الصفحة 380 من 454

مثل آخر ( و ) كذلك ، إلى غير النهاية . وما يتخذ له القالب والمثال يجب أن يكون أشرف منهما ، لأنه الغاية ، فيلزم أن تكون الجسمانيات أفضل من الروحانيات . ولا يصح هذا في العقول السليمة . ومن له رتبة أيجاد هذه الأنواع الجوهرية ، فلا بد وأن تكون ذاته أشرف من ذواتنا ، التي هي أنفسنا الناطقة ، بتفاوت غير يسير ، لأنها ( لوحة 351 ) تقصر عن أيجاد جرم ، فضلا عن إيجاد ما هو أشرف منه . وما هو بهذه المثابة فلا يفعل من حيث هو متعلق بالجسم تعلق الإستكمال به . فأذن هذه الذوات أنما تفعل ما تفعله من الأنواع من حيث هي عقول ، لا من حيث هي نفوس ، لو كان لها تعلق بالأجسام باعتبار ما . ولما علم من إدراك العقول لذواتها أنها بسيطة ، وجب من ذلك أن يكون كل واحد منها ، من حيث هو كذلك أزليا أبديا ، تعين ما بين به ذلك في النفس من حيث ذاتها البسيطة ، والمجردات التي هي عقول على الإطلاق ، لا يجوز أن يكون شيء من كمالاتها اللائقة بها بالقوة ، بل يجب أن تكون كل كمالاتها ، وكل أمر ممكن الحصول لها حاصلا بالفعل ، لأنه أن لم يحصل لها أزلا وأبدا ، فهو ممتنع الحصول لا ممكنه ، فإن استمرار عدمه لها دال على امتناعه عليها: أما لذاتها أو لغيرها . وإن حصل بعد عدمه أو عدم بعد حصوله ، افتقر ذلك الأمر المتجدد كما علمت ، سواء كان هو الوجود أو العدم ، إلى حركة دورية مستمرة . فإن كان شيء من الحركة أو المتحرك بها ، أو النفس المؤثرة لها ، معلولا لذلك العقل ، لزم المجال من وجهين: أحدهما - استكمال العلة بمعلولها ، من حيث هو معلول لها ، وهي علة له . وثانيهما - أن يكون العقل مستكملاً بالجسم ، فلا يكون عقلا ،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام