خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
أحوال الغارقات
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكِ الله وبياكِ، وسدد على طريق الحق خطانا وخطاكِ، نحن وإياكِ في مكان مبارك في ليلة مباركة في اجتماع مبارك، في محاضرة بعنوان: (أحوال الغارقات).
نعم أخية! إننا نوجه في هذه الليلة حديثاً من القلب إلى القلب إلى فتيات الإسلام، نوجه حديثاً إلى فتيات الإسلام اللاتي حدن عن الطريق، وتناسين أنهن حفيدات خديجة وعائشة وسمية علهن يراجعن الحسابات، ونوجه حديثاً للصادقات حتى يكون سبباً لهن على الثبات.
أخية! من طلب شيئاً بحث عنه وسعى لتحصيله، وكلنا يبحث عن السعادة والأمان اللذين يملئان القلب راحة واطمئنان.
تقول إحدى الباحثات عن السعادة: لقد بحثت عنها في كل شيء فما وجدتها، ألبس أفخر الملابس وأفخمها، طفت العالم مع أهلي، تنقلنا من شاطئ إلى شاطئ، فما زادني ذلك إلا هماً وضيقاً، ظننتها في موسيقى وألحان، فاشتريت أغلب الألبومات عربية وغربية، قضيت في سماعها ساعات أرقص على أنغامها فما ازدت إلا بعداً وضياعاً.
ظننتها -أي السعادة- في مشاهدة مسلسلات وأفلام، فتنقلت بين الفضائيات على أطباق ومسلسلات أبحث عن الضحك والفرفشة، نعم ضحكت، لكنني في نفس الوقت كنت أنزف دماً وأتألم في أعماقي، فلا زال هناك شيء مفقود.
مع الوقت زادت الجراح، وحاصرتني الهموم، واستشرت صويحباتي فقلن لي: إن السعادة في الارتباط بشاب وسيم يبادلك الحب والغرام، ويبثك عبارات العشق والهيام، ويتغزل بمحاسنك عبر الهاتف، فأعطوني الأرقام وسلكت هذا الطريق، وأخذت أتنقل من شاب إلى آخر بحثاً عن السعادة الحقيقية، فما وجدتها، بل بالعكس لقد تنازلت عن كثير، تنازلت عن عرضي، وكرامتي، وحيائي، وقبل هذا ديني الذي كان في واد وأنا في واد، لقد هربت من جحيم إلى جحيم أبشع وأفظع .
تقول: أريدكم أن تعرفوا عني وعن كثير من الغارقات أمثالي، إننا ضحايا ولسنا بمجرمات، نحن تائهات وحائرات، أنا لا أقول ذلك دفاعاً عن نفسي وعن الغارقات، إنما أقول ذلك حتى إذا رأيتموهن فارحموهن وأشفقوا عليهن، وادعوا لهن بالهداية فإنهن غارقات.
أيتها الغالية! سأسوق إليك في هذه الليلة أخباراً ومآسي ومبشرات، نظمتها كما يلي:
خمس مآسي وبين كل مأساة وأخرى وقفة:
المأساة الأولى: خزي وعار، ثم وقفة لرجال الهيئة.
المأساة الثانية: مسلمات لكنهن كافرات، ثم وقفة بعنوان: نجاة غارقة.
المأساة الثالثة: يا ويلها هتكت عرض أهلها، ثم وقفة بعنوان: الثمن الجنة.
المأساة الرابعة: ألعوبة في يد الشباب، بل قولي الذئاب، ثم وقفة بعنوان: رسالة إليكِ.
المأساة الخامسة: بدون عنوان، فلقد احترت في اختيار عنوان لها، ثم وقفة بعنوان: متفائلون بإذن الله.
ثم الخبر الأخير: الخير باق في هذه الأمة وطريق السعادة.
فهيا ننطلق، مآسي وآهات، إليكِ بعضاً منها، ووالله الذي لا إله إلا هو إنها حقائق لا كذب ولا افتراءات.
هربت من المدرسة لأنها على موعد مع أحد الغارقين، فلما ركبت سيارته وانطلق حصل لهما حادث، فجاء رجال المرور فطلبوا منه الانتظار حتى ينهوا إجراءات الحادث، فاتصل هذا الشاب بزميل له حتى يأتي ويأخذ الفتاة، ويوصلها إلى الشقة المعروفة عندهم، حتى ينتهي من إجراءات الحادث ثم يخلو هو وإياها قبل إرجاعها إلى المدرسة.
