خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/68"> الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/68?sub=33611"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
وصايا للمتخرجين
الحلقة مفرغة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المؤمنين والمؤمنات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله بالآيات البينات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله وسار على نهجه إلى يومٍ تتفطر فيه الأرض والسماوات.
أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في بداية هذا المجلس المبارك أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبله منا ومنكم، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، موجباً لرضوانه العظيم، وأن يجزي من تسبب في هذا اللقاء بخير وأفضل ما يكون به الأجر والجزاء، وشكر الله للشيخ: صالح فضله ونبله بالدعوة إلى هذا المجلس المبارك، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يرزقنا القول السديد والعمل الصالح الرشيد.
أيها الأحبة في الله: إن كان لي من كلمة فما أحوجنا جميعاً إلى أن نذكر نعمة الله علينا، وجليل فضله علينا، فقد أحسن إلينا سبحانه مع عظيم إساءتنا، وأكرمنا مع التقصير الذي يكون منا، فخيره إلينا نازل، وشرنا إليه صاعد.
الله أعلم كم أسبغ علينا من النعم، وكم دفع عنا من الشدائد والنقم، تحبب إلينا بالخيرات، وبسط يده آناء الليل وأطراف النهار بالخيرات والنعم التي لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، فاللهم لك الحمد كالذي نقول، ولك الحمد خيراً مما نقول.
إخوانكم من طلاب العلم أكرمهم الله بهذه النعمة العظيمة، فقرت عيوننا وعيونهم وعيون المسلمين حينما يسر لهم سبيل العلم وسهله، وبين لهم طريق العلم فهداهم إليه وحببه إلى قلوبهم. وقفوا اليوم بعد أن أكرمهم الله جل وعلا من قضاء الأعوام التي شرفهم وكرمهم بتعلم العلم فيها، فاليوم يقفون كما نقف جميعاً بعد كل نعمة من نعم الله علينا حامدين شاكرين ذاكرين لفضله وإحسانه معترفين.
التزام حمد الله سبحانه وتعالى وشكره
إخلاص العمل لله
المعاملة مع الله وذلك لا يكون ولن يتحقق للإنسان إلا بالإخلاص لوجهه الكريم.
نقفُ اليوم لكي نجدد إخلاصنا لوجه الله سبحانه وتعالى، ونعقد العزم أن ننصب وجوهنا لوجهه الكريم، لا لأي شيء سواه، فلا يزال الرجل بخيرٍ إذا قال قال الله، وإذا عمل عملاً لله جل جلاله، فمن عامل الله سبحانه، واطلع الله على قلبه فوجد فيه الإخلاص لوجهه، سهل له السبيل وأقام له الحجة، وبيَّن له الدليل وجعله من الأخيار، والأئمة الأبرار، فيخوض في رحماته آناء الليل وأطراف النهار.
الإخلاص! فلا يمسي الواحد ولا يصبح إلا وهو يعامل الله جل جلاله في أقواله وأفعاله.
تزيين العلم بالعمل
هتف العلم بالعمـل فإن أجابه وإلا ارتحل
فبركة هذا العلم وخيره أن ينتفع به صاحبه، وإذا أردت أن ترى العلم النافع فانظر إلى من ظهرت آثار العلم في وجهه ويده وأخلاقه وجميع فعاله، العلم كما أنه في الصدور يترجمه العبد الصالح بأقواله وأفعاله، حتى يكون من الأئمة الذين سمى الله في كتابه.
يحتاج العلم إلى عمل، ومن عمل بالعلم ورثه الله علم ما لم يعلم، جاء بعض التابعين إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكان يسألها ويستفيد منها، فأكثر عليها المسائل فقالت له ذات ليلة: [يا بني! أكل ما سألتني عنه عملت به؟ فقال: يا أماه! وأخذ يشكو التقصير وقلة العمل، قالت: أي بني! لم تستكثر من حجج الله عليك؟]، العلم إذا قرن بالعمل كان خيراً وبركة على صاحبه، وهذا هو الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم ربه، وهو العلم النافع، واستعاذ بالله جل جلاله من أن يحرمه بركة هذا العلم ونفعه، وذلك بزوال العمل، فكان يقول صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع، ومن علمٍ لا ينفع، ومن دعاء لا يسمع).
فكان يستعيذ بالله عز وجل من علم لا ينفع، العلم النافع: هو الذي كسر قلب صاحبه لله جل جلاله، العلم النافع الذي يزيد الإنسان قرباً من الله سبحانه وتعالى، وحباً في الله سبحانه وتعالى، لا يتعلم قليلاً ولا كثيراً إلا ازداد من العمل والقرب من الله سبحانه وتعالى، هذا هو العلم النافع الذي جعله الله للقلوب كالغيث للأرض الطيبة، تجد آثاره على جميع جوارح الإنسان، ولذلك قال إبراهيم النخعي واصفاً أئمة السلف الأخيار، الصفوة الأبرار: كان الرجل منهم إذا طلب العلم ظهرت آثاره في وجهه وخشوعه وركوعه وصلاته وسمته. كان العلم يراد للعمل، وعتب الله على بني إسرائيل حينما حُملّوا التوراة ولم يحملوها، وضرب لهم المثل كالحمار يحمل أسفاراً: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الجمعة:5].
من حرم العمل بالعلم مقته الله جل جلاله، فكبر مقتاً عند الله أن يقول الإنسان ما لم يعمل.
فلذلك ينبغي أن يفكر كل واحدٍ منا في هذه الأحكام والمسائل، والسنن والشرائع التي شرفه الله بها فعلمها، كيف يعمل بها؟ ويحاول أن يظهر هذا العلم في أخلاقه وشمائله وآدابه، والناس لا تنتظر الكلام بمثل ما تنتظر العمل والتطبيق، فالمتكلمون كثير، والمخلصون قليل، والعاملون أقل، فينبغي للإنسان أن يقرن علمه بالعمل.
ومما يعين على العمل بهذا العلم: استشعار أن الله سائل العبد عن هذا العلم، ولذلك بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسأل العبد يوم القيامة، ولا تزول قدمه من موقفه بين يدي الله حتى يسأل عن علمه ماذا عمل به.
فمن الأمور التي ينبغي أن نتواصى بها جميعاً، أن نظهر هذا العلم في أقوالنا وأفعالنا وشمائلنا وأخلاقنا، فإذا ظهرت آثار العلم على عبد الله الصالح وفقه الله وسدده، وجعله محل القبول عند الخلق: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].
من عمل بالعلم وضع الله له القبول، ووضع الله له المحبة، فأصبحت القلوب تقبل عليه، ووضع الله له الأثر في هذه القلوب، فأصبحت كلماته ومواعظه وجميع ما يكون منه من الدعوة إلى الله مؤثراً في القلوب، بفضل الله جل جلاله، الذي بيده القلوب يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالى.
العمل بالعلم يجعل الإنسان في انكسارٍ دائمٍ لله سبحانه وتعالى، ويجعله أيضاً في ربح من المتاجرة مع الله جل جلاله، وقد كان أئمة السلف أئمة في الأعمال، وأئمة في الأقوال، فجمعوا بين العلم والعمل، وكانت أخبارهم وأحوالهم وما يكون منهم مع الناس كافة، تدل على أثر هذا العلم في قلوبهم، فينبغي أن يحرص كل واحدٍ منا على العمل بالعلم.
دعوة الناس إلى العلم
فإذا أردت أن ترى من بارك الله له في علمه، ووفقه وسدده للقيام بحقه، فانظر إلى الذي لا يفتر ولا ينصب في تبليغ رسالة الله، وإقامة حجة الله على عباد الله، هذه هي الخيرية التي شهد الله بها لأوليائه المؤمنين، أن يدعوا إلى طاعته، ويحببوا في مرضاته، فيأمرون بأمره، وينهون عما نهى الله جل جلاله، فإذا بلغ الإنسان هذه المرتبة أحبه الله سبحانه، وقذف في قلوب العباد حسن الذكر له، ولذلك تجد للعلماء والأئمة من حسن القبول، ودعاء الناس، والهيبة في قلوب الناس، ما لا يمكن للإنسان أن يحصيه أو يصفه؛ والسبب في ذلك بعد فضل الله جل جلاله، بما كان منهم من الخير، وما نشروه من رسالة الله، وبلغوه من أمانة الله، فكان من شكر الله لسعيهم أن وضع لهم القبول بين عباده، فتجد الناس تذكرهم بالجميل، وتثني على ما كان منهم من عملٍ صالحٍ جليل. وانظر! إلى أئمة السلف ودواوين العلم، كيف عطر الله سيرتهم في الحياة وعطرها بعد الممات، فماتوا وما ماتت علومهم، وماتوا وما ماتت مآثرهم، وما كان منهم من خير ودعوة إلى صلاحٍ وبر، نسأل الله العظيم أن يلحقنا بهم غير خزايا ولا مفتونين ولا مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك وهو أرحم الراحمين.
الاستكثار من العمل الصالح
هكذا يكون الإنسان بينه وبين الله صدقات خفية.
وهذا شعبة بن الحجاج بن الورد الإمام الذي يقول فيه سفيان الثوري رحمه الله: كان شعبة أمير المؤمنين في الحديث. وكان يهابه ويجله، وفعلاً كان خليقاً بهذا الخير، كان رحمه الله لا يرد سائلاً سأله، حتى إنه دخل عليه رجل وبكى واشتكى أن دابته قد فقدت منه، فسأله: كم قيمتها؟ قال: ثلاثة دنانير، فأدخل يده في جيبه، وقال: هذه ثلاثة دنانير والله لا أملك غيرها!!
وكانوا رحمهم الله يضحون ويبذلون، منهم من كان يخرج عن ماله، ومنهم من كان يتصدق بنصف ماله؛ لأن العلم إذا كسر القلوب لله جل جلاله، لم يبالِ الإنسان بالدنيا جاءت أو ذهبت، والذي ضرنا ركوننا إلى الدنيا، فالأعمال الصالحة الخفية تعلم الإنسان الإقبال على الله سبحانه وتعالى، وتزيد من المعاملة الرابحة ولعله أن يصيب دعوة تكون مستجابة عند الله سبحانه وتعالى، وقل أن تجد عالماً يجمع بين العلم والإحسان إلى الناس، إلا وجدته في أعلى المراتب، والقبول له كأحسن وأجمل وأكمل ما يكون، جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل.
والذي ضر كثيراً منا أننا نفقد مثل هذه المواقف؛ لأن هذه المواقف تنبئ عن رحمة، وتنبئ عن انكسار القلوب لله سبحانه وتعالى، فلا يرحم المسلمين إلا الرحيم، ولا يحن عليهم إلا الحنون، فإذا زين الله الإنسان بالعلم، والسعي في تفريج كربات المسلمين، وبذل قيمة هذا الجاه لقضاء حوائجهم والإحسان إليهم؛ وفقه الله وسدده وجعل الخير له وحليفه حيثما كان، فإذا مات كان وراءه الرحمات والدعوات الصالحات من المؤمنين والمؤمنات.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا مفاتيح خير، وأن ينشر بنا كل إحسان وبر، إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.
وأول ما ينبغي على من وفقه الله فأنهى تعليمه أن يحمد نعمة الله جل وعلا، فإن الله قرن المزيد بالشكر، وقرن البركة فيما أسدى وأولى من النعم لمن ذكره سبحانه وتعالى، فكل من شكر نعم الله تأذن الله له فيها بالمزيد، ووضع له فيها البركة حتى ينتفع وينفع غيره بما تعلم وعلم.