4 -وفرقة قالت: إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن الكندي وإن الإمامة خرجت من أبي هاشم إلى عبد الله وتحولت روح أبي هاشم إليه
والرجل ما كان يرجع إلى علم وديانة فاطلع بعض القوم على خيانته وكذبه فأعرضوا عنه وقالوا بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
وكان من مذهب عبد الله: أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص وأن الثواب والعقاب في هذه الأشخاص إما أشخاص بني آدم وإما أشخاص الحيوانات
قال: وروح الله تناسخت حتى وصلت إليه وحلت فيه وادعى الإلهية والنبوة معا وأنه يعلم الغيب فعبده شيعته الحمقى
وكفروا بالقيامة لاعتقادهم أن التناسخ يكون في الدنيا والثواب والعقاب في هذه الأشخاص
وتأول قول الله تعالى: ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا ) الآية على أن من وصل إلى الإمام وعرفه ارتفع عنه الحرج في جميع ما يطعم ووصل إلى الكمال والبلاغ
وعنه نشأت الخرمية والمزدكية بالعراق
وهلك عبد الله بخراسان وافترقت أصحابه:
فمنهم من قال: إنه حي لم يمت ويرجع
ومنهم من قال: بل مات وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد الحارث الأنصاري وهم الحارثية الذين يبيحون المحرمات ويعيشون عيش من لا تكليف عليه
وبين أصحاب عبد الله بن معاوية وبين أصحاب محمد بن علي خلاف شديد في الإمامة فإن كل واحد منهما يدعي الوصية من أبي هاشم إليه ولم يثبت الوصية على قاعدة معتمدة
ج - البيانية
أتباع بيان بن سمعان التميمي
قالوا: بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه
وهو من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
قال: حل في علي جزء إلهي واتحد يجسده فبه كان يعلم الغيب إذ أخبر عن الملاحم وصح الخبر وبه كان يحارب الكفار وله النصرة والظفر وبه قلع باب خيبر وعن هذا قال: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ولا بحركة غذائية ولكن قلعته بقوة رحمانية ملكوتية بنور ربها مضيئة فالقوة الملكوتية في نفسه كالمصباح في المشكاة والنور الإلهي كالنور في المصباح
قال: وربما يظهر علي في بعض الأزمان
وقال في تفسير قوله تعالى: ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) : أراد به عليا فهو الذي يأتي في الظلل والرعد صوته والبرق تبسمه
ثم ادعى بيان أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ ولذلك استحق أن ( 1 \ 152 ) يكون إماما وخليفة وذلك الجزء هو الذي استحق به آدم عليه السلام سجود الملائكة
وزعم أن معبوده على صورة إنسان عضوا فعضوا وجزءا فجزءا
وقال: يهلك كله إلا وجهه لقوله تعالى: ( كل شيء هالك إلا وجهه )
ومع هذا الخزي الفاحش كتب إلى محمد بن علي بن الباقر رضي الله عنهم ودعاه إلى نفسه وفي كتابه: أسلم تسلم ويرتقي من سلم فإنك لا تدري حيث يجعل الله النبوة ) فأمر الباقر أن يأكل الرسول قرطاسه الذي جاء به فأكله فمات في الحال وكان اسم ذلك الرسول عمر بن أبي عفيف
وقد اجتمعت طائفة على بيان بن سمعان ودانوا به وبمذهبه فقتله خالد بن عبد الله القسري على ذلك
وقيل: أحرقه والكوفي المعروف بالمعروف بن سعيد بالنار معا
د - الرزامية
أتباع رزام بن رزم
ساقوا الإمامة من علي إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه هاشم ثم منه إلى علي بن عبد الله بن عباس بالوصية ثم ساقوها إلى محمد بن علي وأوصى محمد إلى ابنه إبراهيم الإمام وهو صاحب أبي مسلم الذي دعا إليه وقال بإمامته . ( 1 \ 153 )
وهؤلاء ظهروا بخراسان في أيام أبي مسلم حتى قيل: إن أبا مسلم كان على هذا المذهب لأنهم ساقوا الإمامة إلى أبي مسلم فقالوا: له حظ في الإمامة وادعوا حلول روح الإله فيه ولهذا أيده على بني أمية حتى قتلهم عن بكرة أبيهم واصطلمهم
وقالوا بتناسخ الأرواح
والمقنع الذي ادعى الإلهية لنفسه على مخاريق أخرجها كان في الأول على هذا المذهب وتابعه مبيضة ما وراء النهر
وهؤلاء صنف من الخرامية دانوا بترك الفرائض
وقالوا: الدين معرفة الإمام فقط
ومنهم من قال: الدين أمران: معرفة الإمام وأداء الأمانة
ومن حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال وارتفع عنه التكليف
ومن هؤلاء من ساق الإمامة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من أبي هاشم محمد بن الحنفية وصية إليه لا من طريق آخر
وكان أبو مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية في الأول واقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها وأحس منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم فكان يطلب المستقر فيه فبعث إلى الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنهما أني قد أظهرت الكلمة ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت فإن رغبت فيه فلا مزيد عليك
فكتب إليه الصادق رضي الله عنه: ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني
فحاد أبو مسلم إلى أبي العباس عبد الله بن محمد السفاح وقلده أمر الخلافة