قل هو من عند أنفسكم


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون، نحمد الله تعالى الذي جعل الخيرية في هذه الأمة قائمة باقية حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فجعل هذه الأمة آخر الأمم وخيرها وأكرمها على الله عز وجل، وأولها دخولاً الجنة، وذلك لما اختصها به من الإيمان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام على البشرية كلها.

لقد كتب الله تعالى أن يكون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خير الأنبياء وآخرهم، فقال عز وجل:مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] وكذلك جعل أمته هي خاتمة الأمم وآخرها وأفضلها وخيرها وأبرها، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: {نحن الآخرون السابقون يوم القيامة} فهذه الأمة هي أول من يدخل الجنة، وأمر خزنة الجنة ألا يفتحوا لأحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل محمد صلى الله عليه وسلم دخل المؤمنون من ورائه.

أيها الإخوة.. إن خيرية هذه الأمة وفضلها ليس لأنها أمة عربية، ولا لأنها أمة تسكن في بلاد العرب، ولا لأنها تنتسب أو تمت بنسب أو سبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا نسب الإيمان به، وسبب طاعته واتباعه في أمره ونهيه؛ ولذلك فإننا نجد أن من أقرب الناس إلى النبي عليه الصلاة والسلام من كانوا حطباً لجهنم كـأبي لهب وغيره، بل كـأبي طالب الذي كان حريصاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحوطه ويحميه ويمنعه، ومع ذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه في ضحضاح من نار، وأن تحت قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه، وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً.

وفي مقابل ذلك تجد في بناة الإسلام الأولين أمثال سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي الذين كانوا من أمم أخرى، بل تجد في عباقرة الإسلام، وتجد في حملة رسالته، وتجد في قادة الفتوح رجالاً أبطالاً عظماء لم يكونوا ينتسبون إلى أصول عربية، ولا ينتهي نسبهم إلى نسب العرب، وإنما جمعهم مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم اتبعوه وأطاعوه ورضوا به هادياً وإماماً.

لعمرك ما الإنسان إلا ابن سعيه     فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب

فقد رفع الإسلام سلمان فارس     وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب<

التوبة والمراجعة

أيها الإخوة.. إن من أسرار خيرية هذه الأمة أنها أمة التوبة والمراجعة، أمة كتب الله لها أن تكون على الطريق الصحيح، فكلما زاغت أو زلت أو انحرفت أو تلكأت أو نسيت منهجها؛ قيض الله تعالى لها ضربة على وجهها تردها إلى الطريق المستقيم، وتقول لها: الطريق من هاهنا!

وهذه الضربة لا يمكن أن تكون مجرد مواعظ عابرة من متكلم، ولا خطباً رنانة من خطيب، لا،إنها عبارة عن أحداث وأزمات ومصائب تنـزل بهذه الأمة ترشدها إلى الطريق المستقيم، وتبين لها خطأها، إنها أمة مستغفرة، توابة، كلما عثرت في طريقها أو انحرفت سلط الله عليها من عدوها من يوجهها إلى الطريق المستقيم، وهكذا يتسبب عدوها في دلالتها على الطريق المستقيم من حيث لا تريد، ومن حيث لا يريد.

الاصطفاء لحمل الرسالة

هذه الأمة لا يمكن أن تأخذ لبوساً غير لبوسها، ولا أن تلبس ثوباً غير ثوبها، فكل تعاليم الشرق والغرب، وكل حضارات الدنيا، وكل أنظمة البشرية من القومية والاشتراكية والشيوعية والبعثية وغيرها لا يمكن أن تصلح لها ولا أن تصلحها؛ لأنها أمة خلقت للإسلام وكلفت به، وهي التي سوف تحمله، وهو الذي سوف ينهض بها، فإذا تخلت الأمة عن الإسلام، فغيرها أجدر وأحرى ألا يقوم به، كما قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: [[والله يا معشر العرب! إن لم تقوموا بهذا الدين فغيركم أحرى بألا يقوم به]].

لا تنتظر أبداً أن أمم الأمريكان، أو أمم الروس، أو أمم الشرق، أو أمم الغرب هي التي سوف تحمل هذا الدين، وإن وجد من هذه الأمم من يدين بالإسلام، ووجد من يتحمس للإسلام، ووجد من يدافع عن الإسلام، والأمر كما قال الله جل وعلا: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89] لكن أيضاً هذه بلاد الإسلام، وهذه أمم الإسلام، وهذا أمر معلوم ظاهر لا يشك فيه من له معرفة بالتاريخ، ولا من له معرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من له معرفة بسنن الله جل وعلا.

حتى حينما تقرأ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مما يقع في آخر الزمان من الفتن، والمحن، والشدائد، والملاحم الكبيرة، تجد أن موقع هذه الملاحم هي بلاد العرب، وهذه الجزيرة العربية بالذات، وما حولها كـبلاد الشام وبلاد اليمن، وفلسطين، وما جاورها من بلاد الإسلام.

وتجد أن القبائل العربية هي التي تقف في وجه الزحوف الكافرة، حتى زحف المسيح الدجال الذي يقف وراءه النصارى واليهود والوثنيون والمرتدون، وهو فتنة عظيمة، فلا يقف في وجه هذا السيل الكاسح إلا أهل هذه البلاد بقيادتهم الراشدة المهدية التي يبعثها الله سبحانه وتعالى في ذلك الوقت.

إذاً لا تتصور أن يوماً من الأيام سوف يأتي تكون فيه الدول الشرقية أو الغربية تحمل هذا الدين أبداً.

هذا الدين نـزل للبشرية كلها، ولكن اقتضت حكمة الله تعالى وعدله ورحمته أن تكون هذه الأمة هي الأمم التي استحفظت كتاب الله عز وجل، وشريعته ودينه، وكلفت به، وكلما انحرفت عنه يمنة أو يسرة سلط الله تعالى عليها ضربة في وجهها أو في رأسها تردها إلى الطريق المستقيم.

التواضع والتخلي عن العجب

أيها الإخوة.. لم يعهد على هذه الأمة منذ أن أوجدها الله تعالى وحتى حين كانت أمة راشدة مهتدية، وحتى حين كانت أمة صالحة، بل حتى حين كان يقودها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، لم يعهد على هذه الأمة أنها كانت ترفع أنفها عالياً، وتقول: نحن المهتدون.. نحن السائرون على المنهج.. نحن الذين ما خالفنا ولا عصينا ولا غيَّرنا ولا بَدَّلنا، وتبالغ في مدح نفسها بما فيها وما ليس فيها... أبداً.

كانت هذه الأمة يوم كان يقودها الرسول صلى الله عليه وسلم تحصل لها الهزائم كما صار في معركة أحد؛ فيتعجبون ويقولون: أنى هذا؟! فيأتيهم الجواب: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:165-166] أي: السبب من عند أنفسكم.

وحين تهزم هذه الأمة هزيمة أخرى في بداية معركة حنين يتعجبون، فينـزل الوحي: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً [التوبة:25] إذاً إنما ذلك أتيتم من قبل أنفسكم؛ حين اغتررتم بعدتكم وعددكم وكثرتكم وبأسكم، فقلتم: لن نغلب اليوم من قلة، ونسيتم قوة الله عز وجل، والاعتماد عليه، وكمال التوكل عليه، فأدبكم الله بالهزيمة التي ردتكم إلى صوابكم ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنـزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:26].

لم تقل هذه الأمة في يوم من الأيام في تاريخها الطويل: نحن لا نستحق ما أصابنا؛ لأننا مستقيمون على شريعة الله، آخذون بهدى الله، ملتزمون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها الإخوة.. إن من أسرار خيرية هذه الأمة أنها أمة التوبة والمراجعة، أمة كتب الله لها أن تكون على الطريق الصحيح، فكلما زاغت أو زلت أو انحرفت أو تلكأت أو نسيت منهجها؛ قيض الله تعالى لها ضربة على وجهها تردها إلى الطريق المستقيم، وتقول لها: الطريق من هاهنا!