جاء الشاب وليته لم يأت، ركبت معه فلما التفتت إليه فإذا هو أخوها! خزي وعار لا عجب، هي غارقة وهو من الغارقين، فكم تطاول هو على أعراض الناس الآخرين! وكما تدين تدان، والله إنها حقائق لا كذب ولا افتراءات.
وقفة: مع رجال الهيئة
كتب لي أحدهم قال: كنا نعمل في المكتب الذي يتبع كلية البنات، كنا نلاحظ ونراقب الجهة المقابلة للكلية ونتابع الطالبات اللاتي يحضرن من داخل الحي، لأن اللاتي يخرجن مع الشباب ينزلن هناك ثم يأتين مشياً إلى الكلية.
مرة من المرات: وجدت زميلي يتحدث مع طالبة ويسألها: من أين أتيت؟ أخذت تحلف وتقسم بالله إنها جاءت من الكلية وليس من الحي، فقلت لزميلي: أمتأكد أنت إنها جاءت من الحي؟ قال: متأكد كما أنك أمامي، قال: حولها إلى المركز وأكمل الإجراءات والتعليمات، قال: لقد حلفت وأقسمت وسأتركها من أجل ذلك، والله يتولى أمرنا وأمرها، فمن يكن كاذباً فعليه كذبه، ونحن أصلاً لا نريد منها شيئاً إلا المحافظة على سمعتها وشرفها من الذئاب.
ذهبت الطالبة إلى طالبات يجلسن أمام محلات تجارية مقابل الكلية، وأخذت تقول لهن بأنها ألجمتنا وأسكتتنا، وأننا اتهمناها ظلماً وبهتاناً، وأخذت تحرض الطالبات علينا وعلى عدم السكوت لنا وعلى عدم مهابتنا.
لما وصلنا إلى الرصيف الآخر أنا وصاحبي إذا بصوت فرامل سيارة خلفنا، التفتنا فإذا بهذه الطالبة ملقاة على الأرض قد صدمتها السيارة وهي تحاول أن تقطع الطريق، لا أقول لكم: إنها ماتت فأنا لا أعلم، ولكنها أصيبت إصابات خطيرة وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42].
طلبت من الشباب الذين يعملون بهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكتبوا لي بعضاً من القصص والمواقف التي مرت بهم من أحوال الفتيات، بكى بعضهم حزناً وألماً على بنات المسلمين، وإلى أي درجة من الضياع وصلن إليه، بل أصبحن يتطاولن على الدين وأهله، وما درت أن هؤلاء يريدون حفظ عرضها وشرفها.
كتب لي أحدهم قال: كنا نعمل في المكتب الذي يتبع كلية البنات، كنا نلاحظ ونراقب الجهة المقابلة للكلية ونتابع الطالبات اللاتي يحضرن من داخل الحي، لأن اللاتي يخرجن مع الشباب ينزلن هناك ثم يأتين مشياً إلى الكلية.
مرة من المرات: وجدت زميلي يتحدث مع طالبة ويسألها: من أين أتيت؟ أخذت تحلف وتقسم بالله إنها جاءت من الكلية وليس من الحي، فقلت لزميلي: أمتأكد أنت إنها جاءت من الحي؟ قال: متأكد كما أنك أمامي، قال: حولها إلى المركز وأكمل الإجراءات والتعليمات، قال: لقد حلفت وأقسمت وسأتركها من أجل ذلك، والله يتولى أمرنا وأمرها، فمن يكن كاذباً فعليه كذبه، ونحن أصلاً لا نريد منها شيئاً إلا المحافظة على سمعتها وشرفها من الذئاب.
ذهبت الطالبة إلى طالبات يجلسن أمام محلات تجارية مقابل الكلية، وأخذت تقول لهن بأنها ألجمتنا وأسكتتنا، وأننا اتهمناها ظلماً وبهتاناً، وأخذت تحرض الطالبات علينا وعلى عدم السكوت لنا وعلى عدم مهابتنا.
لما وصلنا إلى الرصيف الآخر أنا وصاحبي إذا بصوت فرامل سيارة خلفنا، التفتنا فإذا بهذه الطالبة ملقاة على الأرض قد صدمتها السيارة وهي تحاول أن تقطع الطريق، لا أقول لكم: إنها ماتت فأنا لا أعلم، ولكنها أصيبت إصابات خطيرة وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42].
تقول لي قريبة لي تعمل معلمة في إحدى الثانويات: خرجت من غرفة المدرسات يوماً، فإذا بطالبتين يتبادلن الحديث قريباً من الغرفة، وكان الوقت وقت صلاة الظهر.
قالت الأولى للثانية: لماذا لا تصلين معنا في مصلى المدرسة؟! قالت الثانية: أنا لا أصلي حتى في البيت، وأزيدك من الشعر بيتاً، أهلي كذلك لا يصلون!! لا إله إلا الله! بكل صراحة ووقاحة وقلة حياء تقول: أنا لا أصلي، أسألك بالله العظيم ما الفرق بينها وبين الكافرات؟ صدق الله في علاه حين قال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] قال ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه: معنى (أضاعوها) يعني: ما تركوها بالكلية، ولكنهم أخروها عن أوقاتها.
نعم رعاك الله! تهاون وتكاسل، لا تصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا تصلي العصر إلا المغرب، ولا تصلي المغرب إلا العشاء، ولا تصلي العشاء إلا الفجر، ولا تصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس.
هكذا حال الغارقات، فمن ماتت أخية وهي على هذه الحال فقد توعدها الله بغي واد في جهنم، بعيد قعره شديد حره، لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره، فهل تقوين على هذا؟!
أما سمعت تلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)؟! فكم هن الكافرات من الغارقات، ولو سئلن عن أسمائهن لقلن خديجة وعائشة وكذبن والله، وكذبن والله فإنهن غارقات.
روى الذهبي في كتابه: (الكبائر) عن بعض السلف أنه دفن أختاً له ماتت، فسقط منه كيس من ماله في القبر فلم يشعر بذلك، ثم ذكره فرجع إلى القبر ينبشه بحثاً عن الكيس، فوجد القبر يشتعل ناراً، فردَّ التراب ورجع إلى أمه باكياً وحزيناً، قال: أمّاه! أخبريني عن أختي وما كانت تعمل؟ قالت: وما سؤالك عنها؟ قال: يا أمّاه! رأيت قبرها يشتعل عليها ناراً، فبكت أمّه وقالت: يا ولدي! أختك كانت تتهاون في الصلاة وتؤخرها عن وقتها.
سمعتِ يا أمة الله! هذا حال من تؤخر الصلاة، هذا حال من تؤخر الصلاة عن وقتها، فكيف سيكون حال تلك التي تقول: أنا لا أصلي وأهلي أيضاً لا يصلون؟ قال الله عنهم: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42] يعني: يوم القيامة يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ * فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [القلم:42-45].
والله إنك لن تتقربي إلى الله بقربة بعد توحيده أعظم من الصلوات، فصلي بارك الله فيك، صلي رعاك الله قبل ألا يصلى عليك، فتاركة الصلاة لا يصلى عليها ولا تغسل ولا تكفن ولا تحمل على الرقاب، بل تُجَرُّ على وجهها، يُحفَرُ لها حفرة في الصحراء تُكَبُّ فيها على وجهها، لا يُدعى لها ولا يستغفر لها، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33]، فهل ترضين بهذا؟ سأترك الجواب لك، فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].
وقفة: مع نجاة غارقة
فهزتني الكلمات، وتأثرت بها تأثراً شديداً، فماذا عملت؟ سألت نفسي وقلت: ماذا عملت أنا حتى أنجو بنفسي من عذاب الله؟ فأخذت أبكي وشعرت هي ببكائي، وسألتني عن السبب، فأخبرتها بأنه الدعاء المكتوب على دفتر محاضراتها، وقلت: لقد أثر في، قالت: الحمد لله أراد الله بك خيراً، فاعملي بارك الله فيك لكي تنجي من عذاب الله.
كلمات بسيطة عظيمة في معناها، أيقظتها من غفلتها، وأنتِ يا من لا زلت تغرقين بين شاشات وقنوات، ومحادثات على الإنترنت ومعاكسات، تصرين على الذنب تلو الذنب، وتتهاونين في الصلوات، أما آن أن تتوبي وتقلعي عن الذنب وتئوبي؟ أما آن أن تحاسبي النفس وتقولي:
يا نفس توبي قبل أن لا تقدري أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الـ ـرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالريـ ـاح عليك دائمة الهبوب والله إنك لا تقوين على عذاب الله، فلا تحاربيه بالمعاصي، وتذكري موقفاً ستقفينه بين يديه عارية حسيرة كسيرة، الكل ينظر إليك، يالله! كيف سيكون حالك إذا دكت الأرض دكاً دكاً، وجاء ربك والملك صفاً صفاً؟ يا الله! كيف سيكون حالك إذا جيء يومئذ بجهنم، يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى؟
أما حال الغارقات فيقلن: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:24-26].
أما التائبات الناجيات فينادين: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].
قال صلى الله عليه وسلم: (رأيت النار ورأيت أكثرها النساء).
فاتق الله أمة الله، ورددي صباح مساء: (اللهم قني عذابك، يوم تبعث عبادك).
تقول إحدى الغارقات: كنت أجمع الشعر الساقط وأحفظه وأتداوله مع الفتيات، كنا نظن أن تلك السعادة ولكن الله أراد لي هداية ونجاة من أمواج الشهوات، جلست في إحدى المحاضرات يوماً في الكلية بجانب فتاة صالحة مستقيمة، كانت قد كتبت على دفتر محاضراتها هذا الدعاء: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) قلت: نحن نكتب الشعر الساقط وهؤلاء الفتيات يكتبن مثل هذه الكلمات.
فهزتني الكلمات، وتأثرت بها تأثراً شديداً، فماذا عملت؟ سألت نفسي وقلت: ماذا عملت أنا حتى أنجو بنفسي من عذاب الله؟ فأخذت أبكي وشعرت هي ببكائي، وسألتني عن السبب، فأخبرتها بأنه الدعاء المكتوب على دفتر محاضراتها، وقلت: لقد أثر في، قالت: الحمد لله أراد الله بك خيراً، فاعملي بارك الله فيك لكي تنجي من عذاب الله.
كلمات بسيطة عظيمة في معناها، أيقظتها من غفلتها، وأنتِ يا من لا زلت تغرقين بين شاشات وقنوات، ومحادثات على الإنترنت ومعاكسات، تصرين على الذنب تلو الذنب، وتتهاونين في الصلوات، أما آن أن تتوبي وتقلعي عن الذنب وتئوبي؟ أما آن أن تحاسبي النفس وتقولي:
يا نفس توبي قبل أن لا تقدري أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الـ ـرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالريـ ـاح عليك دائمة الهبوب والله إنك لا تقوين على عذاب الله، فلا تحاربيه بالمعاصي، وتذكري موقفاً ستقفينه بين يديه عارية حسيرة كسيرة، الكل ينظر إليك، يالله! كيف سيكون حالك إذا دكت الأرض دكاً دكاً، وجاء ربك والملك صفاً صفاً؟ يا الله! كيف سيكون حالك إذا جيء يومئذ بجهنم، يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى؟
أما حال الغارقات فيقلن: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:24-26].
أما التائبات الناجيات فينادين: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].
قال صلى الله عليه وسلم: (رأيت النار ورأيت أكثرها النساء).
فاتق الله أمة الله، ورددي صباح مساء: (اللهم قني عذابك، يوم تبعث عبادك).
طالبة في الكلية، المتوقع أنها إذا تخرجت وحملت الشهادة ستصبح معلمة للأجيال ومربية للأطفال، فإذا هي تعصي ربها وتخالف دينها وتبيع شرفها وتخون أهلها وتخضع حياءها، فإن لم تكن أمينة على نفسها فماذا يرجى منها؟
في يوم الأربعاء ومع نهاية الدوام في الكلية أخبرت صاحبتها التي تشاركها البحث أنها لن تأتي يوم السبت ولكنها ستحضر يوم الأحد، لقد خططت ودبرت، فستخرج مع أحد الشباب في يوم السبت، فاستعارت جوال صاحبتها للاتصال بمن ستخرج معه.
خرجت وهي تظن أن أحداً لن يراها، نسيت أن رب الأرض والسماء يراها، في صباح السبت مع دخول الفتيات إلى الكلية أنزلها أهلها عند الباب وكلهم فخر وثقة، أنزلوها ظناً منهم أنها ستكون في الكلية لتتعلم وتتخرج وتنفع نفسها، وقبل ذلك تنفع أمتها، هذه الأمة الجريحة التي هي أحوج ما تكون لفتيانها وفتياتها.
