فإنه يقضي الصلاة في هذه المدة، أما إذا طالت الغيبوبة وفقدان الشعور لمدة أسبوع أو أسبوعين فيعتبر كالمجنون وكالنائم والمغمى عليه مدة طويلة فيسقط عنه التكليف فلا يجب عليه القضاء.
حكم صلاة فاقد الطهورين
وإذا كان الإنسان محبوساً في أرض نجسة؛ وليس عنده ماء ولا تراب أو كان مصلوباً على خشبة، أو كان زمناً بأن مرض مرضاً فلا يستطيع الحركة، فإنه يصلي على حسب حاله، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، أما من فقد الماء والتراب فيسمى فاقد الطهورين، فينوي ويصلي ولا يعيد الصلاة، والدليل على ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، ومعه زوجته عائشة فسقط منها عقد كانت تتجمل به، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم جماعة يبحثون عنه وحان وقت الصلاة وليس معهم ماء ولم يشرع التيمم، فصلوا بغير ماء ولا تراب، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإعادتها.
فدل ذلك على أن الإنسان إذا كان ما عنده ماء ولا تراب فصلى بدون أحدهما فصلاته صحيحة، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
كيفية صلاة الخوف
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على وجوه متعددة، فإذا كان العدو جهة القبلة كان النبي يصفهم صفين، وكبر وكبروا جميعاً، ثم ركع وركعوا جميعاً، ثم رفع ورفعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وبقي الصف الثاني يحرسهم من خلفهم، ثم قام إلى الركعة الثانية وتقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع وركعوا جميعاً، ثم رفع ورفعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، الذي كان هو الصف المؤخر، ثم لما انتهى من الركعة الثانية قامت كل طائفة وأتت بركعة فسلم بهم جميعاً.
وصلى بكل طائفة ركعتين ركعتين.
وإذا كان العدو في غير جهة القبلة صلى بهم إلى غير القبلة، ولها وجوه متعددة، قال الإمام أحمد: ثبتت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم ستة أوجه أو سبعة أوجه، وكلها جائزة والله تعالى بينها في كتابه قال: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [النساء:101] والضرب في الأرض هو السفر.
ثم قال تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ [النساء:101-102] أي: إذا كانوا خائفين فيصلون ومعهم السلاح، إذا كان فيهم من يشق عليه حمله أو كان مريضاً فيضعه مع أخذ الحذر، ثم قال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103].
حكم تارك الصلاة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) .
والرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس، أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها؛ فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
فمن العلماء من يقول: يكون مرتداً كافراً لا يصلى عليه ولا يدفن بين المسلمين.
ومنهم من يقول: يكون كقاطع الطريق وقاتل النفس والزاني المحصن ].
يجب على القادر أن يأمر بالصلاة ولا سيما في بيته، فيأمر الرجال والنساء حتى الصبيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) .
فإذا بلغ الصبي سبع سنين فإنه يؤمر بالصلاة، حتى يبلغ عشراً، فإذا بلغ العشر فيؤمر بالصلاة، فإن رفض الصلاة أو تركها ضُرِبَ ضربَ تأديب لا ضرب تعذيب، فلا يجرح ولا يكسر العظم. فإذا بلغ وامتنع عن الصلاة فإنه يستتاب من قبل ولاة الأمور فإن تاب وإلا قتل.
إذاً: الصبي إذا بلغ سبع سنين فإنه يؤمر ولا يضرب إذا امتنع، فإذا بلغ عشر سنين فيؤمر فإن امتنع ضرب، فإذا بلغ خمس عشرة سنة أو نبت في عانته شعر خشن أو احتلم وامتنع عن الصلاة فيستتاب من قبل ولاة الأمور وإلا قتل.
فمن العلماء من يقول فيه: يكون مرتداً كافراً لا يصلى عليه، ولا يدفن بين المسلمين؛ لأنه يكون كافراً، وهذا هو الراجح أو الأصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) .
وقال بعض أهل العلم: يكون مسلماً لكن حكمه حكم مرتكب الكبيرة فيقتل، كقاطع الطريق وقاتل النفس، والزاني المحصن فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت، لكن هؤلاء يصلى عليهم؛ لأنهم مسلمون.
والصواب: أن ترك الصلاة كفر، وتاركها كافر ولو لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين بغير خلاف، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أما إذا كان يعتقد بقلبه ويقول بلسانه أن الصلاة واجبة، لكن تركها كسلاً وتهاوناً، فهذا هو محل الخلاف بين العلماء، والصواب أنه يقتل كفراً، وقال آخرون من أهل العلم: يقتل حداً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وعماد الدين الذي لا يقوم إلا به، هو الصلوات الخمس المكتوبات، ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من العمل أشد إضاعة.
وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) .
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) .
وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، ولو تركوها كانوا كفاراً.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] والمحافظة عليها: فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت ].
هذا فيه بيان عظم شأن الصلاة وأنها عماد الدين، يقول المؤلف رحمه الله: عماد الدين الذي لا يقوم إلا به هو الصلوات الخمس المكتوبات؛ لأن الصلوات الخمس هي أفرض الفرائض وأوجب الواجبات بعد توحيد الله عز وجل، وهي صلة العبد بربه، فإذا ترك الصلاة قطع الصلة بينه وبين الله، فكيف يرجو الإنسان المدد من الله ويرجو رحمته وفضله وجوده وبره، وقد قطع الصلة بينه وبين ربه؟!
وكيف يقر له قرار ويهنأ بعيش؟! ويهنأ بأكل وشرب ويتمتع بالحياة وقد قطع الصلة بينه وبين الله؟! فتارك الصلاة مقطوع الصلة بالله، فصلته بالله مبتورة.
فالصلوات الخمس المكتوبات -أي: المفروضات- هي عماد الدين، ولا يقوم الدين إلا بها، فمن ترك الصلاة فلا دين له، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة.
والصلوات الخمس هي أول ما أوجب الله من العبادات، فقد شرعت في مكة ليلة المعراج بخلاف بقية شرائع الإسلام، فالزكاة والصوم والحج والأذان والحدود كلها فرضت في المدينة، لكن الصلاة لعظم شأنها فرضت في مكة، وفرضت فوق السبع الطباق، لما تجاوزها نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: فرضت بدون واسطة بخلاف بقية شرائع الإسلام فإنها تكون بواسطة جبرائيل، فيوحي الله إلى جبرائيل فينزل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الصلاة فإن الله كلم نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من دون واسطة ليلة المعراج فوق السبع الطباق، ولهذا قال المؤلف: وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج، يعني: من دون واسطة.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) يعني: الزموا الصلاة واعتنوا بها، وبالأرقاء الذين هم ملك الأيمان وهم العبيد والإماء، فالنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالعناية بهم، وعدم إيذائهم وظلمهم.
والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله، ونحو هذا روي عن الإمام أحمد أنه قال: الصلاة آخر ما يفقد من الدين وكل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، يعني: الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الإسلام، وهو: الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك والبراءة منه وأهله .
وعموده الصلاة، وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وهذا وعيد شديد، قال العلماء: معنى أضاعوا الصلاة: أخروها عن وقتها ومعنى: غياً: هو شدة العذاب والهلاك، وقيل: واد في جهنم.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها ولو تركوها كانوا كفاراً.
فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه يرى أن ترك الصلاة كفر.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، والمحافظة عليها فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت؛ فإذا كان الذي يؤخر الصلاة متوعد بالويل وهو شدة العذاب، فكيف يكون حال تارك الصلاة؟ فقد دلت النصوص على أنه كافر، قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
والبينية تفصل بين الشيء وغيره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة حداً فاصلاً بين الإسلام وبين الكفر.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) . رواه البخاري في صحيحه.
والذي يحبط عمله هو الكافر، فالنصوص الكثيرة والواضحة تدل على كفر تارك الصلاة، وقد نقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقد اتفق المسلمون على أنه لا يجوز تأخير صلاة النهار إلى الليل، ولا تأخير صلاة الليل إلى النهار، لا لمسافر ولا لمريض ولا غيرهما، لكن يجوز عند الحاجة أن يجمع المسلم بين صلاتي النهار وهي الظهر والعصر في وقت إحداهما، ويجمع بين صلاتي الليل وهي المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وذلك لمثل المسافر والمريض وعند المطر، ونحو ذلك من الأعذار ].
يجوز عند الحاجة أن يجمع المسلم بين صلاتي النهار وهما الظهران أي: الظهر والعصر في وقت إحداهما، فيجمعهما جمع تقديم، فيصلي الظهر مع العصر في وقت الظهر، أو يجمعهما جمع تأخير فيصلي الظهر مع العصر في وقت العصر، وكذلك يجمع بين صلاتي الليل وهما العشاءان، أي: المغرب والعشاء في وقت إحداهما، فيصلي المغرب والعشاء في وقت المغرب، وهذا جمع تقديم، أو يؤخر المغرب إلى وقت العشاء فيصليهما معاً، وهذا جمع تأخير، وذلك لمثل المسافر والمريض.
وعند اشتداد المطر إذا تأذى منه الناس في البلد فيجوز الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم دفعاً للمشقة، ونحو ذلك من الأعذار كالخوف.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [11] | 1985 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [10] | 1716 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [5] | 1656 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [3] | 1581 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [4] | 1577 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [2] | 1565 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [8] | 1554 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [1] | 1522 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [12] | 1434 استماع |
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية [6] | 1171 استماع |