فهرس الكتاب
الصفحة 219 من 337

ثم إن الأوائل اختلفوا في الإبداع والمبدع هل هما عبارتان عن معبر واحد أم للإبداع نسبة إلى المبدع ونسبة إلى المبدع ؟ وكذلك الإرادة إنها المراد أم المريد ؟ على حسب اختلاف متكلمي الإسلام في الخلق والمخلوق والإرادة: إنها خلق أم مخلوقة أم صفة في الخالق ؟

قال أنكساغورس بمذهب فلوطرخيس: إن الإرادة ليست هي غير المراد ولا غير المريد وكذلك الفعل لأنهما لا صورة لهما ذاتية وإنما يقومان بغيرهما فالإرادة مرة تكون مستبطنة في المريد ومرة ظاهرة في المراد وكذلك الفعل

وأما أفلاطون وأرسطوطاليس فلا يقبلان هذا القول وقالا: إن صورة الإرادة وصورة الفعل قائمتان وهما أبسط من صورة المراد كالقاطع للشيء وهو المؤثر وأثره في الشيء والمقطوع هو المؤثر فيه القابل للأثر

فالأثر ليس هو المؤثر ولا المؤثر فيه وإلا انعكس حتى يكون المؤثر هو الأثر والمؤثر فيه هو الأثر وهو محال فصورة المبدع فاعلة وصورة المبدع مفعولة وصورة الإبداع متوسطة بين الفاعل والمفعول

فللفعل صورة وأثر فصورته: من جهة المبدع وأثره: من جهة المبدع والصورة: من جهة المبدع في حق الباري تعالى ليست زائدة على ذاته حتى يقال: صورة إرادة وصورة باري مفترقتان بل هي حقيقة واحدة

وأما برمنيدس الأصغر فإنه أجاز قولهم في الإرادة ولم يجزه في الفعل وقال: إن الإرادة ( 2 \ 94 ) تكون بلا توسط من الباري تعالى فجائز ما وصفوه وأما الفعل فيكون بتوسط منه وليس ما هو بلا توسط كالذي يكون بتوسط بل الفعل قط لن يتحقق إلا بتوسط الإرادة ولا ينعكس

وأما الأولون مثل تاليس وأنبدقليس فقد قالوا: الإرادة من جهة المبدع هي المبدع ومن جهة المبدع هي المبدع وفسروا هذا بأن الإرادة من جهة الصورة هي المبدع ومن جهة الأثر هي المبدع ولا يجوز أن يقال: إنها من جهة الصورة هي المبدع لأن صورة الإرادة عند المبدع قبل أن يبدع فغير جائز أن تكون ذات صورة الشيء الفاعل هي المفعول بل من جهة أثر ذات الصورة هي المفعول

ومذهب أفلاطون وأرسطوطاليس هذا بعينه وفي الفصل انغلاق

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام