من الفرق الإسلامية وغيرهم ممن له كتاب منزل محقق مثل: اليهود والنصارى وممن له شبهة كتاب مثل: المجوس والمانوية وممن له حدود وأحكام دون كتاب مثل: الفلاسفة الأولى والدهرية وعبدة الكواكب والأوثان والبراهمة
نذكر أربابها وأصحابها وننقل مآخذها ومصادرها عن كتب طائفة طائفة على موجب اصطلاحاتها بعد الوقوف على مناهجها والفحص الشديد عن مبادئها وعواقبها
ثم إن التقسيم الصحيح الدائر بين النفي والإثبات هو قولنا: إن أهل العالم انقسموا من حيث المذاهب إلى: أهل الديانات وإلى أهل الأهواء فإن الإنسان إذا اعتقد عقدا أو قال قولا فإما أن يكون فيه مستفيدا من غيره أو مستبدا برأيه
فالمستفيد من غيره مسلم مطيع والدين هو الطاعة
والمسلم المطيع فهو المتدين
والمستبد برأيه محدث مبتدع
وفي الخبر عن النبي عليه الصلاة و السلام: ( ما شقي امرؤ عن مشورة ولا سعد باستبداد برأي )
وربما يكون المستفيد من غيره مقلدا قد وجد مذهبا اتفاقيا بأن كان أبواه أو معلمه على اعتقاد باطل فيتقلده منه دون أن يتفكر في حقه وباطله وصواب القول فيه وخطئه فحينئذ لا يكون مستفيدا لأنه ما حصل على فائدة وعلم ولا اتبع الأستاذ على بصيرة ويقين ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) شرط عظيم فليعتبر
وربما يكون المستبد برأيه مستنبطا مما استفاده على شرط أن يعلم موضع الاستنباط وكيفيته فحينئذ لا يكون مستبدا حقيقة لأنه حصل العلم بقوة تلك الفائدة ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) ركن عظيم فلا تغفل . ( 1 / 37 )
فالمستبدون بالرأي مطلقا هم المنكرون للنبوات مثل الفلاسفة والصابئة والبراهمة وهم لا يقولون بشرائع وأحكام أمرية بل يضعون حدودا عقلية حتى يمكنهم التعايش عليها
والمستفيدون هم القائلون بالنبوات
ومن كان قال بالأحكام الشرعية فقد قال بالحدود العقلية ولا ينعكس