خطب ومحاضرات
قصة مكالمة هاتفية
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد، فالسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. مع هذا الدرس التاسع والخمسين، من سلسلة الدروس العلمية العامة في الجامع الكبير بـبريدة، في هذه الليلة المباركة -إن شاء الله- ليلة الإثنين، التاسع من ذي القعدة من سنة 1412هـ (قصة مكالمة هاتفية).
إنها ليست قصة واحدة فقط؛ بل هي قصص كثيرة، ولن تفهم هذه القصة إلا إذا أعرتني من وقتك واهتمامك، ما يكفل سماعك هذا المجلس حتى نهايته.
أولها: قصة اختراع:
فقد كان أول تليفون يعمل بصورة مُرضية في سنة 1876م، أي: قبل ما يزيد على مائة وخمسة عشر عاماً.. وهو من اختراع مهندس يدعى: إلكسندر جرهام بل، ولكن توصيله كان ضعيفاً، ولذلك أجرى عليه رجل آخر اسمه: توماس أديسون تعديلاً مهماً، أعطى إشارات كهربائية أقوى بكثير، ثم شملت التطورات الإرسال اللاسلكي وغيره، وأصبحت كيابل التليفون تمتد آلاف الكيلومترات؛ بل أصبح مركز التبادل الذي يسمى بالسنترال يتضمن مفاتيح إلكترونية معقدة، لتسهيل الترحيل الذاتي للرسائل الصوتية المختلفة والكثيرة.
وعموماً: فقد شهد العالم في النصف الثاني من هذا القرن، ثورة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، وساهم هذا الإنجاز في تحقيق القفزات الحضارية الهائلة، وتيسير سُبل الاتصال، فأصبح بمقدور الإنسان التفاهم مع إنسان آخر، في أي مكان من الأرض، وتبادل الحديث، وعقد الصفقات التجارية والسياسية في بضع دقائق، دون أن يتجشم عناء السفر؛ بل أصبح بإمكان مجموعة أن يعقدوا اجتماعاً مشتركاً فيما بينهم، ويتبادلوا الرأي، وينتهوا على عقد اتفاقية مشتركة مكتوبة؛ بل يقومون جميعاً بالتوقيع عليها في آن واحد، ثمة عدد من التعليقات على هذه المعلومات:
من هم المخترعون
فلا غرابة إذا انفصل العلم عن الدين والخلق، أن يصبح العلم لعنة تدمر الإنسان وتأتي على حياته.. القنابل الهيدروجينية، والنووية، والأسلحة الكيماوية والجرثومية؛ تدمر الإنسان وتحافظ على المنشآت.. فقد أصبحت المباني الشاهقة والقصور والمصانع، أغلى وأنفس من الإنسان، فاخترع الإنسان سلاحاً يدمر أخاه الإنسان، ويبقي على المنشآت دون أن يمسها بأذى!.. ولا غرابة إذاً أن يحاول الإنسان اكتشاف الكواكب، على حين لم يفلح في تحقيق السعادة لنفسه، ولا لأخيه الإنسان على وجه الأرض، فالملايين يتضورون جوعاً، وقبل ما يزيد على عشرين سنة، صرخ شاعرٌ من شعراء الشام، يقال له: شفيق جبري، محتجاً على ما يسمونه بغزو الكواكب، غزو الفضاء، فقال ضمن قصيدة طويلة عنوانها غزو الكواكب:
ما للغزاة على الأفلاك تزدحم أجرهم أمل أم غرهم حلم |
أضاقت الأرض عن آثام إثمهم ألم يروا كم جنوا فيها وكم أثموا |
يا راكب الريح تطويه وتنشره كأنه كرة تلهو بها قدم |
ما أنت والقبة الزرقاء تقحمها أما على جنبات الأرض مقتحم |
أي أنه يقول: هناك لا يوجد بشر تعتدي عليهم وتظلمهم إذا طاب لك الطغيان والظم.
أتعبت فكرك ما في جوفها نسم تعدو عليها إذا طابت لك النسم |
لا العشب ينظر في آفاق تربتها ولا البحار عليها الموج يلتطم |
ما تسمع الأذن حسّاً في مسارحها ولا ترى العين ما يجري به القلم |
لا الجن في جوفها يعلو عزيفهم إذا سجى الليل أو ماجت به الظلم |
ولا على الإنس خوف من مصارعهم إذا تلهبت الهيجاء واصطدموا |
فما يجول بها وحش يروعها ولا يعيش بها ذئب ولا غنم |
ولا الأسود تدِّوي في مفاوزها ولا العنادل يبدي شجوها النغم |
كنا نعيش على وهم يخامرنا والناس في غبطة الأيام ما وهموا |
لو قلت للقبح أنت الحسن أجمعه لراح من قولك الخلاب يبتسم |
دنيا الحقائق ما تنفك مؤلمة فكم تمادى على أفيائها الألم |
لا تحسبن كمال الحسن في قمرٍ غنى به الشعر وازدانت به الكلم |
فما على أرضه غير التراب ولا على الأهاضيب غير الصخر ينحطم |
خابت ظنونك أين الحسن تطلبه فليس يفصح عن بدر التمام فم |
ما أعظم الكون من يدري مجاهله ضاعت على وجهه الأحقاب والأمم |
هل أدركت هده من سره طرفاً أليس تفنى على أطرافه الهمم |
sh= 9902398>غابت عن العين أفلاك مبعثرة تضنها العين فوضى ليس تنتظم
لكنها إن نأت عنها وإن شمخت فما تظل على أجوازها النجم |
بئس العلوم إذا الإهلاك مطمحها فليت من علموا في الخلق ماعلموا |
متى نرى الخلق في سلطان دولتها تمضي الليالي وقد لذوا وقد نعموا |
أغاية العلم أن نفنى بمخترع من الصواريخ في نيرانها العدم |
فكم أزاحوا رجالاً عن ديارهم فهل حوتهم على جنح الدجى الخيم |
وكم أبادوا شعوباً في مرابعهم فسل مناهجهم في العلم هل رحموا |
بردٌ وجوعٌ فكل العمر في سقم فما الحياة إذا أودى بها السقم |
أينفق المال في الأفلاك في سعة والناس في البؤس لا نعمى ولا نعم |
ضاقت قلاعهم في الأرض فالتمسوا لهم قلاعاً عن الأنظار تكتتم |
كي يصبحوا بأمانٍ في فضائهم فلا يبالون بما هدوا وما هدموا |
sh= 9902409>أيزعمون سبيل العلم وجهتهم أما لهم وجهة غير التي زعموا
غزو الكواكب كشف العلم ظاهره والله يعلم ما أخفوا وما كتموا |
إذاً: العلم لا غرابة أن يكون دماراً ووبالاً على الإنسان، وأن يضل طريقه إذا انفصل عن الدين الذي بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هداية للبشرية كلها! حتى المسلمون اليوم تجد أن أنظارهم كثيراً ما تتجه نحو الصناعات التسليحية، دون الصناعات التي تساهم في تيسير حياة الإنسان.
كثيرة هي الدول من العالم الإسلامي، أو ما يسمى بالعالم الثالث، التي تتجه -مثلاً- لامتلاك السلاح النووي، أو الجرثومي، أو الكيماوي، لكنها لا تتجه بالحماس نفسه، لتطوير الصناعات الأخرى المفيدة في حال السلم وامتلاكها، حتى الأسماء، لم يفلح المسلمون في اختراع أسماء عربية لهذه المخترعات الغربية، اللهم إلا في مجال التسليح، وعلى نطاق ضيق، فكلنا نعرف -مثلاً- اسم السلاح الذي استخدمه العراق، وسماه صواريخ الحسين، أو صواريخ العباس، لكن الأكثرين منا إذا أرادوا أن يعبروا عن الهاتف، فإنهم يقولون: التليفون، ولا يستخدمون ذلك الاسم العربي الفصيح الصحيح (الهاتف) أو كما يسميه بعضهم (المسرة) وذلك لانفصال العلم عن الدين والإسلام، وبُعد المسلمين عن القيام بمثل هذه الأمور.
جزاء الذين قدموا للبشرية هذه الاختراعات
ولما سأل إبراهيم ربه -كما في صحيح البخاري- في أباه وقال: يا رب وعدتني ألا تخزيني، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد -أي كونه في النار- فقال له الله عز وجل: {يا إبراهيم إني حرمت الجنة على الكافرين} وفي الصحيح -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وإن الله -تعالى- ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر} ولما سألت عائشة -كما في صحيح مسلم- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان، وكان في الجاهلية يصل الرحم، ويقرئ الضيف، ويحسن إلى الناس فهل ينفعه ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم:{لا يا
أراد أن يذكر بالجود والكرم، فأصبح مضرب المثل إلى يوم الناس هذا، فيقولون: أكرم من حاتم. هذا كل ماله على عمله.. وهكذا من اخترع الهاتف -مثلاً-، أو المصباح الكهربائي، أو التطعيم ضد الأمراض أو غيره، كل ما له أن يذكره الناس بما عمل، فيكون له الذكر الحسن في هذه الدنيا، جزاءً عاجلاً، لأن الله تعالى لا يظلم أحداً، أما في الآخرة، فليس له عند الله تعالى من خلاق. ولهذا لا تعجب أن يكون مخترع الكهرباء يعيش في ظلمات الجحيم، وأن يكون مخترع الهاتف يعيش أصم في نار جهنم كما قال الله تعالى: لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء:100]
وأن يكون مخترع المدفأة وصانعها يقاسي برد الزمهرير، وأن يكون صانع التكييف ينضج جلده على لهيب النار، نسأل الله تعالي العفو والعافية.
أولها: أسماء المخترعين الكبار، ليس من بينهم من يسمى محمد، أو أحمد، أو علي، أو صالح، أو سليمان، والعلم -كما يقال- ليس له وطن صحيح، لكن العجيب من قوم دينهم يحث على العلم، ويقرر الله عز وجل لهم في كتابه، أنه سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، ثم تكون قصاراهم أن يكون بلدهم، أو تكون بلادهم سوقاً للبضاعة الأجنبية، بل حتى استخدام التقنية لم ينجحوا فيها بما فيه الكفاية!
فلا غرابة إذا انفصل العلم عن الدين والخلق، أن يصبح العلم لعنة تدمر الإنسان وتأتي على حياته.. القنابل الهيدروجينية، والنووية، والأسلحة الكيماوية والجرثومية؛ تدمر الإنسان وتحافظ على المنشآت.. فقد أصبحت المباني الشاهقة والقصور والمصانع، أغلى وأنفس من الإنسان، فاخترع الإنسان سلاحاً يدمر أخاه الإنسان، ويبقي على المنشآت دون أن يمسها بأذى!.. ولا غرابة إذاً أن يحاول الإنسان اكتشاف الكواكب، على حين لم يفلح في تحقيق السعادة لنفسه، ولا لأخيه الإنسان على وجه الأرض، فالملايين يتضورون جوعاً، وقبل ما يزيد على عشرين سنة، صرخ شاعرٌ من شعراء الشام، يقال له: شفيق جبري، محتجاً على ما يسمونه بغزو الكواكب، غزو الفضاء، فقال ضمن قصيدة طويلة عنوانها غزو الكواكب:
ما للغزاة على الأفلاك تزدحم أجرهم أمل أم غرهم حلم |
أضاقت الأرض عن آثام إثمهم ألم يروا كم جنوا فيها وكم أثموا |
يا راكب الريح تطويه وتنشره كأنه كرة تلهو بها قدم |
ما أنت والقبة الزرقاء تقحمها أما على جنبات الأرض مقتحم |
أي أنه يقول: هناك لا يوجد بشر تعتدي عليهم وتظلمهم إذا طاب لك الطغيان والظم.
أتعبت فكرك ما في جوفها نسم تعدو عليها إذا طابت لك النسم |
لا العشب ينظر في آفاق تربتها ولا البحار عليها الموج يلتطم |
ما تسمع الأذن حسّاً في مسارحها ولا ترى العين ما يجري به القلم |
لا الجن في جوفها يعلو عزيفهم إذا سجى الليل أو ماجت به الظلم |
ولا على الإنس خوف من مصارعهم إذا تلهبت الهيجاء واصطدموا |
فما يجول بها وحش يروعها ولا يعيش بها ذئب ولا غنم |
ولا الأسود تدِّوي في مفاوزها ولا العنادل يبدي شجوها النغم |
كنا نعيش على وهم يخامرنا والناس في غبطة الأيام ما وهموا |
لو قلت للقبح أنت الحسن أجمعه لراح من قولك الخلاب يبتسم |
دنيا الحقائق ما تنفك مؤلمة فكم تمادى على أفيائها الألم |
لا تحسبن كمال الحسن في قمرٍ غنى به الشعر وازدانت به الكلم |
فما على أرضه غير التراب ولا على الأهاضيب غير الصخر ينحطم |
خابت ظنونك أين الحسن تطلبه فليس يفصح عن بدر التمام فم |
ما أعظم الكون من يدري مجاهله ضاعت على وجهه الأحقاب والأمم |
هل أدركت هده من سره طرفاً أليس تفنى على أطرافه الهمم |
sh= 9902398>غابت عن العين أفلاك مبعثرة تضنها العين فوضى ليس تنتظم
لكنها إن نأت عنها وإن شمخت فما تظل على أجوازها النجم |
بئس العلوم إذا الإهلاك مطمحها فليت من علموا في الخلق ماعلموا |
متى نرى الخلق في سلطان دولتها تمضي الليالي وقد لذوا وقد نعموا |
أغاية العلم أن نفنى بمخترع من الصواريخ في نيرانها العدم |
فكم أزاحوا رجالاً عن ديارهم فهل حوتهم على جنح الدجى الخيم |
وكم أبادوا شعوباً في مرابعهم فسل مناهجهم في العلم هل رحموا |
بردٌ وجوعٌ فكل العمر في سقم فما الحياة إذا أودى بها السقم |
أينفق المال في الأفلاك في سعة والناس في البؤس لا نعمى ولا نعم |
ضاقت قلاعهم في الأرض فالتمسوا لهم قلاعاً عن الأنظار تكتتم |
كي يصبحوا بأمانٍ في فضائهم فلا يبالون بما هدوا وما هدموا |
sh= 9902409>أيزعمون سبيل العلم وجهتهم أما لهم وجهة غير التي زعموا
غزو الكواكب كشف العلم ظاهره والله يعلم ما أخفوا وما كتموا |
إذاً: العلم لا غرابة أن يكون دماراً ووبالاً على الإنسان، وأن يضل طريقه إذا انفصل عن الدين الذي بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هداية للبشرية كلها! حتى المسلمون اليوم تجد أن أنظارهم كثيراً ما تتجه نحو الصناعات التسليحية، دون الصناعات التي تساهم في تيسير حياة الإنسان.
كثيرة هي الدول من العالم الإسلامي، أو ما يسمى بالعالم الثالث، التي تتجه -مثلاً- لامتلاك السلاح النووي، أو الجرثومي، أو الكيماوي، لكنها لا تتجه بالحماس نفسه، لتطوير الصناعات الأخرى المفيدة في حال السلم وامتلاكها، حتى الأسماء، لم يفلح المسلمون في اختراع أسماء عربية لهذه المخترعات الغربية، اللهم إلا في مجال التسليح، وعلى نطاق ضيق، فكلنا نعرف -مثلاً- اسم السلاح الذي استخدمه العراق، وسماه صواريخ الحسين، أو صواريخ العباس، لكن الأكثرين منا إذا أرادوا أن يعبروا عن الهاتف، فإنهم يقولون: التليفون، ولا يستخدمون ذلك الاسم العربي الفصيح الصحيح (الهاتف) أو كما يسميه بعضهم (المسرة) وذلك لانفصال العلم عن الدين والإسلام، وبُعد المسلمين عن القيام بمثل هذه الأمور.
ثانياً: هؤلاء الذين قدموا هذه الأعمال للبشرية، فاخترعوا الكهرباء، أو الهاتف، أو غيره، ما هو جزاؤهم؟ جزاؤهم أن الله -تعالى- كتب لأسمائهم الخلود في الدنيا، فصار يتحفظها صغار الطلبة في مدارسهم، فيشكرون فلاناً لأنه أخترع المصباح الكهربائي، أو فلاناً لأنه اخترع الهاتف أو غير ذلك، فهذا جزاؤهم في الدنيا.. أما في الآخرة فليس لهم عند الله -تعالى- من خلاق، لأنهم افتقدوا القاعدة التي يجازى على ضوئها الناس في الدار الآخرة، ألا وهي قاعدة الإيمان، يقول ربنا عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5] ويقول: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23] ويقول لنبيه، ومصطفاه عليه الصلاة والسلام: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار}.
ولما سأل إبراهيم ربه -كما في صحيح البخاري- في أباه وقال: يا رب وعدتني ألا تخزيني، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد -أي كونه في النار- فقال له الله عز وجل: {يا إبراهيم إني حرمت الجنة على الكافرين} وفي الصحيح -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وإن الله -تعالى- ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر} ولما سألت عائشة -كما في صحيح مسلم- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان، وكان في الجاهلية يصل الرحم، ويقرئ الضيف، ويحسن إلى الناس فهل ينفعه ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم:{لا يا
أراد أن يذكر بالجود والكرم، فأصبح مضرب المثل إلى يوم الناس هذا، فيقولون: أكرم من حاتم. هذا كل ماله على عمله.. وهكذا من اخترع الهاتف -مثلاً-، أو المصباح الكهربائي، أو التطعيم ضد الأمراض أو غيره، كل ما له أن يذكره الناس بما عمل، فيكون له الذكر الحسن في هذه الدنيا، جزاءً عاجلاً، لأن الله تعالى لا يظلم أحداً، أما في الآخرة، فليس له عند الله تعالى من خلاق. ولهذا لا تعجب أن يكون مخترع الكهرباء يعيش في ظلمات الجحيم، وأن يكون مخترع الهاتف يعيش أصم في نار جهنم كما قال الله تعالى: لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء:100]
وأن يكون مخترع المدفأة وصانعها يقاسي برد الزمهرير، وأن يكون صانع التكييف ينضج جلده على لهيب النار، نسأل الله تعالي العفو والعافية.
الورقة الثانية: قصة المخبر السري.
ربما لم يخطر في بال جرهام هذا، أن جهازه الذي اخترعه سيكون مخبراً سرياً، وحارساً غير أمين في حالات كثيرة، وأن أعداداً كبيرة من ذوي الضمائر الوحشية، والصلف المتجاوز، وقلة الإيمان، سوف يصغون بآذانهم إلى حديث بين اثنين، يستأمن فيه بعضهم بعضاً ألا يبوح به لأحد، فإذا الخيانة الكبرى تأتي من طرف ثالث، يتنصت عليهما دون علمهما، ويسجل ربما مكالماتهما، ويقدم أحياناً صوراً من هذه المكالمات، وينسخها، ويوزعها بين الناس عند اللزوم.. مَنْ يفعل هذا؟! الكثيرون! تفعله أجهزة الاستخبارات الدولية التي تحاول أن تعد الأنفاس، وتحسب نبضات القلب، -كما يقال- ومن يقرأ تقارير المخابرات الأمريكية، أو الـ k b g، أو الموساد، أو السافات، أو الخاد، أو غيرها من أسماء الأجهزة العالمية، يحس أنه يعيش في عالم الأشباح، وبالمناسبة فإن الاستخبارات العربية من أنجح الاستخبارات في العالم، أي أنها من أبشع الاستخبارات في أساليب الإيذاء، والوحشية والقمع، لكن على مَنْ؟ على شعوبها.
الصورة القائمة المليئة بالمبالغة
لقيني قبل أيام أستاذ في كلية الطب، فحادثني قليلاً، وقال: أتمنى أن تتكلم عن موضوع مهم قلت له: أي شئ هو هذا الموضوع؟ قال: موضوع: أن الناس أصبحوا يخافون من الغرب، ويخافون من أمريكا، حتى كأنها شبح، وكأنها تقدر على كل شيء؛ وتفعل كل شيء، مع أنني عشت في أمريكا، ورأيت الرجل الأمريكي يخاف من زوجته.. فالرجل الذي يخاف من زوجته، هل يليق بالمسلم أن يخافه؟! لا؛ بل ينبغي أن يبين للناس أن هذه الدول إنما هي مصنوعة من الكراتين، وأن الله تعالى سوف يأذن بزوالها، فينبغي ألا نخاف منها، ولا من أجهزة مخابراتها وأمنها، وتهويلها.
لقد أحدثت هذه المخاوف كثيراً من العقد النفسية، التي يجب القضاء عليها، وقديماً قال عمر رضي الله عنه: [[لست بالخبّ ولا الخبُّ يخدعني]].. تبرز هذه المخاوف على لسان أحد الشعراء، وهي في الواقع هاجس في نفوس الكثيرين؛ لكنني أحببت أن أنقل لكم أبياتاً من الشعر، تعبر عن الخوف من هذا الهاجس عند أحد الشعراء، والشاعر عادة يبالغ فيقول:
ويقول -نفسه- أيضاً:
في زمن الأحرار أصابعي تخاف من أظفاري دفاتري تخاف من أشعاري ومقلتي تخاف من إبصاري فكـرت فـي التفكيـر بالفـرار من بدني لكننـي خشـيت من وشـاية الأفكـارِ |
وقديماً كان شاعر هارب يقول:
لقد خفت حتى لو تمر حمامة لقلت عدو أو طليعة معشر |
فإن قيل أمن، قلت هذي خديعة وإن قيل خوف، قلت حق فشمر |
فينبغي أن نـزيل هذه الصورة القاتمة المليئة بالمبالغة، والتي لا يمكن قبولها إلا على حد قول الله عز وجل: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [الشعراء:224-227].
موقف الإسلام من التجسس
وعلى كل حال.. فقد كان موقف الإسلام من التصنت واضحاً من البداية، فالتصنت على الناس؛ سواء أن تتصنت على مجموعة يتحدثون، أو يتسارون فيما بينهم، أو بأي وسيلة عصرية، هو تجسس، والله تعالى يقول: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12] وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {ولا تحسسوا} بل في صحيح البخاري، في كتاب التعبير عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين -يعني يوم القيامة - وليس بفاعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ}.
والآنك هو: الرصاص المذاب، والجزاء من جنس العمل، فكما أنه تصنت على الناس بأذنه، فإنه يعاقب يوم القيامة بأن يصب الآنك -وهو الرصاص المذاب- في أذنه يوم القيامة، هذا جزاء من تسمع أو استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، وهذا كمن نظر إلى قوم وهم لا يأذنون له في النظر في دارهم -مثلاً-، كما في الحديث: {من نظر إلى قوم ففقئوا عينه فعينه هدر} وهذا في الصحيح.
ومثله حديث معاوية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم} والحديث رواه أبو داود ويقول النووي: إسناده صحيح.
فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بما علمه الله تعالى أن معاوية سيكون أميراً وحاكماً، فلفت نظره إلى هذا الأمر، وهو ألاَّ يتتبع عورات الناس، وأن يأخذ الناس بالأمر الظاهر، ولا يأخذهم بالظنة؛ لأن فقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم، هو أساس كل بلاء، ورأس كل مصيبة.
ليست هذه المهمة -مهمة التصنت- هي مهمة أجهزة الاستخبارات العالمية فحسب لا؛ بل إن الكثيرين من الشباب -مثلاً- يتصنتون على جيرانهم، أو يتصنتون من خلال أجهزة الهاتف على أصدقائهم، أو على زملائهم في العمل، أو يتصنت الأخ على أخيه، أو الأخت على أختها، بل إن هناك بعض الأجهزة تمكنهم من اكتشاف أي مكالمة، وعلى سبيل المثال: كثيرون يمتلكون موجة fm، ويستطيعون أن يلتقطوا مكالمات الهاتف السيار، أو الأجهزة اللاسلكية، حتى أن الرجل قد يتصنت على أهل بيته -على بناته، أو على زوجته- دون أن يكون هناك ريبة تدعو إلى هذا. وكل ذلك يدخل في عموم النهي فيمن تسمّع إلى حديث قوم وهم له كارهون، وكل هذا يؤدي إلى النتيجة المحتومة، التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: {... فإن فعلت أفسدتهم أو كدت تفسدهم}.
وهاهنا علامة تحذير كبيرة! لقد أصبح هذا الهاجس هماً مخيفاً لدى الكثيرين، فينامون ويصحون على الخوف من المخبر، وعلى الخوف من أجهزة الاستخبارات، وعلى الخوف من أشياء كثيرة، وربما أصبح الرعب شيئاً قاتلاً يطحن في دوامته آلاف المخلصين؛ فهم يخافون من كل شيء، ويحسبون حسابات طويلة لكل شيء، ويقول أحدهم للآخر: لا تنطقوا إن الجدار له أُذن وأقول: كلا.. فهذه الكتب التي ذكرتها، وهذه الأسماء التي تلوتها، وهذه البلاغات؛ هي أحياناً مقصودة لنوع من الحرب النفسية على الناس وعلى الشعوب، خاصة على المسلمين، فهم -أعني: رجال الاستخبارات الدولية والعربية- كلهم داخلون في عموم قوله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175] فالمؤمن لا يخاف إلا من الله عز وجل أما هؤلاء فيحتقرهم.
لقيني قبل أيام أستاذ في كلية الطب، فحادثني قليلاً، وقال: أتمنى أن تتكلم عن موضوع مهم قلت له: أي شئ هو هذا الموضوع؟ قال: موضوع: أن الناس أصبحوا يخافون من الغرب، ويخافون من أمريكا، حتى كأنها شبح، وكأنها تقدر على كل شيء؛ وتفعل كل شيء، مع أنني عشت في أمريكا، ورأيت الرجل الأمريكي يخاف من زوجته.. فالرجل الذي يخاف من زوجته، هل يليق بالمسلم أن يخافه؟! لا؛ بل ينبغي أن يبين للناس أن هذه الدول إنما هي مصنوعة من الكراتين، وأن الله تعالى سوف يأذن بزوالها، فينبغي ألا نخاف منها، ولا من أجهزة مخابراتها وأمنها، وتهويلها.
لقد أحدثت هذه المخاوف كثيراً من العقد النفسية، التي يجب القضاء عليها، وقديماً قال عمر رضي الله عنه: [[لست بالخبّ ولا الخبُّ يخدعني]].. تبرز هذه المخاوف على لسان أحد الشعراء، وهي في الواقع هاجس في نفوس الكثيرين؛ لكنني أحببت أن أنقل لكم أبياتاً من الشعر، تعبر عن الخوف من هذا الهاجس عند أحد الشعراء، والشاعر عادة يبالغ فيقول:
ويقول -نفسه- أيضاً:
في زمن الأحرار أصابعي تخاف من أظفاري دفاتري تخاف من أشعاري ومقلتي تخاف من إبصاري فكـرت فـي التفكيـر بالفـرار من بدني لكننـي خشـيت من وشـاية الأفكـارِ |
وقديماً كان شاعر هارب يقول:
لقد خفت حتى لو تمر حمامة لقلت عدو أو طليعة معشر |
فإن قيل أمن، قلت هذي خديعة وإن قيل خوف، قلت حق فشمر |
فينبغي أن نـزيل هذه الصورة القاتمة المليئة بالمبالغة، والتي لا يمكن قبولها إلا على حد قول الله عز وجل: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [الشعراء:224-227].
نحن جميعاً نؤمن بأن المطلع على كل شيء والعليم بكل شيء هو الله تعالى وحده، أما البشر فيحاولون، ويحاولون؛ ولكنهم بالضعف والنقص والغفلة موصومون؛ فلا يصلون إلى ما يطلبون، ويفوت عليهم كثير من الأمور وهم لا يشعرون: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227].
وعلى كل حال.. فقد كان موقف الإسلام من التصنت واضحاً من البداية، فالتصنت على الناس؛ سواء أن تتصنت على مجموعة يتحدثون، أو يتسارون فيما بينهم، أو بأي وسيلة عصرية، هو تجسس، والله تعالى يقول: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12] وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {ولا تحسسوا} بل في صحيح البخاري، في كتاب التعبير عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين -يعني يوم القيامة - وليس بفاعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ}.
والآنك هو: الرصاص المذاب، والجزاء من جنس العمل، فكما أنه تصنت على الناس بأذنه، فإنه يعاقب يوم القيامة بأن يصب الآنك -وهو الرصاص المذاب- في أذنه يوم القيامة، هذا جزاء من تسمع أو استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، وهذا كمن نظر إلى قوم وهم لا يأذنون له في النظر في دارهم -مثلاً-، كما في الحديث: {من نظر إلى قوم ففقئوا عينه فعينه هدر} وهذا في الصحيح.
ومثله حديث معاوية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم} والحديث رواه أبو داود ويقول النووي: إسناده صحيح.
فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بما علمه الله تعالى أن معاوية سيكون أميراً وحاكماً، فلفت نظره إلى هذا الأمر، وهو ألاَّ يتتبع عورات الناس، وأن يأخذ الناس بالأمر الظاهر، ولا يأخذهم بالظنة؛ لأن فقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم، هو أساس كل بلاء، ورأس كل مصيبة.
ليست هذه المهمة -مهمة التصنت- هي مهمة أجهزة الاستخبارات العالمية فحسب لا؛ بل إن الكثيرين من الشباب -مثلاً- يتصنتون على جيرانهم، أو يتصنتون من خلال أجهزة الهاتف على أصدقائهم، أو على زملائهم في العمل، أو يتصنت الأخ على أخيه، أو الأخت على أختها، بل إن هناك بعض الأجهزة تمكنهم من اكتشاف أي مكالمة، وعلى سبيل المثال: كثيرون يمتلكون موجة fm، ويستطيعون أن يلتقطوا مكالمات الهاتف السيار، أو الأجهزة اللاسلكية، حتى أن الرجل قد يتصنت على أهل بيته -على بناته، أو على زوجته- دون أن يكون هناك ريبة تدعو إلى هذا. وكل ذلك يدخل في عموم النهي فيمن تسمّع إلى حديث قوم وهم له كارهون، وكل هذا يؤدي إلى النتيجة المحتومة، التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: {... فإن فعلت أفسدتهم أو كدت تفسدهم}.
الورقة الثالثة: هي ورقة المرأة والهاتف.
والمرأة والهاتف موضوع يطول، لكني أُلخصه في فقرات. كثير من الفتيات تمتلك رقم هاتف خاص بها. في غرفتها، وليس لأحد أي سيطرة عليه، ومع ذلك فإنها -أحياناً- لم تتلق في البيت التربية الإيمانية، والرعاية الأبوية الكافية، أو لم تتلق من ذلك شيئاً يذكر، وهنا الخطر الكبير! الثقة في غير محلها، وقد يسيء الإنسان أحياناً الظن بالأباعد؛ ولكنه لا يتوقع أبداً من أولاده وبناته إلا الخير، لماذا؟
لأنه يعرفهم منذ الصغر.. يعرفهم من أيام البراءة -براءة الأطفال- ويحس بأنهم لم يكبروا بعد، ويلاحظ أنهم يتميزون بالحياء والخجل، حينما يحادثهم.. فالبنت -مثلاً- لو كلمها أبوها في أمر الزواج؛ لطأطأت رأسها ولم تستطع أن تتكلم، فكيف يظن بها أبوها أنها من ورائه، قد تدير قرص الهاتف على ما لا يسوغ؟ يستبعد الأب هذا كثيراً؛ لما يرى من حيائها وخجلها منه، ولكنه يلصق هذا بالآخرين.
والواقع أن هذه الثقة في غير محلها، وأن الشيطان لا يوقر أحداً، ولا يحترم أحداً، ولا يقدر أحداً، وأنه يهجم على كل إنسان، وأن أي فتى، أو فتاة لم يتلق التربية الكافية، فإنه معرض لأن يسيء استخدام هذا الجهاز، خاصة حين يكون الجهاز خاصاً له في غرفته الخاصة.
جهاز البيجر، يقول لي أحد الإخوة: إن حوالي (50%) من أجهزة البيجر التي تسجل الرقم المتصل، أنها سجلت بأسماء فتيات، ومعنى ذلك أنه من الممكن أن تتصل على أي أحد، ثم يقوم هو بالاتصال عليها، من داخل البلد، أو من خارجها.
أصبحت المرأة الآن بحكم قعودها في المنـزل، واهتمامها أحياناً ببعض أمورها، أصبحت أكثر اهتماماً ببعض هذه الأمور من اهتمام الرجل، أصبحت لا تجد غضاضة في الاتصال بجهات شتى، أكثر مما يتصل الرجل، أو ربما لا يتصل بها الرجل أصلاً.
فمثلاً: تتصل بالمدرسة للسؤال عن ولدها، أو عن أخيها ومستواه، وسبب فشله.. وتتصل بالخياط لأي تعديل طارئ على الموديل الذي اتفقت معه على الخياطة، أو لتأكيد الموعد المحدد، أو لغير ذلك من الأغراض.. وتتصل على مكتب الخطوط للحجز، وتأكيد الحجز، وتغيير وجهة السفر، بل وتحجز ليس لنفسها، بل لأهل البيت كلهم جميعاً، وتتصل ببعض الصحف والجرائد للسؤال عن مشاركتها ما مصيرها؟ أو لمجرد الحديث عن الكاتب فلان، أو لمجرد الإعجاب في المشاركة الفلانية، خاصة إن كان الكاتب كاتباً رياضياً.. وكثيرون يملكون القدرة على جر المرأة بالثناء، والمديح والإعجاب بفكرها، والإعجاب بأسلوبها الواعد، وقديماً قال الشاعر:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء |
وقل أيضاً: والغواني يجرهن الثناء.. تتصل بالإذاعة عبر العديد من البرامج، لمجرد إسماع صوتها، وتعويدها على التحرر من عقدة الحياء -زعموا- فمثلاً: أفراح وتهاني، هذا برنامج يذاع، تهنئ البنت أختها فلانة، التي رزقت بمولود، وأختها فلانة هذه معها في المنـزل، فتهنئها عبر هذا البرنامج، تهنئ زميلتها التي تزوجت، وقد تكون ساكنة إلى جوارها، وزميلتها الأخرى التي نجحت.. وقد تكافأ أحياناً بأغنية في الإذاعة، أو بمقطع من أغنية يسمعه الطرفان.
أما برنامج: (ألو إذاعة الرياض) فتتصل فتاة -مثلاً- لتطلب إعادة البرنامج الرياضي، الذي فاتها سماعه قبل يومين أو ثلاثة؛ لتعرف منه أخبار الدوري؛.. بل في بعض البرامج حديث مع فتاة -وقد سمعت هذا بأذني- حديث مع فتاة على أبواب الزواج، يسمعه الألوف؛ بل الملايين من الناس، وهي تتكلم عن أمر الزواج، وقصة الزواج، والملابس، والأفراح، والمناسبة، وقضاء الإجازة و.. و.. إلى إلخ، وكل ذلك يتم بأصوات عذبة رقيقة، وكلمات ناعمة، وضحكات أحياناً تشق عنان الفضاء، وتبسط لا حدود له، وبدون مبالغة أقول: أكثر مما لو كان الحديث بين اثنتين في مجلس خاص، إذ أن مراعاة كسب إعجاب الآخرين، والمستمعين والمستمعات، هو أمر مهم، ونحن جميعاً ندرك مشاعر الإنسان، (الرجل، والمرأة) وما جُبل عليه من ضعف، ورغبة في الثناء والمديح، وكرهٍ لأن يقال: إن صوته كان خشناً، أو وحشاً، أو غير ذلك.
وقد تتصل الفتاة بالنادي الرياضي، لتأخذ رقم اللاعب، وقد رأيت هذا في جريدة رياضية، حيث يعتذرون عن نشر هذا الرقم، والوسيلة للحصول عليه على أي حال، ممكنة من غير طريق الجريدة.. وقد يتحدث معها السكرتير، ويعطيها الرقم، ولك أن تكمل بقية القصة.. وقد تتصل أحياناً بأي رقم لمجرد حب الاستطلاع، أو تسجية وقت الفراغ، أو يرمي لها رجل ورقة في السوق، فتجد بها رقماً؛ فتتصل عليه لمجرد المعرفة، فتقع على شاب تعود على أساليب الخداع والتضليل، وأصبح لديه خبرة في أساليب وطرق جر الفتاة شيئاً فشيئاً إلى ما يريد؛ وما هي إلا أيام، حتى يصبح هذا الشاب بقدرة قادر قيساً، لا يستطيع أن يعيش بدونها أبداً، وأن تركها له يُعد حكماً عليه بالإعدام، ولا يزال يمنيها بأحلام الزواج الذي لا يجيء، حتى تنصاع معه وتمضي معه إلى نهاية المشوار الأثيم.
ترق هذه المسكينة لحاله، تتلطف معه!! ويجلس معها على الهاتف أحياناً -وأنا أقول لكم عن معلومات، وليس عن ظن، ولا عن مبالغة- أكثر من ست ساعات.. نصف ساعة منها -على الأقل- في النهاية؛ لتحديد موعد المكالمة القادمة.. وجهاز التسجيل -أحياناً- يحتفظ -من حيث لا تدري- هي بكل ما يدور، وأخيراً! إذا جد الجد، وحزم الأمر، قال لها: لابد من اللقاء، فتمنعت وأصرت، فقال: لابد من اللقاء؛ وإلا فالأشرطة مسجلة عندي، وبعد اللقاء لابد من المصافحة، ولابد من... وإلا...، وكما يقول الأول:
كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر< |
دور الهاتف في وقوع الجرائم
وهذا ثابت من خلال دراسات لمئات الحالات في هذه البلاد وفي غيرها؛ التي كشفت والتي لم تكشف أيضاً، نعرف أخباراً كثيرة منه، من خلال بعض الشكاوي وبعض المشكلات. وقد تتصل الطالبة بزميل لها في الجامعة، خاصة إن كانت منتسبة، لتسأله عن المنهج، ورقم الأستاذ، وطريقة الأسئلة، وتناقشه في الموضوعات التي تقول هي: إنها غير مفهومة، وتحتاج هي إلى شرح وبيان.
الرد على الهاتف
وأحياناً تكون الحالة -في حقيقة الأمر- لا تعدو أن تكون حالة عشق واضحة صريحة، ولكنها قد تلبس لبوساً آخر، مثل لبوس الحب في الله، أو الإعجاب أو غير ذلك، والله -تعالى- يحب الصدق، ويقول جل وعلا: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ [القيامة:14-15] والمسميات لا تغير من الحقائق شيئاً.
الجارة أحياناً تتصل بجارتها، وليست المشكلة في الاتصال بذاته، فالهاتف -أصلاً- إنما يفرح به؛ لأنه ييسر سبيل الاتصال، لكن المشكلة في السلبيات الناجمة عن الاتصال، والتي يلخص بعضها فيما يلي:
سلبيات استخدام المرأة للهاتف
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] هذا الأدب من الله تعالى لـعائشة، وخديجة، وزينب، وسودة، وأمهات المؤمنين، فما بالك بالناس في هذا الزمان، وقد كثرت الفتن، والمغريات، وارتفع أجيج الشهوات، وضعفت النفوس، وتسلط الشيطان، ومع ذلك يكون الخضوع بالقول سرّاً وعلانية!!
ب/ ثانياً: العشق؛ وقديماً كان بشار يقول:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً |
وهو في الواقع عشق مزيف.. الخاسرة الكبرى فيه هي البنت، ولهذا يقول أحد الأدباء، واسمه فاروق جويدة عن الحب عن طريق الهاتف، يقول -ومن فمهم ندينهم-: إنه حب بارد، حتى لو وصفه الخط التليفوني في وقتها بأنه ساخن جدّاً!
ومن الطرائف: أن إحداهن اتصلت، وكان صوتها عذباً رقيقاً؛ فاتصلت برجل وتحدثت معه طويلاً، ثم واعدها مكاناً قصيا، ولما اقترب منها على سيارته، رأى منها ما يكره، فمضى لحاله وهو يولول وتركها، حتى طال انتظارها؛ فانصرفت.. فالخاسر الأكبر هي المرأة، ثم الأسرة التي قد تجرها هذه الأمور، إلى فضيحة لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.
ج/ ثالثاً: التدرج في المعصية:
قال ربنا جل وعلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [النور:21] فهي خطوة تجر إلى خطوات، والذي وضع قدمه في بداية الطريق السيء، لا يلومن إلا نفسه إذا مشى في هذا الطريق، دون أن يملك التوقف فيه! نظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء! مكالمة.. بعد ذلك تعطيه رقم هاتفها، ثم تواعده ليراها، ثم يخلو بها ثم {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} فما ظنك باثنين إبليس ثالثهما، ماذا يمكن أن يصنع رجل وامرأة؟! حقيقة لا أعرف -أنا- كيف أتصور فتاة تلتقي بفتى مراهقين خاليين، وفيهما الغريزة الفطرية التي ركبها الله تعالى في بني آدم كلهم كافة، لا أعرف كيف أتصور ألا يفكر أحدهما في الآخر؟ فهو يتصورها في أجمل هيئة، وأفضح وضع، ويتصور نفسه إلى جوارها، وهي الأخرى كذلك، شاءا أم أبيا، وشاء أولياء الأمور أم أبوا.
كثيرون هم الذين وقعوا في الفاحشة الكبرى، ولم يكونوا يخططون لذلك في البداية، خاصة من الفتيات، بل الذي يضع قدمه في أول الطريق؛ يجره إلى النهاية، والله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
فنهى عن قربان الزنا، وقربانه: كل وسيلة تؤدي إليه.. فالآية: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] نهي عن النظرة إلى الرجل، ونهي الرجل عن النظرة إلى المرأة الحرام، ونهي عن المحادثة الحرام، ونهي عن الخلوة، ونهي عن الضمة، ونهي عن القبلة، ونهي عن الضحكة التي تغري أحدهما بالآخر، كل ذلك ذرائع وبريد، والله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] وفي صحيح البخاري من حديث سمرة في قصة رؤياه الطويلة.. أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشيء مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، وفيه نيران، ورجال، ونساء فإذا ارتفع بهم اللهب صرخوا وضوضوا، فإذا انخفض لم يسمع صراخهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من هؤلاء يا جبريل؟ فقال له: هؤلاء الزناة والزواني} نسأل الله تعالى العفو والعافية.
الزنا -أيها الإخوة والأخوات-: سبب لكل مصيبة.. وباختصار: الهم، والفقر، وأولاد الحرام، وفقدان الحياء، وقلة الخوف من الله، والفضيحة، وعقوق الأولاد، وبغض الله -تعالى- للعبد، وبغض الناس له، وتكدير العيش، وحرمان البركة، وسوء الخاتمة، وفقدان لذة العبادة، وحب الدنيا، وشدة الخوف والجبن، وسوء الظن، وكل بلاء في الدنيا وفي الآخرة. وربما جر إلى تعاطي المخدرات أيضاً، بدءاً بالتدخين، وانتهاءً بالمخدرات الأخرى -أعني: الهاتف- التي تجعل متعاطيها ديوثاً ليس فيه قطرة من الغيرة، لا على نفسه ولا على محارمه، وربما قدَّم مدمن مخدرات بنته ضحية لزملائه؛ مقابل الحصول على هذه الأقراص، وفي ذلك قصص وأخبار.
د/ رابعاً: ضياع الوقت: الذي هو رأس المال، وبه يحاسب الإنسان، وعليه يعاقب، والله تعالى يقول في محكم تنـزيله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [فاطر:36] فاسمع ماذا يأتيهم الجواب من الرحيم.. الحليم.. اللطيف.. الخبير.. البر.. الجواد.. المتفضل.. المنعم: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37] نعمركم أي: نعطيكم أعماراً، ونعطيكم أياماً، وليالي، ونعطيكم ساعات، ودقائق، وسنوات، بل وجاءكم النذير، فكثيرٌ منكم وصلوا إلى حد المشيب، وبعث إليهم الرسل، ومع ذلك هم مصرون على ما هم عليه.
فبالعمر يعاقب الإنسان أو يثاب، وعليه يجازى في دار المآب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن، عن ابن مسعود، وأبي الدرداء وغيرهم: {لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع منها: عن عمره فيما أفناه، ومنها: عن شبابه فيما أبلاه} فالإنسان يسأل عن الشباب خاصة مرتين: مرة باعتباره جزءاً من العمر، ومرة يسأل عنه سؤالاً خاصاً؛ لأهمية هذه المرحلة وخطورتها.. ولهذا يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي رحمه الله يقول: "الوقت سريع التقضي، أَبِيُّ التأتي، بطيُّ الرجوع".
والوقت أعظم ما عُنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع |
من العجيب أيها الأحبة: أن الكثيرين سُرُّوا حينما أُلغيت الرسوم على المكالمات الداخلية للهاتف! وهذا أمر لا يعاتبون عليه، لما فيه من توفير المال الذي يحتاجون إليه؛ لكنني أتعجب أكثر!! هؤلاء الذين ضاعفوا من مكالماتهم باعتبار أنها بلا رسوم، ألم يدركوا أن ذلك أحدث عندهم أثراً سلبيّاً؟ وأنه جعلهم يخسرون ما هو أثمن من المال، وأثمن من الرسوم ألا وهو الوقت؟ فأصبحت الفتاة مثلاً تجلس - أو الفتى - أربع ساعات على الهاتف، في مكالمة لبنت الجيران، أو لفلانة لماذا؟ قالت: ما في رسوم -نعم.. هناك شيء آخر، رسوم من نوع آخر- رسوم ملزمة للإنسان بمقتضى النص الذي يقول: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4] ورسوم بمقتضى النص الآخر، الذي يقول: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] فيتخلل الكلام من ذلك الشيء الكثير الذي يعاقب عليه الإنسان، ولذلك -أحياناً- تجد الموظف مثلاً في مكتبه يتصل طويلاً، وربما قضى جزءاً كبيراً من وقته الرسمي في مكالمة لفلان أو لعلَّان، وينسى أن هذا الوقت ليس ملكاً له، بل ملك للناس.. ملك للمراجعين الذين ينتظرون أن يقوم بالإنجاز، وإذا انشغل بذلك؛ فلابد أنه سوف يكون ناقصاً نقصاً كثيراً بيناً في الإنتاجية، والعطاء؛ الذي ينتظره منه مجتمعه.
هـ/ خامساً: كثرة الكلام في هذا الهاتف وما يعتاد عليه الإنسان من ذلك، والكلام -كما أسلفت- محسوب، ويتخلل الكلام القيل والقال، والغيبة والنميمة، والكذب، والتصنع فيتظاهر الفتى للفتاة -مثلاً- بشيء آخر، وتتظاهر هي له بغير حقيقتها والغش والغزل.. وكم سينطق الهاتف لو استشهدته، ينطق بعبارات الغرام، وعبارات الغزل، والقصائد، قصائد الحب وغير ذلك؛ بل قد يتطور الأمر أحياناً إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
أقول: في بلاد الغرب تمارس الرذيلة -أحياناً- من خلال الهاتف، حيث يتصل الفتى فتصف له الفتاة حالها، ولباسها وهيئتها وشكلها ووضعها.. إلى آخره.
ويؤسفني أن أقول في قناة ليست في بلاد الغرب، بل في بلاد الشرق، بل في مهبط الوحي، في القناة الثانية وقبل فترة، كان هناك لقطة نقلت عبر الشاشة، من اختيار أحد المستمعين أو المشاهدين، تصور المشهد الذي ذكرته لكم قبل قليل، لكن في صورة أخرى.. فقد برز على الشاشة طفلان، بنت وولد في المهد، وكل واحد في جواره سماعة، وهم يتبادلون الحديث، إشارة إلى تلك الطريقة الموجودة في الغرب، ومكتوب على الشاشة ممنوع الاتصال لأقل من ثمانية عشر شهراً، إشارة إلى أنهم في بلاد الغرب، يمنعون أن يمارس الفساد عن طريق الهاتف، من كان أحياناً أقل من ثمان عشرة سنة.
و/ سادساً: ضياع الشخصية:
فلا عمل، ولا إنتاج، ولا خدمة في البيت، ولا دراسة، ولا حل واجب، ولا قراءة مفيدة، ولا سماع شريط نافع، بل الهم الوحيد هو الجلوس إلى الهاتف، ومحادثة فلان وفلان، فيوجد ذلك من التزهد، وضعف الهمة، والاسترخاء، ما يجعل هناك جيلاً من الأولاد والبنات، لا يحب الواحد منهم أن يصنع أي شيء، لأن بضاعته تبدأ وتنتهي بالكلام، والكلام ليس أي كلام، فمن الكلام ما ينفع.. فمن الكلام ما يدخل الجنة، كذكر الله تعالى وقراءة القرآن؛ ولكن المؤسف أنه كلام يضر ولا ينفع، فيشترون ما يضرهم ولا ينفعهم.
ز/ سابعاً: الانشغال عن طاعة الله:
وأضرب لكَ ولكِ مثلاً واحداً: ألا وهو (المكالمات الليلية)، التي تبدأ غالباً بعد الساعة الثانية عشر ليلاً، وقت نـزول الرب-جل وعلا- إلى سماء الدنيا، كما في الصحيحين وغيرهما، بل هو حديث متواتر حيث يقول سبحانه: {يا عبادي! هل من سائل فأعطيه سُؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ وذلك حتى ينفجر الفجر} على حين أن هذا الفتى وتلك الفتاة، غارقان في مكالمة هاتفية تضرهم ولا تنفعهم، وتبعدهم عن ربهم جل وعلا.
ح/ ثامناً: العزوف عن الزواج:
فطالما تأخرت الفتاة عن الزواج، في انتظار فارس الأحلام، الذي خدعها عن طريق الهاتف وهو لا يجيء أبداً.
أنا أقول: كل جريمة تقع اليوم، فلا بد أن للهاتف دوراً بارزاً فيها، وأرجو أن تصغوا جيداً لهذه الكلمة، وأنا مسئول عنها، (كل جريمة تقع اليوم، فالهاتف طرف فيها، في أي مرحلة من المراحل) إما أن يكون هو السبب الأول ونقطة البداية، أو يكون دوره في المرحلة الثانية أو الثالثة، أو الأخيرة، وأعني بذلك: كل الجرائم، سواء كانت جريمة خلوة، أو جريمة زنا، أو جريمة قتل، أو أي جريمة أخرى.
وهذا ثابت من خلال دراسات لمئات الحالات في هذه البلاد وفي غيرها؛ التي كشفت والتي لم تكشف أيضاً، نعرف أخباراً كثيرة منه، من خلال بعض الشكاوي وبعض المشكلات. وقد تتصل الطالبة بزميل لها في الجامعة، خاصة إن كانت منتسبة، لتسأله عن المنهج، ورقم الأستاذ، وطريقة الأسئلة، وتناقشه في الموضوعات التي تقول هي: إنها غير مفهومة، وتحتاج هي إلى شرح وبيان.
أما الرد على الهاتف: فحدث ولا حرج، فهو من مهمة البنت غالباً؛ أن تقوم بالرد على الهاتف، وهي فرصة للسؤال عن الحال.. كيف أحوالكم؟! وكيف الأهل؟! وكيف الجيران؟! وكيف الوالد؟! وكيف الوالدة؟! إلى غير ذلك من الأسئلة، وكثيرون يرغبون في محادثة المرأة، والاسترسال معها في الحديث، والشيطان يغريهم بذلك كثيراً. أما اتصال الفتاة بفتاة أخرى، فهذا باب آخر؛ فالصديقات يقضين وقتاً طويلاً في الحديث، وأحياناً المعجبات أيضا، فالفتاة قد تقع في إعجاب -تعجب بفتاة أخرى- ولا تصبر عنها، فإذا فارقتها في المدرسة، أصبحت تتصل بها في المنـزل، وأيضاً تحدثني بعض البنات الصالحات، أن هذه المكالمات قد تمتد لثلاث وأربع ساعات أحياناً، وهي لا تخرج بطائل، إلا الإعراب لها عن محبتها والإعجاب بها، وأنها تتمنى أن تكون مثلها.
وأحياناً تكون الحالة -في حقيقة الأمر- لا تعدو أن تكون حالة عشق واضحة صريحة، ولكنها قد تلبس لبوساً آخر، مثل لبوس الحب في الله، أو الإعجاب أو غير ذلك، والله -تعالى- يحب الصدق، ويقول جل وعلا: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ [القيامة:14-15] والمسميات لا تغير من الحقائق شيئاً.
الجارة أحياناً تتصل بجارتها، وليست المشكلة في الاتصال بذاته، فالهاتف -أصلاً- إنما يفرح به؛ لأنه ييسر سبيل الاتصال، لكن المشكلة في السلبيات الناجمة عن الاتصال، والتي يلخص بعضها فيما يلي:
أ/ أولاً: الخضوع بالقول:
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] هذا الأدب من الله تعالى لـعائشة، وخديجة، وزينب، وسودة، وأمهات المؤمنين، فما بالك بالناس في هذا الزمان، وقد كثرت الفتن، والمغريات، وارتفع أجيج الشهوات، وضعفت النفوس، وتسلط الشيطان، ومع ذلك يكون الخضوع بالقول سرّاً وعلانية!!
ب/ ثانياً: العشق؛ وقديماً كان بشار يقول:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً |
وهو في الواقع عشق مزيف.. الخاسرة الكبرى فيه هي البنت، ولهذا يقول أحد الأدباء، واسمه فاروق جويدة عن الحب عن طريق الهاتف، يقول -ومن فمهم ندينهم-: إنه حب بارد، حتى لو وصفه الخط التليفوني في وقتها بأنه ساخن جدّاً!
ومن الطرائف: أن إحداهن اتصلت، وكان صوتها عذباً رقيقاً؛ فاتصلت برجل وتحدثت معه طويلاً، ثم واعدها مكاناً قصيا، ولما اقترب منها على سيارته، رأى منها ما يكره، فمضى لحاله وهو يولول وتركها، حتى طال انتظارها؛ فانصرفت.. فالخاسر الأكبر هي المرأة، ثم الأسرة التي قد تجرها هذه الأمور، إلى فضيحة لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.
ج/ ثالثاً: التدرج في المعصية:
قال ربنا جل وعلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [النور:21] فهي خطوة تجر إلى خطوات، والذي وضع قدمه في بداية الطريق السيء، لا يلومن إلا نفسه إذا مشى في هذا الطريق، دون أن يملك التوقف فيه! نظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء! مكالمة.. بعد ذلك تعطيه رقم هاتفها، ثم تواعده ليراها، ثم يخلو بها ثم {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} فما ظنك باثنين إبليس ثالثهما، ماذا يمكن أن يصنع رجل وامرأة؟! حقيقة لا أعرف -أنا- كيف أتصور فتاة تلتقي بفتى مراهقين خاليين، وفيهما الغريزة الفطرية التي ركبها الله تعالى في بني آدم كلهم كافة، لا أعرف كيف أتصور ألا يفكر أحدهما في الآخر؟ فهو يتصورها في أجمل هيئة، وأفضح وضع، ويتصور نفسه إلى جوارها، وهي الأخرى كذلك، شاءا أم أبيا، وشاء أولياء الأمور أم أبوا.
كثيرون هم الذين وقعوا في الفاحشة الكبرى، ولم يكونوا يخططون لذلك في البداية، خاصة من الفتيات، بل الذي يضع قدمه في أول الطريق؛ يجره إلى النهاية، والله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
فنهى عن قربان الزنا، وقربانه: كل وسيلة تؤدي إليه.. فالآية: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] نهي عن النظرة إلى الرجل، ونهي الرجل عن النظرة إلى المرأة الحرام، ونهي عن المحادثة الحرام، ونهي عن الخلوة، ونهي عن الضمة، ونهي عن القبلة، ونهي عن الضحكة التي تغري أحدهما بالآخر، كل ذلك ذرائع وبريد، والله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] وفي صحيح البخاري من حديث سمرة في قصة رؤياه الطويلة.. أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشيء مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، وفيه نيران، ورجال، ونساء فإذا ارتفع بهم اللهب صرخوا وضوضوا، فإذا انخفض لم يسمع صراخهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من هؤلاء يا جبريل؟ فقال له: هؤلاء الزناة والزواني} نسأل الله تعالى العفو والعافية.
الزنا -أيها الإخوة والأخوات-: سبب لكل مصيبة.. وباختصار: الهم، والفقر، وأولاد الحرام، وفقدان الحياء، وقلة الخوف من الله، والفضيحة، وعقوق الأولاد، وبغض الله -تعالى- للعبد، وبغض الناس له، وتكدير العيش، وحرمان البركة، وسوء الخاتمة، وفقدان لذة العبادة، وحب الدنيا، وشدة الخوف والجبن، وسوء الظن، وكل بلاء في الدنيا وفي الآخرة. وربما جر إلى تعاطي المخدرات أيضاً، بدءاً بالتدخين، وانتهاءً بالمخدرات الأخرى -أعني: الهاتف- التي تجعل متعاطيها ديوثاً ليس فيه قطرة من الغيرة، لا على نفسه ولا على محارمه، وربما قدَّم مدمن مخدرات بنته ضحية لزملائه؛ مقابل الحصول على هذه الأقراص، وفي ذلك قصص وأخبار.
د/ رابعاً: ضياع الوقت: الذي هو رأس المال، وبه يحاسب الإنسان، وعليه يعاقب، والله تعالى يقول في محكم تنـزيله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [فاطر:36] فاسمع ماذا يأتيهم الجواب من الرحيم.. الحليم.. اللطيف.. الخبير.. البر.. الجواد.. المتفضل.. المنعم: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37] نعمركم أي: نعطيكم أعماراً، ونعطيكم أياماً، وليالي، ونعطيكم ساعات، ودقائق، وسنوات، بل وجاءكم النذير، فكثيرٌ منكم وصلوا إلى حد المشيب، وبعث إليهم الرسل، ومع ذلك هم مصرون على ما هم عليه.
فبالعمر يعاقب الإنسان أو يثاب، وعليه يجازى في دار المآب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن، عن ابن مسعود، وأبي الدرداء وغيرهم: {لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع منها: عن عمره فيما أفناه، ومنها: عن شبابه فيما أبلاه} فالإنسان يسأل عن الشباب خاصة مرتين: مرة باعتباره جزءاً من العمر، ومرة يسأل عنه سؤالاً خاصاً؛ لأهمية هذه المرحلة وخطورتها.. ولهذا يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي رحمه الله يقول: "الوقت سريع التقضي، أَبِيُّ التأتي، بطيُّ الرجوع".
والوقت أعظم ما عُنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع |
من العجيب أيها الأحبة: أن الكثيرين سُرُّوا حينما أُلغيت الرسوم على المكالمات الداخلية للهاتف! وهذا أمر لا يعاتبون عليه، لما فيه من توفير المال الذي يحتاجون إليه؛ لكنني أتعجب أكثر!! هؤلاء الذين ضاعفوا من مكالماتهم باعتبار أنها بلا رسوم، ألم يدركوا أن ذلك أحدث عندهم أثراً سلبيّاً؟ وأنه جعلهم يخسرون ما هو أثمن من المال، وأثمن من الرسوم ألا وهو الوقت؟ فأصبحت الفتاة مثلاً تجلس - أو الفتى - أربع ساعات على الهاتف، في مكالمة لبنت الجيران، أو لفلانة لماذا؟ قالت: ما في رسوم -نعم.. هناك شيء آخر، رسوم من نوع آخر- رسوم ملزمة للإنسان بمقتضى النص الذي يقول: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4] ورسوم بمقتضى النص الآخر، الذي يقول: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] فيتخلل الكلام من ذلك الشيء الكثير الذي يعاقب عليه الإنسان، ولذلك -أحياناً- تجد الموظف مثلاً في مكتبه يتصل طويلاً، وربما قضى جزءاً كبيراً من وقته الرسمي في مكالمة لفلان أو لعلَّان، وينسى أن هذا الوقت ليس ملكاً له، بل ملك للناس.. ملك للمراجعين الذين ينتظرون أن يقوم بالإنجاز، وإذا انشغل بذلك؛ فلابد أنه سوف يكون ناقصاً نقصاً كثيراً بيناً في الإنتاجية، والعطاء؛ الذي ينتظره منه مجتمعه.
هـ/ خامساً: كثرة الكلام في هذا الهاتف وما يعتاد عليه الإنسان من ذلك، والكلام -كما أسلفت- محسوب، ويتخلل الكلام القيل والقال، والغيبة والنميمة، والكذب، والتصنع فيتظاهر الفتى للفتاة -مثلاً- بشيء آخر، وتتظاهر هي له بغير حقيقتها والغش والغزل.. وكم سينطق الهاتف لو استشهدته، ينطق بعبارات الغرام، وعبارات الغزل، والقصائد، قصائد الحب وغير ذلك؛ بل قد يتطور الأمر أحياناً إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
أقول: في بلاد الغرب تمارس الرذيلة -أحياناً- من خلال الهاتف، حيث يتصل الفتى فتصف له الفتاة حالها، ولباسها وهيئتها وشكلها ووضعها.. إلى آخره.
ويؤسفني أن أقول في قناة ليست في بلاد الغرب، بل في بلاد الشرق، بل في مهبط الوحي، في القناة الثانية وقبل فترة، كان هناك لقطة نقلت عبر الشاشة، من اختيار أحد المستمعين أو المشاهدين، تصور المشهد الذي ذكرته لكم قبل قليل، لكن في صورة أخرى.. فقد برز على الشاشة طفلان، بنت وولد في المهد، وكل واحد في جواره سماعة، وهم يتبادلون الحديث، إشارة إلى تلك الطريقة الموجودة في الغرب، ومكتوب على الشاشة ممنوع الاتصال لأقل من ثمانية عشر شهراً، إشارة إلى أنهم في بلاد الغرب، يمنعون أن يمارس الفساد عن طريق الهاتف، من كان أحياناً أقل من ثمان عشرة سنة.
و/ سادساً: ضياع الشخصية:
فلا عمل، ولا إنتاج، ولا خدمة في البيت، ولا دراسة، ولا حل واجب، ولا قراءة مفيدة، ولا سماع شريط نافع، بل الهم الوحيد هو الجلوس إلى الهاتف، ومحادثة فلان وفلان، فيوجد ذلك من التزهد، وضعف الهمة، والاسترخاء، ما يجعل هناك جيلاً من الأولاد والبنات، لا يحب الواحد منهم أن يصنع أي شيء، لأن بضاعته تبدأ وتنتهي بالكلام، والكلام ليس أي كلام، فمن الكلام ما ينفع.. فمن الكلام ما يدخل الجنة، كذكر الله تعالى وقراءة القرآن؛ ولكن المؤسف أنه كلام يضر ولا ينفع، فيشترون ما يضرهم ولا ينفعهم.
ز/ سابعاً: الانشغال عن طاعة الله:
وأضرب لكَ ولكِ مثلاً واحداً: ألا وهو (المكالمات الليلية)، التي تبدأ غالباً بعد الساعة الثانية عشر ليلاً، وقت نـزول الرب-جل وعلا- إلى سماء الدنيا، كما في الصحيحين وغيرهما، بل هو حديث متواتر حيث يقول سبحانه: {يا عبادي! هل من سائل فأعطيه سُؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ وذلك حتى ينفجر الفجر} على حين أن هذا الفتى وتلك الفتاة، غارقان في مكالمة هاتفية تضرهم ولا تنفعهم، وتبعدهم عن ربهم جل وعلا.
ح/ ثامناً: العزوف عن الزواج:
فطالما تأخرت الفتاة عن الزواج، في انتظار فارس الأحلام، الذي خدعها عن طريق الهاتف وهو لا يجيء أبداً.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5157 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |