الفصل الثاني في اكتساب التصورات التصور إما تام , وهو الإحاطة بكنه حقيقة المتصور , وإما ناقص , وهو تمييزه عما عداه , من غير تلك الإحاطة . والقول الشارح الموصل إلى التصور التام يسمى حداً تاماً , ولا بد وأن يشمل على ذاتيات المحدود أجمع , فيكون مركباً من جنسه وفصله , إن كان تركيبه منهما , إذ الجنس يتضمن جميع الذاتيات المشتركة , والفصل يتضمن جميع الذاتيات المميزة إن كان لذلك الجنس والفصل تركب , وكما أن اتحاد الشيء في الخارج لا يتم إلا باتحاد جميع أجزائه . فإيجاده في الذهن الذي هو تصوره , لا يتم إلا بإيجاد جميع ذاتياته فيه , ومتى لم يكن كل واحد من ذاتيات المحدود متصوراً بالتصور التام , لم يتم الحد , إذ لا يتصور به كنه حقيقة الشيء . وحد الحد هو أنه القول الدال بالمطابقة على ماهية الشيء . وظن أن جميع ذاتيات الشيء نفس ذلك الشيء , فيكون التعريف بها تعريف الشيء بنفسه , وليس كذا . فإن الأشياء التي كل واحد منها متقدم على شيء ، يمتنع كونها نفس ذلك الشيء المتأخر عنها , بل هي تصير عند الاجتماع ماهية هي المتأخرة , فتحصل معرفتها بها , فالعلم بالجنس وبالفصل بالتركيب التقييدي متقدم على العلم بالجنس المقيد بالفصل , والفرق بين مجموع الشيء وبين أجزائه بأسرها , أن المجموع هو اعتبار ما يقع فيه التأليف مع التأليف , والأجزاء بأسرها هي التأليف من غير التفات إلى التأليف .