بدلاً من أن تتوجه إلى بوابة الكلية اتجهت إلى سيارة الشاب الذي كان ينتظرها.
لفت ذلك انتباه حارس الكلية فميز السيارة ومن فيها، وأخبر أمن الكلية بذلك، فقالوا له: ترقب رجوع السيارة ظهراً وقت الانصراف.
سبحان الله! وصلت الجرأة بالبنات أن يركبن مع الشباب دون تردد أو حياء، عند الظهر جاءت السيارة ووقفت إلى جانب الكلية تحت الأشجار، فاتجه الحارس الأمين إليها، ولما نزلت الفتاة من السيارة جاءهم الحارس وأمر صاحب السيارة بالوقوف، فهرب الجبان مخلفاً ضحيته.
فقال لها الحارس بعد أن أخذ رقم السيارة: من أين أتيت؟ قالت : أنا خرجت من الكلية، فقال الحارس: إذاً ارجعي إلى الكلية! فرفضت، فلما رفضت أخذ الحارس منها شنطتها التي كانت بيدها لإجبارها على الدخول إلى الكلية لكنها رفضت.
فأخبر الحارس إدارة الكلية وسلمهم الشنطة، جاء الشاب بعدها يطالب بحقيبة الفتاة، فأخذه الحارس إلى المكتب ثم استدعى رجال الهيئة حماة الدين والأعراض، أسأل الله أن يحفظهم من كل سوء ومكروه.
قبل قدومهم استأذن الجبان لإحضار جواله من السيارة، ذهب ولم يعد، لكن العين الساهرة الشرطة أتت به برقم سيارته، في مساء ذلك اليوم اتصلت على صاحبتها بعد صلاة المغرب التي أخبرتها أنها لن تحضر في يوم الأربعاء، اتصلت عليها لتقول لها: إني أريد مساعدتك في التستر عليّ، لأنني كنت من الصباح إلى الظهر مع أحد الشباب، فقالت الصاحبة: سأساعدك، فمن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة.
تقول صاحبتها: اضطررت أن أكذب من أجلها، بل حلفت على المصحف كاذبة.
عجيب أمرهن! تستر على الباطل وتعاون على الإثم والعدوان! وأمّا صاحبتها الثانية فشهدت كذباً وبهتاناً وزوراً بأنها رأتها يوم السبت في الكلية وهي لم ترها، لا إله إلا الله! هل يظنون أن الله غافل عمّا يعملون ؟
أمّا هي فلقد ادعت أن حقيبتها سرقت وأحضرت صويحباتها ليكذبن معها، بل جاءت بأمها لتقول: إنها كانت في البيت ظهراً، وتقول في التحقيق: أقسم بالله العظيم وأمام المصحف الكريم بأني كنت متواجدة يوم السبت الموافق كذا وكذا داخل الكلية من الساعة السابعة والنصف وحتى الثانية عشرة ظهراً ولم أخرج من الكلية، والله على ما أقول شهيد.
حسبي الله ونعم الوكيل! جعلت الله أهون الناظرين والسامعين إليها.
قامت الهيئة بدورها، وقام رجال الشرطة بدورهم، وجاءوا بالشاب ولا يحق إلا الحق أمام الأدلة والبراهين، اعترف الشاب بخروجها معه، وتراجعت الصويحبات أمام الاعترافات، فخارت قواها، وانكشف كذبها وعارها، ووجه لها ولصويحباتها إنذارات فصل من الكلية.
فهل من المعقول أن يكنّ هؤلاء مربيات للأجيال وصانعات للأبطال؟!
المأساة الكبرى حين جاء أبوها إلى الكلية بعد استدعائه ليوقع على إنذار الفصل، جاء مطأطئ الرأس، شارد الذهن، دموعه على خده.
تقول: رجعت مع والدي وأنا أتجرع غصص الموت والألم والسهام الجارحة، لم يتكلم معي طوال الطريق، لكن نظراته الصامتة تلاحقني وكأنها تقول: لقد أجرمت بحقك وحقنا، لقد شوهت ولطخت سمعتنا، إنا لله وإنا إليه راجعون!
ومثلها من الغارقات كثير.
وقفة إنا لله وإنا إليه راجعون، ومثلها من الغارقات كثير:
خرجت تمزق مع الصباح حجابها
قد قصرت بين الأنام ثيابها
خرجت وكل الهائمين تجمهر
صرخت وجمع العابدين أجابها
يا ويلها هتكت عرض أهلها
قد أرخصت يوم الخروج نقابها
يا ويلها هذا العفاف تدوسه
قد أوسقت رأس الوفاء ترابها
الثمن الجنة
اسمعي أخية وقولي: أين نحن من هؤلاء؟
أيتها الغالية! إن أجمل لباس تلبسينه هو لباس العفة والحياء، فإذا خلعته فوالله لباطن الأرض خير لك من ظاهرها، وإليك خبراً من أخبار العفيفات، وانظري إلى عظيم ثمن العفة والحياء.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة) اسمعي ثمن الصبر على العفة والحياء، قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: بل أصبر -لأن الثمن غالي- لكني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعى لها).
الله أكبر! هذا حال من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، لن تتخلى عن حيائها في أحلك ساعات حياتها، وفي أشد أوقات بلائها، بل قالت بعزة المؤمنة: أصبر على الألم أصبر على البلاء، ولكني لا أصبر على خلع الحياء، فما جزاء صبرها؟ قال الله: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا [الإنسان:12-22].
هذا ثمن الصبر وجزاء الصابرات، فما بال نساؤنا اليوم؟ وما بال الفتيات زهدن بالجنة وما فيها؟
أختاه إن رمت الوصول لجنة فيها الخلود ونظرة الرحمن
فعليك تطبيق الشريعة دائماً
في أي شأن أو بأي زمان
ماذا دهاك فتسمعين نعيقهم
ولديك صوت الحق في الفرقان
لوذي به عنه لا تتحولي
لا ليس يعدله كتاب ثاني
الله أعطاك الحياة تكرماً
فعلام تذهب في هوى الشيطان
إن لم تسيري في الحياة مع التقى
ليكن ضياع الأمر في الحسبان
أختاه تأملي بنصيحتي وبها اعملي تجدين طعم حلاوة الإيمان
قال الله: فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:17-18].
نعم أخية! إن ثمن الصبر عظيم، والصابرون والصابرات يوفون أجورهم بغير حساب، فما جزاء الصابرة على الطاعات والصابرة عن الفواحش والمنكرات والصابرة على ما تلاقيه من أذى في سبيل ربها؟! ما ثمن العفة والحياء والصبر على البلاء؟!
اسمعي أخية وقولي: أين نحن من هؤلاء؟
أيتها الغالية! إن أجمل لباس تلبسينه هو لباس العفة والحياء، فإذا خلعته فوالله لباطن الأرض خير لك من ظاهرها، وإليك خبراً من أخبار العفيفات، وانظري إلى عظيم ثمن العفة والحياء.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة) اسمعي ثمن الصبر على العفة والحياء، قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: بل أصبر -لأن الثمن غالي- لكني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعى لها).
الله أكبر! هذا حال من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، لن تتخلى عن حيائها في أحلك ساعات حياتها، وفي أشد أوقات بلائها، بل قالت بعزة المؤمنة: أصبر على الألم أصبر على البلاء، ولكني لا أصبر على خلع الحياء، فما جزاء صبرها؟ قال الله: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا [الإنسان:12-22].
هذا ثمن الصبر وجزاء الصابرات، فما بال نساؤنا اليوم؟ وما بال الفتيات زهدن بالجنة وما فيها؟
أختاه إن رمت الوصول لجنة فيها الخلود ونظرة الرحمن
فعليك تطبيق الشريعة دائماً
في أي شأن أو بأي زمان
ماذا دهاك فتسمعين نعيقهم
ولديك صوت الحق في الفرقان
لوذي به عنه لا تتحولي
لا ليس يعدله كتاب ثاني
الله أعطاك الحياة تكرماً
فعلام تذهب في هوى الشيطان
إن لم تسيري في الحياة مع التقى
ليكن ضياع الأمر في الحسبان
أختاه تأملي بنصيحتي وبها اعملي تجدين طعم حلاوة الإيمان
قال الله: فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:17-18].