خيرَ قيامٍ، تحمُّلاً و أداءً، و كان حقّاً على من عرَف فضلهم، و خبرَ سبقهم أن يتقرّب إلى الله بحبّهم و الذبّ عن أعراضهم، كيفَ و هم أهل الذكر الذين أُمرنا بسؤالهم و طاعتهم، كما في قوله تعالى: (وَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43] .
و ما ابتُليَ عالمٌ بجاهلٍ بقدرهِ، طاعنٍ في دينه أو علمه، إلاّ قيّض الله له من ينافح عنه و يذبّ عن عِرضه، و هذا واجب كفائيٌّ في أقلِّ أحواله.
و إن فرَّطَ في القيام بواجب الذبّ عن العلماء أقوامٌ، فقد أفرَط آخرون في هذا الباب، فجانبوا الصواب، و صاروا إلى الممنوع؛ بمجاوزةِ المشروع، حيث غلَوا في علمائهم، و تعصبّوا لآرائهم و أقوالهم، و نصّبوا أنفسهم للتبرير و الدفاع عن زلاّتهم، و هذا من أشنع أنواع التعصّب، في التقليد و التمذهُب.