خطب ومحاضرات
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [8]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحينما تعمق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسائل المشكلة والمعضلة إنما أراد في وقته أن يرد على مذاهب باطلة، ابتلي بها كثير من الناس من عامة المسلمين وخاصتهم، ولا أظن أنه كتب مثل هذه الكتابات ليقرأها عامة طلاب العلم، فلذلك كما قلت سنقف عند بعض المواضع التي أرى أنها مفيدة، وفيها مواطن للعبرة والعظة، وفيها أيضاً تسلّح لطالب العلم بالضروريات في محاربة هذه الاتجاهات وحماية النفس والأمة منها.
هنا إشارة إلى قول رأس من رءوس الإلحاد نسأل الله العافية والاتحاد وحدة الوجود، وهو الفخر الرومي ، فإنه لا يقول: إن الوجود زائد على الماهية، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، وفي هذه المقاطع سنمر على إشارات أشير إليها في مواطنها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الفصل: [ وأما صاحبه -أي: صاحب ابن عربي - الصدر الفخر الرومي فإنه لا يقول: إن الوجود زائد على الماهية، فإنه كان أدخل في النظر والكلام من شيخه ] أي: أنه أكثر ولوغاً [ لكنه أكفر وأقل علماً وإيماناً، وأقل معرفة بالإسلام وكلام المشايخ، ولما كان مذهبهم كفراً كان كل من حذق فيه كان أكفر، فلما رأى أن التفريق بين وجود الأشياء وأعيانها لا يستقيم، وعنده أن الله هو الوجود ولا بد من فرق بين هذا وهذا، فرق بين المطلق والمعين ].
ثم ذكر شيخ الإسلام خلاصة مذهبه فقال: [ فعنده أن الله عز وجل هو الوجود المطلق الذي لا يتعين ولا يتميز ] تعالى الله عمّا يزعمون [ وأنه إذا تعين وتميز فهو الخلق سواء تعين في مرتبة الإلهية أو غيرها ].
هذا القول نتيجة للتعطيل الذي قال به الجهم بن صفوان وأتباعه، فإنهم لما نفوا عن الله عز وجل الذات والصفات والأفعال، ما بقي في أذهانهم وفي تصورهم عن الله إلا مجرد الوجود المطلق في الأذهان، والوجود المطلق خلاف الواقع، وخلاف الوجود الفعلي، الوجود المطلق هو مجرد ما تتوهمه العقول، ومجرد ما تتصوره الأذهان، وعلى هذا فإن الأمر يرجع إلى الإلحاد، ثم إلى وحدة الوجود، فإن هذا الرجل حينما قال بالوجود المطلق، قال: إن الوجود المطلق لا يتعين ولا يتميز، وهذا في الجملة ينطبق على الأوهام، فالأوهام لا تتعين ولا تتميز، ثم قال: (وأنه إذا تعين أو تميز فهو الخلق) يعني: حكم بأن الله عز وجل هو هذا الخلق.
وأما النوع الثاني: وهو الوجود المطلق، ما دام لم يتميز بوجود، فإنه مجرد الخيال، فالله عنده على تصورين: أن يكون خيالاً، وهذا أمر تنفيه العقول والفطر، أو أن يكون هو هذا الوجود، هذه خلاصة مذهب الفخر الرومي ، نسأل الله العافية، ثم بعد ذلك رد الشيخ على هذه المقالة.
أقول: ليس المقصود هنا أن نتعرف على هذه الزبالات من أوهام البشر، نسأل الله السلامة والعافية، إنما المقصود أن نعرف حقيقة هؤلاء؛ لأنهم فُتن بهم عدد كبير من المسلمين قديماً وحديثاً؛ ولأن أصحاب رايات الاتجاهات الحديثة من العصرانيين والعقلانيين وأهل الأهواء الذين تشبّثوا بما يسمى بالحداثة والأدب وغير ذلك، وكذلك كثير من المتصوفة لا يزالون يتعلقون بهؤلاء الملاحدة، ويعطونهم صفات الولاية والتعظيم، ويصفونهم بأنهم فلاسفة الإسلام، ويعلّقون أذهان شباب الأمة بهم، وعلى أنهم القدوة، وأنهم يعتبرون من مفكري المسلمين.. إلى آخر مما تعرفونه من صفات التبجيل والتعظيم والتعلق بأفكارهم، لا سيما عند الحداثيين، وما أدراكم ما الحداثيون، فإنما هم الآن شجىً في حلق الأمة، وأصبح كلامهم وأدبهم ومقالاتهم تسير بها الركبان عبر وسائل الإعلام، وعبر الكتب والمؤلفات والمؤسسات الأدبية، ولذلك افتتن بهم عدد كبير من أبناءنا وأجيالنا؛ فلذلك احتجنا أن نقف عند حقيقة هؤلاء؛ ليتبصر طالب العلم ويعرف حقيقة مذاهبهم التي هي الكفر والباطل المحض كما سترون.
أما التلمساني ونحوه ففلسفته إلحادية، لكنه قد يختلف في التعبير عن غيره كأي واحد منهم، كل واحد له في التعبير عن الإلحاد أسلوب خاص به، قال شيخ الإسلام : [ وأما التلمساني ونحوه فلا يفرق بين ماهية ووجود ولا بين مطلق ومعين، بل عنده ليس هناك سوى ولا غير بوجه من الوجوه ] أي: أنه ليس هناك في الوجود المطلق إلا الله، فهو يوافق ابن عربي ، لكن بتعبير آخر، قال: [ وإنما الكائنات أجزاء منه وأبعاض له -تعالى الله عما يزعم- بمنزلة أمواج البحر في البحر، وأجزاء البيت من البيت ] إلى آخره، ثم ذكر الشيخ شعراً لهم في ذلك.
إذاً: هؤلاء يتسابقون في الإلحاد، فكل واحد منهم يحاول أن يمعن أكثر من صاحبه في التعبير عن الإلحاد، بما يملك من قوة البيان والقدرة، نسأل الله السلامة، بل يتسابقون إلى التصريح بالإلحاد والفوضى في العقيدة.
قال رحمه الله تعالى: [ واعلم أن هذه المقالات لا أعرفها لأحد من أمة قبل هؤلاء على هذا الوجه ] يعني: هذه المقالات في شناعتها وإلحادها وكفرها لا تعرف لأحد من أمة قبل هؤلاء على هذا الوجه، ثم استدرك وقال: [ ولكن رأيت في بعض كتب الفلسفة المنقولة عن أرسطو أنه حكى عن بعض الفلاسفة قوله: إن الوجود واحد ورد ذلك ] أرسطو مع أنه فيلسوف وثني ملحد رد هذه المقولة؛ لأنها لا تعقل، مقولة: أن الوجود هو الله، قال: [ وحسبك بمذهب لا يرضاه متكلمة الصابئين ] يقصد أرسطو ، ثم قال: [ وإنما حدثت هذه المقالات بحدوث دولة التتار ] ثم ذكر أنواع الحلول وليس لنا مصلحة منها؛ لأنها مقالات مجردة، وكلها تئول إلى الكفر.
يقول رحمه الله تعالى: [ فصل مذهب هؤلاء الاتحادية كـابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني مركب من ثلاثة مواد ] المقصود أصول هؤلاء الفلاسفة تقوم على ثلاثة أصول كلها باطلة:
أولاً: [ سلب الجهمية وتعطيلهم ]. سلب الجهمية تصريح بنفي الذات والأسماء والصفات لله عز وجل، والأفعال، والنفي المطلق لذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله من ضرورياته الإلحاد المطلق؛ لأن الذي ليس له وجود ولا أسماء ولا صفات ولا أفعال هذا إنما هو وهم في الأذهان لا حقيقة له، وكل حقيقة لا بد أن تقبل الوصف، بل كل موجود لا بد أن يقبل الصفات، ولو لم يأت بالوصف الموجود إلا صفة الوجود لكانت هذه كافية بأن تثبت لله صفة واسماً، لكنهم مع ذلك أنكروا جميع ذلك.
إذاً: (سلب الجهمية وتعطيلهم) أي: إنكارهم وإلحادهم أدى إلى فتح الباب لهذه المقالات الإلحادية التي قال بها ابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني والسهروردي المقتول ومن سلك سبيلهم.
ثانياً: [ مجملات الصوفية ] أي: تعبيرهم بالتعبيرات الفضفاضة المجملة التي تحتمل الحق والباطل، تحتمل إلحاداً ويقلبونها إلى الحق بزعمهم.
[ مجملات الصوفية: وهو ما يوجد في كلام بعضهم من الكلمات المجملة المتشابهة، كما ضلت النصارى بمثل ذلك فيما يروونه عن المسيح، فيتبعون المتشابه ويتركون المحكم، وأيضاً كلمات المغلوبين على عقلهم الذين تكلموا في حال السكر ] وهذه في الحقيقة تحتاج إلى وقفة في وقتها إن شاء الله، عندما نصل إلى الكلام عن العباد الأوائل الذين ارتكزت عليهم الصوفية، ومن خلال تتبع بعض مذاهب العبّاد في القرن الثاني والثالث قبل أن تسمى هذه المذاهب صوفية، نجد أن هؤلاء العبّاد المتهمون في عقيدتهم تظهر على ألسنتهم عبارات إلحادية مقننة، ترجع إلى مذاهب إلحادية، وليست عبارات ساذجة، فهذه هي التي سماها الشيخ: كلمات المغلوبين على عقلهم؛ لأنه عندما ذكر إلحادياتهم قال: لعلهم قالوا ذلك بسبب كثرة الجوع والسهر حتى أصابهم خلل في العقول، ومعروف أن الإنسان إذا قتر على نفسه في الأكل والشرب ثم سهر كثيراً، فإنه يصاب بشيء مما نسميه في عصرنا الهستريا، فهي تؤدي إلى أن الإنسان أحياناً يخبط في الكلام بما لا يعلم، ويتخيل أشياء، ويكون عنده نوع من الخروج عما تقتضيه العقول، فهؤلاء القوم أثناء وقوعهم في هذه الحالة الهسترة تحصل منهم أفعال وأقوال إلحادية كفرية، فهذه التصرفات والأقوال الإلحادية الكفرية، بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حملها على أنهم أتوا بها بسبب الخلل في عقولهم وبسبب الحالات العارضة، وأنهم غير محاسبين، وآخرون من السلف قالوا: لا، هؤلاء لو قالوا مجرد كلمات مثل هذيان الناس لقلنا ربما نعذرهم، لكنهم أتوا بكلمات إلحادية مقننة، ولو قلنا: إنها من اللا شعور كما يقولون، فكيف جاءت؟ فالإنسان إذا هذى لا يهذي إلا بما يعلم أو بأمور لا تنطبق، ما تحمل قواعد ولا تحمل أصولاً فلسفية، مثل قول رابعة العدوية : والله لا أعبدك حباً لجنتك، ولا خوفاً من نارك. فهذه فلسفة ليست مجرد أنها أصيبت بالهستريا.
كذلك قول أحدهم: لماذا تخافون من النار؟ ما هو إلا أن أضع عليها خيمتي فتنطفئ هذه فلسفة ليست مجرد كلمة ثابتة.
كذلك قول أحدهم عن نفسه: سبحاني ما أجل شأني. يقصد نفسه.
ثم ذكر بعد ذلك المقطع الثالث قال: [ ومن الزندقة الفلسفية التي هي أصل التجهم ].
ذكر سلب الجهمية والتعطيل، ثم مجملات الصوفية، ثم الزندقة الفلسفية، يعني: ما أخذ على الفلاسفة، قال: [ التي هي أصل التجهم، وكلامهم في الوجود المطلق والعقول والنفوس والوحي والنبوة والوجوب والإمكان وما في ذلك من حق وباطل ].
وقد اختلطت هذه الزندقة الفلسفية في كثير من أصول المتكلمين، حتى متكلمة الأشاعرة والماتريدية، حينما تكلموا عن العقول والنفوس والوحي والوجود والإمكان خبطوا وخلطوا، وجاءوا بما يخالف أهل السنة والجماعة.
ثم قال رحمه الله تعالى: [ فهذه المادة أغلب على ابن سبعين والقونوي ، والثانية أغلب على ابن عربي ] يعني: مجملات الصوفية أغلب على ابن عربي ، والزندقة الفلسفية هي الأغلب على ابن سبعين والقونوي .
ذكر الشيخ فلسفة لـابن عربي تدل على مدى خبثه وإلحاده نسأل الله العافية، فقد ذكر معنى من المعاني التي قال بها ابن عربي في (الفصوص) وهي من المعاني الإلحادية، قلب فيها الحق بالباطل، وهذا مما فتح لعباد القبور وعباد الأوثان والأصنام في الأمة الذين يعبدون غير الله، أو يلجئون إلى غير الله من الموتى، والأحياء، وما يسمونهم أولياء، والأشخاص، والأحجار، والأشجار، والوزارات، والمشاهد، والآثار وغير ذلك.. كل ذلك يرجع إلى مثل قول ابن عربي قال: [ وذكر -أي ابن عربي - أن إنكار الأنبياء على عباد الأصنام إنما كان لأجل التخصيص ] هذا كلام مجمل مبهم، يشرحه ما بعده، [ وإلا فالعارف المكمل من عبده في كل مظهر، وهو العابد والمعبود، وأن عباد الأصنام لو تركوا عبادتهم لتركوا من الحق بقدر ما تركوا منها، وأن موسى إنما أنكر على هارون لكون هارون نهاهم عن عبادة العجل ] انظروا إلى قلب الحقائق، فقد جعل التوحيد شركاً والشرك توحيداً، وجعل إنكار موسى لهارون كأنه قال لهارون: لماذا لم تتركهم يعبدون العجل؟ وهذا مخالفة صريحة لصريح القرآن، فهل بعد ذلك متأول لمثل هذا الرجل؟ سبحان الله! [ وأن موسى إنما أنكر على هارون لكون هارون نهاهم عن عبادة العجل؛ لضيق هارون، وعلم موسى بأنهم ما عبدوا إلا الله ] تعالى الله عما يزعمون، يعني: حينما عبدوا العجل ما عبدوا إلا الله، هذا مذهب ابن عربي ؛ لأنه يرى أن الله هو كل هذه الموجودات بما فيها العجل، بل صرّح -نسأل الله العافية- بأن ربه يتمثل في حيوانات خسيسة ذكرها في شعره، ولم يتورع عن ذلك، إلى آخر كلامه.
هذا أصل من أصول ابن عربي ، وهو من الأصول التي سهّلت الشرك عند غلاة الصوفية وعباد القبور والأوثان.
ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن، وقد كمل سوى موضع لبنة فكان صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة، فزعم ابن عربي أن الباقي من الحائط ثنتان من اللبن وليست واحدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أدرك هذه الحقيقة، وأن اللبنة الأولى هي محمد صلى الله عليه وسلم، واللبنة الثانية خاتم الأولياء وهو بعد ذلك زعم لنفسه أنه هو خاتم الأولياء.
انظروا كيف أراد أن يقر الناس أنه خاتم الأولياء، فقال: الصحيح أن الباقي لبنتان وليست واحدة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما رآها إلا واحدة؛ لأنه ما رأى إلا الظاهر، أما اللبنة الثانية فهي باطنة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك ذلك، واللبنة الثانية هي خاتم الأولياء.
ثم بنى على هذه الخيالات والأوهام أحكاماً كثيرة، زعم أن الولي أفضل من النبي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخذ عن جبريل، والولي أخذ ممن أخذ عنه جبريل، هكذا زعم، فمما قال عن خاتم الأولياء: [ فإنه آخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ] أي: أن الولي وخاتم الأولياء لا يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى جبريل أيضاً، هكذا زعم، وهذا ما جعله يصنف كتبه على أنها وحي وأنها بمثابة القرآن.
ثم ذكر أنه كان ولياً وآدم بين الماء والطين، قال: [ وكذلك خاتم الأولياء كان ولياً وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان ولياً إلا بعد تحصيله شرائط الولاية، من الأخلاق الإلهية والاتصاف بها، من أجل كون الله يسمى بالولي الحميد ].
ثم زعم وقال: [ وخاتم الأولياء الولي الوارث، الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب، وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ] بعد قليل سيتنازل عن هذا ويرى أن الولي فوق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي هو نفسه حسنة من حسنات الولي، وهذا من التخليط واستدراج القراء، قال: [ مقدم الجماعة، وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة، فعين بشفاعته حالاً خاصاً ما عمم؛ وفي هذه الحال الخاص تقدم على الأسماء الإلهية ].
ولاحظوا هنا الجرأة على الله عز وجل، يقول: [ فإن الرحمن ما شفع عند المنتقم في أهل البلاء إلا بعد شفاعة الشافعين، ففاز محمد بالسيادة في هذا المقام الخاص ] جعل فعل النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته والشفاعة مطلقاً أعظم من اسم الله عز وجل الرحمن.
ثم قال: [ فمن فهم المراتب والمقامات لم يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام ].
ثم رد عليه شيخ الإسلام برد واف، رد عليه بالنصوص الشرعية، وبالمحاجة العقلية من وجوه كثيرة، وكل وجه يكفي لرد هذا الكلام.
ثم أخيراً: نقف على كلام للشيخ رحمه الله ذكر فيه وجوه كفرهم، فمن أراد أن يستفيد ولا أنصحه بأن يدخل في هذه المتاهات، فليرجع إلى الردود، لكن يمكن للواحد أن ينظر إلى أصول الردود الأول والثاني إلى آخره دون أن يتمعّن أو يتعمق، فلا أنصح بالتعمق في مثل هذه المسائل بأكثر من أخذ الأصول والمناهج ومواطن العبرة، نسأل الله السلامة والعافية.
القول الفصل في ابن سينا وحكم تسمية مسجد باسمه
الجواب: ابن سينا باطني ملحد إسماعيلي، وهو يذكر ذلك عن نفسه، وأنا أتعجب من جهل الناس بمثل هذه الحقائق مع أنها واضحة، فـابن سينا فيلسوف ملحد باطني إسماعيلي لا نحتاج أن نتناقش في أمره، وليس من المسلمين، بل هو من هذه الطائفة المعروفة بالكفر باتفاق المسلمين الذين يعرفون أحواله.
أما من سمى مسجداً باسمه فينبغي أن ينصح بأن يغير هذا الاسم، لا يسمى المسجد ولا غير المسجد باسمه، حتى المدارس ينبغي أن تُنصح الجهات المسئولة، والمؤسسات التي تسمى باسم ابن سينا
يجب أن تنصح وتبلّغ بالأمر، يقال لهم: ابن سينا كافر ملحد؛ بموجب ما صدر عنه.
وبعض الناس يقول: إنه تاب، والله أعلم بتوبته، والذي أعرف أنه تاب من الفجور الذي اشتهر عنه، لما أُصيب بأمراض معضلة ما استطاع أن يمارس فجوره، فقيل: إنه تاب، أما أنه تاب عن أفكاره فأنا ما أعرف هذا، وقد قرأت كثيراً ممن كتبوا عن توبة ابن سينا ما قصدوا التوبة من أفكاره، بل هؤلاء الذين قالوا بتوبته لا يرون أن هناك من أفكاره وعقائده ما يتوب منها، إنما اشتهر عنه الفسق والفجور وشرب الخمر وأمور معروفة حتى إنه ذكرها عن نفسه، فحينما كبرت سنه وضعفت قواه ومرض تركها، فقالوا: تاب، ولعله تاب، ونحن لا نحول بينه وبين التوبة إن تاب، لكن الكلام عن تعلق الناس بأفكاره وفلسفته، لا بنفسه، هذا إن كان تاب من عقيدته الفاسدة، والله أعلم بحاله.
فإذاً: مثل هؤلاء حتى وإن تابوا ما ينبغي أن تعلق الناس بأشخاصهم؛ لأنه لا يعرف عن ابن سينا إلا كتبه وأفكاره وقصائده التي فيها الإلحاد والكفر.. وغير ذلك مما هو مشهور عنه.
استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [19] | 3145 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [9] | 3043 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [11] | 2795 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [20] | 2582 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [12] | 2431 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [5] | 2404 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [17] | 2355 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [7] | 2178 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [6] | 2039 استماع |
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية [3] | 2010 استماع |