فهرس الكتاب
الصفحة 87 من 129

النوع الثالث: الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه:

وهذه الشفاعة تكون من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب:

ودليلها ما جاء في الصحيحين عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أنه قال: «يَا رَسُولَ الله، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ [1] مِنْ نَارٍ، لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» [2] .

وفي الصحيحين أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ» [3] .

ويدل حديث العباس السابق أن سبب شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمه في تخفيف العذاب هو دفاعه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصرته له؛ ولذا كان أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة، كما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» [4] .

وينبغي أن نعلم هنا أن هذه الشفاعة التي نفعت أبا طالب، مع كونه كافرًا؛ شفاعة تخفيف فقط، لا شفاعة إخراج من النار.

(1) الضَّحْضاحُ في الأصل: ما رَقَّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين واستعاره للنار. ينظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 6) ، والنهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 75) .

(2) صحيح البخاري (8/ 46) رقم (6208) ، وصحيح مسلم (1/ 194) رقم (209) .

(3) صحيح البخاري (5/ 52) رقم (3885) ، وصحيح مسلم (1/ 195) رقم (210) .

(4) صحيح مسلم (1/ 196) رقم (212) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام