الإيمان


الحلقة مفرغة

يحذرنا الله عز وجل في مطلع هذا السياق القرآني من الأيمان الكاذبة، سواء أكانت أثناء التعامل مع أهل الإيمان لأن هذه خديعة، أو مع أهل الكفران لأنه صد عن سبيل الله، وهذه الجريمة موجبة لعذاب الله؛ وهي كذلك تدل على خسة صاحبها، وإلا كيف بعاقل أن يؤثر الفاني على الباقي، ويخسر الداني لأجل الذاهب، وذلك بأن يشتري بعهد الله الثمن القليل، فتزل قدمه عن سواء السبيل، ولذا فإن أهل الإيمان قد ركبوا أفراس العمل الصالح وتسلحوا بأنواع الصبر على الطاعات والمكاره حتى ظفروا بسعادة الدارين، ونالوا أجر أحسن الحسنيين.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إخواني في الله: الحمد لله الذي جمع قلوبنا بالقرآن، وألف بين أرواحنا بالطاعة والإيمان.. الحمد لله الذي خشعت له قلوبنا، وذلت له رقابنا، وتعفَّرت بالسجود له جباهنا.. الحمد لله الذي لم يجعل سجودنا لحجر ولا لشجر ولا لمدر ولا لبقر ولا لقبر.. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. الحمد لله كالذي نقول، والحمد لله خيراً مما نقول.

إنه الإيمان، أن تعبد الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وتخشى عذاب الله، تعيش به حميداً، وتموت به قرير العين سعيداً، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)، وقال سبحانه وتعالى: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس:25-27].

إنه الإيمان الذي غفر الله به الذنوب والعصيان.. إنه الإيمان الذي أخرج أصحابه بالروح والريحان، ورب كريم راضٍ غير غضبان، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله تعالى: ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته) الله أكبر! ما أعظم مقام أهل الإيمان عند العظيم الرحمن!

إنه الإيمان الذي بشر الله أهله بالخير والرحمات والجنان، فقال سبحانه وتعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223] بشر المؤمنين بالرحمات، وبشرهم بالعفو والمكرمات، ويقول مخاطباً نبيه عليه من الله جميل الصلوات: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً [الأحزاب:47].

والإيمان له أمارات، وله علامات وغايات وثمرات، فهو قول باللسان، واعتقاد في الجنان، وعمل صالح في الجوارح والأركان، أما القلوب فأسكنت التوحيد لله علَّام الغيوب، أما القلوب فإنها أسلمت لله ولم تسلم لأحد سواه، أن تعلم علم اليقين أن لا خالق إلا الله ولا رازق سواه، خلق الإنسان من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، فسبحان من علمك وأنت في أصلاب الرجال وترائب النساء!

سبحان من خلقك وصورك وأنت في الظلمات في ذلك الظلام من الأرحام، فلا طعام ولا شراب ولا كلام، ولا يسمعك ولا يراك إلا هو سبحانه العلَّام!

سبحانه ما أحكمه!

خلق الإنسان فصوره وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين، ما من شيء في الوجود إلا وهو دليل على أنه الواحد المعبود.

توحيد الله في ربوبيته

أن توحده في ربوبيته، إياك أن تظن أن الطبيعة أوجدت، أو أن الصدفة قد خلقت، أيُّ طبيعة يزعمون، أُفٍ أُفٍ لهم وما يفترون، فليخرس الأدعياء، ما كانت الطبيعة رازقة، وما كانت يوماً من الأيام موجدة ولا خالقة، الله خالقنا، الله رازقنا، الله ربنا، لا إله لنا غيره.

هو الذي بث الأرواح في أجسادها، خلق الخلق فأحصاهم عددا، وقسم أرزاقهم فلم ينس منهم فردا، ما كانت الطبيعة يوماً من الأيام رازقة، بل الله هو الرزاق ذو القوة المتين وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات:56-57].

سبحانك يوم خلقت! سبحانك يوم كنا في العدم وأخرجتنا وأسبغت الآلاء والنعم! سبحان من خلق آدم بيده فشرفه وكرمه، وأسجد له ملائكته، خلق الإنسان من طين وجعل نسله في سلالة من ماء مهين. حملته أصلاب الرجال وغيبته ترائب النساء، وقذف في تلك الأرحام في ذلك البهيم من الظلام، والتقت النطفة على قدر قد كتبه الله لها فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات:23]، نعم القادر على خلقه، ونعم القاهر لكل شيء، الباسط للجميل من رزقه.

الله خالقنا وخالق كل شيء، جرت الشمس بقدرته، ونوّر القمر بقدرته، وأظلم الليل بقدرته، وأضاء النهار بعظمته، سبحان مدبر الوجود، سبحان الواحد المعبود، سبحان من له الملكوت والجبروت، الحي الذي لا يموت.

توحيد الله في ألوهيته

الله إلهنا، فإن نزلت بنا الشدائد وأحاطت بنا الصعوبات والمكائد فالله ملاذنا، والله معاذنا، والله حسيبنا من الإيمان، إذا نزلت بك المصائب وأحاطت بك الشدائد والكربات، أن تصدع إلى الله بصالح الدعوات، فلا مغيث ولا مجير سواه، ولا إله غيره ولا مجيب عداه.

سبحان من فتحت السماء أبوابها لرحمته! فكم من دعوة أجابها، وكم من كربة كشفها، وكم من هموم وغموم أزالها! سبحان من لا تحصى نعمه، ولا يكافأ فضله ولا كرمه!

امتلاء القلب بتعظيم الله وحبه وإجلاله

ومن الإيمان بالله: أن تملأ القلوب تعظيماً لله وإجلالاً له، فتعلم أن له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فهو العليم بخلقه لا تخفى عليه خافية، السر عنده علانية، أقرب إلى العبد من حبل الوريد، يعلم ولا يخفى عليه شيء، يحصي ويبدي ويعيد.

ومن الإيمان بالله: أن تملأ القلوب بالحب لله، ومن الإيمان بالله صدق الحب لله والشوق إلى رحمة الله، فإن المؤمنين على حب لله رب العالمين.

من علامة الإيمان حب العظيم الرحمن، وكيف لا تحبه وما من طرفة عين إلا وله النعم، وله الفضائل والمنن؟! ما من طرفة عين إلا وأنت ترفل في نعمه وفي جوده وفي فضله وكرمه.

الصبر على البلاء وشكر النعماء

ومن الإيمان بالله: أن تصبر على البلاء، وأن تشكر النعماء، وأن تعتقد الفضل لله رب السماء.

الصبر على البلاء من الإيمان بالله واحتساب الأجر عند الله عز وجل، فما صبر إلا من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، أعد للشدائد صبره، أعد للنكبات والفجائع والنائبات أعد لها الصبر واحتساب الأجر.

حسن الظن بالله والتوكل عليه

ومن الإيمان بالله: حسن الظن بالله والتوكل على الله سبحانه وتعالى، قال إبراهيم وهو بين السماء والأرض لجبريل وقد أتاه قائلاً: يا إبراهيم! هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، وأما إلى الله فحسبنا الله ونعم الوكيل، فقال الله: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]، من كمل إيمانه في الرخاء ذكره الله في الشدة والبلاء، فمن الإيمان بالله التوكل على الله وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23] .. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].

عمارة بيوت الله

إيتاء الزكاة والإحسان إلى عباد الله بالصدقات

ومن الإيمان بالله: إيتاء الزكاة والإحسان إلى عباد الله؛ بالصدقات، وتفريج النوائب والكربات، فمن كمل إيمانه كمل جوده وعطاؤه وسخاؤه، من كان مؤمناً بالله حقاً هانت عليه الدنيا وبذلها لآخرته، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر كفكف دموع اليتامى، ورحم البائسين والثكالى، واحتسب الأجر عند الله جل وعلا. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) فمن علامة المؤمنين أنهم يقولون خيراً أو يصمتون، أعفة في اللسان عن أعراض المسلمين، قولهم ذكر أو شكر يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً [الأحزاب:70] .. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:71].

سلامة اللسان واستقامة الكلام

من علامة الإيمان: سلامة اللسان واستقامة الكلام كما قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) لسانك يحرسه ويلزمه قلبك وجنانك، فإن كان قلبك يخاف الله كان ذلك اللسان عفيفاً عن عباد الله، وإن كان قلبك يخاف الله كان ذلك اللسان بعيداً عن عيوب عباد الله قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].

إذا كمل إيمان العبد حسن نطقه وسلم لسانه، فالإسلام أن يسلم المسلمون من يدك ولسانك، وزلات جوارحك وأركانك، كما قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).