وهذه الضربة لا يمكن أن تكون مجرد مواعظ عابرة من متكلم، ولا خطباً رنانة من خطيب، لا،إنها عبارة عن أحداث وأزمات ومصائب تنـزل بهذه الأمة ترشدها إلى الطريق المستقيم، وتبين لها خطأها، إنها أمة مستغفرة، توابة، كلما عثرت في طريقها أو انحرفت سلط الله عليها من عدوها من يوجهها إلى الطريق المستقيم، وهكذا يتسبب عدوها في دلالتها على الطريق المستقيم من حيث لا تريد، ومن حيث لا يريد.

هذه الأمة لا يمكن أن تأخذ لبوساً غير لبوسها، ولا أن تلبس ثوباً غير ثوبها، فكل تعاليم الشرق والغرب، وكل حضارات الدنيا، وكل أنظمة البشرية من القومية والاشتراكية والشيوعية والبعثية وغيرها لا يمكن أن تصلح لها ولا أن تصلحها؛ لأنها أمة خلقت للإسلام وكلفت به، وهي التي سوف تحمله، وهو الذي سوف ينهض بها، فإذا تخلت الأمة عن الإسلام، فغيرها أجدر وأحرى ألا يقوم به، كما قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: [[والله يا معشر العرب! إن لم تقوموا بهذا الدين فغيركم أحرى بألا يقوم به]].

لا تنتظر أبداً أن أمم الأمريكان، أو أمم الروس، أو أمم الشرق، أو أمم الغرب هي التي سوف تحمل هذا الدين، وإن وجد من هذه الأمم من يدين بالإسلام، ووجد من يتحمس للإسلام، ووجد من يدافع عن الإسلام، والأمر كما قال الله جل وعلا: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89] لكن أيضاً هذه بلاد الإسلام، وهذه أمم الإسلام، وهذا أمر معلوم ظاهر لا يشك فيه من له معرفة بالتاريخ، ولا من له معرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من له معرفة بسنن الله جل وعلا.

حتى حينما تقرأ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مما يقع في آخر الزمان من الفتن، والمحن، والشدائد، والملاحم الكبيرة، تجد أن موقع هذه الملاحم هي بلاد العرب، وهذه الجزيرة العربية بالذات، وما حولها كـبلاد الشام وبلاد اليمن، وفلسطين، وما جاورها من بلاد الإسلام.

وتجد أن القبائل العربية هي التي تقف في وجه الزحوف الكافرة، حتى زحف المسيح الدجال الذي يقف وراءه النصارى واليهود والوثنيون والمرتدون، وهو فتنة عظيمة، فلا يقف في وجه هذا السيل الكاسح إلا أهل هذه البلاد بقيادتهم الراشدة المهدية التي يبعثها الله سبحانه وتعالى في ذلك الوقت.

إذاً لا تتصور أن يوماً من الأيام سوف يأتي تكون فيه الدول الشرقية أو الغربية تحمل هذا الدين أبداً.

هذا الدين نـزل للبشرية كلها، ولكن اقتضت حكمة الله تعالى وعدله ورحمته أن تكون هذه الأمة هي الأمم التي استحفظت كتاب الله عز وجل، وشريعته ودينه، وكلفت به، وكلما انحرفت عنه يمنة أو يسرة سلط الله تعالى عليها ضربة في وجهها أو في رأسها تردها إلى الطريق المستقيم.

أيها الإخوة.. لم يعهد على هذه الأمة منذ أن أوجدها الله تعالى وحتى حين كانت أمة راشدة مهتدية، وحتى حين كانت أمة صالحة، بل حتى حين كان يقودها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، لم يعهد على هذه الأمة أنها كانت ترفع أنفها عالياً، وتقول: نحن المهتدون.. نحن السائرون على المنهج.. نحن الذين ما خالفنا ولا عصينا ولا غيَّرنا ولا بَدَّلنا، وتبالغ في مدح نفسها بما فيها وما ليس فيها... أبداً.

كانت هذه الأمة يوم كان يقودها الرسول صلى الله عليه وسلم تحصل لها الهزائم كما صار في معركة أحد؛ فيتعجبون ويقولون: أنى هذا؟! فيأتيهم الجواب: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:165-166] أي: السبب من عند أنفسكم.

وحين تهزم هذه الأمة هزيمة أخرى في بداية معركة حنين يتعجبون، فينـزل الوحي: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً [التوبة:25] إذاً إنما ذلك أتيتم من قبل أنفسكم؛ حين اغتررتم بعدتكم وعددكم وكثرتكم وبأسكم، فقلتم: لن نغلب اليوم من قلة، ونسيتم قوة الله عز وجل، والاعتماد عليه، وكمال التوكل عليه، فأدبكم الله بالهزيمة التي ردتكم إلى صوابكم ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنـزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:26].

لم تقل هذه الأمة في يوم من الأيام في تاريخها الطويل: نحن لا نستحق ما أصابنا؛ لأننا مستقيمون على شريعة الله، آخذون بهدى الله، ملتزمون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والعجب كل العجب أن تقول الأمة في هذا الزمن الذي بلغ فيه الانحراف عن دين الله وشرعة مبلغه، وتحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال في حديث ثوبان:{لن تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان} ولقد تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.

فلقد وجدنا في هذه الأمة فئاماً كثيرة من الناس قد ارتضوا ديناً غير دين الله عز وجل، فأصبح منهم الشيوعي الملحد الذي لا يدين بدين، وأصبح منهم العلماني الذي يطالب بفصل الدين عن الحياة، ويطالب أن يكون الدين محصوراً بين أربعة جدران في المسجد، لا علاقة له بالسياسة، فلا علاقة له بالإعلام، ولا علاقة له بالاقتصاد، ولا علاقة له بشئون المرأة، ولا علاقة له بالأمور الاجتماعية، ولا علاقة له بالتعليم، بل هي مجرد علاقة بين العبد وربه في المسجد أو المعبد. أما بقية شئون الحياة فتكون للجاهلية، وتكون للشيطان يصرفها كيف شاء.

استبدال دين الله

وجدنا في هذه الأمة من ارتضوا سنة وهدياً غير هدى الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع شئون حياتهم، حيث يقيمون اقتصادهم، وسياستهم، واجتماعهم، وعلاقتهم الداخلية والخارجية على قوانين الشرق والغرب.

الإصرار على الذنوب والمعاصي

ووجدنا فوق هذا كله من يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون، خلافاً لما أخبر الله تعالى به من طريقة الصالحين المتقين: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].

فاليوم المؤسف -كل الأسف أيها الإخوة- أن الأمة -سواء على النطاق الفردي أو على النطاق الدولي والجماعي- لا تزال مصرة على ذنوبها ومعاصيها، على رغم البلايا والأزمات التي تنـزل بها، بل ربما تقول أحياناً: إن الأزمات لا تزيدها إلا إصراراً على ما هي عليه، أما على المستوى الفردي فكل امرئ خبير بنفسه، يكفيك أننا أصبحنا نسمع نغمة تتردد كثيراً في المجالس، وفي وسائل الإعلام، وفي غيرها تتنكر لسنة إلهية: وهي أن ما أصابنا بذنوبنا، ويقولون: "لا! هذا ليس صحيحاً"، منهم من يقول: كلا! إن ما أصابنا إنما هو كرامة من الله تعالى، إن ما أصاب الأمة تكريم من الله تعالى لها، إن ما أصاب الأمة هو لرفعة درجاتها، إن ما أصاب الأمة هو أمر عادي يحدث لكل أمة.

ومن الناس من يقول: إن هذا بسبب أمور مادية بحتة، وينكر السبب الشرعي وراء هذا كله، وبالتالي نحن نتساءل كم منا من غير من سلوكه بمناسبة الأزمات التي نـزلت بالأمة؟

إن وجود خمسة أو عشرة اهتدوا بسبب الأزمة هذا ليس جواباً وليس حلاً، ماذا يقع خمسة أو عشرة مما يراد لهذه الأمة أن تستقيم عليه؟!


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع