الصفحة 378 من 454

أمثالها لا تتحصل ألا من عقول كثيرة ، أو ( هيئات ) من هيئات كثيرة في عقل واحد ، لا يحصل في ذلك العقل الواحد ، ألا بمقايسته إلى عقول كثيرة أيضاً . وكيف كان فلا بد من تكثر العقول في صدور هذه الأشياء المتكثرة ، التي قد بين أنه لا يمكن أستنادها من أقسام الموجودات إلى غير العقل . وعلى مثل هذا تدل كثرة المتشبهات في النفوس الفلكية المختلفة التحريكات . فإنها إن كانت لاختلاف العقول فهو المطلوب ، وإن كانت لاختلاف هيئات في عقل واحد ، فيلزم منه أيضاً وجود عقول متعددة . فلا تصدر هذه الأفلاك وكواكبها ونفوسها المحركة لها ، ألا بعد وجود كثرة وافرة من العقول ، ولا تأخذ الأفلاك في الترتيب في أول ما تأخذ العقول في ذلك ، بل العقول يحصل منها مبلغ على الترتيب العلي والمعلولي . وينفعل البعض عن البعض بهيئات كثيرة ، حتى يمكن وجود ما قد وجد . وما تحصل منه النفوس أشرف مما تحصل منه الأجسام ، وما يتحصل منه الأشرف من كل جملة أشرف مما يتحصل منه الأدون فيها ، فيحصل من الأشرف الأشرف ، ومن النازل النازل ، ومن المتوسط المتوسط ، مع احتمال أن يكون ذلك الشرف وما يقابله في ذوات العقول أو في هيئاتها التي باعتبارها كانت مبادئ أمور متكثرة . وهذه العقول هي أشرف الموجودات ، وبينها من النسب العددية عجائب تحصل منها في النفوس . وللأجسام عجائب أيضاً . ولا يبعد وجود عقول متكافئة تكافؤ النفوس الإنسانية . وربما يمكنك أن تستدل على كثرة العقول بما عرفت من افتقار التحريكات المنسوبة إلى القوى النباتية والحيوانية ، إلى موجود له عناية بأنواع

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام