خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [20]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل إطلاق اسم (الشهيد) على الله سبحانه وتعالى من باب وصف الفعل؟
الجواب: هذا اسم من أسماء الله تعالى، لكن يتضمن وصف الفعل.
السؤال: هل من الممكن أن يرى الله تعالى في المنام في الدنيا، وهل صحت رؤية الإمام أحمد كذلك؟
الجواب: رؤية الله في المنام ليست رؤية حقيقية، لا هي من مثل رؤية المؤمنين ربهم في الجنة، ولا هي من مثل رؤية الناس لربهم في المحشر، ولا هي من مثل رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في المعراج، ولا هي رؤية قلبية ولا رؤية عينية، إنما هي أضغاث أحلام، فإذا رأى الإنسان ربه في المنام، أو ادعى أنه رأى ربه فلا يصدق ولا يكذب، فربما تضرب له الأمثال، فالله سبحانه وتعالى قد يضرب لعبده مثلاً من باب الموعظة أو الرؤيا الصالحة، وأحياناً من باب الفتنة، فيبدو له في منامه أنه رأى ربه، وهذا مثل يضرب وليس رؤية حقيقية كبقية الأحلام، فالإنسان قد يحلم بأنه رأى يوم القيامة والمحشر وأنه رأى الجنة، لكن هذه أمثال تضرب، فهو لم ير الجنة على حقيقتها ولا على قريب من حقيقتها، وقلبه لم يقرب من الحقيقة، فكذلك رؤية الله في المنام أمر لا يقرر على أنه رؤيا حقيقية.
إذاً: فالخلاف فيها لا ثمرة له؛ لأنها أحلام، والأحلام لا حجر عليها، ومع ذلك ينبغي أن يتنبه إلى أنه قد يبدو الشيطان للإنسان في منامه على أنه هو الله، وهذا مما يفتن به أهل البدع، يتدرج بهم الشيطان فيزعم أنه ربهم، ونظراً لعدم فقههم في الدين، ولتأسيسهم دينهم على البدع؛ قد يشرع لهم الشيطان ويأمر وينهى على أنه هو ربهم، وقد يرون عرشاً على الماء، كما رأى ابن صياد ، فيظنون أنه عرش الرحمن، وقد يرون جالساً على العرش وهو الشيطان، ويظنون أنه الرحمن، فهذه أمور كلها من باب الدجل، وهي فتنة لضعاف الدين ولأهل البدع، ومسألة أن الإمام أحمد رأى ربه وردت، لكنها محمولة على أنه رآه في الحلم، وليست رؤية حقيقية، لا قلبية ولا عينية.
السؤال: أليس القول والجدل في رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه من الترف العلمي الذي لا فائدة فيه؟
الجواب: لا، ليس من الترف العلمي، فكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المعراج حق ولابد من الإيمان به، وتبقى مسألة الخلاف في هل هي رؤية عينية أو قلبية، فهذه من المسائل التي يسع الناس الاختلاف فيها، لكن هل لها ثمرة في الاعتقاد؟ الجواب: لا، فلا فرق بين أن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده -وهذا هو الراجح- وبين أن نقول: إنه رآه بعينه، والله سبحانه وتعالى قادر على ذلك، وإن كان هذا القول ضعيفاً وشاذاً فالرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج رأى ربه في حالة خرق الله بها نواميس الكون، وليست على قواعد سنن الله في الكون، فلذلك صارت معجزة، ولولا هذا ما صارت من المعجزات الكبرى للنبي صلى الله عليه وسلم.
السؤال: كيف نجمع بين قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، وما روي من أن الله يخرج من النار برحمته أقواماً لم يعملوا خيراً قط؟
الجواب: أولاً: قاعدة: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] سليمة ليس عليها مأخذ، وكون الله سبحانه وتعالى يأخذ قبضة من أهل النار فيخرج منهم من لم يعمل خيراً قط بعد أن تنتهي شفاعة الشافعين ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين مسألة توقيفية لا تخرق القاعدة الأولى، بمعنى أنه قد يكون هؤلاء ممن لم يعملوا خيراً قط، لكنهم ليسوا بمشركين، أو أن هؤلاء ما خرجوا باستحقاق يستحقونه، إنما برحمة الله سبحانه وتعالى وليس بالمغفرة، والرحمة غير المغفرة، وهناك توجيهات أخرى، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يحتمل أن الذين يخرجون من النار أناس من ذريات المشركين، أو ممن تابوا في آخر لحظة ولم يعملوا خيراً قط، وماتوا على أمر هو أقرب إلى الكفر، لكنهم استأنفوا حياة جديدة في حال الغرغرة، وغير ذلك من المعاني التي استنبطوها، وعلى أي حال فهذا بأمر الله وبقدرة الله، ولا تعارض بين هذا وذاك.
السؤال: الحكم على المعين بالنار يقع فيه الكثير، فمثلاً يقولون: فلان كافر أو هو في النار، فهل هذا جائز؟
الجواب: إذا كانوا قصدوا معيناً، فالمعين إذا كان كافراً خالصاً كاليهودي والنصراني والمشرك يقال: إنه من أهل النار، لكن ليس على سبيل الجزم، وهناك فرق بين الحكم وبين الجزم، فنحن نحكم بأن الكافر من أهل النار، فإذا مات يهودي نقول: هذا اليهودي مات كافراً وهو من أهل النار، لكن لا نجزم، لا نشهد شهادة قطع، أما الحكم العام على جملة الكفار وأفرادهم دون الجزم واليقين فهذا جائز، والحكم على جملة الكفار والمشركين بأنهم في النار أمر قاطع، لكن على أعيانهم لا يجوز القطع وإن جاز الحكم العام دون جزم، فهذا أمر معلوم؛ لأن الكافر ورد أنه من أهل النار، فنقول هذا القول، فإذا مات فلان من الناس على الكفر فنقول: إنه من أهل النار، لكن لا نجزم بذلك، ففرق بين الجزم وبين الحكم، وهذا فيمن مات، أما من كان حياً فربما يتوب ويسلم.
السؤال: هل يوصف العلمانيون بأنهم منافقون وكفار؟
الجواب: العلمانية مصطلح جديد، وهو يجمع بين صفات الكفر والنفاق، فمن العلمانيين من هو كافر يعلن كفره، كرموز العلمانيين المشاهير الذين يعلنون كفرهم، وليس في هذا تردد، ولو وصفناهم بغير الكفر لما رضوا هم، بل إنهم يمقتون الانتماء للإسلام، فكيف يرضون بأن ينتموا للدين؟! وهناك طائفة من العلمانيين والحداثيين وغيرهم دون ذلك، فالعلمنة حالة من رفض الدين أو جزء من الدين، فالرفض الكلي للدين كفر، والرفض الجزئي للدين حالة من حالات العلمنة قد تكون خصلة من خصال النفاق، وقد تكون نفاقاً خالصاً، لكن لا نستطيع أن نحكم به.
إذاً: فالعلمانيون درجات، وأقرب الصفات للعلمانيين هي صفات النفاق، لكن العلماني المعلن للكفر كافر، لا يقال: إنه منافق خالص؛ لأن المنافق لا يحكم بكفر بعينه إلا بدليل قاطع.
السؤال: من مات مصراً على الشرك الأصغر هل يدخل الجنة؟
الجواب: الشرك الأصغر كبيرة، وهناك من أنواع الشرك الأصغر ما يلحقه بعض أهل العلم بالكفر، لكنه كفر غير مخرج من الملة، فإذا كان مخرجاً من الملة فهو شرك أكبر، فالكفر الأصغر أو الشرك الأصغر إذا قصد به الكبيرة التي لا تصل إلى التكفير فحكم صاحبه حكم أهل الكبائر.
السؤال: قلتم: ليس للأفراد إقامة الحدود، فكيف نجيب عن إقامة بعض الصحابة حد السحر في بعض السحرة، كما ذكر ذلك الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد؟
الجواب: الحدود لا تقام إلا من قبل سلطة تقيمها، والسلطة أنواع، فمنها سلطة يملكها إنسان مفوض من قبل ولاة الأمر أو من قبل أهل الحل والعقد، كإنسان محتسب أو مسئول عن بلد أو عن إقليم، أو هو أمير جيش مفوض في أن يقيم الحد نيابة عن الإمام الأكبر أو عن ولي الأمر أو عن السلطة العظمى، أما من عداه ممن لم يفوض من قبل ولي الأمر أو من قبل أهل الحل والعقد الذين لهم حق الطاعة على الأمة؛ فإنه لا يجوز له أن يقيم الحد الشرعي بنفسه، أما ما دون ذلك من التعزيرات فهذه مسائل فيها خلاف كبير، وفيها كلام مفصل، فالفرد قد يملك أن يعزر بعض التعزيرات في أبنائه أو من يعوله، أو في الذين تحت إدارته وسلطته، والتعزيرات درجات، منها ما يتعلق بالحق العام، ومنها ما يتعلق بالحق الخاص، ومنها ما يتعلق بالذنوب والأخطاء الشخصية، ومنها ما يتعلق بالأموال والأعراض وغير ذلك.
المهم أن إقامة الحد الأكبر الذي هو حد من حدود الله لا يملكه إلا السلطان، كحد الزنا وحد السرقة وحد الحرابة ونحو ذلك، فهذه الحدود لا يقيمها إلا السلطان أو من ينوب عنه أو من فوض من قبل أهل الحل والعقد.
السؤال: قلت: إن (لِمَ) و(كيف) إذا كانت للاستزادة من العلم فلا بأس، فهل من ذلك قول بعض الناس في القرآن: لو كان بدل هذه الكلمة هذه الكلمة الأخرى لكان كذا؛ لأن ذلك منتشر عند المفسرين المهتمين بالناحية اللغوية؟
الجواب: السؤال: بـ(لِمَ) و(كيف) عن الأحكام، والتماس علل التشريع، وعمَّا يمكن أن تدركه أفهام البشر من النصوص جائز، وأما إذا كان السؤال عن أمر يتعلق بالأمور التوقيفية، مثل كلام الله تعالى وترتيب سوره وآياته وغير ذلك؛ فهذا أمر توقيفي لا يجوز السؤال عنه، بحيث يقال: لم كانت الآية الفلانية في موضع كذا؟ إلا على سبيل التماس العلة، وتبقى القناعة والتسليم على كمالهما، أما إذا اختلت القناعة والتسليم فلا يجوز هذا السؤال.
كما أن السؤال بـ(لِمَ) و(كيف) إذا كان فيما يتعلق بأمور الغيب، أو في النصوص المتعلقة بأمور الغيب أو القدر؛ لا يجوز كذلك.
إذاً: (لم) و(كيف) لا يجوز الاستفهام بهما إلا في حالة واحدة، وهي الاستفصال عما يمكن أن تدركه أفهام المخاطبين أو أفهام الذين يطلعون على النصوص، وهم درجات، منهم الراسخون في العلم، ومنهم أهل الذكر، ومنهم دون ذلك، فالسؤال لمن يستطيع الجواب جائز بـ(لم) و(كيف)، أما على سبيل التشكيك أو سبيل الاعتراض أو على سبيل التعجيز فهذا لا يجوز.
السؤال: المعلوم من مذهب الباطنية أنهم يؤلهون علياً ، فما هو التوجيه السليم لتخصيص الغلو ببعض الباطنية؟
الجواب: الباطنية ليست فرقة واحدة ولا مذهباً واحداً، والباطنية تطلق في الدرجة الأولى على باطنية الرافضة وما تفرع عنها فيما بعد، كالإسماعيلية والدروز والعلويين والنصيرية والقرامطة والصفوية وغيرهم.
استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [68] | 3357 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [43] | 3122 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [64] | 3029 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [19] | 2989 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [31] | 2852 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [23] | 2846 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [45] | 2829 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [80] | 2792 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [92] | 2782 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [95] | 2755 استماع |