الأمة تمر بمرحلة جديدة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، إمام المجاهدين، وسيد المتعبدين، بذل نفسه في ذات الله جل وعلا، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين من ربه، وقد رأى بعينه نصر الله عز وجل لهذا الدين، كما قال الله تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً [النصر:1-3].

نعم أيها الأحبة: لقد أحببت أن يكون عنوان المحاضرة بذاته معبراً ودالاً على معنىً يفهمه من قرأه أو سمعه، حتى ولو لم يسمع مضمونه، إن الأمة تمر بمرحلة جديدة، وهذه القضية قضية مسلَّمة أو يجب أن تكون مسلَّمة للجميع، لا أظن أن هناك من يجادل في هذا، إلا أولئك الناس الذين انسلخوا عن الأمة، أقول: انسلخوا؛ إما بتبنيهم لمذاهب وأديان ونظريات وقيم مخالفة لما عليه أمتهم، كالعلمانيين، والحداثيين، واليساريين، والقوميين، وغيرهم، وحتى هؤلاء يوافقوننا على أن الأمة تمر بمرحلة جديدة، لكنهم يفسرون هذه المرحلة تفسيراً آخر، وإما إنسان قد رضي من الغنيمة بالإياب، وعزل نفسه عن الواقع، فأصبح لا يسمع ولا يبصر ولا يفكر ولا يعي ولا يشعر ولا يدري ارتفعت الأمة أم انخفضت، علت أم هبطت، عزَّت أم ذلَّت، فما دام أنه قد سلمت له دنياه، ومادام المرتب يقبض في آخر الشهر كاملاً غير منقوص، ومادامت المؤن والأرز والسكر والشاي والقهوة والطحين متوفرة، وما دامت الكهرباء والغاز متوفرة، إذاً فالأمة لا تمر بمرحلة جديدة؛ لأن المرحلة الجديدة عند هذا الإنسان هي أن ينفد الطحين، أو ينتهي السكر من الأسواق، أو ما أشبه ذلك، لأنه إنسان أصبح همه مقصوراً على شهواته الذاتية الخاصة، لا يعيش آلام الأمة ولا همومها، إنما يعيش آلام نفسه وهمومها، فلو بُخِسَ من دنياه شيئاً يسيراً لأقام الدنيا وأقعدها، لكن لا يضيره ما بُخِسَ بل ما بُخِسَتْ الأمةُ كلُّها من أمر دينه، فهذا قد ينازعنا أيضاً في أن الأمة تمر بمرحلة جديدة.

وإلا فمن عدا هؤلاء من مختلف المشارب، والنظرات، والاتجاهات، والأفكار، والبيئات، يتفقون على أن الأمة المسلمة تعيش مرحلة جديدة، ووضعاً غريباً، لم يسبق أن عاشته قبل على كافة المستويات، حين نقول: مرحلة جديدة لا يجب أن تتصوروا أيها الأحبة أننا نقصد أنها مرحلة سلبية من كل جوانبها، أبداً، إنها مرحلة جديدة بسلبياتها وإيجابياتها، وخيرها وشرها، ونورها وظلامها، وحسنها وقبيحها، لكنها مرحلة جديدة.

كيفية التعامل مع المرحلة الجديدة

ويجب على طلبة العلم والدعاة أن يدركوا هذه المرحلة؛ حتى يتعاملوا معها تعاملاً مناسباً، فليس صحيحاً أن نكون دائماً متوقفين عند أساليب معينة للدعوة، وطرق معينة في الدعوة، ووسائل معينة في التبليغ، لا نعرف ولا نحسن إلا هذه الأشياء؛ يتغير الناس، وتتغير الدنيا، وتتغير أساليب الأعداء، ونحن على طرائقنا السابقة! هذا لا يصلح.

مواجهة السلف الصالح للمستجدات

يجب أن نواجه كل مرحلة بما يلائمها، وهذا ما تعلمناه من السلف الصالح رضي الله عنهم، فكانوا يجددون من القضايا والوسائل والطرائق، بقدر ما يستجد من التحديات والمشكلات.

وأذكر لذلك مثلاً قد يكون شكلياً، لكن المقصود أن نعي أنه يجب أن نغير وسائلنا، بتغير وسائل الأعداء: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهود الصحابة أيضاً -كان الناس يختلفون في حكم كتابة الحديث النبوي- فمنهم من يقول بتحريم كتابة حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن الكتابة يجب أن تكون مقصورة على القرآن الكريم فحسب، حتى لا يختلط القرآن بالسنة ويحتج هؤلاء بمثل حديث أبي سعيد: {لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، ومن كتبَ عنِّي شيئاً غير القرآن فليمحه}.

وظل الناس يختلفون حتى كان من الصحابة من ينهى -ومن أشهرهم عمر- عن كتابة الحديث والسنة. وبعد ذلك مرَّ بالمسلمين تحدٍ جديد، وهو من جهة غياب ووفاة الأصحاب الذين لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمعوا منه مباشرة، وحاجة الناس إلى الكتابة والتدوين وضبط المصحف من جهة أخرى، بحيث أمن الالتباس، فصار هناك تحديات جديدة ترتبت على أن المحذور زال، وهو خشية اختلاط القرآن بالسنة، فما عاد يُخَافُ؛ لأن القرآن مضبوط في السطور والصدور، والأمر الذي حدث صار يُولِّد عندنا الخوف على السنة من أن تزول أو تنسى أو يضيع شيء منها؛ فلذلك ألهم الله عز وجل المسلمين كتابة السنة، بل والإجماع على جواز كتابة السنة، فقد اندرس الخلاف الذي كان موجوداً في عهد الصحابة وانقرض، وأجمعت الأمة على ضرورة إحداث وسيلة جديدة لتواجه المرحلة الجديدة، وهي كتابة السنة النبوية لمواجهة الأوضاع الجديدة التي طرأت على الأمة الإسلامية.

هذا المثل الصغير يمكن أن نعمِّمَه في قضايا كثيرة جداً، كما أنك لا تواجه المدفعية والصاروخ والحرب المدججة، بالسيف والخنجر والسكين والحجر؛ كذلك لا يمكن أن تواجه خطط الأعداء الجديدة الطارئة بوسائل قديمة مألوفة.. لا بد من تطوير وسائل مواجهة كيد العدو، ولهذا كان الحديث عن أن الأمة تمر بمرحلة جديدة.

ويجب على طلبة العلم والدعاة أن يدركوا هذه المرحلة؛ حتى يتعاملوا معها تعاملاً مناسباً، فليس صحيحاً أن نكون دائماً متوقفين عند أساليب معينة للدعوة، وطرق معينة في الدعوة، ووسائل معينة في التبليغ، لا نعرف ولا نحسن إلا هذه الأشياء؛ يتغير الناس، وتتغير الدنيا، وتتغير أساليب الأعداء، ونحن على طرائقنا السابقة! هذا لا يصلح.

يجب أن نواجه كل مرحلة بما يلائمها، وهذا ما تعلمناه من السلف الصالح رضي الله عنهم، فكانوا يجددون من القضايا والوسائل والطرائق، بقدر ما يستجد من التحديات والمشكلات.

وأذكر لذلك مثلاً قد يكون شكلياً، لكن المقصود أن نعي أنه يجب أن نغير وسائلنا، بتغير وسائل الأعداء: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهود الصحابة أيضاً -كان الناس يختلفون في حكم كتابة الحديث النبوي- فمنهم من يقول بتحريم كتابة حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن الكتابة يجب أن تكون مقصورة على القرآن الكريم فحسب، حتى لا يختلط القرآن بالسنة ويحتج هؤلاء بمثل حديث أبي سعيد: {لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، ومن كتبَ عنِّي شيئاً غير القرآن فليمحه}.

وظل الناس يختلفون حتى كان من الصحابة من ينهى -ومن أشهرهم عمر- عن كتابة الحديث والسنة. وبعد ذلك مرَّ بالمسلمين تحدٍ جديد، وهو من جهة غياب ووفاة الأصحاب الذين لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمعوا منه مباشرة، وحاجة الناس إلى الكتابة والتدوين وضبط المصحف من جهة أخرى، بحيث أمن الالتباس، فصار هناك تحديات جديدة ترتبت على أن المحذور زال، وهو خشية اختلاط القرآن بالسنة، فما عاد يُخَافُ؛ لأن القرآن مضبوط في السطور والصدور، والأمر الذي حدث صار يُولِّد عندنا الخوف على السنة من أن تزول أو تنسى أو يضيع شيء منها؛ فلذلك ألهم الله عز وجل المسلمين كتابة السنة، بل والإجماع على جواز كتابة السنة، فقد اندرس الخلاف الذي كان موجوداً في عهد الصحابة وانقرض، وأجمعت الأمة على ضرورة إحداث وسيلة جديدة لتواجه المرحلة الجديدة، وهي كتابة السنة النبوية لمواجهة الأوضاع الجديدة التي طرأت على الأمة الإسلامية.

هذا المثل الصغير يمكن أن نعمِّمَه في قضايا كثيرة جداً، كما أنك لا تواجه المدفعية والصاروخ والحرب المدججة، بالسيف والخنجر والسكين والحجر؛ كذلك لا يمكن أن تواجه خطط الأعداء الجديدة الطارئة بوسائل قديمة مألوفة.. لا بد من تطوير وسائل مواجهة كيد العدو، ولهذا كان الحديث عن أن الأمة تمر بمرحلة جديدة.

ولهذه المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية اليوم في أنحاء الأرض كافة، وفي هذه البلاد بشكل خاص، لهذه المرحلة خصائص وسمات ومظاهر، لعل من أبرزها وهي القضية الأولي التي سأتحدث عنها هي:

علنية الصراع بين الحق والباطل

قضية علنية الصراع بين الحق والباطل: إن الصراع بين الحق والباطل أصبح علنياً، أو يوشك أن يكون علنياً في كل المجالات، أما مسألة الصراع بين الحق والباطل، فهذه قضية مفروغ منها، ولا أرى ما يدعو أن أتحدث عنها ألبتة، إنها قضية مقررة مفروغ منها!! سنة من سنن الله عز وجل، دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [البقرة:251] فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ [النمل:45] هذه خصومة بين الحق والباطل، خصومة في ذات الله جل وعلا هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج:19] على كافة المستويات؛ فالصراع بين الحق والباطل سنة أزلية، ما أذعنت الدنيا لخير محض، ولا أذعنت لشر محض.. في أحلك الظروف، وحين يهيمن الكفر على الدنيا، كان يوجد فئة قائمة بأمر الله عز وجل، ولو قلت!! وفي الأزمان التي يستوثق فيها أمر الإسلام ويدين الناس لربهم، لا تعدم الأرض من فاجرٍ أو كافرٍ أو فاسقٍ أو منافق، إلا ما شاء ربك، فالصراع بين الحق والباطل معروف لا داعي أن نتوقف عنده.

لكن الصراع أحياناً يكون صراعاً خفياً، وأحياناً يكون صراعاً علنياً في وضح النهار وتحت أشعة الشمس.. فربما في ظروف مضت كان الصراع مستتراً مستخفياً، يكيد وتكيد، والكيد غالباً يكون هو اللطف والتدبير الخفي، كما قال الله عز وجل: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ [يوسف:76] وقال أيضاً: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف:28].

فالكيد غالباً يطلق على التدبير الخفي، أما الآن فمع الكيد الخفي أصبحت ساحة الصراع علنية!! بمعنى أن التحديات التي تواجهها الأمة تحديات مكثفة معلنة، تستهدف الأمة الإسلامية في أعز ما تملك؛ في عقيدتها، في أخلاقها، في عفتها وكرامتها، في اعتزازها بدينها واستقلالها عن كيد أعدائها، والتبعية المطلقة لهم.. فهي تستهدف الأمة في وجودها في الواقع، وقد انتقلت المعركة من السر إلى العلن، لأن العدو في الماضي كان يحس بأنه ضعيف، وربما يرى أنه ليس من مصلحته أن يواجه.

ملحوظة تاريخية

ولذلك كنت أتحدث إلى الإخوة ونحن في الطريق، أنني توقفت وتعجبت من قضية تأريخية، قلَّ من رأيته أشار إليها، وهي أن الله عز وجل أشار في القرآن الكريم إلى اليهود وأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)) [المائدة:82]. ومع أنهم أشد الناس عداوةً للذين آمنوا؛ فهل تتذكرون معركة من معارك التأريخ الحاسمة الفاصلة المشهورة دارت بين المسلمين وبين اليهود؟ هل تتذكرون معركة؟ ما أتذكر، صحيح أن هناك معارك مشهورة واليهود طرف فيها، مثل غزوة خيبر أو بني قريظة.. لكن لم يكن هناك معركة بالمعنى الحقيقي؛ فـبنو قريظة نـزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أنـزلهم على حكم سعد بن معاذ

رضي الله عنه، فحكم فيهم بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وانتهى أمرهم بعدما خانوا ونقضوا العهد، وكذلك في خيبر: صحيح أنه حصل قتال، لكن لم يكن بذلك القتال الضاري القوي، إنما كان قتالاً على نطاق محدود، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام أقر أهل خيبر على مزارعهم، أقرهم عليها وقال: {نقركم فيها إلى ما شاء الله} يشتغلون بالزرع ولهم شطر ما يخرج منها، وهذا دليل على أنه لم تكن كلها فتحت حرباً، كما أشار إلى ذلك ابن القيم

وغيره. وعلى كل حال هذه مسألة تأريخية ومسألة فقهية، إنما المقصود أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت المعارك مع اليهود محدودة، لكن المعارك الكبرى بدر

، وأحد، الخندق، وفتح مكةبلاد الشام، أو في مصرC/، أو في الأندلس، أو في غيرها، فكانت خصومتهم مع النصارى هي الخصومة الأقوى والأعنف. والفرس لهم مع المسلمين معارك، صولات وجولات، لعل من أشهرها القادسية، المقصود أن أقول لكم بالنسبة لليهود: معاركنا معهم محدودة لا أستطيع أن أتذكر اسم معركة شهيرة كبيرة حاسمة كانت الخصومة فيها علانية بين المسلمين وبين اليهود!! أريد أن أتساءل لماذا؟ مادام ثبت لنا في القرآن الكريم أن اليهود هم أشد الناس عداوة؟!

من مكائد اليهود

لماذا لم نخض معهم معارك حاسمة؟

الجواب: إن اليهود دائماً فيهم قلة في العدد، وربما ضعف في العُدة غالباً، ولذلك يتجنبون ساحات الصراع المعلنة، ما يقاتل في الشارع إنما يمين، ويسار، غيلة، غدر، خيانة، تخطيط، مؤامرة، دس،كل هذا يمارسونه ولذلك لو نظرت في الجانب الآخر من عمل اليهود، مثلاً: الفتن التي دارت في التاريخ الإسلامي كان اليهود وراءها، المؤامرات التي قامت دبرها اليهود، عمليات الاغتيال، كان لليهود فيها نصيب كبير، المذاهب والملل والنحل التي ظهرت كـالرافضة مثلاً، والقدرية وغيرها كان اليهود من ورائها، يؤججونها ويضعون الحطب على النار، لكنهم لا يواجهون!! الخلافة العثمانية أسقطوها، لكن كيف أسقطوها؟

أسقطوها بالحيلة، والالتفاف من هنا ومن هنا، والخدعة، وتأليب العدو، وتحريك وتأليب الأعداء الآخرين، يقاتلون بالوكالة عنهم، واليهود سالمون!

إذاً متى يظهر العدو؟ يظهر العدو عندما يحس بقوته وضعف خصمه؛ فحينئذٍ يعلنها صريحة، وكذلك: الظهور تقريباً هو آخر مرحلة، وهذه قضية خطيرة! ظهور الحرب من العدو هذه آخر مرحلة عنده؛ الآن هو يريد أن ينازلك في الميدان العام؛ فإما أن ينتصر عليك، ومعناه أنه حقق القضاء على الإسلام فيما يحسب ويظن، وإما أن تنتصر ومعنى ذلك أنه سيتراجع إلى الوراء ربما قروناً طويلة.

وهذا يؤكد عليك أن تدرك فعلاً أهمية هذه المرحلة، وأن الصراع الآن بدأ يأخذ فيها طابعاً علنياً، سواء على مستوى العالم، أي: إن أعلنت الأمم موقفها من الإسلام، ممثلاً فيما يسمونه بالأصولية أحياناً، أو الإسلام المتطرف -كما يقولون- أو المتشدد، أو أي عبارة أخرى يستخدمونها ويقصدون بها الإسلام الصحيح، الذي يرفض المرونة خارج الإطار الشرعي، ويرفض المجاملة، ويرفض النفاق، فأعلن العالم شرقيه وغربيه وتنادت الأمم كلها بلا استثناء ضد هذا الإسلام، وعلى النطاق الداخلي لا شك أن خصوم الإسلام وهم كثير من علمانيين، ويساريين، وحداثيين، وأصحاب شهوات أيضاً -وهؤلاء يجب أن نضعهم في الاعتبار- أصبحوا الآن يعلنون مطالبهم، ويعلنون مآربهم، ويعلنون أمانيهم، التي كانت أمس تقال في كلام لين، وفي عبارات منمقة، وفي كلمات مستورة، قد يجهل الناس ما وراءها، اليوم أصبحت تقال بلغة أكثر وضوحاً، وأكثر صراحة، وأكثر بياناً وبلاغة، وأصبح يفهمها الكثير من الناس، وإن كان عندهم شيء أكثر من هذا.

لأن الذي يقول لك اليوم نحن نريد هذه الأشياء وفق تعاليم الإسلام، ووفق شريعتنا السمحة، ووفق تقاليدنا الدينية، غداً سوف يقول لك: لماذا نتمسك بهذه التقاليد البالية؟! ولماذا نظل مصرين على أمور تعداها الزمان؟ ولماذا العالم كله يتطور ونحن باقون في مكاننا؟ ما أعني بكلامي أنهم أعطوك كل ما عندهم، لكنهم الآن مشوا خطوة إلى الأمام؛ في إعلان الصراع على الإسلام وأهل الإسلام.

مبررات لعلنية الصراع

هذا مظهر من مظاهر المرحلة الجديدة التي تمر بها الأمة وتمر بها الدعوة، وهذا المظهر يتمثل في علانية الصراع والعداء للإسلام، وقلت: إن هذه العلنية تنم عن أمرين:

الأول: أن العدو يشعر بقوته وبضعفنا.

والثاني: أن العدو يشعر بأن هذه مرحلة متقدمة من مراحل القضاء على الإسلام، قد تكون هذه آخر مرحلة؛ إما أن يترتب عليها انتصاره، وهذا يعني القضاء على الإسلام، أو يترتب عليها انتصار الإسلام وأهل الإسلام، وهذا يعني تراجع العدو سنين أو قروناً إلى الوراء.

قضية علنية الصراع بين الحق والباطل: إن الصراع بين الحق والباطل أصبح علنياً، أو يوشك أن يكون علنياً في كل المجالات، أما مسألة الصراع بين الحق والباطل، فهذه قضية مفروغ منها، ولا أرى ما يدعو أن أتحدث عنها ألبتة، إنها قضية مقررة مفروغ منها!! سنة من سنن الله عز وجل، دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [البقرة:251] فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ [النمل:45] هذه خصومة بين الحق والباطل، خصومة في ذات الله جل وعلا هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج:19] على كافة المستويات؛ فالصراع بين الحق والباطل سنة أزلية، ما أذعنت الدنيا لخير محض، ولا أذعنت لشر محض.. في أحلك الظروف، وحين يهيمن الكفر على الدنيا، كان يوجد فئة قائمة بأمر الله عز وجل، ولو قلت!! وفي الأزمان التي يستوثق فيها أمر الإسلام ويدين الناس لربهم، لا تعدم الأرض من فاجرٍ أو كافرٍ أو فاسقٍ أو منافق، إلا ما شاء ربك، فالصراع بين الحق والباطل معروف لا داعي أن نتوقف عنده.

لكن الصراع أحياناً يكون صراعاً خفياً، وأحياناً يكون صراعاً علنياً في وضح النهار وتحت أشعة الشمس.. فربما في ظروف مضت كان الصراع مستتراً مستخفياً، يكيد وتكيد، والكيد غالباً يكون هو اللطف والتدبير الخفي، كما قال الله عز وجل: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ [يوسف:76] وقال أيضاً: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف:28].

فالكيد غالباً يطلق على التدبير الخفي، أما الآن فمع الكيد الخفي أصبحت ساحة الصراع علنية!! بمعنى أن التحديات التي تواجهها الأمة تحديات مكثفة معلنة، تستهدف الأمة الإسلامية في أعز ما تملك؛ في عقيدتها، في أخلاقها، في عفتها وكرامتها، في اعتزازها بدينها واستقلالها عن كيد أعدائها، والتبعية المطلقة لهم.. فهي تستهدف الأمة في وجودها في الواقع، وقد انتقلت المعركة من السر إلى العلن، لأن العدو في الماضي كان يحس بأنه ضعيف، وربما يرى أنه ليس من مصلحته أن يواجه.

ولذلك كنت أتحدث إلى الإخوة ونحن في الطريق، أنني توقفت وتعجبت من قضية تأريخية، قلَّ من رأيته أشار إليها، وهي أن الله عز وجل أشار في القرآن الكريم إلى اليهود وأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)) [المائدة:82]. ومع أنهم أشد الناس عداوةً للذين آمنوا؛ فهل تتذكرون معركة من معارك التأريخ الحاسمة الفاصلة المشهورة دارت بين المسلمين وبين اليهود؟ هل تتذكرون معركة؟ ما أتذكر، صحيح أن هناك معارك مشهورة واليهود طرف فيها، مثل غزوة خيبر أو بني قريظة.. لكن لم يكن هناك معركة بالمعنى الحقيقي؛ فـبنو قريظة نـزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أنـزلهم على حكم سعد بن معاذ

رضي الله عنه، فحكم فيهم بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وانتهى أمرهم بعدما خانوا ونقضوا العهد، وكذلك في خيبر: صحيح أنه حصل قتال، لكن لم يكن بذلك القتال الضاري القوي، إنما كان قتالاً على نطاق محدود، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام أقر أهل خيبر على مزارعهم، أقرهم عليها وقال: {نقركم فيها إلى ما شاء الله} يشتغلون بالزرع ولهم شطر ما يخرج منها، وهذا دليل على أنه لم تكن كلها فتحت حرباً، كما أشار إلى ذلك ابن القيم

وغيره. وعلى كل حال هذه مسألة تأريخية ومسألة فقهية، إنما المقصود أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت المعارك مع اليهود محدودة، لكن المعارك الكبرى بدر

، وأحد، الخندق، وفتح مكةبلاد الشام، أو في مصرC/، أو في الأندلس، أو في غيرها، فكانت خصومتهم مع النصارى هي الخصومة الأقوى والأعنف. والفرس لهم مع المسلمين معارك، صولات وجولات، لعل من أشهرها القادسية، المقصود أن أقول لكم بالنسبة لليهود: معاركنا معهم محدودة لا أستطيع أن أتذكر اسم معركة شهيرة كبيرة حاسمة كانت الخصومة فيها علانية بين المسلمين وبين اليهود!! أريد أن أتساءل لماذا؟ مادام ثبت لنا في القرآن الكريم أن اليهود هم أشد الناس عداوة؟!

لماذا لم نخض معهم معارك حاسمة؟

الجواب: إن اليهود دائماً فيهم قلة في العدد، وربما ضعف في العُدة غالباً، ولذلك يتجنبون ساحات الصراع المعلنة، ما يقاتل في الشارع إنما يمين، ويسار، غيلة، غدر، خيانة، تخطيط، مؤامرة، دس،كل هذا يمارسونه ولذلك لو نظرت في الجانب الآخر من عمل اليهود، مثلاً: الفتن التي دارت في التاريخ الإسلامي كان اليهود وراءها، المؤامرات التي قامت دبرها اليهود، عمليات الاغتيال، كان لليهود فيها نصيب كبير، المذاهب والملل والنحل التي ظهرت كـالرافضة مثلاً، والقدرية وغيرها كان اليهود من ورائها، يؤججونها ويضعون الحطب على النار، لكنهم لا يواجهون!! الخلافة العثمانية أسقطوها، لكن كيف أسقطوها؟

أسقطوها بالحيلة، والالتفاف من هنا ومن هنا، والخدعة، وتأليب العدو، وتحريك وتأليب الأعداء الآخرين، يقاتلون بالوكالة عنهم، واليهود سالمون!

إذاً متى يظهر العدو؟ يظهر العدو عندما يحس بقوته وضعف خصمه؛ فحينئذٍ يعلنها صريحة، وكذلك: الظهور تقريباً هو آخر مرحلة، وهذه قضية خطيرة! ظهور الحرب من العدو هذه آخر مرحلة عنده؛ الآن هو يريد أن ينازلك في الميدان العام؛ فإما أن ينتصر عليك، ومعناه أنه حقق القضاء على الإسلام فيما يحسب ويظن، وإما أن تنتصر ومعنى ذلك أنه سيتراجع إلى الوراء ربما قروناً طويلة.

وهذا يؤكد عليك أن تدرك فعلاً أهمية هذه المرحلة، وأن الصراع الآن بدأ يأخذ فيها طابعاً علنياً، سواء على مستوى العالم، أي: إن أعلنت الأمم موقفها من الإسلام، ممثلاً فيما يسمونه بالأصولية أحياناً، أو الإسلام المتطرف -كما يقولون- أو المتشدد، أو أي عبارة أخرى يستخدمونها ويقصدون بها الإسلام الصحيح، الذي يرفض المرونة خارج الإطار الشرعي، ويرفض المجاملة، ويرفض النفاق، فأعلن العالم شرقيه وغربيه وتنادت الأمم كلها بلا استثناء ضد هذا الإسلام، وعلى النطاق الداخلي لا شك أن خصوم الإسلام وهم كثير من علمانيين، ويساريين، وحداثيين، وأصحاب شهوات أيضاً -وهؤلاء يجب أن نضعهم في الاعتبار- أصبحوا الآن يعلنون مطالبهم، ويعلنون مآربهم، ويعلنون أمانيهم، التي كانت أمس تقال في كلام لين، وفي عبارات منمقة، وفي كلمات مستورة، قد يجهل الناس ما وراءها، اليوم أصبحت تقال بلغة أكثر وضوحاً، وأكثر صراحة، وأكثر بياناً وبلاغة، وأصبح يفهمها الكثير من الناس، وإن كان عندهم شيء أكثر من هذا.

لأن الذي يقول لك اليوم نحن نريد هذه الأشياء وفق تعاليم الإسلام، ووفق شريعتنا السمحة، ووفق تقاليدنا الدينية، غداً سوف يقول لك: لماذا نتمسك بهذه التقاليد البالية؟! ولماذا نظل مصرين على أمور تعداها الزمان؟ ولماذا العالم كله يتطور ونحن باقون في مكاننا؟ ما أعني بكلامي أنهم أعطوك كل ما عندهم، لكنهم الآن مشوا خطوة إلى الأمام؛ في إعلان الصراع على الإسلام وأهل الإسلام.

هذا مظهر من مظاهر المرحلة الجديدة التي تمر بها الأمة وتمر بها الدعوة، وهذا المظهر يتمثل في علانية الصراع والعداء للإسلام، وقلت: إن هذه العلنية تنم عن أمرين:

الأول: أن العدو يشعر بقوته وبضعفنا.

والثاني: أن العدو يشعر بأن هذه مرحلة متقدمة من مراحل القضاء على الإسلام، قد تكون هذه آخر مرحلة؛ إما أن يترتب عليها انتصاره، وهذا يعني القضاء على الإسلام، أو يترتب عليها انتصار الإسلام وأهل الإسلام، وهذا يعني تراجع العدو سنين أو قروناً إلى الوراء.

أترك المظهر الثاني من مظاهر هذه المرحلة ليتحدث عنه أخي الشيخ:- محمد الفوزان.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد تحدث الشيخ سلمان عن المظهر الأول: وهو العلنية، وأتى على كثيرٍ من هذا المظهر، ومن المظهر الثاني أيضاً، إلا أن التأكيد عليه أمر مهم، وهو مظهر التكالب، كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: {تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله!؟ قال: بل أنتم كثير! ولكنكم غثاء كغثاء السيل} ونحن لسنا في مرحلة التداعي، بل تعدينا مرحلة التداعي، التداعي جاء من قبل مائة عام!!

قبل قرنٍ من الزمان تداعت علينا الأمم، واستعمرتنا كما تقول، واحتلوا بلادنا احتلالاً صريحاً، لم يبقوا في العالم الإسلامي إلا أجزاء يسيرة كانت تتمتع بالعقيدة السلفية كمثل هذه البلاد، ماذا عملوا؟ لما وقعت الفرصة في أيديهم، أعدوا لها العدة الكبيرة حتى لا يفلت الزمام مرة ثانية، وخططوا الخطط الكبيرة التي سمعتم عنها الكثير وقرأتم عنها الكثير فيما يسمى بالغزو الفكري، وغُزيت البلاد فكرياً وإعلامياً واقتصادياً، وعمل لها مخططات طويلة الأجل بعيدة المدى ضاربة في الأمة في أعماقها، بحيث لا تستطيع هذه الأمة أن تنهض.. ومر الزمان سريعاً وهم يرقصون؛ لأنهم وجدوا ثمار هذه المخططات يانعة، وقد أنتجت.

كيد الكافرين

وكما يعملون التجارب في قسم الطب على الحيوانات -إذا أرادوا عمل مصل جديد، أو دواء جديد؛ أول ما يجربون، يجربونه على حيوانات، وينظرون هل هذا المصل الجديد وهذا الاكتشاف الجديد أَثَّرَ على الحيوانات سلباً وإيجاباً- عملوا العمل نفسه وبنفس الخطة في المجتمعات الإسلامية، فبدأوا يرصدون: عملنا كذا، ما هي آثاره؟ كذا وكذا.. مائة عمل، ألف عمل، ولديهم من المستشرقين ومن المخابرات ومن كل شيء ما يرصد: ما هي آثار هذه الخطط في المجتمعات؟

الصحوة الإسلامية

وفي نهاية هذا القرن حدث أمر آخر، حدث انبعاث في العالم الإسلامي، وانبعاث يتحرك بسرعة -كما تقول زعيمتهم- أسرعَ من تفكيرهم، تقول: إن الأحداث أسرع من تفكيرنا؛ ولذا علينا أن نتخذ خطوات حازمة، وأنتم تعلمون، وكلكم شاهد هذا: أي خراف ذبحتموها أو أي حيوان في آخر لحظة، تكون عنده صحوة الموت، يصحو فيها ثم يعود يهمد، هُم الآن وبكل تفاؤل، وبكل أمل، نقول: هُم الآن في صحوة الموت -إذا كنا على مستوى الأحداث- هم في صحوة الموت.

لأن الأحداث فعلاً سبقتهم، كيف تعمل هذه الخطط، تغرق الأمة هذا الإغراق، ومع ذلك تنهض وتنتشر وتقوم وتعود إلى ذاتيتها، وتعود إلى دينها؟!! بعد مائة سنة من التخدير، تعود كأنها فتية إن هذا سر، كما أشار الشيخ هم في آخر لحظة، إما أن ينتصروا فيقضوا على الأمة وعلى تاريخها وعلى حضارتها، ويؤخروا تقدمها فترة طويلة، أو يندحروا إلى قرون عديدة، ليُصبح هذا القرن القادم، الذي نطمع إن شاء الله أنه هو قرن الإسلام، وهو قرن الانتصار، وهو قرن الصحوة، وهو قرن الإسلام بإذن الله.

الذي لم يكن لديه تصورات سابقة صحيحة، وعلى رأسها العقيدة السلفية، إذا حدث له حادثة انـزعج، واختلت موازينه، فلا يعرف يقيم، ولا يعرف يعادي، ولا يعرف يوالي، ولا يعرف من هو العدو الدائم، ولا العدو المؤقت.. ولا شئ...! تختل الموازين لديه!!!!

أخوك شقيقك.. وإن أخطأ عليك، إلا أن عداوته مؤقتة، يعود ينظر رحمه وجلته، فيعود إليه رشده يوماً من الأيام، لكن الذي يختلف معك في الدين، هذا عداوته دائمة، خصوصاً إذا كان يدعو إلى ملته ونحلته، ولهذا تكالب علينا الأعداء، تكالباً... إذا قلنا: إنه لم يحدث على مدار التاريخ مثل هذا التكالب، فلسنا مبالغين، ومع ذلك نحن متفائلون، ولكن هذا التفاؤل يجب أن يتبعه عمل، وما لم يتبعه عمل فإنه لا يحقق شيئاً.

آثار هذا التكالب

التكالب علينا اليوم من كل مكان؛ من الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب، وأمر عجيب جداً، تكالب على الأمة الإسلامية، حتى وصل التكالب إلى تمزيق شعوبها، وإذكاء العداوة بينهم، لقد كان -وكما تعلمون- في السابق يختلف حاكم مع حاكم آخر، دولة مع دولة، لكن تبقى الشعوب الأمور بينها مفتوحة.. ولكن هذا التكالب الجديد استطاع بوسائله الكثيرة أن يحرك ضمائر الشعوب وقلوبها، وأن يثير العداوات بينها، وحتى الذين يرفعون لواء الدعوة، اختلطت عندهم الأوراق، لماذا؟ كما أسلفت سابقاً، لاختلال الميزان الأصلي وهو ميزان العقيدة!! فلما اختل، اختلت معه الموازين الأخرى، ولهذا.. مثل هذه الأحداث دعوة للأمة لمراجعة أفكارها، ومراجعة عقائدها، ومراجعة أصولها وثوابتها.

هذا التكالب الذي ظهر من كل الأطراف: الأطراف المشجعة، المسالمة، المصفق لها، المنافقة، في الحقيقة استأسدت وظهرت تتكلم بجرأةٍ لم تكن تتكلم بها من قبل! على المستوى الداخلي والخارجي، أطراف كانت مسالمة، حتى اليساريين قبل الأحداث بقليل في كل صحفهم، سواء كانت في الكويت، أو في مصر، أو في كل مكان -كانوا يتحدثون عن التعددية، وكيف نجتمع مع الإسلاميين؟ وكيف نعمل أحزاباً متماثلة؟... وهكذا إلى آخره، الآن انظر إلى صحفهم! اختلف المجال تماماً، أسوأ من ذي قبل، حتى كتبوا تقارير عن الجماعات الإسلامية وغيرها، والنشاط الإسلامي: كتبوها باللغة الإنجليزية، كأنهم يؤلبون الأعداء على هذه الجماعات بالسر، كما قال الشيخ: نفاق، عندنا هنا يكتبون كتابات طيبة، ولنتعاون ولنتفق ولنوجد تعددية سياسية إلى آخره، الآن كشَّروا عن أنيابهم، وأحسوا أن الفرصة مواتية، وتلاحظون هذا واضحاً في صحفهم وكتاباتهم ومقالاتهم... إلى آخره.

لا أريد أن أذكُر ما تسمعونه كثيراً، فلا يحتاج أن أذكر لكم الاتفاقات الموجودة، لا في السوق الأوربية، ولا في الأحلاف، لكن هذه الأشياء يرددها الإعلام صباح مساء، وجاءت متكالبة بشكل عجيب جداً وكأنها ممكنة.

هذا المظهر الثاني من مظاهر مرور الأمة بالمرحلة الجديدة أترك المظهر الثالث لفضيلة الشيخ ليحدثكم.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5007 استماع
حديث الهجرة 4966 استماع
تلك الرسل 4144 استماع
الصومال الجريح 4140 استماع
مصير المترفين 4078 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4043 استماع
وقفات مع سورة ق 3969 استماع
مقياس الربح والخسارة 3922 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3862 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3821 استماع