على سرير الموت


الحلقة مفرغة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا هو الدرس السابع والثلاثون من سلسلة الدروس العلمية العامة، ينعقد في هذه الليلة ليلة الإثنين (16) من شهر صفر لعام ألف وأربعمائة واثني عشر للهجرة.

وقد أسلفت القول لكم عن عنوان حديثي إليكم في هذه الليلة " على سرير المـوت ".

ماذا عن الأسئلة

لقد ذهبت معي في المجلس السابق بعدد كبير من أسئلتكم، وتصفحت هذه الأسئلة وقرأتها أكثر من مرة، ويعلم الله أنني كنت مسروراً من قراءتها، فقد قرأت في معظم هذه الأسئلة، وجلها إن لم يكن في كلها قلوباً تخفق بحب الإسلام، وعقولاً تفكر فيه، بل وألسنة تلهج بذكره وتعبر عنه، ولاشك أن ثمة عبارات كثيرة كتبها الإخوة تحمل مضامين أكبر من تلك الكلمات، فكم كان سروري عظيماً وأنا أقرأ هذه الأسئلة فأجدها معبرة بدرجة كبيرة من الوعي، ومستوى رفيع من الإدراك، فضلاً عن جودة اللغة وحسن العبارة، فالحمد لله رب العالمين أن تكون هذه الأمة -على الأقل- بدأت تفكر تفكيراً سليماً، وبدأت تتلمس طريقها وتبحث عنه، إن الفرح يتجدد كلما قرأ الإنسان سؤالاً يقول: ما هو دوري! ما واجبي! ماذا افعل؟ إلى غير ذلك.

طلب موضوعات تتعلق بالنساء

كما أن عدداً من الأخوات كتبن اقتراحات أو طلبن موضوعات تتعلق بالمرأة، والحق يقال: أننا مقصرون في الموضوعات المتعلقة بالمرأة في هذه الدروس، وسبب التقصير ربما عدم معرفتنا تماماً بما يجري في أوساط النساء، فنحن بحاجة إلى أن يكتب إلينا عما يدور عن الأخطاء والانحرافات الموجودة في أوساط المرأة سواء في المجالس أم المدارس أم المجتمعات أم غيرها، حتى يكون علاجها على بينة وعلى بصيرة، وأنا في انتظار مثل هذه الأمور لمعالجة هذه الموضوعات.

قصيدة للشاعر عمر أبو ريشة

قصيدة فلسطين

كما أنني بالمناسبة أيضاً أود أن أشرككم معي في مطلع هذا الدرس المبارك في قصيدة بعث بها أحد الشباب من قوله لا من منقوله، ومن إنشائه، وهي قصيدة رائعة المعنى قوية السبك والمبني وقد أخذتني أبياتها وعباراتها فأحب أن أشرككم معي في تذوق هذه القصيدة لن أقرأها لكنني سأقرأ منها أبياتاً، وإنما قالها يخاطب فيها فلسطين البلد الإسلامي الذي يحتله اليهود ولعل ذلك بمناسبة ما يقال حول السلام، والمسلم بكل حال يشتاق إلى الشهادة في سبيل الله وأن يراق دمه دفاعاً عن الإسلام وبلاد الإسلام وأعراض المسلمات، وقد جعل الأخ الكريم لها عنوان فلسطين:

خذي القلب مني مزقيه وقطعي          خذي الدمع إني قد وهبتك أدمعي

خذي الروح إن الروح تشتاق للقا     تكاد تطير الآن من بين أضلعي

خذي الليل والأحزان واليأس والرجا     خذي كل ألحاني وغني ورجعي

خذي العشق يبكي في حروف قصائدي     خذيه وضميه إلى الصدر واهجعي

خذي كل ما شئت ولا تترددي      خذي كل ما عندي خذي كل ما معي

فلسطين قام القلب يشكو مصابه      بك فتعالي يا فلسطين واسمعي

وأصغي لما قال الفؤاد فإنـــه      إذا ما وعى شيئا يقول الذي يعي

فلسطين ما أقسى الخطوب تجمعت      تدوس على القلب الضعيف المزعزع

وتسلب منه الأمن والحب والمنى     وتلقيه في قيد من البؤس مفزع

فلسطين جاءوا للسلام كأنهم      يقولون قومي يا فلسطين ودعي

فلسطين لا حي الإله سلامهم      إذا كان يعطيهم بلادي وأربعي

إذا كان يهدي لليهود منازلي     ويمنحهم بيتي وحقلي ومصنعي

فلسطين لا حي الإله سلامهم     فقد أخذوا أرضي وروضي ومرتعي

إلى آخر تلك القصيدة الطويلة فبارك الله في قلب ولسان هذا الشاعر الناشئ المبدع.

لقد ذهبت معي في المجلس السابق بعدد كبير من أسئلتكم، وتصفحت هذه الأسئلة وقرأتها أكثر من مرة، ويعلم الله أنني كنت مسروراً من قراءتها، فقد قرأت في معظم هذه الأسئلة، وجلها إن لم يكن في كلها قلوباً تخفق بحب الإسلام، وعقولاً تفكر فيه، بل وألسنة تلهج بذكره وتعبر عنه، ولاشك أن ثمة عبارات كثيرة كتبها الإخوة تحمل مضامين أكبر من تلك الكلمات، فكم كان سروري عظيماً وأنا أقرأ هذه الأسئلة فأجدها معبرة بدرجة كبيرة من الوعي، ومستوى رفيع من الإدراك، فضلاً عن جودة اللغة وحسن العبارة، فالحمد لله رب العالمين أن تكون هذه الأمة -على الأقل- بدأت تفكر تفكيراً سليماً، وبدأت تتلمس طريقها وتبحث عنه، إن الفرح يتجدد كلما قرأ الإنسان سؤالاً يقول: ما هو دوري! ما واجبي! ماذا افعل؟ إلى غير ذلك.

كما أن عدداً من الأخوات كتبن اقتراحات أو طلبن موضوعات تتعلق بالمرأة، والحق يقال: أننا مقصرون في الموضوعات المتعلقة بالمرأة في هذه الدروس، وسبب التقصير ربما عدم معرفتنا تماماً بما يجري في أوساط النساء، فنحن بحاجة إلى أن يكتب إلينا عما يدور عن الأخطاء والانحرافات الموجودة في أوساط المرأة سواء في المجالس أم المدارس أم المجتمعات أم غيرها، حتى يكون علاجها على بينة وعلى بصيرة، وأنا في انتظار مثل هذه الأمور لمعالجة هذه الموضوعات.

كما أنني بالمناسبة أيضاً أود أن أشرككم معي في مطلع هذا الدرس المبارك في قصيدة بعث بها أحد الشباب من قوله لا من منقوله، ومن إنشائه، وهي قصيدة رائعة المعنى قوية السبك والمبني وقد أخذتني أبياتها وعباراتها فأحب أن أشرككم معي في تذوق هذه القصيدة لن أقرأها لكنني سأقرأ منها أبياتاً، وإنما قالها يخاطب فيها فلسطين البلد الإسلامي الذي يحتله اليهود ولعل ذلك بمناسبة ما يقال حول السلام، والمسلم بكل حال يشتاق إلى الشهادة في سبيل الله وأن يراق دمه دفاعاً عن الإسلام وبلاد الإسلام وأعراض المسلمات، وقد جعل الأخ الكريم لها عنوان فلسطين:

خذي القلب مني مزقيه وقطعي          خذي الدمع إني قد وهبتك أدمعي

خذي الروح إن الروح تشتاق للقا     تكاد تطير الآن من بين أضلعي

خذي الليل والأحزان واليأس والرجا     خذي كل ألحاني وغني ورجعي

خذي العشق يبكي في حروف قصائدي     خذيه وضميه إلى الصدر واهجعي

خذي كل ما شئت ولا تترددي      خذي كل ما عندي خذي كل ما معي

فلسطين قام القلب يشكو مصابه      بك فتعالي يا فلسطين واسمعي

وأصغي لما قال الفؤاد فإنـــه      إذا ما وعى شيئا يقول الذي يعي

فلسطين ما أقسى الخطوب تجمعت      تدوس على القلب الضعيف المزعزع

وتسلب منه الأمن والحب والمنى     وتلقيه في قيد من البؤس مفزع

فلسطين جاءوا للسلام كأنهم      يقولون قومي يا فلسطين ودعي

فلسطين لا حي الإله سلامهم      إذا كان يعطيهم بلادي وأربعي

إذا كان يهدي لليهود منازلي     ويمنحهم بيتي وحقلي ومصنعي

فلسطين لا حي الإله سلامهم     فقد أخذوا أرضي وروضي ومرتعي

إلى آخر تلك القصيدة الطويلة فبارك الله في قلب ولسان هذا الشاعر الناشئ المبدع.

مجموعة كبيرة أيضاً من الأسئلة كتبت تقول: إنك وصفت الداء ونحن نحتاج إلى الدواء،وقد عبر عنها أحد الإخوة بعبارة جميلة يقول: قد أعطيتنا الداء أو وصف الداء نقداً فهل سوف تذكر لنا الدواء نقداً أم نسيئة؟

وفي الواقع أنني قد لا أملك وصف الدواء للداء الذي ذكرته في المجلس السابق وهو "جمود القلوب من الإحساس بهمِّ الإسلام والمسلمين" ولكنني مساهمة مني واستجابة لمجموعة كبيرة، من تلك الأسئلة أساهم في بعض هذه الحلول والواجب علينا جميعاً أن نشترك فيها.

العمل والعيش من أجل الإسلام

من الحلول التي أعتقد أنها مهمة لإحياء القلب، وجعله يعيش هم الإسلام في كل وقت وحين، أن ينغمس الإنسان في الأعمال الخيرية الفاضلة النافعة التي يقصد من ورائها نفع المسلمين في كل مكان، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بواجب الدعوة إلى الله عز وجل.

إننا نجد أن صاحب الدنيا المنغمس في تجارته أو زراعته أو طموحاته الدنيوية أيا كانت، نجد أن هذه الدنيا تخايله في كل وقت وحين، حتى لربما قام يريد أن يصلي، يريد أن يكبر أو يسمع فسبقت كلمات الدنيا إلى فمه، ربما أراد أن يقول: (الله أكبر) فقال: ما عندي غير هذا السعر! لأن الدنيا تعيش في قلبه، ويتحدث الناس عن قصص من هذا القبيل كثيرة ويضحكون منها ويتناقلونها.

و بالمقابل يقول لي أحد الأحباب: والله إن قضية الإسلام والإيمان ومصاب المسلمين يؤرقني ويقلقني ويشغلني كثيراً؛ حتى إني ربما تقدمت لأصلي بالناس فخشيت أن يفضحني لساني فيسبق بكلمة بدلاً عن التكبير أو التسميع، ولا شك أن ما يعانيه الإنسان بيديه أو يعمله بجوارحه أو يشتغل به في حياته هو الذي يسكن في قلبه، وربما فرط في لسانه من غير قصد ولا إرادة منه.

إذاً فالحل الأول: هو أن تغرق نفسك بأعمال تقصد من ورائها إلى خدمة الإسلام والمسلمين.

تربية النفس وتهذيبها

الحل الثاني: هو تربية النفس وتهذيبها ومجاهدتها على هذه الأمور بقدر المستطاع بكل ما يستطاع.

ومن وسائل تربية النفس وتهذيبها ومجاهدتها على ذلك:

- كثرة القراءة عن أحوال المسلمين:

الوسيلة الأولى: كثرة القراءة عن أحوال المسلمين في كل مكان، سواء عن المسلمين في بلادهم أم في الأقليات الإسلامية التي تعيش تحت تسلط أكثريات كافرة من النصارى أو اليهود أو الشيوعيين أو غيرهم، وسواء كانت هذه القراءة في كتب تتحدث عن أحوال المسلمين أم في مجلات أم في غيرها مما يكتب هنا وهناك، ولتقرأ بقلب يريد أن يتأسي ويتعزى لما ينـزل بإخوانه المسلمين ولسان حالك يقول مخاطباً أولئك المسلمين:

ما قر جنبي وقد أقوت مضاجعكم     كأن جنبي مطوي على قصب

ماذا تعانون من عسر ومن رهق؟     ماذا تقاسون من سجن ومن حرب؟!     

يا أوفياء وما أحلى الوفاء على     تقلب الدهر من معط ومستلب

أفديكم عصبة لله قد خلصت     فما تَغيَّروا في خصب ولا جدب

وليكن في ذهنك أننا حين نتكلم عن مصاب المسلمين لسنا نقصد فقط الاضطهاد الذي يعانيه المسلمون هنا وهناك في بلد أو في آخر، لا ليس هذا هو المقصود فحسب، هذا جزء من مصاب المسلمين، ولكن الواقع أن مصاب المسلمين في كل مكان، بل كل مسلم في الواقع يعيش مصاب المسلمين، وذلك في أمور: في التخلف العقدي، في جهلهم بدينهم، تخلفهم عما يحبه الله تعالى لهم من الاستقامة على الدين الصحيح ومعرفة العقيدة الصحيحة، جهل المسلمين بالعبادة التي يجب أن يتعبدوا لله تعالى بها وبالسلوك الذي يجب أن يسلكوه في شئون حياتهم، هذا أعظم مصاب نـزل بالمسلمين.

وربما نستطيع أن نقول: إن كل مصاب آخر فهو قليل بالقياس إلى هذا وهو فرع عنه قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

أيضاً من مصاب المسلمين: التخلف العلمي والتقني الذي يعانونه، حيث أصبحوا في ذيل ومؤخرة الدول فيما يتعلق بالعلم والتصنيع والتقدم والتقنية وغير ذلك، بل أصبحت العقول المسلمة تخدم الدول الأخرى من حيث تشعر أو لا تشعر، وهو ما يسمى بهجرة العقول العربية أو العقول الإسلامية، التي تجد الإغراءات الكثيرة من الأمم الأخرى، فتقيم هناك وتصب جهودها وإمكانياتها وخدماتها في مجتمعات لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، مصاب المسلمين في هذا الثالوث الخطير الذي أناخ بكلكله عليهم: الفقر الجهل، المرض.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما دور التكتم الإعلامي في عدم إدراكنا لما يعيشه المسلمون؟

أقول: دور التكتم الإعلامي دور كبير سواء في ذلك التكتم عن المصائب والنوازل والكوارث التي تحل بالمسلمين، فإن الإعلام العربي مشغول في كثير من الأحيان بقضايا هامشية ثانوية، وما هو إلا صورة عما يقال في الغرب، ولا تعجب إذا رأيت في كثير من الإعلام العربي أخباراً مذهلة جداً، أخبار عن قطة ماتت هنا أو قطة ماتت هناك، أو أخبار عن ثرية أوصت لقطتها بالمال، أو أخبار عن اللاعبين أو المدربين أو غير ذلك، أو أخبار عن أمور يزعمون أنها أمور علمية وهي في الواقع أمور لا تمت إلى العلم بصلة، إنما يراد بها استفزاز أهل الإسلام، كالحديث مثلاً عن قضية اكتشافات علمية تؤكد أن الإنسان أصله يعود إلى القرد -مثلاً- لمجرد الاستفزاز، وإلا حاشا العلم الصحيح أن يثبت هذا أو يقول به، والعلم الصحيح لا يمكن أن يعارض النقل الصحيح في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالإعلام العربي مشغول بهذه الأمور عن معالجة ومعاناة قضايا المسلمين، مشغول أولا عن مصائب المسلمين في كل مكان.

وربما مرت مصيبة فلم يتكلم عنها، وربما تكلمت عنها الصحف أو بعض المجلات أو بعض الإذاعات على استحياء، ومستها مساً خفيفاً من وراء وراء!! كما إنه مشغول عن معالجة مصائب المسلمين ومشاكلهم الحقيقية؛ لأنه لا يهمه إلا المدح والثناء والإعجاب وذكر الجوانب الإيجابية والغفلة عن الجوانب الأخرى، فهو مشغول عن هذا وذاك، ولذا لاشك أن للإعلام العربي وبالتالي للإعلام العالمي -لكننا لا نلوم الإعلام العالمي لأن هذا شأنه- دوراً كبيراً في تغفيل الناس وتهميشهم عن إدراك قضاياهم، لكن هذا لا يعفي المسلم عن ضرورة البحث عن المصادر الحقيقية من خلال الكتب الموثوقة أو الدراسات والمقالات والتقارير التي تكون أكثر دقة من غيرها.

- القراءة في تاريخ المسلمين:

الوسيلة الثانية من وسائل تربية النفس ومجاهدتها على ذلك هو: كثرة القراءة عن تاريخ المسلمين وأمجادهم، بحيث إن الإنسان يقارن بين هذا الواقع المر الذي يراه ويسمعه ويلمسه وبين ذلك التاريخ الذي عاشته الأمة يوماً من الأيام، وفي ذلك ضمان للإنسان أن يظل عنده تفاؤل وعنده أمل، وعنده ثقة بالله عز وجل أن هذه الأمة وإن آلت إلى ما آلت إليه إلا أنه كان لها تاريخ، وكان لها ماضٍ، ويجب أن تعود إلى ماضيها وتاريخها ولسان حالك أيضاً يقول كما قال الشاعر:

إني تذكرت والذكرى مؤرقة     مجداً تليداً بأيدينا أضعناه

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد     تجده كالطير مقصوصاً جناحاه

كم صرفتنا يد كنا نصرفها     وبات يملكنا شعب ملكناه

أين الرشيد وقد طاف الغمام به     فحين جاوز بغداداً تحداه

ماض تعيش على أنقاضه أمم     وتستمد القوى من وحي ذكراه

بالله سل خلف بحر الصين عن عرب     بالأمس كانوا هنا واليوم قد تاهوا

وإن تراءت لك الحمراء عن كثب     فسائل الصرح أين العز والجاه

وانـزل دمشق وسائل صخر مسجدها     عمن بناه لعل الصخر ينعاه

هذي معالم خرس كل واحدة منهن     قامت خطيباً فاغراً فاه

إني لأشعر إذ أغشى معالمهم     كأنني راهب يغشى مصلاه

والله يعلم ما قلبت سيرتهم      يوماً وأخطأ دمع العين مجراه

- القراءة عن جهود الكفر في خدمة كفرهم:

الوسيلة الثالثة هي: القراءة عن جهود النصارى واليهود وأعداء الدين في دعوتهم إلى دينهم ومذهبهم، وكيف بذلوا الغالي والنفيس وضحوا براحتهم وسعادتهم وتغربوا في الأمصار وبذلوا الأموال الهائلة الطائلة حتى حققوا ما حققوا! وفي ذلك قصص وأعاجيب سيكون عنها الحديث -بإذن الله تعالى- يوماً من الأيام.

جهود النصارى في الدعوة إلى دينهم: ربما قام راهب منصر أو كما يسمونه خطأ (مبشر) قام فتكلم إلى شعب من الشعوب يطلب منهم تبرعاً بأموال طائلة هائلة، ويكون التبرع عن طريق الكمبيوتر من أراد أن يتبرع فتجد أنه خلال ساعتين أو ثلاث يغلق الحساب، وقد وصل المبلغ كله مهما كان ارتفاعه.

وأيضاً أشكر ذلك الأخ الذي بعث إليَّ -وهذا على سبيل المثال أيضاً- بأوراق تتكلم عن بعض الإذاعات التي يملكها النصارى ويستخدمونها في نشر دينهم، وأقرأ عليكم على عجل شيئاً من ذلك يقول:- صارت برامج إذاعات التنصير تصل إلى شعوب هذه المجتمعات -يقصد مجتمعات كثيرة في العالم- بأوضح مما تصل إليه برامجها الوطنية المحلية، ويكفي أن نعلم أن الولايات المتحدة مثلاً تبث برامج دينية مسيحية من محطة الإذاعة الدولية لمدة تزيد على ثلاثمائة ساعة في الأسبوع، وذلك بلغات شتى مختلفة وتذيع باللغات الإنجليزية والأسبانية والبرتغالية والألمانية والروسية وتمتلك هذه الإذاعة التنصيرية محطات للتقوية في الفلبين واليابان وإندونيسيا وغيرها، مما يجعل برامجها تصل إلى مختلف أنحاء العالم.

وفي موناكو يوجد راديو جميع أنحاء العالم الذي تموله هيئة مسيحية ويبث برامج تنصيرية بخمس وثلاثين لغة إلى كافة مناطق العالم.

وفي الفلبين توجد خمس وعشرون محطة دينية مسيحية تبث برامجها إلى قارة آسيا، وتشمل هذه المحطات شركة الشرق الأقصى التي تبث برامج دينية لسبع مناطق في آسيا والاتحاد السوفيتي بست وأربعين لغة.

وفي أمريكا اللاتينية توجد شبكة وتتولى إدارتها الجماعة التنصيرية العالمية وهي هيئة أسستها الولايات المتحدة الأمريكية وتعتبر من أقوى الشبكات الإذاعية في أمريكا اللاتينية وتبث برامج مسيحية إلى الإكوادور لمدة عشرين ساعة يومياً وتبث برامج دينية دولية إلى جميع أنحاء العالم بعديد من اللغات بمعدل إرسال ستين ساعة في اليوم، بعدة لغات.

وقد استطرد في ذكر عدد هائل وكبير من محطات الإذاعة التي تبث للدعوة إلى النصرانية، وهذا نموذج ومثال، فقراءة الإنسان أو سماعه مثل تلك الأخبار التي يبذل فيها النصارى واليهود لدينهم ما يبذلون، تجعله يحس بالحرقة والغيرة على الأقل ومع ذلك ينبغي أن يكون نصب عينيه قول الله عز وجل: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:104] فلا يجوز أبداً أن يكون ما يبذله هؤلاء أو أولئك سبباً في قنوطنا وقعودنا وإحباطنا، فإن الله تعالى يبارك في القليل حتى يصبح كثيراً، ولو أن المسلمين بذلوا ما يستطيعون لوجدوا نتائج مذهلة، وهم الآن يجدون نتائج مذهلة على رغم أن البذل أقل بقليل مما يجب.

- تربية الأسرة والمجتمع وربطه بقضايا الإسلام:

الوسيلة الرابعة لتربية النفس هي: تربية المجتمع أيضاً على القيام بالواجب نحو الزوجة والأولاد كباراً كانوا أو صغاراً في ربطهم بقضايا المسلمين وأحوالهم وأوضاعهم، من خلال بعض القصص التي يذكرها الإنسان عن المجاهدين، والمضحين في سبيل الدين، وعن الدعاة والعلماء، بحيث ينشأ الصبي الصغير وقدوته ومثله الأعلى رجال الإسلام وأبطاله وزعماؤه وعلماؤه، وليسوا المغنين أو الفنانين أو المطربين أو الرياضيين أو غيرهم.

كذلك الحديث عن بعض الأخطار المتجددة من المصائب التي تنـزل بالمسلمين هنا وهناك، ومثله ربط الشباب ذكوراً أو إناثاً من الصغار بالأحلام والتطلعات إلى أن يقوموا بدورهم في خدمة الإسلام، فكم هو جميل أن تربي ولدك على أنه في المستقبل -إن شاء الله- سوف يجدد دور خالد بن الوليد أو صلاح الدين أو نور الدين أو فلان أو علان من رجالات الإسلام، وكم هو جميل أن يربي الرجل أو تربي المرأة بنتها على أنها سوف تقوم في مستقبلها بإذن الله تعالى بدور بعض أمهات المؤمنين، أو نساء الصحابة الفاضلات، أو النساء اللاتي تربى في حجورهن أولئك الأبطال الرجال من جهابذة الإسلام العظام، بحيث تكون نفوسهم وقلوبهم متعلقة بهذا.

وذلك فضلاً عن ضرورة المشاركة ولو بقليل، المشاركة المالية مثلاً، المشاركة من خلال الطبق الخيري كما يقال، من خلال معرض كتاب، من خلال نشر شريط، من خلال أي عمل يصرف ريعه لصالح قضايا الإسلام.

من الحلول التي أعتقد أنها مهمة لإحياء القلب، وجعله يعيش هم الإسلام في كل وقت وحين، أن ينغمس الإنسان في الأعمال الخيرية الفاضلة النافعة التي يقصد من ورائها نفع المسلمين في كل مكان، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بواجب الدعوة إلى الله عز وجل.

إننا نجد أن صاحب الدنيا المنغمس في تجارته أو زراعته أو طموحاته الدنيوية أيا كانت، نجد أن هذه الدنيا تخايله في كل وقت وحين، حتى لربما قام يريد أن يصلي، يريد أن يكبر أو يسمع فسبقت كلمات الدنيا إلى فمه، ربما أراد أن يقول: (الله أكبر) فقال: ما عندي غير هذا السعر! لأن الدنيا تعيش في قلبه، ويتحدث الناس عن قصص من هذا القبيل كثيرة ويضحكون منها ويتناقلونها.

و بالمقابل يقول لي أحد الأحباب: والله إن قضية الإسلام والإيمان ومصاب المسلمين يؤرقني ويقلقني ويشغلني كثيراً؛ حتى إني ربما تقدمت لأصلي بالناس فخشيت أن يفضحني لساني فيسبق بكلمة بدلاً عن التكبير أو التسميع، ولا شك أن ما يعانيه الإنسان بيديه أو يعمله بجوارحه أو يشتغل به في حياته هو الذي يسكن في قلبه، وربما فرط في لسانه من غير قصد ولا إرادة منه.

إذاً فالحل الأول: هو أن تغرق نفسك بأعمال تقصد من ورائها إلى خدمة الإسلام والمسلمين.

الحل الثاني: هو تربية النفس وتهذيبها ومجاهدتها على هذه الأمور بقدر المستطاع بكل ما يستطاع.

ومن وسائل تربية النفس وتهذيبها ومجاهدتها على ذلك:

- كثرة القراءة عن أحوال المسلمين:

الوسيلة الأولى: كثرة القراءة عن أحوال المسلمين في كل مكان، سواء عن المسلمين في بلادهم أم في الأقليات الإسلامية التي تعيش تحت تسلط أكثريات كافرة من النصارى أو اليهود أو الشيوعيين أو غيرهم، وسواء كانت هذه القراءة في كتب تتحدث عن أحوال المسلمين أم في مجلات أم في غيرها مما يكتب هنا وهناك، ولتقرأ بقلب يريد أن يتأسي ويتعزى لما ينـزل بإخوانه المسلمين ولسان حالك يقول مخاطباً أولئك المسلمين:

ما قر جنبي وقد أقوت مضاجعكم     كأن جنبي مطوي على قصب

ماذا تعانون من عسر ومن رهق؟     ماذا تقاسون من سجن ومن حرب؟!     

يا أوفياء وما أحلى الوفاء على     تقلب الدهر من معط ومستلب

أفديكم عصبة لله قد خلصت     فما تَغيَّروا في خصب ولا جدب

وليكن في ذهنك أننا حين نتكلم عن مصاب المسلمين لسنا نقصد فقط الاضطهاد الذي يعانيه المسلمون هنا وهناك في بلد أو في آخر، لا ليس هذا هو المقصود فحسب، هذا جزء من مصاب المسلمين، ولكن الواقع أن مصاب المسلمين في كل مكان، بل كل مسلم في الواقع يعيش مصاب المسلمين، وذلك في أمور: في التخلف العقدي، في جهلهم بدينهم، تخلفهم عما يحبه الله تعالى لهم من الاستقامة على الدين الصحيح ومعرفة العقيدة الصحيحة، جهل المسلمين بالعبادة التي يجب أن يتعبدوا لله تعالى بها وبالسلوك الذي يجب أن يسلكوه في شئون حياتهم، هذا أعظم مصاب نـزل بالمسلمين.

وربما نستطيع أن نقول: إن كل مصاب آخر فهو قليل بالقياس إلى هذا وهو فرع عنه قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

أيضاً من مصاب المسلمين: التخلف العلمي والتقني الذي يعانونه، حيث أصبحوا في ذيل ومؤخرة الدول فيما يتعلق بالعلم والتصنيع والتقدم والتقنية وغير ذلك، بل أصبحت العقول المسلمة تخدم الدول الأخرى من حيث تشعر أو لا تشعر، وهو ما يسمى بهجرة العقول العربية أو العقول الإسلامية، التي تجد الإغراءات الكثيرة من الأمم الأخرى، فتقيم هناك وتصب جهودها وإمكانياتها وخدماتها في مجتمعات لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، مصاب المسلمين في هذا الثالوث الخطير الذي أناخ بكلكله عليهم: الفقر الجهل، المرض.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما دور التكتم الإعلامي في عدم إدراكنا لما يعيشه المسلمون؟

أقول: دور التكتم الإعلامي دور كبير سواء في ذلك التكتم عن المصائب والنوازل والكوارث التي تحل بالمسلمين، فإن الإعلام العربي مشغول في كثير من الأحيان بقضايا هامشية ثانوية، وما هو إلا صورة عما يقال في الغرب، ولا تعجب إذا رأيت في كثير من الإعلام العربي أخباراً مذهلة جداً، أخبار عن قطة ماتت هنا أو قطة ماتت هناك، أو أخبار عن ثرية أوصت لقطتها بالمال، أو أخبار عن اللاعبين أو المدربين أو غير ذلك، أو أخبار عن أمور يزعمون أنها أمور علمية وهي في الواقع أمور لا تمت إلى العلم بصلة، إنما يراد بها استفزاز أهل الإسلام، كالحديث مثلاً عن قضية اكتشافات علمية تؤكد أن الإنسان أصله يعود إلى القرد -مثلاً- لمجرد الاستفزاز، وإلا حاشا العلم الصحيح أن يثبت هذا أو يقول به، والعلم الصحيح لا يمكن أن يعارض النقل الصحيح في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالإعلام العربي مشغول بهذه الأمور عن معالجة ومعاناة قضايا المسلمين، مشغول أولا عن مصائب المسلمين في كل مكان.

وربما مرت مصيبة فلم يتكلم عنها، وربما تكلمت عنها الصحف أو بعض المجلات أو بعض الإذاعات على استحياء، ومستها مساً خفيفاً من وراء وراء!! كما إنه مشغول عن معالجة مصائب المسلمين ومشاكلهم الحقيقية؛ لأنه لا يهمه إلا المدح والثناء والإعجاب وذكر الجوانب الإيجابية والغفلة عن الجوانب الأخرى، فهو مشغول عن هذا وذاك، ولذا لاشك أن للإعلام العربي وبالتالي للإعلام العالمي -لكننا لا نلوم الإعلام العالمي لأن هذا شأنه- دوراً كبيراً في تغفيل الناس وتهميشهم عن إدراك قضاياهم، لكن هذا لا يعفي المسلم عن ضرورة البحث عن المصادر الحقيقية من خلال الكتب الموثوقة أو الدراسات والمقالات والتقارير التي تكون أكثر دقة من غيرها.

- القراءة في تاريخ المسلمين:

الوسيلة الثانية من وسائل تربية النفس ومجاهدتها على ذلك هو: كثرة القراءة عن تاريخ المسلمين وأمجادهم، بحيث إن الإنسان يقارن بين هذا الواقع المر الذي يراه ويسمعه ويلمسه وبين ذلك التاريخ الذي عاشته الأمة يوماً من الأيام، وفي ذلك ضمان للإنسان أن يظل عنده تفاؤل وعنده أمل، وعنده ثقة بالله عز وجل أن هذه الأمة وإن آلت إلى ما آلت إليه إلا أنه كان لها تاريخ، وكان لها ماضٍ، ويجب أن تعود إلى ماضيها وتاريخها ولسان حالك أيضاً يقول كما قال الشاعر:

إني تذكرت والذكرى مؤرقة     مجداً تليداً بأيدينا أضعناه

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد     تجده كالطير مقصوصاً جناحاه

كم صرفتنا يد كنا نصرفها     وبات يملكنا شعب ملكناه

أين الرشيد وقد طاف الغمام به     فحين جاوز بغداداً تحداه

ماض تعيش على أنقاضه أمم     وتستمد القوى من وحي ذكراه

بالله سل خلف بحر الصين عن عرب     بالأمس كانوا هنا واليوم قد تاهوا

وإن تراءت لك الحمراء عن كثب     فسائل الصرح أين العز والجاه

وانـزل دمشق وسائل صخر مسجدها     عمن بناه لعل الصخر ينعاه

هذي معالم خرس كل واحدة منهن     قامت خطيباً فاغراً فاه

إني لأشعر إذ أغشى معالمهم     كأنني راهب يغشى مصلاه

والله يعلم ما قلبت سيرتهم      يوماً وأخطأ دمع العين مجراه

- القراءة عن جهود الكفر في خدمة كفرهم:

الوسيلة الثالثة هي: القراءة عن جهود النصارى واليهود وأعداء الدين في دعوتهم إلى دينهم ومذهبهم، وكيف بذلوا الغالي والنفيس وضحوا براحتهم وسعادتهم وتغربوا في الأمصار وبذلوا الأموال الهائلة الطائلة حتى حققوا ما حققوا! وفي ذلك قصص وأعاجيب سيكون عنها الحديث -بإذن الله تعالى- يوماً من الأيام.

جهود النصارى في الدعوة إلى دينهم: ربما قام راهب منصر أو كما يسمونه خطأ (مبشر) قام فتكلم إلى شعب من الشعوب يطلب منهم تبرعاً بأموال طائلة هائلة، ويكون التبرع عن طريق الكمبيوتر من أراد أن يتبرع فتجد أنه خلال ساعتين أو ثلاث يغلق الحساب، وقد وصل المبلغ كله مهما كان ارتفاعه.

وأيضاً أشكر ذلك الأخ الذي بعث إليَّ -وهذا على سبيل المثال أيضاً- بأوراق تتكلم عن بعض الإذاعات التي يملكها النصارى ويستخدمونها في نشر دينهم، وأقرأ عليكم على عجل شيئاً من ذلك يقول:- صارت برامج إذاعات التنصير تصل إلى شعوب هذه المجتمعات -يقصد مجتمعات كثيرة في العالم- بأوضح مما تصل إليه برامجها الوطنية المحلية، ويكفي أن نعلم أن الولايات المتحدة مثلاً تبث برامج دينية مسيحية من محطة الإذاعة الدولية لمدة تزيد على ثلاثمائة ساعة في الأسبوع، وذلك بلغات شتى مختلفة وتذيع باللغات الإنجليزية والأسبانية والبرتغالية والألمانية والروسية وتمتلك هذه الإذاعة التنصيرية محطات للتقوية في الفلبين واليابان وإندونيسيا وغيرها، مما يجعل برامجها تصل إلى مختلف أنحاء العالم.

وفي موناكو يوجد راديو جميع أنحاء العالم الذي تموله هيئة مسيحية ويبث برامج تنصيرية بخمس وثلاثين لغة إلى كافة مناطق العالم.

وفي الفلبين توجد خمس وعشرون محطة دينية مسيحية تبث برامجها إلى قارة آسيا، وتشمل هذه المحطات شركة الشرق الأقصى التي تبث برامج دينية لسبع مناطق في آسيا والاتحاد السوفيتي بست وأربعين لغة.

وفي أمريكا اللاتينية توجد شبكة وتتولى إدارتها الجماعة التنصيرية العالمية وهي هيئة أسستها الولايات المتحدة الأمريكية وتعتبر من أقوى الشبكات الإذاعية في أمريكا اللاتينية وتبث برامج مسيحية إلى الإكوادور لمدة عشرين ساعة يومياً وتبث برامج دينية دولية إلى جميع أنحاء العالم بعديد من اللغات بمعدل إرسال ستين ساعة في اليوم، بعدة لغات.

وقد استطرد في ذكر عدد هائل وكبير من محطات الإذاعة التي تبث للدعوة إلى النصرانية، وهذا نموذج ومثال، فقراءة الإنسان أو سماعه مثل تلك الأخبار التي يبذل فيها النصارى واليهود لدينهم ما يبذلون، تجعله يحس بالحرقة والغيرة على الأقل ومع ذلك ينبغي أن يكون نصب عينيه قول الله عز وجل: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:104] فلا يجوز أبداً أن يكون ما يبذله هؤلاء أو أولئك سبباً في قنوطنا وقعودنا وإحباطنا، فإن الله تعالى يبارك في القليل حتى يصبح كثيراً، ولو أن المسلمين بذلوا ما يستطيعون لوجدوا نتائج مذهلة، وهم الآن يجدون نتائج مذهلة على رغم أن البذل أقل بقليل مما يجب.

- تربية الأسرة والمجتمع وربطه بقضايا الإسلام:

الوسيلة الرابعة لتربية النفس هي: تربية المجتمع أيضاً على القيام بالواجب نحو الزوجة والأولاد كباراً كانوا أو صغاراً في ربطهم بقضايا المسلمين وأحوالهم وأوضاعهم، من خلال بعض القصص التي يذكرها الإنسان عن المجاهدين، والمضحين في سبيل الدين، وعن الدعاة والعلماء، بحيث ينشأ الصبي الصغير وقدوته ومثله الأعلى رجال الإسلام وأبطاله وزعماؤه وعلماؤه، وليسوا المغنين أو الفنانين أو المطربين أو الرياضيين أو غيرهم.

كذلك الحديث عن بعض الأخطار المتجددة من المصائب التي تنـزل بالمسلمين هنا وهناك، ومثله ربط الشباب ذكوراً أو إناثاً من الصغار بالأحلام والتطلعات إلى أن يقوموا بدورهم في خدمة الإسلام، فكم هو جميل أن تربي ولدك على أنه في المستقبل -إن شاء الله- سوف يجدد دور خالد بن الوليد أو صلاح الدين أو نور الدين أو فلان أو علان من رجالات الإسلام، وكم هو جميل أن يربي الرجل أو تربي المرأة بنتها على أنها سوف تقوم في مستقبلها بإذن الله تعالى بدور بعض أمهات المؤمنين، أو نساء الصحابة الفاضلات، أو النساء اللاتي تربى في حجورهن أولئك الأبطال الرجال من جهابذة الإسلام العظام، بحيث تكون نفوسهم وقلوبهم متعلقة بهذا.

وذلك فضلاً عن ضرورة المشاركة ولو بقليل، المشاركة المالية مثلاً، المشاركة من خلال الطبق الخيري كما يقال، من خلال معرض كتاب، من خلال نشر شريط، من خلال أي عمل يصرف ريعه لصالح قضايا الإسلام.