الناس و أمورهم، يؤازره فقهه في الشرع، و إن لم يكن كذلك زاغ و أزاع، و كم من مسألة ظاهرها جميل، و باطنها مكر و خداع و ظلم! فالغِرُّ ينظر إلى ظاهرها، و يقضي بجوازه، و ذو البصيرة ينفُذُ إلى مقصدها و باطنها. فالأول يَرُوج عليه زَغَلُ المسائل كما، يروج على الجاهل بالنقد زَغَلُ الدراهم، و الثاني يُخرِج زيفَها كما يخرج الناقد زيف النقود، و كم من باطل يخرجه الرجل بحسن لفظه و تنميقه و إبرازه في صورة حق! و كم من حق يخرجه بتهجينه و سوء تعبيره في صورة باطل! و من له أدنى فطنة و خبرة لا يخفى عليه ذلك) [إعلام الموقعين: 4/ 229] .
و من منطلق الخبرة بأحوال الناس، و الوقوف على مكرهم و تحايلهم على الشرع و حَمَلَتِه، كان الأئمة الأثبات و لا يزالون يحتاطون في الفتيا، و يردون مسائل المغالطين.