خطب ومحاضرات
رسالة إلى موسوس
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً:
الحمد لله الذي جعل هذه الحياة داراً للابتلاء والامتحان، وميداناً للصراع بين الإنسان وبين الشيطان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:5-6] وقال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:1-2] أيكم أخلص عملاً لله وأيكم أكثر اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوة الشيطان وقوة الإنسان
إخوتي الكرام..
إن ميدان الصراع بين القوتين العظيمتين: قوة الشيطان وقوة الإنسان ومنطقة النفوذ التي يشتد حولها الصراع هي: قلب الإنسان، لأنها مركز القوة، فإذا فسد القلب فسد الجسد كله، وإذا صلح القلب صلح الجسد كله كما أخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، ثم يمتد الصراع إلى سائر جوانب حياة الإنسان، وهذا القلب إما أن تسيطر عليه القوة الشيطانية ويحتله جنود إبليس، ويقتحمون حصونه، فيصبح مرور الخير ولَمَّة الملكِ فيه قليلاً نادراً سرعان ما يخرج، وإما أن تحتله قوة الخير والإيمان وتقتحم حصونه فيصبح مرور الشيطان وجنوده ووساوسه على القلب مروراً سريعاً خفيفاً لا يطول، والإنسان مطالب في هذه الدنيا بأن يحذر كيد الشيطان ويعرف أساليبه ووساوسه في المكر والخديعة.
الاهتمام بالجزئيات وترك الكليات
أين يسكن إبليس؟
هل هو متزوج أم أعزب؟
هل له أولاد أو ليس له أولاد؟
كيف يوسوس الشيطان إلى قلب الإنسان؟!
لاشك أن الله عز وجل بين لنا من هذه الأمور ما فيه الكفاية فبين لنا أن له ذريه وأنه يكيد في قلب الإنسان، وأن الشياطين كثر، لكن كثيراً من الناس شغلوا أنفسهم بهذه الفرعيات، ولم يهتموا بالقضية الأصلية وهي قضية معرفة وسائل الشيطان للكيد، وكيفية مقاومته، ولذلك يذكرون عن الإمام المحدث الظريف سليمان الأعمش: أن رجلاً سأله وهو في مجلس حديثه، فقال له: يا إمام هل لإبليس زوجة، فقال له: ذاك نكاح لم أشهده.
وهذه طرفة لكن من ورائها تأديب من الإمام للسائل أن هذا السؤال لا ينبغي أن يوجه، ومن ينشغل بهذه الأشياء ويغفل عن كيفية المقاومة فشأنه شأن إنسان دخلت الحية بينه وبين ثيابه فأوسعته لسعاً ولدغاً، وأفرغت السم في جسده وهو يسأل: هذه الحية ما لونها؟ ما شكلها؟ ما طولها؟ من أي أنواع الحيات وفصائلها؟ هل هي حية أو ثعبان، أو كذا، أو كذا؟ وهذا منتهى الجنون!
لفتة لعنوان المحاضرة
كثيراً ما أسمع منهم الشكوى من الوسوسة في أشياء كثيرة من شئون دينهم ودنياهم، وبعضهم ممن لا يتيسر الحديث المباشر معه في هذه الأمور، فأحببت أن تكون هذه المحاضرة حديثاً إليهم جميعاً في هذه القضية التي يشتكي منها الكثيرون، وسأجعل هذا الحديث في النقاط التالية:
الأولى: ذكر سبب الوسوسة في النفس.
والثانية: ذكر أنواع الوسوسة.
والثالثة: ذكر آثار الوسواس ومضاره.
والرابعة: هي ذكر علاجه الذي يدفعه بإذن الله تعالى.
إخوتي الكرام..
إن ميدان الصراع بين القوتين العظيمتين: قوة الشيطان وقوة الإنسان ومنطقة النفوذ التي يشتد حولها الصراع هي: قلب الإنسان، لأنها مركز القوة، فإذا فسد القلب فسد الجسد كله، وإذا صلح القلب صلح الجسد كله كما أخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، ثم يمتد الصراع إلى سائر جوانب حياة الإنسان، وهذا القلب إما أن تسيطر عليه القوة الشيطانية ويحتله جنود إبليس، ويقتحمون حصونه، فيصبح مرور الخير ولَمَّة الملكِ فيه قليلاً نادراً سرعان ما يخرج، وإما أن تحتله قوة الخير والإيمان وتقتحم حصونه فيصبح مرور الشيطان وجنوده ووساوسه على القلب مروراً سريعاً خفيفاً لا يطول، والإنسان مطالب في هذه الدنيا بأن يحذر كيد الشيطان ويعرف أساليبه ووساوسه في المكر والخديعة.
كثير من الناس مشغولون بأشياء لا تسمن ولا تغني من جوع، الشيطان واحد أو مجموعة؟ إبليس هل هو من الجن أو من غيرهم؟
أين يسكن إبليس؟
هل هو متزوج أم أعزب؟
هل له أولاد أو ليس له أولاد؟
كيف يوسوس الشيطان إلى قلب الإنسان؟!
لاشك أن الله عز وجل بين لنا من هذه الأمور ما فيه الكفاية فبين لنا أن له ذريه وأنه يكيد في قلب الإنسان، وأن الشياطين كثر، لكن كثيراً من الناس شغلوا أنفسهم بهذه الفرعيات، ولم يهتموا بالقضية الأصلية وهي قضية معرفة وسائل الشيطان للكيد، وكيفية مقاومته، ولذلك يذكرون عن الإمام المحدث الظريف سليمان الأعمش: أن رجلاً سأله وهو في مجلس حديثه، فقال له: يا إمام هل لإبليس زوجة، فقال له: ذاك نكاح لم أشهده.
وهذه طرفة لكن من ورائها تأديب من الإمام للسائل أن هذا السؤال لا ينبغي أن يوجه، ومن ينشغل بهذه الأشياء ويغفل عن كيفية المقاومة فشأنه شأن إنسان دخلت الحية بينه وبين ثيابه فأوسعته لسعاً ولدغاً، وأفرغت السم في جسده وهو يسأل: هذه الحية ما لونها؟ ما شكلها؟ ما طولها؟ من أي أنواع الحيات وفصائلها؟ هل هي حية أو ثعبان، أو كذا، أو كذا؟ وهذا منتهى الجنون!
إخوتي الكرام.. عنوان هذه المحاضرة هو: (الوسواس الخناس) ورغبت في تعديله بعد أن أستأذن الإخوة إلى عنوان آخر وهو: (رسالة إلى موسوس) وذلك لأني كثيراً ما أسمع من شباب وفتيات هذه الصحوة المباركة، حفظهم الله وكثر سوادهم وسددهم، وحشرنا في زمرتهم، وجعل العاقبة في الدنيا والآخرة لهم.
كثيراً ما أسمع منهم الشكوى من الوسوسة في أشياء كثيرة من شئون دينهم ودنياهم، وبعضهم ممن لا يتيسر الحديث المباشر معه في هذه الأمور، فأحببت أن تكون هذه المحاضرة حديثاً إليهم جميعاً في هذه القضية التي يشتكي منها الكثيرون، وسأجعل هذا الحديث في النقاط التالية:
الأولى: ذكر سبب الوسوسة في النفس.
والثانية: ذكر أنواع الوسوسة.
والثالثة: ذكر آثار الوسواس ومضاره.
والرابعة: هي ذكر علاجه الذي يدفعه بإذن الله تعالى.
أما ما يتعلق بالنقطة الأولى: وهي سبب الوسواس، فقد ذكر أهل العلم كالإمام الجويني -رحمه الله- في كتابه الذي سماه: التبصرة في الوسوسة، ثم نقل هذا عنه عدد من العلماء، كـالنووي، والغزالي، وابن الجوزي، وغيرهم -رحمهم الله جميعاً- أن للوسواس سببين، حيث قال: إن الوسواس لا يكون إلا بأحد سببين: إما نقص في غريزة العقل، وإما جهل بمسالك الشريعة.
النقص في غريزة العقل
وبعض الناس أخذوا من هذه القصة فتوى فأفتوا لبعض من بلغ بهم الوسواس مبلغه بترك الصلاة، وفي هذه الفتوى نظر كبير، فإن الصلاة من أهم أركان الإسلام، ولا تسقط إلا عن من سقطت عنه في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كالحائض والنفساء، ولكن المقصود من سياق هذه القصة الإشارة إلى أن غالب من يصاب بالوسواس ويتعمق فيه الوسواس يكون في عقله شيء من النقص والخفة.
الجهل بمسالك الشريعة
التأثيرات العضوية في الجسم وضعف النفس
ضعف نفس الإنسان وخور إرادته
طبيعة المرحلة
وبعضهم يكون هذا الوسواس شديداً معه أو لا يوفق بمن يوجهه التوجيه الصحيح بل قد يزيد هذا الأمر ويزيد الطين بلة -كما يقال- فيزداد الوسواس معه، فهذه أسباب خمسة يظهر لي أن معظم ما يصيب الناس من الوسواس يعود إلى أحدها أو إلى أكثر من سبب منها.
إذاً: فالسبب الأول هو: النقص في غريزة العقل، وذلك أن كثيراً من الموسوسين في عقولهم ضعف يتمكن الشيطان من التأثير عليهم ولبس الحق بالباطل ولذلك ذكر ابن الجوزي وابن القيم رحمهما الله أن رجلاً جاء إلى الإمام أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي فقال له: يا إمام إنني أنغمس في الماء مرة، ومرتين، وثلاثاً، ثم أخرج منه، وأنا أشك هل ارتفعت الجنابة عني أم لا، هل اغتسلت أم لا. فقال له أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة، فلما ذهب هذا خوطب الإمام أبو الوفاء وقيل له: كيف قلت لهذا الرجل ما قلت؟! قال: إنه مجنون، فالذي ينغمس في الماء ثلاث مرات ثم يشك، هل بلغ الماء إلى جسده وأعضائه أم لا، فهو مجنون وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق} وهذا مجنون.
وبعض الناس أخذوا من هذه القصة فتوى فأفتوا لبعض من بلغ بهم الوسواس مبلغه بترك الصلاة، وفي هذه الفتوى نظر كبير، فإن الصلاة من أهم أركان الإسلام، ولا تسقط إلا عن من سقطت عنه في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كالحائض والنفساء، ولكن المقصود من سياق هذه القصة الإشارة إلى أن غالب من يصاب بالوسواس ويتعمق فيه الوسواس يكون في عقله شيء من النقص والخفة.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5118 استماع |
حديث الهجرة | 5007 استماع |
تلك الرسل | 4155 استماع |
الصومال الجريح | 4146 استماع |
مصير المترفين | 4123 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4052 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3976 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3929 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3872 استماع |
التخريج بواسطة المعجم المفهرس | 3833 استماع |