استقامة الجوارح على طاعة الله

ومن علامة الإيمان استقامة الجوارح على طاعة الله، يوم يأخذ العبد بدين الله، يأخذ به كله لا ببعضه، فيستقيم على شريعة الله، ويلتزم بحدود الله، ويكون حافظاً لما أمر الله بحفظه، بعيداً عما نهى الله عن اقترافه، فمن كمال المؤمنين أنهم لحدود الله حافظين، ولمحارمه مجتنبين، فإذا كمل إيمان العبد كمل تقواه لله عز وجل، فكان إيمانه كاملاً بالاستقامة الحقة، يوم يلتزم بدين الله، ويتمسك بعروة الله، ويسير على نهج الله وطاعته، حتى إذا جاءه الموت كان ممن قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ * وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:30-33].

فإذا كمل إيمان العبد استقامت جوارحه على طاعة الله، وكان على منهج الله ومرضاته، إذا استقامت القلوب لله بالإيمان استقامت الجوارح والأركان بأطيب الخلال، وأجمل الخصال، فمن علامة المؤمنين أنهم على أكمل الأخلاق وأحبها وأحسنها وأجملها، قال صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً).

حسن الخلق

المؤمن كريم الخلال، جميل الخصال تجده على أكمل ما يكون عليه الرجل في كلامه، وفي فعله وإحسانه إلى الناس، يفشي السلام، ويطعم الطعام ويصل الأرحام، يكون على خير الخلال وجميل الخصال؛ لكمال إيمانه بالله الكريم المتعال.

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شمائل المؤمنين الكريمة؛ من العفو عمَّن زل لسانه أو زلت جوارحه وأركانه، واحتساب الأجر عند الله. المؤمن يعفو عمن ظلم، ويعفو عمن أساء، يحتسب الأجر عند الله في عفوه.

ومن كريم خلال المؤمنين وجميل خصالهم أمرهم بطاعة الله، ونهيهم عن حدود الله ومحارمه، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فيحيون شعائر الله، ويميتون شعائر أعداء الله، كل ذلك علامة للمؤمنين، ودليل صادق على حب الله رب العالمين.

أن توحده في ربوبيته، إياك أن تظن أن الطبيعة أوجدت، أو أن الصدفة قد خلقت، أيُّ طبيعة يزعمون، أُفٍ أُفٍ لهم وما يفترون، فليخرس الأدعياء، ما كانت الطبيعة رازقة، وما كانت يوماً من الأيام موجدة ولا خالقة، الله خالقنا، الله رازقنا، الله ربنا، لا إله لنا غيره.

هو الذي بث الأرواح في أجسادها، خلق الخلق فأحصاهم عددا، وقسم أرزاقهم فلم ينس منهم فردا، ما كانت الطبيعة يوماً من الأيام رازقة، بل الله هو الرزاق ذو القوة المتين وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات:56-57].

سبحانك يوم خلقت! سبحانك يوم كنا في العدم وأخرجتنا وأسبغت الآلاء والنعم! سبحان من خلق آدم بيده فشرفه وكرمه، وأسجد له ملائكته، خلق الإنسان من طين وجعل نسله في سلالة من ماء مهين. حملته أصلاب الرجال وغيبته ترائب النساء، وقذف في تلك الأرحام في ذلك البهيم من الظلام، والتقت النطفة على قدر قد كتبه الله لها فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات:23]، نعم القادر على خلقه، ونعم القاهر لكل شيء، الباسط للجميل من رزقه.

الله خالقنا وخالق كل شيء، جرت الشمس بقدرته، ونوّر القمر بقدرته، وأظلم الليل بقدرته، وأضاء النهار بعظمته، سبحان مدبر الوجود، سبحان الواحد المعبود، سبحان من له الملكوت والجبروت، الحي الذي لا يموت.

الله إلهنا، فإن نزلت بنا الشدائد وأحاطت بنا الصعوبات والمكائد فالله ملاذنا، والله معاذنا، والله حسيبنا من الإيمان، إذا نزلت بك المصائب وأحاطت بك الشدائد والكربات، أن تصدع إلى الله بصالح الدعوات، فلا مغيث ولا مجير سواه، ولا إله غيره ولا مجيب عداه.

سبحان من فتحت السماء أبوابها لرحمته! فكم من دعوة أجابها، وكم من كربة كشفها، وكم من هموم وغموم أزالها! سبحان من لا تحصى نعمه، ولا يكافأ فضله ولا كرمه!